مجلس الأمن الدولي يخفق في تبني مشروع قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة بسبب الفيتو الامريكي    جامعة: تفويض مدراء المؤسسات الجامعية سلطة التعيين في عدد من المناصب    القمع القانوني ضد الشباب الصحراويين في سجون الاحتلال المغربي من "أخطر أشكال التضييق على الحريات"    السيد سعيود يشرف على اجتماع تنسيقي مع ولاة الجمهورية والولاة المنتدبين ورؤساء الدوائر    كرة القدم/الرابطة الثانية (مجموعة الوسط-الغرب / الجولة الثانية): مواجهة اتحاد الحراش-اتحاد بشار الجديد ستلعب بدون جمهور    المعرض العالمي بأوساكا : عروض حول الاستراتيجية الوطنية في الطاقات المتجددة والهيدروجين الأخضر    منشآت قاعدية: السيد جلاوي يترأس اجتماعا لمتابعة أشغال إنجاز مشروع توسعة ميناء عنابة الفوسفاتي    البليدة: السيد سعيود يسدي تعليمات للإسراع في وتيرة إنجاز مشاريع قطاع الموارد المائية    ألعاب القوى مونديال- 2025: الجزائري جمال سجاتي يتأهل إلى نهائي سباق ال800 متر    الدينار عرف تحسناً مقابل الدولار واليورو    جائزة وطنية للابتكار المدرسي    إرهابي يسلّم نفسه وتوقيف 4 عناصر دعم    الجزائر تشارك في الدورة ال69 بفيينا    ناصري يندّد بالعدوان الصهيوني    عبد اللطيف: نحو تجسيد رؤية عصرية    صندوق الاستثمار يستحدث قطبا تكنولوجيا    الحماية المدنية تنظم حملة تحسيسية    والي الجزائر يتفقد مشاريع المخطط الأزرق    "مغامرات إفتراضية", مسرحية جديدة لتحسيس الأطفال حول مخاطر العالم الافتراضي    كرة القدم/ترتيب الفيفا: المنتخب الجزائري في المركز ال38 عالميا    سجّاتي ومولى يبلغان نصف نهائي ال800 متر    العدوان الصهيوني على غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى65141 شهيدا و 165925 مصابا    هذا جديد الأطلس اللساني الجزائري    البيض : هلاك 4 أشخاص وإصابة 4 آخرين    إيداع شخص الحبس المؤقت بتهمة ترويج المخدرات    الاحتلال يستميت في قتل وجرح وترويع الشعب الفلسطيني    إبادة صحيّة ممنهجة تقتضي تدخل دولي عاجل ج/1    إقرار جملة من الإجراءات لضمان "خدمة نموذجية" للمريض    تعزيز التواصل بين المؤسّسة التشريعية وممثلي المجتمع المدني    "لوجيترانس" لتسيير المعبر الحدودي "مصطفى بن بولعيد"    مهرجان عنابة يكرّم لخضر حمينة ويخاطب المستقبل    فرنسا على موعد جديد مع "رياح خريف" الغضب    آفاق أرحب للشراكة الجزائرية-الصينية في مجال الصحة    استعدادات نفسية وتربوية بعنابة    شاهد آخر على بشاعة وهمجية الاستعمار    التناقض يضرب مشوار حسام عوار مع اتحاد جدة    دعوة لإعادة تكوين السواق وصيانة الطرقات للحد من حوادث المرور    سفير زيمبابوي في زيارة لجامعة باجي مختار    قانون الإجراءات الجزائية محور يوم دراسي    بن سبعيني يتألق أوروبيا ويثير أزمة بسبب ضربة جزاء    براهيمي ينتظر تأشيرة العمل لبدء مشواره مع سانتوس    110 ألف قنطار من البذور تم تحضيرها للموسم الجديد    "الألسكو" في الجزائر لبحث سُبل حماية تراث العرب    إحياء التراث بالحركة واللوحةُ رسالة قبل أن تكون تقنيات    بجاية: العثور على 120 قطعة نقدية من العصور القديمة    الإعلام الافتراضي أحد الأدوات الرئيسة في الصراع العالمي    تحية إلى صانعي الرجال وقائدي الأجيال..    المهرجان الثقافي الدولي للسينما إمدغاسن: فيلم "نية" من الجزائر ينال جائزة أحسن فيلم روائي قصير    يعكس التزام الدولة بضمان الأمن الدوائي الوطني    تمكين المواطنين من نتائج ملموسة في المجال الصحي    انطلاق الحفريات العاشرة بموقع "رجل تيغنيف القديم"    حضور جزائري في سفينة النيل    صناعة صيدلانية : تنصيب أعضاء جهاز الرصد واليقظة لوفرة المواد الصيدلانية    أبو أيوب الأنصاري.. قصة رجل من الجنة    الإمام رمز للاجتماع والوحدة والألفة    تحوّل استراتيجي في مسار الأمن الصحّي    من أسماء الله الحسنى (المَلِك)    }يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ {    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جدارية الألم
نشر في الشعب يوم 06 - 08 - 2022

كانت قريتنا الهادئة على ضفة الوادي الذي يميزه الجفاف الدائم إلا من سيول نادرة، تملأ جنباته أزهار الدفلى وشجيرات الحنضل والحرمل، وبعيدا بعيدا تشاهد أشجار السدر ونبقها الطيب اللًذيذ بجانب عين يسميها العامة عين بنت شهيلي، كنت ألتقي بها عندما تقصد الوادي لجمع بقايا حطب ليتخذ للطهي نارا، بينما نار قلبي كانت متقدة لتطفئها حنان برهة من الزمن، كانت بشعرها الغجري ولباسها الريفي وسذاجة الانثى التي تنقاد بيسر، إلا أن قلبي كانت قد ملكته منذ الطفولة، فكنا قلبين سعيدين نتقاسم قطعة خبز الشعير وكأس اللبن الذي كانت تحضره خلسة، كنت أعشقها حتى الثمالة، وكانت تبادلني نفس الشعور، كانت لطيبتها وكنت لطيبتي كأننا جسد واحد تجلت قدرة الله فينا حبا وكرامة ...
