تاقجوت يدعو العمال الجزائريين إلى التجنّد    مسؤوليات كبيرة وأدوار جديدة    الجزائر وغانا تجدّدان التزامهما بتعزيز الشراكة    تربية: تحديد تواريخ سحب استدعاءات المترشحين لامتحاني التعليم المتوسط والبكالوريا    الجزائرية للمياه: توقيع خمس اتفاقيات لعصرنة تسيير خدمات المياه    دعم الشعب الفلسطيني التزام راسخ    الخناق يضيق على روتايو    الجزائر تستنكر    هذا موعد انطلاق الموسم المقبل    الألعاب الإفريقية للرياضة المدرسية 2025 : اجتماع رؤساء البعثات يومي 19 و20 مايو بالجزائر العاصمة    تأشيرة الصعود إلى قسم الكبار في المزاد    مرّاد يشيد بالجهود المبذولة    الاستراتيجية التي تعتمدها الجزائر في مكافحة السرطان ترتكز على "الوقاية والعلاج"    مصالح الرقابة تسجّل أزيد من 1500 مخالفة    انطلاق دورة تدريب القادة الشباب    إحياء الذكرى ال63 لتفجير 2 ماي 1962 بميناء الجزائر: ترحم على أرواح الشهداء وتأكيد على الوفاء لمسيرتهم    الصحفيون الفلسطينيون يحيون اليوم العالمي لحرية الصحافة في ظل انتهاكات المحتل الصهيوني وصمت المنظمات الدولية المعنية بحمايتهم    إطلاق خدمة جديدة عبر الانترنت على مستوى بوابة جبايتك    الجزائر لا تكل من الدعوة إلى وحدة الموقف العربي تجاه قضايا الأمة    كرة القدم/ بطولة إفريقيا للمحليين 2025 (الدور التصفوي الأخير): آخر حصة تدريبية للخضر قبل مواجهة غامبيا    كرة القدم داخل القاعة/كأس الجزائر: أتلتيك أوزيوم يفوز على نادي بئرمراد رايس ويتوج باللقب    الخليفة العام للطريقة التجانية الشيخ علي بلعرابي يؤدي صلاة الجمعة بواغادوغو    عرضان إيطالي وفرنسي قد يُخرجان بن سبعيني من ألمانيا    أم الطوب تستذكر الشهيد البطل مسعود بوجريو    توقيف بث قناة الشروق نيوز TV لمدة 10 أيام    إحباط تمرير 9 قناطير من الكيف عبر الحدود مع المغرب    انطلاقة مثالية للمنتخب الجزائري وطموح 15 ميدالية ذهبية في المتناوَل    مهرجان تقطير الزهر والورد يعبّق شوارع سيرتا    خرجات ميدانية مكثفة من مسؤولي عنابة    174 عائلة تستفيد من سكنات جديدة ببلدية أرزيو    نادي ليفربول يصرّ على ضم ريان آيت نوري    الذكاء الاصطناعي رفيق التراث وحاميه الأمين    تقوية الروابط الروحية بين زوايا منطقة غرب إفريقيا    الطبعة ال29 لمعرض مسقط الدولي للكتاب : مشاركة لافتة للناشرين الجزائريين    الطبعة الأولى للصالون الدولي للكهرباء والطاقات المتجددة من 17 الى 19 نوفمبر 2025 بالعاصمة    تطوير شعبة الليثيوم وفق الرؤية الاستراتيجية للرئيس تبون    تسخير الطاقة الدفاعية للأمة والتحضير لمجابهة أي خطر    سفينة مساعدات متجهة إلى غزة تتعرض لهجوم صهيوني في المياه الدولية قرب مالطا    أضاحي العيد المستوردة: انطلاق عملية البيع الأسبوع المقبل عبر كافة الولايات    الاتحاد البرلماني العربي: دعم القضية الفلسطينية ثابت لا يتزعزع    وزير النقل يترأس اجتماعًا لتحديث مطار الجزائر الدولي: نحو عصرنة شاملة ورفع جودة الخدمات    اليوم العالمي للشغل: تنظيم تظاهرات مختلفة بولايات الوسط    إعفاء البضائع المستعملة المستوردة المملوكة للدولة من الرسوم والحقوق الجمركية    البروفيسور مراد كواشي: قرارات تاريخية عززت المكاسب الاجتماعية للطبقة العاملة في الجزائر    وزارة الصحة تحيي اليوم العالمي للملاريا: تجديد الالتزام بالحفاظ على الجزائر خالية من المرض    عميد جامع الجزائر يُحاضر في أكسفورد    تم وضع الديوان الوطني للإحصائيات تحت وصاية المحافظ السامي للرقمنة    تواصل عملية الحجز الإلكتروني بفنادق مكة المكرمة    بلمهدي يدعو إلى تكثيف الجهود    المحروسة.. قدرة كبيرة في التكيّف مع التغيّرات    ماذا يحدث يوم القيامة للظالم؟    نُغطّي 79 بالمائة من احتياجات السوق    معرض "تراثنا في صورة" يروي حكاية الجزائر بعدسة ندير جامة    توجيهات لتعزيز الجاهزية في خدمة الحجّاج    صفية بنت عبد المطلب.. العمّة المجاهدة    هذه مقاصد سورة النازعات ..    كفارة الغيبة    بالصبر يُزهر النصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المثقفون الفرنسيون ... بوتفليقة وانتخابات الجزائر : السكوت غير المحايد

