الرئاسة الفلسطينية ترفض وتدين قرارات المجلس الأمني الصهيوني المصغر "الخطيرة" بإحتلال قطاع غزة    المنظمة العالمية للأرصاد الجوية: الحرارة الشديدة تحطم أرقاما قياسية في كافة أنحاء العالم    الطبعة الثامنة للمهرجان الثقافي الدولي "الصيف الموسيقي" تفتتح بالجزائر العاصمة    المخزن منح اللوبيات الغربية أموالاً طائلة    الجزائر ملتزمة بالقضاء على أسلحة الدمار الشامل    وزارة الصناعة تستعين بالكفاءات الجزائرية    كناص ميلة تطلق حملة إعلامية وتحسيسية    مرّاد يترحم على أرواح الضحايا ويُعزّي عائلاتهم    سيدي بلعباس: افتتاح الطبعة ال14 للمهرجان الثقافي الوطني لأغنية الراي    نقل: السيد سعيود يشدد على تدعيم أسطول "لوجيترانس" لتعزيز تموين الجنوب بالوقود    السيد شرفة يستقبل مسؤولا عن مجمع باكستاني لصناعة الأسمدة    رسالة الرئيس الفرنسي: حركة "موداف" تستنكر "الانزلاق المشين والاحادي الجانب"    حشيشي : العنصر البشري المؤهل يشكل حلقة هامة في إنجاح مشاريع مجمع سوناطراك    انطلاق الطبعة الثانية للمعرض الوطني لكتاب الطفل بمنتزه الصابلات بالعاصمة    تنس/ كأس بيلي جين كينغ /فيد كاب سابقا/ مباريات ترتيبية : فوز الجزائر على أوغندا (3-0)    الدخول الجامعي 2026/2025: بداري يترأس اجتماعا يخص تحسين خدمة النقل الجامعي    التأكيد على ضرورة توجه الخواص في المجال الصيدلاني نحو انتاج المواد الاولية بالشراكة مع مجمع "صيدال"    التأكيد على تعزيز الإنتاج الصيدلاني بالأدوية المبتكرة والتوجه نحو التصدير    بطولة العالم للكرة الطائرة لأقل من 21 اناث /المجموعة 3-الجولةالاولى /: المنتخب الجزائري ينهزم أمام تركيا (3-0)    العدوان الصهيوني على غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 61258 شهيدا و152045 مصابا    كرة القدم/ "شان-2024" (المؤجلة إلى 2025) /المجموعة3-الجولة 2: المنتخب الوطني في صلب التحضيرات لمواجهة جنوب إفريقيا    شايب يبرز من تركمنستان أهمية تطوير التعاون جنوب-جنوب    لا تنتهكوا حرمة الأراضي الصحراوية    تكريم خاصّ للرئيس تبّون    حرب مستمرة على الإرهاب والإجرام    الرئيس يُعزّي عائلات ضحايا تحطم طائرة    اليونيسف تشيد بتمديد عطلة الأمومة بالجزائر    ضرورة الانخراط في سياسة تطوير المحاصيل الإستراتيجية    موجة حر مرتقبة اليوم وغدا    قسنطينة : تسديد الفواتير عن طرق بريدي موب    غزة بحاجة إلى مئات الشاحنات الإنسانية والتجارية يوميا    شركات فرنسية أمام محكمة العدل الأوروبية قريبا    إعادة دراسة تنقلات الخطوط الجوية الداخلية قريبا    تدريس "الإنجليزية الطبية" في 8 مواد الدخول الجامعي المقبل    وزير العدل يشرف على تكريم أبناء منتسبي القطاع النّاجحين في "الباك"    تثبيت الأسعار وضمان وفرة دائمة للمواد الأساسية    مدرب سانت جيلواز يشيد باللاعب زرقان    آيت نوري يرفع راية التحدي مع "السيتي"    نحو بقاء عبد الرحمن رباش في ألافيس الإسباني    رامول يقدّم "المشاريع النهضوية العربية المعاصرة"    نداء ثقافي من عنابة لحماية كنوز الذاكرة    محصول الحبوب تحت الرقابة بعنابة    معرض خاص بطباعة المصحف الشريف في الجزائر    995 جريمة خلال شهر    الطبعة السابعة تحت شعار "القفطان الجزائري، تراث على مقاس الهوية" الاعلان عن مسابقة قفطان التحدي 2025 : بالمهرجان الوطني للزي التقليدي الجزائري    ملتقى الأدب الشعبي في عصر الذكاء الاصطناعي : رؤى جديدة حول كيفية دمج التقنيات الحديثة في صون الذاكرة الثقافية الوطنية    رئيس جديد لأمن الولاية    1111 خرجة تحسيسية لمصالح الأمن    الديوان الوطني للحج والعمرة:مواصلة عملية مرافقة المعتمرين ومتابعة وكالات السياحة والأسفار    "أنس بن مالك" .. خادم رسول الله وصاحبه    فتاوى : تكفير المصائب للسيئات يشمل الطائع والعاصي    الديوان الوطني للحج والعمرة : مواصلة عملية مرافقة المعتمرين ومتابعة وكالات السياحة والأسفار    اعتراف إفريقي بنجاح دورة الجزائر    هكذا اجتمعت هذه الصفات في شخص النبي الكريم    "الكتاب رفيقي وصديقي"بالصابلات    وَمَنْ أحسن قولاً ممن دعا إلى الله    سحب فوري للترخيص ومنع الوكالات من تنظيم العمرة في هذه الحالات    غزوة الأحزاب .. النصر الكبير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رواية " قواعد العشق الأربعون" .. نشيد بهجة الروح
نشر في الجزائر نيوز يوم 10 - 02 - 2014

«قواعد العشق الأربعون" رواية للكاتبة التركية إليف شافاق، رواية تتأسس على حكاية العلاقة بين جلال الدين الرومي وشمس التبريزي... وتنسج حبكة قصة مركبة، تؤسس لرؤية تفك الفواصل وتستحضر الزمن كحضور متلخص من ماضي ومن مستقبل، حاضرا في الحال، في راهن تقويمه من"قواعد العشق الأربعون"...
