التحوّل الرقمي على طاولة الحكومة    برلمان للطفل الجزائري    مسراتي تلتقي حسني    لا تراجع عن صرف منحة السفر    معالجة أكثر من 2000 ملف منذ جانفي 2025    ثقة متزايدة للمستثمرين في قطاع الطاقة بالجزائر    تلاعب بأوامر الروبوتات يحوّلها لسلاح قاتل!    الجزائر تترقب مواجهة الثأر أمام النمسا    صراع مبابي وهالاند يتجدّد في المونديال    مرسوم إنشاء فريق عمل جزائري إيطالي    ندوة علمية حول موقع اللغة العربية    نفط: خام برنت عند 92ر58 دولار للبرميل    فاعل محوري في صياغة الرؤية الإفريقية للأمن الجماعي    أمطار مرتقبة في عدة ولايات من البلاد    تيسير عملية اقتناء حافلات جديدة للنقل    قسنطينة : وفاة مسن وإصابة امرأة في حريق سكني    ندوة دولية حول "إرساء مراكز الامتياز في التكوين المهني"    إلى مدى ديمقراطية التعليم حق متأصل!.. ؟    ضرورة إيداع طلبات منح التقاعد عن بُعد مطلع 2026    لأول مرة.. الحوسبة السحابية الوطنية لتأمين الخدمات    الوزير الأول يستلم رسالة الرئيس التشادي للرئيس تبون    بالأغلبية.. كمال مولى على رأس "الكريا" لعهدة جديدة    شبيبة القبائل توقع عقد شراكة مع مستثمر جديد    الكيان الصهيوني يستفيد من نظام عالمي لا يعترف إلا بالقوة    تحقيقات واسعة حول عمليات استيراد وتوزيع العجلات    كرة القدم / الرابطة الثانية /الجولة ال13 : مواجهات حاسمة على مستوى الصدارة وتنافس كبير في ذيل الترتيب    دعوة ملحة لإعادة إعمار غزّة    الجزائر تؤكد دعمها للصومال وجهود إحلال السلام    ملتقى دولي طبي جراحي يومي 20 و21 ديسمبر    مصادرة حلويات فاسدة    توقيع اتفاقية شراكة مع اتحاد إذاعات الدول العربية    محبة النبي صلى الله عليه وسلم من أصول الإسلام    فتاوى : الواجب في تعلم القرآن وتعليم تجويده    إنه العلي ..عالم الغيب والشهادة    الاحتلال ارتكب 813 خرقا لسريان اتفاق وقف النار : قصف إسرائيلي متفرق وتوغل محدود شرق دير البلح    اليوم العالمي لمناهضة الاحتلال:دعوة بباريس لتمكين الشعب الصحراوي من حقه في تقرير المصير    انطلاق الطبعة الأولى للمهرجان الثقافي الدولي لموسيقى الجنوب بتمنراست    تفكيك 32 شبكة إجرامية في النصب الإلكتروني وتوقيف 197 متورطًا    الخضر يشرعون في التحضيرات    قرار أممي لفائدة فلسطين    واقعية ترامب    لا تساقط ولا تقادم للجرائم الماسة بكرامة الشعوب    تعزيز دور البحث العلمي والابتكار كقاطرة للتنمية    منصة لاكتشاف تجارب سينمائية شابة    "رُقْية" يدخل قاعات السينما ابتداء من 22 ديسمبر    العناصر الوطنية في تربص إعدادي ببجاية    كأس إفريقيا فرصة إيلان قبال للانتقال إلى نادٍ كبير    بودربلة في مهمة تعبيد الطريق نحو أولمبياد ميلانو    اتفاقية شراكة بين قناة "AL24News" واتحاد إذاعات الدول العربية لتعزيز التعاون الإعلامي    الجزائر تفوز بمنصب مدير المركز العربي لتبادل الأخبار والبرامج لاتحاد إذاعات الدول العربية    هل هناك جريدة كبيرة عندنا..؟!    تمكين الطلبة للاستفادة من العلوم والتكنولوجيات الحديثة    دعم السيادة الصحية بتبادل المعطيات الوبائية والاقتصادية    أبو يوسف القاضي.. العالم الفقيه    الجزائر تُنسّق مع السلطات السعودية    40 فائزًا في قرعة الحج بغليزان    الاستغفار.. كنز من السماء    الاستماع لمدير وكالة المواد الصيدلانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