لا أضيف جديدا حينما اقول أن الجزائر تثير في فرنسا عادة و«بافلوفيا" ردود فعل ومواقف مثيرة ولافتة وحتى صاخبة عندما يتعلق الأمر بأمورها الداخلية وذلك لأسباب جيوسياسية وتاريخية وثقافية يعرفها الصغار والكبار والمتعلمون والأميون ولو بصفة شعورية وغير شعورية ، وينطبق الأمر على طرفي العلاقة الأشهر تاريخيا على ضفتي المتوسط . الجزائر اثارت الرأي العام من الناحيتين قبل وبعد حادثة المروحة التي تحججت بها فرنسا لغزو الجزائر ، مرورا بموقفي سارتر وكامو الشهيرين من الثورة والإستقلال وتجند جماعة من المثقفين اليساريين والمسيحيين التقدميين دفاعا عن كفاح الشعب الجزائري ، ووصولا إلى انقسام المثقفين الفرنسيين بوجه عام من استتقلالها تجسيدا لتوجهات فكرية مختلفة ، وإلى اتفاقهم على إدانة الإرهاب في العشرية السوداء فضلا عن عدم تردد القلائل منهم على تحميل السلطة بعضا من مسؤولية استفحاله واستمراره من منظور تكتيكي للتغطية على حكم فاشل أنتج كل أشكال الكبت والتطرف والحرمان وكرس نمطا سياسيا أحادي التوجه لا يختلف جوهريا عن الشمولية الإيديولوجية الأورسذوكسية التي ميزت الجزائر منذ الإستقلال ولو بطريقة غير مباشرة كما هو الحال عند الإسلاميين .
المثقفون ...الجزائر والإرهاب.
تعميقا للملاحظة التمهيدية العامة ، يمكن القول أن الجزائر التي اسالت أنهارا من الحبر وكلفت الالاف من أطنان الورق أثناء الثورة و«حرب الجزائر أو أحداث الجزائر" على حد تعبير معظم المثقفين الفرنسين يمينا ويسارا" وبعد الإستقلال وأثناء حرب الجزائر الثانية أو الحرب الأهلية كما أطلق عليها الإعلام الفرنسي لم تعد اليوم وخاصة منذ وصول الرئيس بوتفليقة إلى الحكم تثير الكثير من اللغط والجدل في الأوساط الثقافية والإعلامية على النحو الذي يعمق الحقيقة التاريخية المذكورة و يبعث على التساؤل المنهجي. دون خلفية مبيتة يمكن أن تفسر على أن صاحب هذه الملاحظة ضد العهدة الرابعة للرئيس بوتفليقة والأمر كذلك في واقع الأمر ، يمكن القول أن الرئيس بوتفليقة حظي بتعامل لطيف منذ وصوله إلى سدة الرئاسة على أنقاض سنوات الدم والدموع والدمار المرتبطة في أذهان المثقفين الفرنسيين بالإرهاب الإسلامي مفصولا عما سبقه تاريخيا من ترهيب لكل من عارض باسم الدين أو الإيديولوجيات الدنيوية الآخرى ، ومجيئه إلى باريس للعلاج لم يثر استياء السياسيين والمثقفين الفرنسيين ولم يستطع أي بابارازيه ( مصور الحياة الخاصة للمشاهير ) من التقاط ولوصورة واحدة لدخول أو خروج الرئيس المريض من فرط التعتيم الإعلامي الذي ضرب على دخوله مستشفى فال دو غراس. أثناء العشرية السوداء ، تحدث وكتب الجيد والسيئ والمتوسط والمتقدم والشهير والمغمور من المثقفين وتخصص الكثير منهم فجأة في الإسلام السياسي والإرهاب بوجه خاص ، ونظمت العشرات من اللقاءات والندوات الإعلامية في مختلف وسائل الإعلام واحتلت جزائر الإرهاب صدارة أغلفة المجلات والكتب وسيطرت على اهتمام المعلقين السياسيين وغير السياسيين . لم يقتصر الأمر وقتها على المثقفين والصحفيين الفرنسيين الذين صنعوا إسما باسم الإرهاب الإسلامي بوجه عام والجزائري بوجه خاص ( كارولين فوريست وماتيو قيدار وسيفرين لابا وأخرون ) وتعداه إلى مثقفين عرب وجزائريين اصبحوا يظهرون جنبا إلى جنب مع رفقاء القضية الواحدة في استديوهات القنوات التلفزيونية الفرنسية ( انطوان صفير وانطوان بسبوس وسيفاوي وماتيو قيدار ).
