الجزائر-تونس-ليبيا: التوقيع على اتفاقية انشاء آلية تشاور حول ادارة المياه الجوفية المشتركة    إحباط محاولات إدخال 78 كيلوغراما من الكيف المعالج عبر الحدود مع المغرب خلال أسبوع    السيد عطاف يستقبل رئيس مجلس العموم الكندي    الفريق أول شنقريحة يشرف على تنفيذ تمرين تكتيكي بالرمايات الحقيقية بالناحية العسكرية الثالثة    عرقاب يناقش فرص التعاون والاستثمار مع الشركة البريطانية "هاربور إنرجي"    فلسطين: ترحيب بقرار حكومتي جامايكا وباربادوس الاعتراف بالدولة الفلسطينية    إهمال الأولياء يفشل 90 بالمائة من الأبناء    غائب دون مُبرر: إدارة لاصام مستاءة من بلحضري    نصف نهائي كأس الجمهورية: اتحاد الجزائر – شباب بلوزداد ( اليوم سا 21.00 )    مدرب اتحاد الشاوية السعيد بلعريبي للنصر    الاحتلال الصهيوني يغلق الحرم الإبراهيمي أمام المصلين المسلمين    تمنراست: إرتفاع حصيلة ضحايا ضحايا المرور إلى 9 أشخاص    الطارف: تعليمات باستدراك تأخر إنجاز محطة تحويل الكهرباء بتقيدة    وزير الإشارة العمومية يعطي إشارة الانطلاق: الشروع في توسعة ميناء عنابة و رصيف لتصدير الفوسفات    فيما وضع حجز الأساس لإنجاز أخرى: وزير الطاقة يدشن مشاريع ببسكرة    سوناطراك : توقيع بروتوكول تفاهم مع الشركة العمانية أبراج لخدمات الطاقة    وزير العدل يدشن مقر مجلس القضاء الجديد بتبسة    وزير البريد في القمة الرقمية الإفريقية    وزير الخارجية أحمد عطاف يصرح: الوضع المأساوي في غزة سيبقى على رأس أولويات الجزائر    وزير الداخلية يكشف: تخصيص أزيد من 130 مليار دينار لتهيئة المناطق الصناعية    البروفيسور نصر الدين لعياضي يؤكد من جامعة صالح بوبنيدر    فيما شدّد وزير الشؤون الدينية على ضرورة إنجاح الموسم    اجتماع حول استراتيجية المركز الوطني للسجل التجاري    وزارة الشؤون الخارجية توضّح    مجلس الأمة يشارك في مؤتمر بإسطنبول    الاستخدام العشوائي للنباتات الطبية.. عواقب وخيمة    مولودية الجزائر تقلب الطاولة على شباب قسنطينة وتبلغ نهائي كأس الجزائر للمرة العاشرة    الجزائر تشارك في معرض تونس الدولي للكتاب    تأسيس جائزة وطنية في علوم اللغة العربية    اختتام ملتقى تيارت العربي للفنون التشكيلية    غزّة تحت القصف دائماً    فلاحة: السيد شرفة يبحث مع نظيره التونسي فرص تعزيز التعاون    مباراة اتحاد الجزائر- نهضة بركان : قرار الكاف منتظر غدا الاربعاء كأقصى تقدير    فتح صناديق كتب الشيخ العلامة عبد الحميد بن باديس الموقوفة على جامع الجزائر    قسنطينة: السيد عون يدشن مصنعا لقطع غيار السيارات ووحدة لإنتاج البطاريات    الجامعة العربية تجتمع لبحث تداعيات استمرار جرائم الاحتلال    تقرير دولي يفضح ادعاءات الكيان الصهيوني حول "الأونروا"    تكتل ثلاثي لاستقرار المنطقة ورفاه شعوبها    الرقمنة طريق للعدالة في الخدمات الصحية    غرس 100 ألف شتلة من مختلف الأصناف    العماني: مواقف الجزائر مشرفة في المحافل الدولية    الحاجة الاقتصادية والاجتماعية لضبط عروض التكوين في الدكتوراه    عاصمة البتروكيمياء بلا حظيرة تسلية ولا حديقة حيوانات    سايحي يشرف على افتتاح اليوم التحسيسي والتوعوي    بلومي هداف مجددا في الدوري البرتغالي    تمنطيط حاضرة للعلم والأعلام    الوقاية خير من العلاج ومخططات تسيير في القريب العاجل    رجل الإصلاح وأيقونة الأدب المحلي    ماندريا يُعلّق على موسمه مع كون ويعترف بتراجع مستواه    إشادة ألمانية بأول تجربة لشايبي في "البوندسليغا"    معالجة 245 قضية إجرامية    حج 2024 : استئناف اليوم الثلاثاء عملية حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة    منصّة رقمية لتسيير الصيدليات الخاصة    حكم التسميع والتحميد    الدعاء سلاح المؤمن الواثق بربه    أعمال تجلب لك محبة الله تعالى    دروس من قصة نبي الله أيوب    صيام" الصابرين".. حرص على الأجر واستحضار أجواء رمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأدب في مواجهة الأوبئة
نشر في الشعب يوم 24 - 06 - 2020

قال إميل زولا: «الحقيقة هي أنّ روائع الروايات المعاصرة تقول الكثير عن الإنسان والطبيعة أكثر من الأعمال الجادة للفلسفة والتاريخ والنقد». في هذه الفترة من العزل الصحي يقوم البروفيسور أنطوان كومبانيون رئيس الأدب الفرنسي الحديث والمعاصر بمراجعة للروايات الوبائية العظيمة والدروس، التي يمكن أن نستخلص منها في هذه الفترة التاريخية الاستثنائية.
