أثار المتعاملون الاقتصاديون المشاركون في الملتقى الدولي حول الاقتصاد غير الرسمي في الجزائر المنظم أمس بنزل الهيلتون إشكالية السوق الموازية باعتبارها عائقا أساسيا للاستثمار والأعمال ودقوا ناقوس الخطر جراء تنامي الظاهرة التي تكلف الخزينة العمومية خسارة كبيرة، بالنظر إلى حجم الأموال المتداولة خارج الإطار القانوني الناجمة عن ممارسات تجارية غير مشروعة، بالإضافة إلى التهريب الضريبي. كان لهذا الملتقى الذي اشرف على افتتاحه وزير التجارة مصطفى بن بادة، والمنظم من طرف نادي «كير» للتفكير حول المؤسسات، ونشطه الخبير البيروفي هيرناندو توسو الذي يعد من ابرز الخبراء العالميين في مسألة إدماج المتدخلين غير الرسميين في المجالات الرسمية للإنتاج والاستيراد محطة حاسمة في كشف خبايا الاقتصاد الموازي وتداعياتها. الجديد في اللقاء أن المنظمين له اختاروا أن تكون المداخلة على شكل حوار أجراه رئيس نادي «كير» مع الخبير العالمي بمنصة هيئت خصيصا لذلك. قدم توسو خبرته التي استفاد منها العديد من الدول التي تعاني إشكالية السوق الموازية كايطاليا ودول من أمريكا اللاتينية كالبيرو، وقد نجحت إلى حد كبير في تقليص انعكاسات الاقتصاد غير الرسمي المترتبة على المنظومة المالية للدول واقتصادها. وطرحت خلال النقاش عدة أسئلة تبحث عن أسباب تفضيل مؤسسات هشاشة الوجود في مجال غير الرسمي على الإطار القانوني لممارسة نشاطها، هل هي ناتجة عن حجم تكاليف التعاملات الذي اثر على اختيار اللجوء إلى المجال غير الرسمي . عرض توسو بعض الوسائل التي تمكن الجزائر من تقليص الممارسة غير الشرعية للنشاطات التجارية، وكيفية جعل النشطين في القطاع غير الرسمي يتخذون قرار العودة للاقتصاد المؤسساتي، من خلال سياسات الإدماج التي طبقت في العديد من الدول أتت ثمارها. مع العلم أن الجزائر شرعت منذ سنين في محاربة الظاهرة، وقد اتخذت عدة إجراءات تضمنها قانون المالية 2011، تنص على التشجيعات والتسهيلات لإدماج الناشطين في التجارة الموازية، من خلال رفع العراقيل البيروقراطية للتسجيل في السجل التجاري بالإضافة إلى تدابير لتقليص الأعباء الضريبية في السنوات الأولى من الممارسة التجارية في الإطار الرسمي، للمساعدة على الاندماج بصفة طبيعية في السوق الرسمية. قدم الخبير توسو بعض الاقتراحات يراها تساعد الجزائر للتقليص قدر الإمكان من السوق الموازية، هذه الأخيرة التي يعتبرها البعض أنها البديل الذي ساهم في التقليص من حدة البطالة، منها تسهيل إجراءات الاندماج في الإطار القانوني، ومحاربة الفساد والرشوة التي لها صلة وثيقة بالاقتصاد غير الشرعي. وقبل ذلك لا بد أن يعرف بالتدقيق الاقتصاد الموازي والعوامل التي تشجع على تناميه منها ظاهرة الفقر وعدم توفر فرص العمل، مشيرا إلى أن في الدول النامية لا توجد رؤية واضحة عن السوق غير الرسمية.