الحمد لله جعل لكل أمة أياما تحتفل فيها بأعيادها القومية و تظهر فيها أمجادها الوطنية و عزتها و كرامتها في ظل الحرية، أشهد أن لا إله إلا الله يحب من المؤمنين أن يذكروا مفاخرهم لإغاظة أعدائهم و سرور إخوانهم و أحبابهم، لا إله إلا هو شرع الابتهاج في الأعياد و جعل السرور فيها من تقاليد الآباء و الأجداد، و أشهد أن سيدنا محمدا عبد الله و رسوله مجّد الحرية و أعلى الراية الإسلامية و أظهر السرور في الأعياد الدينية و الوطنية، فصلوات الله و سلامه عليه و على آله و أصحابه من شرح الله صدورهم بالإيمان و زيّن قلوبهم بالتقوى و الإحسان فجعل الله أيامهم سرورا و أعيادهم بهجة و حبورا... . أما بعد : فإن الاحتفال بالأعياد القومية مبعثة الشعور بالكرامة الوطنية و تمجيد الحرية و شحذ العزائم و توجيه الهمم إلى الأعمال العظيمة المرضية للنهوض بالأمة في كل مناحي حياتها داخلية و خارجية ، مدنية و عسكرية، و قد مرت على بلادنا العزيزة عصور مظلمة قاتمة السواد احتلال و استعباد و ظلم و فساد و طغيان و استبداد أذل النفوس الكريمة و أضعف الأخلاق القويمة و أشاع الفرقة بين الاخوة و جعلهم شيعا و أحزابا و للغاصب عملاء و أذنابا و لكن الله الرحيم القادر هيأ لبلادنا من أبنائها الأحرار من يأخذ بيدها و يقيلها من العثار فهبوا لنصرتها و قدموا أرواحهم في سبيل حريتها لا يبغون ملكا و لا مالا و لا جاها فحقق الله على أيديهم ما لم يكن في الحسبان و ما هي إلا عشية أو ضحاها حتى دكّوا صروح الظلم و الطغيان و أعادوا لبلادهم حريتها المغصوبة و كرامتها المسلوبة بحمد الله الكبير المتعال يعز من يأخذ بأسباب العزة و يذل الخاملين الذين يرضون الهوان و يخضعون للحسف و العدوان... أيها المؤمنون رفعت الجزائر رأسها عاليا بجهاد أبنائها الأحرار الأبرار و تبوأت مكانها العظيم بين الأمم و تبدل حالها من ذل إلى عز ومن احتلال إلى استقلال بعد ثورة الأحرار في فاتح نوفمبر فجدير بنا أن نحتفل في كل عام بعيد الثورة المجيد و أن نضفي عليه من البهاء و الجلال و القومية ما يجعله خير عيد و أن نستعرض فيه الذكريات العظيمة و نمجد هذه الأيام الكريمة، جدير بنا أن نجعل هذا اليوم عيدا وطنيا ليكون ذكرى للأبطال المجاهدين و قوة تسري في قلوب المؤمنين و نورا يدفع الأبناء للمجد و الكفاح من أجل هذا البلد الأمين . الشيخ سي عطية مسعودي و جامع الجمعة إن يوم فاتح نوفمبر هو أعظم عيد وطني للشعب الجزائري كله لأنه يوم ثورة الحق على الباطل و ثورة العدل على الظلم و ثورة الحرية و المساواة و الأخوة و المحبة و الإصلاح، الناس فيها سواسية في الحقوق و الواجبات و الحياة الأبية الكريمة لا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى و العمل الصالح لبناء النهضة على أسس شامخة أصلها ثابت و فرعها في السماء، جدير بنا أيها المؤمنون الاحتفال بهذا العيد القومي و إكبار هذه الوثبة القوية الجبارة التي قوضت هياكل الظلم و الفساد و قضت على الحزبية البغيضة و أبواق الاستعمار و حطّمت بمعاول الحق و العدل و الإصلاح كل ظلم و فساد و رشوة و اتجهت إلى الإصلاح فوزعت الأراضي على المعدمين و اتجهت إلى تحقيق المشاريع العمرانية في العواصم و الأقاليم فانبثقت الحياة في كل ربوع الجزائر و شعر كل مواطن بوثبة كبرى في البوادي و الحواضر... أيها المؤمنون هذا يوم من أيامنا الوطنية و عيد من أعيادنا القومية يذكرنا بثورة الأحرار و كل وطني مدين لهذه الثورة بالإخلاص و الوفاء و الصدق و الإخاء و الذكرى تدفعنا إلى المجد و تطالبنا بتجديد العهد... وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ الحديث : عن عائشة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها قالت : دخل عليّ أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه و عندي جاريتان تغنيان بما تقاولت به الأنصار يوم بغاث و ليستا بمغنيتين فقال أبو بكر أمزمارة الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه و سلم و ذلك يوم عيد فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم يا أبا بكر إن لكل قوم عيدا و هذا عيدنا . (*) جامع الجمعة: حالياً مسجد سي أحمد بن شريف