نعيش اليوم في لحظة استثنائية، كيف نحصل على أقصى استفادة منها؟ بالذهاب والإياب إلى الكتب التي ليس لدينا عادةً الوقت لقراءتها على سبيل المثال الروايات الوبائية العظيمة التي لديها الكثير مما يمكن أن نتعلمه منها مثل «الطاعون» لألبير كامو، ستبقى دائما أعمالا رمزية خالدة .»الطاعون» بالنسبة لكامو هو النازية، حيث تتفاعل الشخصيات بأنانية والبعض الآخر بالإيثار ولا سيما الطبيب ريو. بعض السلوكيات تتغير أثناء الحجر الصحي، وهذا يمكن أن يساعدنا على التفكير فيما نعيشه في الوقت الحاضر.
لقد قمت للتو بإعادة قراءة رواية « Le Hussard sur le toit « للكاتب جون جيونو التي صدرت عام 1951، والتي لم أفتح أوراقها منذ فترة المراهقة. وجدت المكتبات مغلقة، فتّشت عن الكتاب الرقمي فعثرت عليه، ظهرت الأسطر الأولى على الفور على الشاشة، ونحن في لعنتنا الوبائية لسنا بعيدين عن رغباتنا لأن العالم الرقمي يقدم لنا إمكانيات للهروب. بالنسبة إلى الروائي جيونوفالكوليرا هي أيضًا مسألة رمزية: إنّها شخصية شريرة، كما أنها ليست رواية واقعية.
من الواضح أنّ للوباء الحالي كورونا حمولة مجازية تتجاوز مظاهره اليومية: إنّه لا ينفصل عن العولمة المتطرفة على صعيد التبادل التجاري. لقد انتشر الفيروس من خلال ثلاث قنوات رئيسية: النقل الصناعي والسياحة والتجمعات الدينية، فهل يجب إعادة التذكير بذلك.
إنّ كوفيد 19 يؤزّم تفكيرنا بشأن مستقبل كوكب الأرض، تتيح لنا الأدبيات التي تكرّست لتاريخ الأوبئة بإعطاء وباء كورونا معنى يتجاوز تجربتنا المباشرة في احتوائه وتخوفنا من العدوى، سواء كنا معزولين في الحجر الصحي أو نواصل أعمالنا بالخارج، بل أبعد من ذلك حيث متطلباتنا للبقاء على قيد الحياة نحاول تحقيقها.
إذا كان ألبير كامو قد أعطى درسًا في الأخلاق الإنسانية في رواية «الطاعون»، كما جاء ذلك في انتقاد سارتر له، فإنجيونو الذي نُشرت روايته أيضًا بعد الحرب العالمية الثانية كان حريصا على عدم إعطاء دروس أخلاقية. إنّ رواية «لوهوسارد» هي رواية مغامرات يؤكد من خلالها البطل طاقته وحريته ضد كل المتاعب والصعاب، وهي أيضًا قصة حب. الحب والحرية ماذا يمكننا أن نطلب لإعادة تنشيطنا؟ بينما كان الوباء ينتشر والموت يتربّص بالناس كانت الحياة عكس ذلك تنتصر للبقاء.
