"أنا لا أومن إلا بالتاريخ الذي ذُبِح رواته" . بليز باسكال جميل جدا أن تكون لدينا حكومة تعمل على محاربة نتائج استفحال ظاهرة أو انتشار مرض ما بالتوازي مع إجراء البحوث حول أسباب تفشي تلك الظواهر أو الأمراض ... و بالتالي العمل على استئصال الأسباب التي أدت إلى تلك النتائج. إن التوازي في طريقة العمل هاته بين علاج النتائج و استئصال الأسباب هو في الحقيقة اعتراف من الحكومة بتقصيرها في وقت سابق و لهذا تراها تعمل على كلا الجبهتين أي العلاج و الوقاية. و حتى نضع الكلام السابق في سياق التمثيل، نأخذ كمثال انتشار داء السرطان في ولاية الجلفة الذي مازالت الأخبار عنه محل تضارب بين الأرقام الرسمية التي تقدمها الدولة و الأرقام الميدانية التي ترصدها الجمعيات الناشطة في الميدان مع فئة مرضى السرطان. و لعله من نافلة القول أن الدولة عندنا قد فكرت ( و هل كان تفكيرها قناعة أم بذخ ؟ الله أعلم !) في محاربة أسباب انتشار السرطان و استئصالها، و كان من نتائج هذا التفكير الوصول إلى أن كل المسرطنات (cancérogènes) هي في الحقيقة نتائج لتقصير الدولة في مراقبة المنتجات الصناعية من حيث المقاييس الصحية و البيئية (HSE). لهذه الأسباب و غيرها، نجد أن القوانين التي بدأت تصدر تباعا، مثل قانون منع الأكياس البلاستيكية السوداء، تدخل في سياق الوقاية من السرطان و غيره من الأمراض الناتجة عن التصنيع. و لكن فجأة و بدون سابق إنذار تنفجر أمامنا أسئلة تتعلق بالسياسة المتبعة في علاج السرطان ببلادنا: ما مدى شعور حكومتنا بعقدة الذنب تجاه ضحايا داء السرطان؟ هل تتكفل حكومتنا على الوجه الأكمل بضحايا داء السرطان؟ هل بناء مستشفى سرطان تتحكم فيه مقاييس موضوعية؟ أم أن الأمر يحتاج إلى يد قوية "مع جماعة الفوق" من أجل منح مشروع ما إلى ولاية معينة؟ الحقيقة أن هذا السؤال و ذاك لا يحتاج إلى عناء تفكير أو ضرب "خط الرمل" للإجابة عنه فيما يخص حالة الجلفة ... لأن أبناء الجلفة من المتنفذين في سلطة القرار قد خذلوها ... و أكثرهم خذلانا هو وزير الأكياس المسرطنة الذي يبدو أنه ليس لديه عقدة ذنب من أكياسه المسرطنة ... لأن كونه إطارا ساميا منذ 42 سنة لم يشفع لنا في نيل مشروع مستشفى سرطان. لذلك نقول للوزير المترشح "حتى تفوز بثقتنا يجب أن تكون قد قدمت من العرابين ما يشفع لك بنيلها عن جدارة و استحقاق كما حدث سنة 1997 !!! ... المهم أن تقدم بين يديك". و دعنا يا معالي الوزير ننقل لك حكمة الفيلسوف "اسبينوزا" حين قال " إننا لا نرغب في الشيء لأنه جميل، بل نسميه جميلا لأننا نرغب فيه" ... إذا الجمال ليس شيئا مطلقا بل إننا نرى الشيء جميلا لأنه يلبي حاجة عندنا ... و كونك وزير و من مؤسسي الحزب الذي ولد "بشلاغمو" و وجهك مألوف لدى عامة الجزائريين عبر نافذة اليتيمة، فهذا لا يعني أنك بالضرورة جميل في نظرنا. لهذا نصارحك القول بأنا لا نراك جميلا ... ببساطة لأنه لا يوجد شيء يجعلنا نرغب فيك أو يلبي حاجة عندنا!! و أنا متأكد أنك تبادلنا نفس الشعور لأنك تعرف جيدا أن نظام "الكوطة" في الانتخابات هو ما يلبي حاجتك في البرلمان و ليست بالضرورة ثقتنا هي من تلبي ذلك ... لأنه ببساطة ليس نظام انتخابات قائم على الشطب من القوائم مثلما شطبت الجلفة من قائمتك. و ببساطة و وضوح أكثر لأنك لم تقدم لمسقط رأسك أشياء تجعلهم يرغبون فيك ... ماعدا المحطات التي تقبر النفايات المسرطنة مثل المقابر التي نقبر فيها يوميا مرضانا - رحمهم الله تعالى - من ضحايا السرطان !! معالي الوزير/ هذه السنة تختلف كثيرا عن سنة 1997 عندما كنت تنفخ في القربة وسط حشد من الناس الطيبين و "النية" و على مقربة من المسجد المسمى آنذاك "خالد بن الوليد" رضي الله عنه ... هذا العام سوف تنفخ في قربة "مقعورة" و الفايسبوك هو الشاهد في 2012 !! و أرجو منك فقط أن لا تعدنا مثلا بمستشفى سرطان في حملتك الانتخابية !! اخيرا ... إن انتقال بعض المترشحين من العاصمة إلى الجلفة في موسم الانتخابات، يذكرنا بأغنية "الجندي بافالو – Buffalo Soldier" للمغني الحشاش "بوب مارلي"، و التي تتحدث عن الأفارقة الذين نقلوا عنوة كعبيد الى قارة أمريكا بُعَيد اكتشافها ... و لذلك سوف استعيض ببعض من كلمات الأغنية مع قليل من التصرف فيها، و هي مهداة إلى أولئك المترشحين العائدين إلى الجلفة و بدون استثناء: There will be a “Buffalo Soldier” in the heart of Djelfa Stolen from El 3Assima Brought to my Djelfa Fighting on arrival Seeking "deputy" Title woy yoy yoy ! woy yoy yoy yoy! ......................