الاتحاد الافريقي: حدادي تبحث مع مدير مكتب إفريقيا لمنظمة الصحة العالمية سبل تعزيز الشراكة    تعليمات صارمة بضرورة احترام آجال إنجاز مشاريع الأشغال العمومية بولاية الجلفة    بطولة اللاعبين المحليين-2024: الجزائر تتعادل مع جنوب إفريقيا (1-1)    المغرب: التطبيع مع الكيان الصهيوني يشكل تهديدا أخلاقيا وسياسيا للبلاد    البليدة: إحياء الذكرى ال64 لاستشهاد البطل الرمز العقيد جيلالي بونعامة    شايب يؤكد من تركمنستان على ضرورة تقديم الدعم للدول النامية غير الساحلية للرفع من مساهمتها في سلاسل القيمة العالمية    كرة الطاولة / بطولة وكأس إفريقيا للشباب: الجزائر تحصد 12 ميدالية, منها 4 ذهبية في لاغوس    الفضاءات الترفيهية بالواجهة البحرية للجزائر العاصمة متنفس حقيقي للزوار خلال موسم الاصطياف    الرئاسة الفلسطينية ترفض وتدين قرارات المجلس الأمني الصهيوني المصغر "الخطيرة" بإحتلال قطاع غزة    المنظمة العالمية للأرصاد الجوية: الحرارة الشديدة تحطم أرقاما قياسية في كافة أنحاء العالم    الطبعة الثامنة للمهرجان الثقافي الدولي "الصيف الموسيقي" تفتتح بالجزائر العاصمة    المخزن منح اللوبيات الغربية أموالاً طائلة    وزارة الصناعة تستعين بالكفاءات الجزائرية    كناص ميلة تطلق حملة إعلامية وتحسيسية    مرّاد يترحم على أرواح الضحايا ويُعزّي عائلاتهم    سيدي بلعباس: افتتاح الطبعة ال14 للمهرجان الثقافي الوطني لأغنية الراي    نقل: السيد سعيود يشدد على تدعيم أسطول "لوجيترانس" لتعزيز تموين الجنوب بالوقود    السيد شرفة يستقبل مسؤولا عن مجمع باكستاني لصناعة الأسمدة    انطلاق الطبعة الثانية للمعرض الوطني لكتاب الطفل بمنتزه الصابلات بالعاصمة    التأكيد على ضرورة توجه الخواص في المجال الصيدلاني نحو انتاج المواد الاولية بالشراكة مع مجمع "صيدال"    التأكيد على تعزيز الإنتاج الصيدلاني بالأدوية المبتكرة والتوجه نحو التصدير    كرة القدم/ "شان-2024" (المؤجلة إلى 2025) /المجموعة3-الجولة 2: المنتخب الوطني في صلب التحضيرات لمواجهة جنوب إفريقيا    شايب يبرز من تركمنستان أهمية تطوير التعاون جنوب-جنوب    تكريم خاصّ للرئيس تبّون    الرئيس يُعزّي عائلات ضحايا تحطم طائرة    حرب مستمرة على الإرهاب والإجرام    الجزائر تُطالب ب إنقاذ الأرواح في غزّة    اليونيسف تشيد بتمديد عطلة الأمومة بالجزائر    موجة حر مرتقبة اليوم وغدا    ضرورة الانخراط في سياسة تطوير المحاصيل الإستراتيجية    غزة بحاجة إلى مئات الشاحنات الإنسانية والتجارية يوميا    شركات فرنسية أمام محكمة العدل الأوروبية قريبا    وزير العدل يشرف على تكريم أبناء منتسبي القطاع النّاجحين في "الباك"    تثبيت الأسعار وضمان وفرة دائمة للمواد الأساسية    إعادة دراسة تنقلات الخطوط الجوية الداخلية قريبا    فرنسا تنحني فاشلة أمام الجزائر ودبلوماسيتها    الجزائر تواجه تركيا في اليوم الأول من المنافسة    مدرب سانت جيلواز يشيد باللاعب زرقان    آيت نوري يرفع راية التحدي مع "السيتي"    رامول يقدّم "المشاريع النهضوية العربية المعاصرة"    نداء ثقافي من عنابة لحماية كنوز الذاكرة    محصول الحبوب تحت الرقابة بعنابة    معرض خاص بطباعة المصحف الشريف في الجزائر    995 جريمة خلال