ذهاب وإياب، ذلك هو الإيقاع بين حكاية أمريكية في منتصف العمر داهمتها حالة الإنتباه لمرور الزمن وخنق الرتابة وتصحرها العاطفي وحكاية كتبها مصور يتنقل بين الأماكن، مسكونا بروح التبريزي، إسكتلندي إعتنق الإسلام وسلك طريق الصوفية... المرأة "ايلا " كلفتها وكالة أدبية بقراءة الرواية وكتابة تقرير عنها، فكانت الرواية فتحا لما استغلق بالنسبة لها وحلول في الدوران الذي يكثف الحياة... ايلا، كلفت بقراءة رواية عنوانها "الكفر الحلو"، و دلالة العنوان في صميم ما تعنيه الرواية التي كتبتها "إليف"، ونقرأ تأسيسه في قصة ترد في الرواية، قصة عن مصادفة سيدنا موسى لرجل يصلي، صلاة جعلت كليم الله يبتهج، لكن سرعان ما غضب لما سمع المصلي يخاطب الله بعبارات رأى فيها موسى تعديا على المقام الإلهي، وأن ما يصدر عن الرجل كفرا.. فاعتذر الراعي ووعد كليم الله بأنه سيصلي وفق المطلوب من الأتقياء.. و في الليلة ذاتها، جاء الهاتف إلى الكليم مبينا له بأن الراعي قد لا تكون طريقته في الصلاة صحيحة، لكنه كان مخلصا وأن الرضا متحقق له وقد تكون كلماته تبدو ككفر، لكنه كفر حلو.
الكفر الحلو الذي يقترن بالفطري وبالتجرد من حسابات عارضة، متجرد من المّن ومتعلق بهمة التحقق بالحقيقة والدلالة ترتبط بقواعد العشق التي ترتبط بها الرواية، قواعد براكيسيسية بالتعبير الماركسي أي أنها قواعد تنجز بمكابدة التحولات بمجاهدات تحقيق الحقيقة التي تظل لا متناهية وتظل استحالتها معادل للممكن الوجودي.
بروعة، حبكت "إليف" روايتها، حضر سحر الحكي
وحضرت قبسات من إشراقات العرفان، إشراقات تفصم وتصل لتصغ حضرة الوجود الذي ينبض بالقلب الجياش.
فالطريق إلى الحقيقة كما في إحدى قواعد العشق: "يمر من القلب لا من الرأس، فاجعل قلبك، لا عقلك، دليلك الرئيسي، واجه، تحدّ، وتغلب في نهاية المطاف على نفسك بقلبك، إن معرفتك بنفسك ستقودك إلى معرفة الله".
يحيلنا القول إلى الحديث النبوي الشريف الذي ردّ به الرسول الكريم عن سؤال لأحد الصحابة عن الإثم : "إستفت قلبك".
عمران الأمكنة من عمران القلوب ولا يمكن أن تحل البهجة بأمكنة تخربت قلوب كائناتها، فالجنة في الصدر بعبارة إبن تيمية وكما ورد في الرواية:
«إن المدن تنتصب فوق أعمدة روحية، كالمرايا العملاقة، وهي تعكس قلوب سكانها، فإذا أظلمت هذه القلوب، وفقدت إيمانها، فإنها ستفقد بريقها وبهاءها".
تعبير رائع ودقيق، أقرأه، فأقرأ تحلل المكان الذي تفترسه خرابات الباطن، خرابات تحيل الحياة جحيما.