آفاق واسعة لتنشيط الحياة الاقتصادية وخلق الثروة وتوفير مناصب الشغل
نشر في الشعب يوم 24 - 11 - 2018

الفكرة جزائرية بامتياز لكن بلدنا ليس ضمن الأوائل في العمل المصرفي الإسلامي
المنافسة مفيدة وتحفّر على الفعالية وتحسين الأداء وتخفيض الأسعار للمستهلك
يقدّر الأستاذ محمد بوجلال المتخصص في العلوم الاقتصادية وعضو المجلس الإسلامي الأعلى حصة الصيرفة الإسلامية في الجزائر بأقل من 3 بالمائة، متوقعا لها آفاقا واسعة في تنشيط الحياة الاقتصادية. ويعتقد أن لبنك الجزائر مبرراته في التأخر في استكمال إصدار تنظيم تشريعي يؤطّر هذا المسار، مشيرا إلى أن التخوفات التي تثار حول المسألة غير مبررة وتوجد إمكانيات لتدارك المتطلبات في السوق المالية. كما يدعو البنوك القائمة إلى فتح وكالات بذاتها لتنمية المبادلات المصرفية الإسلامية، مذكرا بأن التاريخ يحفظ لعلماء الجزائر إطلاق أول مبادرة لتأسيس بنك إسلامي إبان الحقبة الاستعمارية رفعها ابو اليقظان وهو الحلم الذي تمّ الشروع في تجسديه منذ السنوات الأخيرة. وفيما يلي مضمون الحوار كاملا:
«الشعب»: ما هي حصة الصيرفة الاسلامية في السوق حاليا، وماذا يمكن أن تقدمه (المنتجات البنكية المسماة إسلامية) للنهوض بالاقتصاد في ظلّ الظروف الصعبة؟
محمد بوجلال : حصة الصيرفة الإسلامية في السوق الجزائرية لا تتجاوز ال 3% رغم أن التجربة لها أكثر من ربع قرن.
إن صعوبة الظروف ترجع لنمط التسيير وللخيار الاقتصادي الذي اخترناه وليس لمقومات الإقلاع الاقتصادي التي تزخر بها الجزائر. نعم ينتظر للمنتجات البنكية والمالية الإسلامية أن تمكّن من تعبئة موارد مالية تتجنّب التعامل مع نظام مصرفي تقليدي قائم على سعر الفائدة أخذا وعطاءً. ومن ناحية توظيف الموارد المالية، فإن الكثير من المشاريع لم تتوسّع وأخرى لم تنطلق أصلا بسبب سعر الفائدة المحرم في شريعتنا. ولذلك يُنتظر من المنتجات الإسلامية أن تفتح آفاقا واسعة لتنشيط الحياة الاقتصادية وخلق الثروة وتوفير مناصب شغل جديدة.
تأخر بنك الجزائر في إصدار التنظيم القانوني بتعديل قانون النقد والقرض رغم إعلان السلطات العمومية اعتماد هذا الخيار؟
فعلا هذه الملاحظة كثيرا ما تتكرّر، قد يكون لبنك الجزائر مبرراته، ولذلك لا نسمح لأنفسنا التدخل في نيات الناس. المهم أن يصدر هذا التنظيم ونطلع عليه آملين أن يمكن ذلك من استدراك التأخر الذي تسجله التجربة الجزائرية مقارنة بدول جاءت متأخرة ولكنها حقّقت خطوات كبيرة. يكفي أن الجزائر لا تظهر في أوائل قائمة الدول الرائدة في العمل المصرفي الإسلامي، ولم نلحظ إرادة نحو تحقيق هذه الغاية. ولكن نأمل أن تتغيّر النظرة للمالية الإسلامية لأنها مفيدة للاقتصاد الوطني، وللاقتصاد العالمي، ويكفي أن صندوق النقد الدولي أقدم على اعتماد المبادئ الأساسية للتمويل الإسلامي. أشعر بالاعتزاز أن فكرة إنشاء بنك إسلامي هي جزائرية بامتياز.
هناك من يعتقد أن النمط الجديد ينافس النظام البنكي التقليدي علما أنه قديم حتى في بلدان غير إسلامية؟
هذه تخوفات في غير محلها، ثم أن المنافسة مفيدة للاقتصاد لأنها تحفر الأعوان الاقتصاديين على مزيد من الفعالية وتحسين الأداء وحتى تخفيض الأسعار للمستهلك.