شهر    الطبعة السابعة تحت شعار "القفطان الجزائري، تراث على مقاس الهوية" الاعلان عن مسابقة قفطان التحدي 2025 : بالمهرجان الوطني للزي التقليدي الجزائري    ملتقى الأدب الشعبي في عصر الذكاء الاصطناعي : رؤى جديدة حول كيفية دمج التقنيات الحديثة في صون الذاكرة الثقافية الوطنية    رئيس جديد لأمن الولاية    1111 خرجة تحسيسية لمصالح الأمن    الديوان الوطني للحج والعمرة:مواصلة عملية مرافقة المعتمرين ومتابعة وكالات السياحة والأسفار    "أنس بن مالك" .. خادم رسول الله وصاحبه    فتاوى : تكفير المصائب للسيئات يشمل الطائع والعاصي    الديوان الوطني للحج والعمرة : مواصلة عملية مرافقة المعتمرين ومتابعة وكالات السياحة والأسفار    اعتراف إفريقي بنجاح دورة الجزائر    هكذا اجتمعت هذه الصفات في شخص النبي الكريم    "الكتاب رفيقي وصديقي"بالصابلات    وَمَنْ أحسن قولاً ممن دعا إلى الله    سحب فوري للترخيص ومنع الوكالات من تنظيم العمرة في هذه الحالات    غزوة الأحزاب .. النصر الكبير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رسائل آخر السنة.. الغائب وشوق الشهود
نشر في الجزائر نيوز يوم 30 - 12 - 2013


ابن عطاء الله السكندري
نهايات تليها بدايات في سيرورة الحياة، وكل بداية نهاية لما يليها ومن رحم ما سبقها تأتي.. وعند عتبات كل بداية تتدافع الأحلام وتتجيش التمنيات.. ولا يستوي الأمر إلا بآخر يمتد الجسر معه فتتشكل الذات ولا كينونة للذات إلا بالمعية..
آخر به الأنا تتشكل ملامحا وصوتا.. فالملامح تبهت بلا مرايا والصوت يرتد خانقا لما ينقطع التواصل... ويبلغ العطب الذروة عندما أفقد لغة تقول الذي فيه البلاغة... لغة تصل وتصبح السكن بالدال الهايدغري.
وفي نهاية السنة كما في بدايتها وكما في كل مناسبة، تواجهنا المرايا وتتمشهد حلقات السيرة وتدق أجراس حساب الحصيلة.
يمر الزمن بإيقاع يتزايد سرعة بتدفقات تكنولوجية لا تترك فسحة لمن انفلت وتخلف، ويثقل الحمل بتسرب الأيام التي لن تعوّض ويزداد الثقل بأغلال تشلّ الحراك فيظل الماضي جاثما لايمضي ويظل الحاضر احتضارا ويظل الآتي مشحونا بكوابيس تتغذى من خرابات تراكمت.
يثقل الحمل لما تضيع الأيام ويكون الحصاد الهباء فيصبح ملخص السيرة كما غنى محمد عبد الوهاب: "أنا من ضيّع في الأوهام عمره"... وكم هي مفجعة تجليات الأوهام...
وفي نهاية السنة كما في بدايتها وكما في كل مناسبة، يحتد الإحساس باليتم والتشرد والضياع، يحتد بالحاجة لمن يشع الوجود بهم، لمن بهم معنى الوجود. يحتد الحنين وتتواصل مناشدة الغائب الذي تخرب بغيابه المكان وجف النبع واجتاح الصقيع وتأججت الحرائق.
أظل أكتب لك أيها الغائب، أكتب لك فأكتب الذات بمكاتبتك وأستخير بالمفردات حتى ينزاح الحجاب وتتجلى.. أكتب انتظارا وشوقا وحنينا... آه كم أحن لمن رحلوا قبل أن أشبع من حضورهم، الذين رحلوا دون أن أقول لهم: كم أحبكم...
كم أحن لمن كانوا أوتاد الخيمة فتهاوت لما غابوا.. كم أتشوق لحلول في حضرة شهود الأحبة... يظل الشوق لك أيها الغائب يحضر في احتضار يطول بغيابه... ويحتد الشوق خلال المناسبات التي تجعلني أعيش وضعية المعاناة المركبة، حريق يمعن في تخريبي.. وصقيع يصيبني بالجمود... حريق لوعة الشوق وصقيع العزل وافتقاد دفء الوصل والوصال.
