إقصاء ل 10 سنوات والسجن لمسربي الأسئلة رفعت وزارة التربية، والمختصين، درجة التحذير، من أيّ محاولات تسريب أسئلة البكالوريا عبر شبكات التواصل الاجتماعي، فهي جريمة يعاقب عليها القانون بغرامات مالية وسجن للمتهمين، وإقصاء لمدة 10 سنوات بالنسبة للمترشح لهذه الامتحانات، في حال ثبت تورطه، في أيّ عملية غش. يظهر نشاط بعض الجماعات الإجرامية مع اقتراب مواعيد الامتحانات الرسمية عبر شبكات التواصل الاجتماعي، بنشر مواضيع مزيفة يتم تسريبها للممتحنين على أنّها مواضيع الامتحان لتحقيق الربح السريع ومكاسب مادية على حساب الحالة الذهنية والنفسية للممتحنين، ممّا يوقع التلميذ في شباك تلك الجماعات وقد يكون طرفا في نشر هذه المواضيع المزيّفة ما يجعله مشاركا في الجريمة التي ينجر عنها آثار نفسية على الممتحن وانعكاسات سلبية على نتائج الامتحانات ناهيك عن عقوبات قانونية مترتبة عن تسريب هذه المواضيع. تقول منيرة قدوش مديرة مؤسسة تربوية، إنه قبل التطرق لموضوع تسريب مواضيع الامتحانات خلال الامتحانات الرسمية، لابد أن نفرق بين نشر المواضيع بعد مرور نصف الوقت الرسمي للامتحانات وبين عملية تسرب الأسئلة قبل بداية الامتحانات أو بعد فتح ظرف الاسئلة ببضع ثواني من قبل الممتحنين أو الجماعات الإجرامية للمساس بنزاهة الامتحانات وتحطيم المنظومة التربوية بواسطة استخدام شبكات التواصل الاجتماعي وفي مقدّمتها الفيسبوك. وأشارت إلى أنّ المساس بمصداقية الامتحانات الرسمية قانونيا في عديد المرات، دفع المشرع الجزائري إلى سنّ قانون سنة 2020 تحت رقم 0-20 لوضع حدّ لظاهرة تسريب المواضيع الممتحن فيها قبل وقت الامتحان، وسلط عقوبات صارمة وردعية، حيث نشأت جماعات إجرامية منقسمة إلى قسمين، تنشط المجموعة الأولى على أنّها مجموعات تربوية تقوم بنشر مواضيع مقترحة في المواد الممتحنة هدفها تذليل الصعوبات المعرفية في ظل كثافة المناهج وصعوبة فهم معظمها من طرف التلاميذ مقابل مبالغ مالية معتبرة ترسل إلى حساباتهم البريدية. فيما تقوم المجموعة الثانية بنشر مواضيع مزيّفة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وبالتالي إدخال الممتحنين في دوامة عدم الثقة بمقدرتهم المعرفية والتقيد بما تم إرساله على أنّها امتحانات ويتم حصر معارفهم ومجهوداتهم في تلك المحاور دون التوسع في غيرها، ومن هنا بداية الإشكال فعند استلام مواضيع الامتحان يجد المترشح نفسه أمام مواضيع لم يتم مراجعتها وحفظها وبالتالي يدخل في توتر وتخوّف من عدم النجاح في المادة لذا يقوم إما بالانسحاب من الامتحان، أو يقع في صراع نفسي حاد يجبره على تبني فكرة الغش من أجل تحقيق آماله في النجاح. غش الكتروني من جهته، أكد الدكتور عبد الرحمان بن جدو، مختص في علم اجتماع التربية، أنّه في كل سنة ومع اقتراب امتحان شهادة التعليم المتوسط والبكالوريا يزيد الضغط النفسي على المترشحين سواء النظاميين أو الأحرار وذلك بسبب رغبتهم في النجاح ونشر الفرحة في عائلاتهم، ففي الوقت الذي يبذل الكثير منهم كل مجهودات في التحضير والمراجعة خلال السنة الدراسية نجد أيضا البعض الآخر يفكر في أسهل طريقة للحصول على الإجابة النموذجية، وذلك عن طريق الغش الذي عرف تطورا رهيبا تماشيا مع التطور التكنولوجي في وسائل الاتصال الحديثة، حيث يستخدم المترشحون مواقع التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وفايبر ... وكذلك تطور أجهزة الاتصال كالهواتف النقالة المتطورة وأجهزة السمع اللاسلكية (بلوتوث) عالية الدقة، حتى أصبحنا نشهد ما يسمى بالغش الالكتروني ممّا يدعو المترشحين في بعض الأحيان إلى جلب أكثر من هاتف نقال معه لعله يسعى بفرصة للغش. وفي هذه الظروف، برزت على الساحة عصابات التحايل على التلاميذ التي تعمل على