أُطمئن السادة القراء الأوفياء أن أكبر اقتصاد في دول الخليج العربي تأخر في الانفتاح على الصيرفة الإسلامية، وما إن سمح بها منذ منتصف العقد الماضي حتى تحوّلت اليوم مجمل الودائع إلى حسابات استثمارية متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية، كما أن التمويلات الإسلامية بلغت أكثر من 63% من حجم الاستخدامات في البنوك السعودية، دون أن يُحدث ذلك هزة في النظام المصرفي.
ما هي التوقعات بالنسبة للكتلة المالية التي يمكن أن يستقطبها النظام الجديد كمكمل للمنظومة المصرفية الوطنية؟
الحديث عن الكتلة النقدية خارج النظام المصرفي فيه الكثير من اللغط بسبب تضارب الأرقام. بعيدا عن هذا الحديث العقيم أحيانا، المهم أننا ننتظر من المنتجات البنكية والمالية الإسلامية أن تساهم في تعبئة أكبر قدر ممكن من الأموال «الشاردة». إلا أن التنمية الاقتصادية قضية معقدة ومتعدّدة الجوانب ولذلك يجب أن تتحقّق شروط أخرى ومنها تحسين المناخ الاقتصادي. كم من مستثمر محلي وأجنبي غيَّر وِجهته بسبب العراقيل البيروقراطية أو الفساد المنفِّر لروح المقاولاتية. نحتاج اليوم لمسحة أخلاقية ترجع الأمل للمتعامل الاقتصادي، وكم كانت فرحة الجزائريين كبيرة عندما أعلن بنك الجزائر نيته إصدار تنظيم خاص بالمنتجات الإسلامية. لا أستطيع حصر عدد المكالمات الهاتفية التي تلقيتها وهي تعبر عن ارتياحها لهكذا انفتاح على معاملات متوافقة مع ثقافة هذا الشعب الأصيل.
هل يمكن اعتبار سنة 2019، موعدا لسقوط الطابوهات الاقتصادية وبناء نظام مالي وطني مندمج وشامل؟
لا أعرف ما ذا تقصد بمصطلح طابوهات، قد تقصد قبول حقيقة أن الإقراض والاقتراض بفائدة هو من الربا المحرم. هذه ليست طابوهة ولكنها ظاهرة أصبحت واضحة بعدما اكتشف العالم مزايا التمويل الإسلامي (اللاربوي) والذي يبشر بنظام اقتصادي تتحقّق فيه عدالة توزيع الثروة بين عناصر الإنتاج بعيدا عن النظام المالي الحالي الذي لم يساهم أبدا في تقريب الفجوة بين الفقراء والأغنياء والذي يهدّد كيان الدول بعد استفحال ظاهرة القروض السيادية التي بلغت حجما لم تبلغه في أحلك ظروف الحرب العالمية الأولى والثانية.
ما هو الأكثر نجاعة، فتح نوافذ على مستوى البنية المصرفية القائمة أو التوجه مباشرة إلى إقامة بنوك إسلامية؟
الخيار الثاني هو الأفضل، وهنا أنصح البنوك بفتح وكالات خاصة بالمعاملات الإسلامية بعيدا عن خلط الأموال وتمكينا للعون الاقتصادي الخيار بين التوظيف / التمويل التقليدي والتوظيف / التمويل الإسلامي. ولكن لا بأس بالتدرج الذي يبدو أن بنك الجزائر يفضله.
كخبير متخصّص هل يمكن ضمان شفافية المعاملات في الوافد الجديد وتأمين مسار العمليات البنكية، خاصة في ظلّ محيط يعاني كثيرا من الممارسات الاقتصادية الموازية.