أيها الغائب حضورك مستمر في... في كل خطوة أتمثلك... أيها الغائب الذي رحل نحو الأبدية، كم أشتاق إليك، كم يدمرني ندم إضاعة قول محبتي وبلورتها... أيها الغائب الذي رسمته خيالا وبقيت أطارد طيفا يقودني إليك حتى أنهكنتني المطاردة وحولتني الطريد الذي تتقاذفه الدروب وتنكره الوجوه... أيها الغائب كل ما في يرتجف بغيابك وكلما يشبّه لي بأنني ثقفتك تصرعني تجليات الكوابيس. أيها الغائب الذي لما بدأت أدركه لفته بياضات الأبدية ولفني الضياع.
أيها الغائب الذي ابتعد مكانا وابعدتني عنه لغة لا تقول، لغة موبوءة بما يضخه البرج البابلي. أيها الغائب كم أحتاج إلى سيمرغ يوصلني إليك... هو رق الوقت بتعبير ابن عربي ورسالة المكبل هي لمن يعتقه، هي لغائب يظل حاضرا بأثر الغياب.. والغائب متعدد... هو كل عزيز رحل فرحل برحيله بعض الكيان، فالكيان يتشكل بالآخر وكل عزيز جزء لما يذهب يبتر الجزء وأنزف، نزيفا هو مداد السيرة... هو لكل من أفتقدهم فافتقد بفقدهم ذاتي... هو ذاتي المتبددة التي لم تعرف استقرارا ولم تجد مرسى... هو مكان توارى وغاب، هو وهراني التي ضعت وصرت فيها الغريب الشريد بلا مأوى، بلا سكن يشع بسكينة الروح وبغبطة القلب وببهجة الحواس... وهران التي صارت تجليا لطاعون كتبه كامي... عمّ المسخ والتهمت "الغنغرينا" الجسد فنزف بالفظاعة.
أيها الطفل الذي حرمت منه، أحن إليك، إلى طفولة ظلت مدفونة في.
أحلم بالمستحيل، أحلم بالعودة إلى البداية لأسترد ما ضاع... أتخيل نفسي في حضن يكسوني بدفء الوصل، أتخيل نفسي ألعب وأنسج بهجة اللحظة. أحلم بما ينسخ السيرة ويعيد صياغتها بإيقاع يجعل الوقت ربيعا متفتحا بخصوبة البهاء. أحلم بتعافي من كوابيس تجعلني كائنا منتميا للجحيم، جحيما يودع داخله الأمل كما كتب دانتي.
رسالتي لمن بهم ماء ودم وملح وسكر وعسل وفاكهة الوجود، لمن بهم أنا مستمر، لمن بحضورهم جاءتني الأنفاس المنعشة.. ورسالتي لهم أنني عاجز عن اجتراح قول يقولني ويقول عميق الذي أكنه لهم ودقيق اعترافي بفضلهم وبالغ حرجي من عجزي عن تسديد ما يوازي عطاءهم.
هم الذي خرقوا جحيمي ونسجوا الجنة، فكل المحبة لهم وكل الاعتراف بعطائهم...
رسالتي هي حلمي في خروجنا من مستنقع الفساد والرداءة، هي في تحقق تطلعات من خرجوا هاتفين بالكرامة في الميادين العربية، هي في تدفق الحب والعطاء السخي، هي في زمن آخر ينسخ زمن البؤس والانحطاط والفظاعة والردة والرداءة... هي في توهج روح عمالقة رحلوا عنا في أواخر السنة، روح مانديلا الذي تسامى بالعفو وحافظ على إشعاع الرمز، روح أحمد فؤاد نجم الذي ظل يجترح من الجرح ويجرح ليداوي ويعقم من سرطان الردة، روح أبو القاسم سعد الله الذي عاش مرابطا في محراب البحث، متجردا عن أهواء العابر ومخلصا للحقيقة.
رسالتي هي لشهود تحقق الخلق بالحق، وعروج في مقامات حضرة الإنسان، حضرة عمران ينسكب بنور الحالات التي تفصمنا لتصلنا، تخلصنا من كل منحط وتحل فينا بكل جميل وجليل، بكل خير وحق، بإنسانية تتشكل سفينة نوحية تنقذنا من المهالك، بمقام شعيبي يأوي موسى الطريد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.