ارتفاع في منسوب العنف، كان السمة المميزة لليوم التاسع من الاحتجاجات التي تشهدها فرنسا ضد إصلاح نظام التقاعد الخميس. شهدت العاصمة باريس وعدة مدن فرنسية أخرى، إضرابات وإغلاقات واحتجاجات حاشدة تحت شعار "الخميس الأسود"، رفضاً لقانون إصلاح نظام التقاعد، الذي أقرّته الحكومة قبل أسبوع باللجوء إلى مادة دستورية دون الحاجة لتصويت برلماني. وبحسب الشرطة الفرنسية، فقد شارك في احتجاجات الخميس أكثر من مليون شخص في أكثر من 300 مدينة، فيما قدّرت نقابات ومنظمات مستقلة العدد بنحو 3.5 مليون شخص. والخميس كان تاسع يوم للاحتجاجات يدعو له معارضو إصلاح نظام التقاعد، فيما دعت النقابات الفرنسية إلى يوم عاشر من الاحتجاجات، الثلاثاء المقبل. وحثّت النقابات على التظاهر والإضراب الجزئي عن العمل ردّا على موقف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وحمّلت الحكومة مسؤولية الوضع المتفجر مع تزايد تكاثر أعمال العنف، إذ أعلن وزير الداخلية الفرنسي جيرار دارمانان إصابة 123 شرطي، وتوقيف أكثر من 80 شخصا خلال احتجاجات أمس الأول.وعلّقت رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيت بورن على أحداث الخميس، قائلة إنّ "أعمال العنف والتخريب" التي تخللت التظاهرات "غير مقبولة". ونال ماكرون النصيب الأكبر من غضب المحتجين، الذين حملوه مسؤولية ما تشهده البلاد.ويرفع النظام الجديد سن التقاعد من 62 إلى 64 عاما، فيما أعلن ماكرون أن الإصلاح سيدخل حيّز التنفيذ بحلول نهاية العام، مع تراجع السيولة في صناديق التقاعد وارتفاع سن السكان. وقبل يومين، قال ماكرون تعليقاً على الاحتجاجات المتصاعدة على إقرار التعديل على قانون نظام التقاعد إنه لن يُسمح بأي "جنوح للعنف"، ودعا النقابات للعودة إلى الحوار، مشدّداً على ضرورة دخول القانون حيز التنفيذ قبل نهاية العام الجاري. وشهدت المظاهرات، الخميس، مشاركة لافتة للشباب، وقد تعطلت الدراسة في عشرات من 3750 مدرسة ثانوية وتكميلية ومؤسسة جامعية في فرنسا. كما أثّرت الاحتجاجات بشكل كبير على حركة السكك الحديد وقطارات الأنفاق في باريس، إذ كانت النقابات دعت إلى "يوم أسود" في هذا القطاع. وقالت وزارة التحوّل الطاقوي، إنّ حصول منطقة باريس ومطاراتها على مادة الكيروسين بات مهدّدا بسبب الإضراب في المصافي.وأشارت إلى أنّ الحكومة أصدرت مراسيم لإرغام المضربين على معاودة العمل في مصفاة توتال إنرجي في منطقة نورماندي، التي توقف العمل فيها في عطلة نهاية الأسبوع الماضي. وأعلن المحتجّون أنّ عمليات الإغلاق طالت مستودعات الوقود والموانئ والطرق والمطارات وقطاع الغاز والجامعات، فيما أغلقت المظاهرات الطريق المؤدي لمطار شارل ديغول، شمالي باريس. ونظراً لتراجع إمدادات وقود الطائرات الناتج عن الإضرابات، طلبت الإدارة العامة للطيران المدني من شركات الطيران إلغاء 30 % من رحلاتها المبرمجة أمس في مطار "باريس أورلي"، و20 % من رحلاتها في باقي المطارات، كما تأثر السياح بغلق برج إيفل وقوس النصر وقصر فرساي. هذا، واندلعت الأزمة حينما طرح الرئيس الفرنسي وحكومته رفع سن التقاعد القانوني من 62 عاما إلى 64 عاما. ووصل مشروع القانون إلى مرحلته النهائية حيث كان من المفترض عرضه على تصويت النواب، ويشير التفاف ماكرون باعتماده على المادة 49.3 من الدستور، التي تسمح بتمرير مشروع قانون من دون طرحه على التصويت، إلى فشله في تأمين الأكثرية.