التشويش عليهم من خلال نشر مواضيع للاختبارات الرسمية لها نفس الشكل والإخراج وتدعي بأنّها مسربة من وزارة التربية الوطنية، وهذا أمر يكاد يكون مستحيل نظرا لأهمية هذه الامتحانات وطريقة التحضير التي لا تسمح بأيّ خطأ من هذا القبيل، فلا يستطيع أيّ أحد تسريب أيّ موضوع مهما كان منصبه في الوزارة. ويستعين هؤلاء بمواقع الفيسبوك المزيّفة أو يعتمدون على المواقع الأكثر انتشارا في مجال التحضير للاختبارات الرسمية وهدفها في ذلك المساس بمصداقية الاختبارات، ففي بعض الأحيان تجد المساندة حتى من خارج الوطن، حيث يتم تسيير وتوجيه المواضيع المزيّفة من مواقع يتم فتحها خارج الوطن. بالرغم من وجود بعض التلاميذ الذين ينساقون إلى هذه الدعايات الكاذبة ويروّجون لها أيضا مع زملائهم، لكنّ الأغلبية تدرك أنّها محاولات فاشلة ولا تصغي لها بالا، وهذا ما صرح به الكثير من التلاميذ الذين استجوبناهم حول هذا الموضوع. بالمقابل، تقف وزارة التربية الوطنية وأجهزة الأمن والقضاء بالمرصاد لكل هذه المحاولات بالتصدي لها ومتابعة كل من يحاول أن تسوّل له نفسه التشويش على التلاميذ والمساس باستقرار الوضع في البلاد خاصة في مجال التربية الوطنية. دور الأولياء أساسي من جهته، نائب رئيس المكتب الولائي للجمعية الوطنية لاولياء التلاميذ بتبسة لخميسي عبد الباقي، يرى أنّ نشر مواضيع مزيّفة على أساس أنها رسمية أمر يشوش على تركيز التلاميذ ويشتت انتباههم، ويجعل الطالب يضيع وقته في حلّ مواضيع مزيفة، ويدخل الطالب في حالة إرهاق عندما يكتشف بأنّ الموضوع ليس بالمبرمج ضمن الامتحان الرسمي. ومن هنا نحن كأولياء نطالب السلطات بتشديد الرقابة على الفضاءات الرقمية ومواقع التواصل الإجتماعي، كما دعت الجمعية الأولياء للاهتمام بأبنائهم الممتحنين وتوفير الجو الملائم للإمتحانات بمحاولة إبعادهم عن مواقع التواصل الإجتماعي قدر المستطاع لتجنيبهم الوقوع في فخ المغالطين والمحتالين عبر الفضاء الإلكتروني. كما وجهت نداء للأولياء لعدم الانسياق وراء الامتحانات المزيّفة وتعريض أبنائهم للوقوع في فخ الجماعات الإجرامية التي تقوم بنشر مواضيع مقابل مبالغ مالية معتبرة لا يتوانى الولي في تسديدها في سبيل تذليل الصعوبات أمام ابنه في صورة للجهل بالانعكاسات السلبية لهذا العمل الذي قد يورطه ويورط ابنه في مساءلات قانونية هم في غنى عنها، وفي المقابل، يوجد أولياء لديهم وعي بما يكفي لعدم الانسياق وراء هذه الجماعات الإجرامية التي تهدد أمنهم وأمن أبنائهم والتأكيد على توفير الأجواء الأسرية والنفسية المناسبة لإجراء أبنائهم الامتحانات في أحسن الظروف. إجراءات صارمة لتأمين الامتحانات في إطار تأمين سريان الامتحانات الرسمية لشهر جوان الجاري، وجهت وزارة العدل مذكرة عمل إلى السادة النواب العامين لدى المجالس القضائية بهدف اتخاذ التدابير اللازمة للوقاية ومكافحة جرائم الغش وتسريب مواضيع الامتحانات، لاسيما باستعمال تكنولوجيات الإعلام والاتصال. وقد حثت المذكرة على ضرورة المعالجة القضائية الصارمة عن طريق المتابعة الجزائية الفورية بالتنسيق مع الجهات المعنية من مصالح الضبطية القضائية والهيئة الوطنية للوقاية من الجرائم المتصلة بتكنولوجيات الإعلام والاتصال ومكافحتها. كما طُلب من النواب العامين تنصيب خلية يقظة ومتابعة على مستوى كل مجلس قضائي تحت رئاستهم وعضوية كل من مدير التربية، رئيس الأمن الولائي، قائد المجموعة الإقليمية للدرك الوطني، رئيس المصلحة الإقليمية للأمن الداخلي وكل من له علاقة بالموضوع، لاتخاذ التدابير والإجراءات الاستباقية لمتابعة السير الحسن لهذه الامتحانات. تهدف هذه العملية إلى ضمان مصداقية الامتحانات والعناية بمستقبل التلاميذ لاسيما المشرفين منهم على اجتياز امتحانات هامة.