تلك هي أول وآخر إمراه عرفت، ومن خلالها كل النساء، نمارس لعبة الكريدة وننتشي برائحة الغدير ونجري خلف الفراش ننتقل هنا وهناك... هي أسعد اللًحظات البريئة عشناها معا... ولكن عندما كبرنا كبر معنا هم الأيام الحبلى بالمفاجآت، وأنا يتيم لا عائل لي منذ أن فتحت عيناي عليها، كانت تحزن لغيابي الذي كنت فيه أمارس دور العامل على مسرح الحياة..
وتقدم إلى خطبتها ثري وثان وثالث، لكنها سئمت من انتظار طيف ملاك أبيض اللًون على حصان سحري، لكنني كنت عاجزا عن شراء الحصان وعن المجيء وكان كل شيء مؤجل..
إلى متى؟: قالت هي....
فأجبت.. إلى حين!!
وعلامات التعجب كانت بادية على وجوه الحاضرين ممن كانوا يسهرون أمام جدارية عملاقة هي جدارية قريتي الوحيدة، تقع بجانب المسجد العتيق .. كان عناصر المحافظة السياسية يقدمون الى قريتنا ليستغلونها لبث أفلام صامتة حينا وأخرى ناطقة، وكنا نستمتع بها لأنه أول عهد لنا بالسينما...
كان عمي فرحات ببحته الجميلة يطالبنا بالسكوت وكان ببي ( تصغير مبروك) بغليونه يتأفف من النسوة اللًواتي كن لا يسكتن ولكن والحق يقال كلما ظهرت صور المجاهدين أو صورة الرئيس الراحل بومدين، انطلقت منهن زغردة ما بعدها زغردة أعقبها الحاج باش بوابل من طلقات البارود من بندقيته التي يستعملها عادة للصيد.
كانت قريتنا تحتفي بجو كرنفالي منقطع النظير.
وحينما يحل فصل الصيف تبدأ الوفود في القدوم لحضور أكبر كرنفال كانت تحضر له الفرق الفلكلورية بحارة مرزوق وكان مهرجانا يدوم لأيام، كنت مع حنان نتباهى بملابسنا الجميلة وكانت أكثر سعادة مني إلا أن حرقة اللًقاء كانت تحز في نفسها ونفسي ...
ظللنا نقاوم وضعنا، ونحن بين الديوان والجدار ولقاءات حجرة الرومي وعين بنت شهيلي نراوح مكاننا ...
مرت السنون سرعى، وفقدت قريتي أعز ابنائها وخيرتهم، ابتداء من مسعود لمبريطة إلى جلول أشهر عازف للمزود على الإطلاق، أما أنا وحنان فقد صرنا أجمل عروسين ستزفهما القرية في جو كئيب حزين لفقدان سيد الطرب، ومر عرسنا في صمت لم تدق فيه الطبول، وكانت سماء قريتي حزينة تكاد تذرف دموعها على الجدارية التي ألهمتنا السعادة لتستحيل جدارية للألم، ظفرت أخيرا بحنان وظفرت بسعادة بعد عسر شديد لأجد قريتي قد هجرت جدار السعادة ليصبح في كل بيت تلفاز وثلاجة وغسالة، ولتودع قريتي جدارية الألم الى ألم الحياة ...
أما ازهار الدفلى فقد غابت بوادينا لتترك مكانها لأكياس بلاستيكية وبقايا قوارير الخمر والجعة وبقايا حماقات الزائرين ليلا ...
تأملت مليا أمامي وخلفي وقلت لحنان ماذا تتمنين:
فقالت: آه ... لو عادت تلك السنون
لأوقفت العقارب كي لا تسارع الزمن اللًعين وتبقى الفرجة والفرحة في قريتي ولكن ولّت ولن ترجع ولو بعد حين..
فقلت في نفسي: إييييه تلك الأيام
وآه ...! وآه...!
ورحت أزور ذاك الجدار جدار الحنين، لأجد الجدار قد صار حطاما وكومة طين ...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.