لقد حان الوقت لكي نتساءل من هم أقرباؤنا الذين سوف نعبر برفقتهم هذه المحنة؟ من سيكون أصدقاؤنا وحلفاؤنا؟ إنّ استعارة كلمة «الحرب» أمر لا محيد عنه، حتى لو كانت هذه العبارة غير مناسبة فقد يتم استخدامها من قبل الجميع لا فرق بين إيمانويل ماكرون ودونالد ترامب. الكل يحتاج إلى حلفاء، من هم الذين تهمّني مصائرهم اليوم؟
طاعون كامو وكوليرا جيونو..إنّها تجارب من الأفضل عدم المرور عليها فرادى بل برفقة جماعية افتراضية أو روحية مع آخرين، كل من روايتي «لوهسار» و»الطاعون»، حيث تجسّد شخصية الطبيب التسامح والحد من الفردانية. هذه التجربة ستغيرنا سوف نخرج منها مختلفين مثل شخصيات هذه الروايات، والآن لقد حان الوقت للتفكير في كيفية تغييرنا، بعد عودتنا إلى الحياة العادية سيكون قد فات الأوان.
دعونا نفكر في الحرب مرة أخرى لطالما كان الأطباء والممرضات وحاملي نقالات المرضى أفضل الشهود، يشاهدون كل شيء خلف الخط الأمامي. اليوم مقدّمو الرعاية والعلاج في الجبهة الأمامية، هؤلاء هم الأشخاص الذين يمكنك مقارنتهم بجيش يحارب عدوًا متسترًا، وبالتالي ليس هناك جدوى من جعلهم مخلصين لنا وصنّاع معجزات، بل من الأفضل تزويدهم بالأقنعة وأجهزة التنفس.
وهذا الوباء كوفيد 19 سينتج بالتأكيد روايات، إنّ أي شيء يخلخل عاداتنا جيد للأدب، الوباء مثل الحرب يعيدك إلى الأساسيات. عندما يضرب الوباء تنتهي عادات الترفيه بالمعنى الذي قدمه باسكال: الوباء هو كل شيء يبعدني عن حالتي العادية الشخصية. بالنسبة لأجيالنا التي لم تعرف الحرب فإن وباء كورونا هو تذكير مؤلم للواقع: إنه يعيدنا إلى حقيقة الموت، لأنّنا لم تعد أكتافنا تحاذي الموت.
إنّنا نخفيها في العجائب وننكرها قدر المستطاع، اليوم لدينا فرصة سانحة للتفكير في حالات وفياتنا التي يحجبها العالم الحديث عنّا. ماذا أقول نحن مضطرون لذلك، سيتأثّر كل منّا في دائرة معرفته بالوفيات ضحايا بالفيروس التاجي.
إنّ البديل لكل شر هو السرد، لطالما جرّب الناس أن رواية القصص هي الدواء الشافي العام، نحن لا نعيش بالفعل حدثًا أيا كان حتى نسرده أو حتى نقرأ القصص التي تسمح لنا بروايته. الأمر متروك لكل منا للعثور على الروايات أو الأفلام أو المسلسلات التي ستساعده على العيش فيما يمر به بمعنى تفريغه في الكلمات، وعلينا أن نسرده أيضا للأطفال.
يمكننا أيضًا قراءة شيء آخر، الشعر على سبيل المثال أو روايات الأمراض، لقد عدت للتو لرواية «الجبل السحري» لتوماس مان التي قرأتها قبل خمسين عاما، إنّها رواية رومانسية أخرى عن العزلة الصحية، هذه المرة بسبب السل. يحدث هذا في مصحة حيث تتنفس الرئتان هواء الجبل النقي والطازج، ولكن هذه العزلة هي أكثر اجتماعية. نتحدث كما في المجموعة القصصية «ديكاميرون» للكاتب الإيطالي بوكا، حيث لجأت سبع فتيات وثلاثة أولاد إلى الريف بعيدًا عن المدينة خلال الطاعون الأسود الذي ضرب فلورنسا في إيطاليا، كل يوم يجب على الجميع أن يحكوا قصة، ووقعوا في الحب، لماذا لا نقرأ أيضا «جناح السرطان» للكاتب الروسي سولجينتسينعن المرض الذي حل محل السل بالنسبة لنا؟
ثم إنها فرصة للتعمق أخيرًا في رواية بروست وهي رواية تليق بالعزلة. يقول اناتول فرانس «الحياة قصيرة جدا ورواية بروست أطول منها»، لكن ليس لدينا المزيد من الأعذار.
ترجمة عن مقالة للكاتب أنطوان كومبانيون عن مؤسسة كوليج دي فرانس أبريل 2020


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.