حتى في الاقتصاد التقليدي، فإن كلمة crédit تعني الائتمان، أي أن العلاقة بين البنك والمقترض هي علاقة ثقة. لكن نظام الفائدة أثبت فشله في تحقيق عدالة توزيع العوائد، بل أن الشعار غير المعلن في النظام المصرفي التقليدي هو ما أشار إليه جوزيف ستيغلتز (J. Stiglitz) أن البنوك التقليدية تُخَصْخِص الأرباح ولكن تحمل الخزينة العمومية الخسائر كما حدث إبان أزمة قروض الرهن العقاري رديئة التصنيف، حيث تدخل مثلا جون ميجور في إنقاذ بنك Northern Rock البريطاني بأموال عمومية، وكذلك حدث في أمريكا عندما تدخل الرئيس أوباما لإنقاذ شركة التأمين AIG. ميزة التمويل الإسلامي أن المعاملات تكون دائما مسندة إلى أصول أو خدمات حقيقية مما يقلّل من الفقاعة المالية المتسبّبة في الأزمات البنكية والمالية. لكن يبقى أن العامل البشري ودرجة الامتثال لقيم الإسلام السامية هي مِعْوَل نجاح التجربة المصرفية الإسلامية بالجزائر وفي العالم. بعد إنهاء دورة تكوينية لإطارات 16 بنكا شهر جويلية الماضي بمعهد التكوين البنكي بدالي براهيم، قلت للمتربصين: دخلتم القاعة وأنتم موظفون، ومع نهاية الدورة التدريبية وقد تسلحتم بمبادئ وميكانيزمات التمويل الإسلامي، فأصبحتم، إضافة لصفة الموظفين، أصحاب رسالة، رسالة حسن تسويق المنتجات المصرفية المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية.
يقود المجلس الاسلامي الأعلى قاطرة التحوّل المصرفي، هل لديه كافة الأدوات الفقهية والتقنية لبلوغ المحطة المنشودة فيسجل له التاريخ دوره في تعزيز النمو بتجنيد موارد مالية هي حاليا خارج البنوك.
@@ التاريخ سجّل للمجلس الإسلامي الأعلى بتركيبته الجديدة (دون التقليل من مجهوداته السابقة منذ نشأته نهاية الثمانينات)، أنه ساهم بشكل جدي في مواكبة التطورات التي تحدث على الساحة المصرفية. لا يتسّع المقام لحصر مساهمات المجلس في توطين الصيرفة الإسلامية، ولكن أذكر حدثين هامين هما:
إصدار إعلان المجلس حول الصيرفة الإسلامية بداية سنة 2018، حيث أوضح موقف الشريعة من المعاملات البنكية التقليدية والبدائل التي تطرحها الصناعة البنكية المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية.
تقديم ملف متكامل للتعديلات في المواد القانونية التي يجب القيام بها من أجل ضمان تطوير النظام المالي الإسلامي بشكل سلس وتدريجي.
للإشارة، فإن هذا الملف يتضمن سبعة محاور لا يتسّع المقام للتفصيل فيها.
ثم أن قاطرة التحوّل المصرفي كما ذكرت في سؤالك ليست من مسؤولية المجلس بقدر ما هي مسؤولية المجتمع ككل وعلى رأسه بنك الجزائر، لأن المجتمع ينظر للبنوك وكأنها المؤسسات الوحيدة المعنية بالمعاملات المالية الإسلامية.
أخيرا، للجزائر صلة بالصيرفة الإسلامية من خلال بروز أحد أبنائها في إطلاق هذا النمط حماية لحقوق الجزائريين، إبان الحقبة الاستعمارية، هل من توضيح؟
ذكرت فيما سبق الرجل الفذ إبراهيم أبو اليقضان الذي قدّم مشروعا لإنشاء بنك إسلامي جزائري سنة 1929، والذي رفضته سلطات الاحتلال الفرنسي آنذاك. هذه المعلومة ذات قيمة تاريخية كبيرة لأن عددا من الدول الإسلامية تسعى لحق السبق لهذه الفكرة. يرجع الفضل لاكتشاف هذه الواقعة التاريخية للباحث الجزائري الدكتور عبد الرزاق بلعباس الذي يدرس بجامعة الملك عبد العزيز بجدة، وقد يقوم المجلس الإسلامي الأعلى بطباعة بحثه في كتاب مستقل بعد ما تمّ الحصول على موافقة المؤلف. ولا بأس، أن أذكر أن أول باحث أنجز رسالة ماجستير في البنوك الإسلامية في تاريخ الجامعة ببلاد المال والأعمال (بريطانيا) هو محاورك، وقد نلت على أساسها جائزة أحسن طالب آنذاك سنة 1982. ولا أنسى أن أذكر أن الجزائري يبدع إذا ما توفرت له الظروف المناسبة. أنا متفائل لمستقبل الجزائر التي تزخر بطاقات بشرية هائلة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.