من سطورا إلى جان دنيال
مثقفو التلفزيون من الكتاب والصحفيين المذكورين الذين تخصصوا في الحديث عن الإرهاب الإسلامي دون أنواع الإرهاب الغربي غير الديني كما تحدث عنه نعوم تشومسكي المنبوذ والمهمش في بلاد العم سام لم يتألقوا بنفس الزخم والوتيرة والوطأة منذ وصول الرئيس بوتقليقة إلى الحكم ، والكثير منهم خففوا من لهجتهم النقدية حيال جزائر الإستقرار والسلم وأشادوا بالرئيس المحنك الذي أوقف دوامة العنف وسيل الدموع والدماء وجنب الجزائر الربيع العربي الذي تحول إلى شتاء إسلامي كما جاء في كتاب وليد فارس الاميركي واللبناني الاصل والخبير في الشوؤون الامنية والمستشار السابق لميت رومني المرشح الجمهوري .إلى حد هذا المنعرج من التحليل ، يعد الأمر طبيعيا ، وكان من البديهي أن تستقطب الجزائر كل مثقفي وإعلاميي فرنسا من منطلق تفاعل المثقف والإعلامي مع مأساة شعب المستعمرة القديمة للسبب المذكور في صدر " النسمة " .اللافت في فترة الإرهاب إسهامها في صنع شهرة الكثير من المثقفين بمختلف مشاربهم الإيديولوجية وفي إحياء غيظ وبغض الكثير من اليمينيين المتطرفين واليمينيين وحتى بعض اليساريين الذين مازالوا يبكون على الجزائر الفرنسية ويذكرون بنبوءة كامو عن جزائر مستقلة وغير كونفيدرالية وهم المثقفون الذين وجدوا في استقلال الجزائر والإرهاب الإسلامي تحديدا ردا ذهبيا على المثقفين التقدميين الذين مجدوا سارتر ضد كامو . ما أدهش كاتب هذه السطور لم يتمثل في تفاعل المثقفين والإعلاميين الفرنسيين مع جزائر الأفلان المتاجر بأرواح الشهداء والجنرالات الصانعين للروؤساء و... لكن "إستراحة" هؤلاء المثقفين والتوقف عن الإهتمام بالجزائر وعلى التشهير بفسادها الداخلي الذي تجاوز حدود الوطن وأوروبا في عهد الرئيس بوتفليقة والمستمر حتى ساعة كتابة هذا التعليق هو الأمر الذي أيقظ استغرابه بشكل غير مسبوق . المثقفون الفرنسيون مازالوا يلتزمون السكوت حيال العهدة الرابعة التي تأتي في سياق انسحاب جان لوي بورلو زعيم تيار اتحاد الديمقراطيين المستقلين من الحياة السياسية بسبب ضيق في التنفس فقط ، وهو الإنسحاب الذي باركوه واشادوا به معتبرين إياه مثالا أخلاقيا وسياسيا يحتذى به . مثالان بارزان يؤكدان سكوت المثقفين الفرنسيين البارزين الذين ارتبطوا تاريخيا وشخصيا بالجزائر. المؤرخ المعروف بنجامين سطورا المتخصص في الجزائر قال لنا ردا على طلب حديث أنه لا يتكلم عن الجزائر هذه الايام وجان دنيال شيخ وعميد الصحفيين الكبار قال لنا هاتفيا في دقائق معدودة أنه لا يعرف ما يحدث في الجزائر تحديدا وأن الأعمار بيد الله تعقيبا على طلب تعليقه على رئيس مريض يستعد لقيادة أمة برأسه السليم وليس بقدميه على حد تعبيريونس بن عمارة. جان دنيال معذور لأنه تحدث لنا بصوت مريض حقيقي مثل رئيسنا وعليه فالتعاطف يصبح إنسانيا في مثل هكذا حالة . سطورا الذي يتمتع بصحة جيدة منذ أن أجريت له عملية جراحية صعبة أشاد بالرئيس بوتفليقة في حديث نشرته إحدى الصحف الجزائرية قبل أعوام وهو نفسه الذي قال في مطلع التسعينيات لكاتب هذه السطورفي حديث نشر في صحيفة عربية معارضة للنظام السوري أن الإسلاميين جزء من الذاكرة السياسية والثقافية الجزائرية التي لا يمكن القفز عليها. إن سكوت المثقفين الفرنسيين الذين يؤمنون أن بوتفليقة أنقذ الجزائر من مؤامرة صناع الربيع العربي يبين انهم يفضلون استمراره كضمانة لمحاربة الإرهاب الإسلامي فقط مادام يهدد واشنطن وباريس وكل عواصم الغرب الاخرى والعالم العربي كما يعتقد الأسد والسيسي . إنه العالم العربي الذي يفضله قادة الغرب غير ديمقراطي يحقق مصالحهم بحكام مرضى وغير مرضى في مجتمعات يريدونها تابعة لهم، أما مصلحة وسعادة وحقوق شعوبه الداخيلة وحقه في التداول الديمقراطي على السلطة كما يفعلون مع مواطنيهم فإلى الجحيم وبئس المصير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.