تستوقفنا الأحداث الأخيرة التي شهدها »ملعب 5 جويلية« أثناء مباراة إتحاد الحراش وإتحاد العاصمة مرة أخرى للحديث عن العنف في الملاعب الجزائرية، وهي الظاهرة التي للأسف الشديد تعود من حين لآخر، لتضرب الروح الرياضية في الصميم، في الوقت الذي من المنطقي أن تكون الملاعب مسرحا للفرجة والتنزه والاستمتاع باللقطات الفنية المقدمة من الفريقين. والأخطر من ذلك، أن هذه المرة تجاوز الأمر مسألة المناوشات ليتم الوصول إلى تخريب كاميرات تابعة للتلفزة الوطنية التي كانت تستعمل لتغطية المباراة، وهي سابقة خطيرة في السجل »المؤسف« لما يحدث في ملاعبنا، أين الأمور لا تكون كما نتمناها في بعض الأحيان، رغم الجهود التي بذلت في السنوات الأخيرة على عدة أصعدة في مجال التنظيم، مقارنة بما كان عليه في الماضي... غياب “ثقافة المناصر”... لكن ما حدث لابد أن يتم استغلال دروسه كما ينبغي للتصدي لمثل هذه الأفعال التي شوهت صورة المناصر في أنديتنا.. فملعب » 5 جويلية« الذي في كل مرة يتم إعادة تهيئته ليستقبل المقابلات سواء الوطنية أو الدولية، يتعرض كذلك للتخريب، والآثار ظاهرة في المدرجات العليا من خارج الملعب، حيث تأسف العديد من المارة يوم أول أمس بالديكور الذي أصبح مميزا بسبب خلع الكراسي والذي يتطلب مبالغ كبيرة لإعادتها والسماح للأنصار متابعة المقابلات القادمة. والسؤال الذي يطرح نفسه هو كيف وصلنا إلى رؤية هذه الظواهر السلبية داخل ملاعبنا؟.. فحسب أغلب الاختصاصيين الذين يؤكدون أن غياب »ثقافة المناصر« هي السبب الرئيسي في الأمر الذي نلاحظه، أين تصبح الملاعب فرصة للقيام بكل المظاهر السلبية، وبالتالي التأثير على صورة الرياضة المعروفة عالميا. ووجّه اللوم الكبير للجان الأنصار التي لا تلعب دورها المنتظر منها بسبب نقص التأطير الحقيقي في هذا المجال.. فكان من الضروري أن يتم تأطير كل المناصرين وتلقينهم الأسلوب المؤدي إلى مساعدة النادي لكي يحقق النتائج الكبيرة، وليس بالتصرفات العنيفة التي تضر النادي على كل المستويات. فالدور الكبير يبدأ من لجان الأنصار بحملات تحسيسية جوارية تكون أكثر فعالية، من طرف أشخاص لهم القدرة على تأطير الشبان بشكل كبير.. وبفضل معرفتهم الجيدة لهؤلاء الشبان في الحي، بإمكانهم عدم السماح للأطفال أقل من (15) سنة التنقل إلى الملعب لتفادي الانحرافات والتصرفات غير المقبولة. كما أن الحملات التحسيسية مجال مهم لتوعية الأنصار من خلال وسائل الإعلام المختلفة، أين يتم عرض ومضات أو نشر أقوال بصفة ذكية تجعل المناصر يتأثر مباشرة بالشيء المقدم له، ودفعه على مراجعة سلوكه أثناء وجوده في الملعب. وبالحديث عن وسائل الإعلام، فإن دورها كبير في هذا المجال لتوصيل الرسالة النبيلة للرياضة وإعطائها إطارها المحدد وعدم السير في بعض العناونين التي تعتمد على الإثارة في بعض الأحيان.. أين يتم استهلاكها بطريقة ليست تلك المقصودة.. فترى بعض العناوين في مقابلات مثيرة غير تلك التي نتمناها.. خاصة في تسمية بعض أنصار الفرق بعبارات لا تليق بالرياضة أساسا.. فهذه العناوين تصب في منحى تقديم »المنافس« »عدو« وليس فريق رياضي يلعب فوق الميدان بنفس عدد فريقه المفضل، والذي يكون أحسن هو الذي يكسب!!؟ في حين تبقى الأمور التنظيمية من الأشياء الأساسية أثناء المباريات، حيث أن بعض الملاعب تفتقد لشروط الراحة بالنسبة للأنصار، الذين قد يتوافدون على المدرجات قبل أكثر من (3) ساعات من إنطلاق المباراة.. وفي غياب محلات تجارية ودوريات المياه، فإن ذلك يؤثر على نفسية المناصر ويزيد من النرفزة، لذا سيكون من الأفضل توفير كل هذه الأشياء.. لاسيما في الملاعب الصغيرة، مقارنة بملعب » 5 جويلية« أين وفرت كل هذه الظروف، لكنها لم تسمح للأنصار التركيز على ما يحدث فوق الميدان، وإنما رؤية أشياء أخرى بعيدة عن الرياضة، والتي نتمنى أن تكون الأخيرة.