الرواية تحضر بتاريخ صراعات تظل تتحيّن، صراعات صنعت المحن وهندست الجحيم، صراعات منبعها الجهل وافتقاد الحب... إفتقادا رسخ للجهل المقدس بتعبير أوليفييه روا والذي نشر الجهالة بكل فظاعاتها، تحضر إشارات للمغول وللحشاشين ويحضر العصر، يحضر الشرق ويحضر الغرب، يحضر المصير الإنساني...
هي قواعد للعشق، عشق التحقق الملخص بتكثيف في عبارة البسطامي: "ينزل الحق إلى الخلق ويعرج الخلق إلى الحق".. والوصل الناسوتي باللاهوتي، هو الذي يتهندس في دوران الدراويش، في رقصتهم التي ترفع انفصال الجسدي عن الروحي، وتكتب إيقاع الوصل الفاني بالدائم.. فكما ورد في الرواية: "إن الطريقة التي نرى فيها الله ما هي إلا انعكاس للطريقة التي نرى فيها أنفسنا، فإذا لم يكن الله يجلب إلى عقولنا سوى الخوف والملامة، فهذا يعني أن قدرا كبيرا من الخوف والملامة يتدفق في نفوسنا، أما إذا رأينا الله مفعما بالمحبة والرحمة، فإننا نكون كذلك".
والعدد مرتبط ببعض أسرار العرفان وأسرار الأرقام، الأعداد.. وكل قاعدة تتصل بغيرها كحبات السبحة التي تظل ضابطة للذكر، وكل قاعدة مقام من مقامات السالكين نحو عين اليقين.. كل قاعدة تكتب التخلي والتحلي، الذوبان والحلول.. تكتب الخلاص بالتخلص من أهواء تستعبد ومن أوثان تجثم محنطة.
وبالتحلي بروح التحري للحق، يكون النفاذ نحو الجوهر، جوهر ومعنى التحقق، تحقق بمكابدة أشار إليها عبد القادر الجيلاني بقوله: "صارعت الحق بالحق للحق".
وذلك هو ترحال التبريزي:
«إن الشريعة كالشمعة، توفر لنا نورا لا يقدر بثمن".
لكن لا يجب أن ننسى، "أن الشمعة تساعدنا على الإنتقال من مكان إلى آخر في الظلام، وإذا نسينا إلى أين نحن ذاهبون، وركزنا على الشمعة، فما النفع في ذلك؟".
رواية شافاق إشتغال على التصوف من خلال علمين مهمين من أعلامه الرومي والتبريزي، تواصلا فكانا بسيرة الإتصال من تجليات العشق للحق:
«تقول إحدى القواعد، إنه يمكنك أن تدرس الله من خلال كل شيء وكل شخص في هذا الكون، لأن وجود الله لا ينحصر في المسجد، أو في الكنيسة أو في الكنيس، ولكنك إذا كنت لا تزال تريد أن تعرف أين يقع عرشه بالتحديد، يوجد مكان واحد فقط تستطيع أن تبحث فيه عنه، وهو قلب عاشق حقيقي، فلم يعش أحد بعد رؤيته، و لم يمت أحد بعد رؤيته، فمن يجده يبقى معه إلى الأبد".
هي رواية الرومي وعلاقته بالتبريزي، علاقة تعيدنا للنص القرآني وقصة موسى مع الخضر، و إلى الأسطورة عن علاقة أنكيدو مع قلقامش، العلاقة التي تنقدح تجليات وجودية، تجليات حقيقتنا فلا هوية بلا غيرية والمؤمن مرآة أخيه كما ورد في الحديث الشريف.
علاقة الرومي بشمس ظلت مثيرة للأسئلة ومؤججة لها، و يقول الدكتور حسين مجيب المصري: "إن شمساً كالخضر في الولاية والإمامة، وأن الرومي إتخذ سمت موسى الكليم عليه السلام فى دعوته ودروسه وطريقته فى التغيير النفسي لمريديه وأتباعه، باتباع الطرائق الروحية ونظرية الحب الإلهي فى الإصلاح والتطوير".
كانت العلاقة تحولا أعاد بلورة الأثر، أثر الرومي الذي سيمتد مشحونا ومشعا.
الرواية سفر في الجواني لفقه البراني، تمثل الإختلاف لتحقيق الإئتلاف، إنارة الباطن لرؤية الخارج... رواية الإنسان متجردا من كل التصنيفات ومتجليا بهشاشته وأوهام قوته وبحزنه المشع جلالا وبحرائقه.
الرواية تثير وتستفز للحلول في حالات لن تكفي العبارات لقولها، فالعبارة تضيق والرؤية تتسع كما في معنى قول للنفري.
وهي رواية إنشغالات الراهن بتحديات مد التعصب، التطرف، التكفير، العمى القاتل والصمم المدمر.
شكرا للكاتبة الرائعة إليف شافاق على هبتها لنا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.