أثارت خطة الاستيطان التي أعلنت عنها حكومة الاحتلال ببناء 3400 وحدة استيطانية بالضفة الغربية بما فيها القدس المحتلّة، موجة إدانة واسعة ورفض دولي لما تشكله من خرق جديد للقانون الدولي، واغتصاب لحقوق الشعب الفلسطيني المهدورة، والتي يواصل الكيان الصهيوني الدّوس عليها لتحقيق غايته في "رؤية الكيان الصهيوني الكبرى". فمن الأممالمتحدة إلى الاتحاد الأوروبي مرور بدول إسلامية ومنظمات جاء التنديد والرفض القاطع للمشروع الاستيطاني الجديد الذي كشفت عنه أول أمس، حكومة بنيامين نتنياهو، والذي يهدد بتقسيم الضفة الغربية إلى جزأين وفصلها عن القدس المحتلّة. وأكد الأمين العام الأممي أنطونيو غوتيريس، أن المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلّة "ترسّخ الاحتلال"، داعيا الكيان الصهيوني إلى وقف خطة البناء الجديدة التي أقرها الاحتلال بالضفة الغربية المحتلّة "على الفور". وقال المتحدث باسمه، ستيفان دوجاريك، في مذكّرة للمراسلين "موقفنا واضح.. إن إنشاء المستوطنات في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية والنظام المرتبط بها يعد انتهاكا للقانون الدولي". وذكرت المذكّرة أن "المستوطنات ترسّخ الاحتلال وتؤجج التوترات وتقوّض بشكل ممنهج إمكانية قيام دولة فلسطينية في إطار حل الدولتين". وأضافت أن "البناء في المنطقة (إي 1) سيفصل شمال الضفة الغربية عن جنوبها مما يقوّض بشدة آفاق إقامة دولة فلسطينية متصلة جغرافيا وقابلة للحياة. ونفس الموقف الرافض عبّرت عنه الممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، التي أكدت أن قرار الكيان الصهيوني المضي قدما في خطة الاستيطان الجديدة والتي تتضمن بناء أكثر من 3400 وحدة استيطانية بالقدس المحتلّة "يشكل انتهاكا للقانون الدولي". وأوضحت كالاس، في بيان نشرته خدمة العمل الخارجي الأوروبي في بروكسل أن "تنفيذ هذه الخطة سيؤدي إلى قطع التواصل الجغرافي والإقليمي بين القدس الشرقية المحتلّة والضفة الغربية وفصل شمال الضفة عن جنوبها بشكل دائم". وجددت دعوة الاتحاد الأوروبي للكيان الصهيوني بوقف أعمال الاستيطان، مشيرة إلى أن "سياسة الاستيطان بما في ذلك عمليات الهدم والنّقل القسري وعمليات الإخلاء ومصادرة المنازل يجب أن تتوقف فورا". وقالت المسؤولة الأوروبية إن "هذه السياسات إلى جانب العنف المتواصل من قبل المستوطنين والعمليات العسكرية، تغذّي حالة التوتر القائمة على الأرض وتضعف أي إمكانية لتحقيق السلام"، معربة عن قلق الاتحاد الأوروبي البالغ من المضي في هذا القرار لما له من تبعات واسعة النّطاق، ومؤكدة ضرورة النّظر في اتخاذ إجراءات لحماية إمكانية تحقيق حل الدولتين. كما أعربت تركيا عن رفضها الشديد لخطة الاستيطان الصهيونية الجديدة باعتبارها محاولة ممنهجة لتقسيم الضفة الغربية وعزلها عن القدس الشرقية وانتهاك واضح وصريح للقانون الدولي.وفي بيان لوزارة الخارجية التركية، أكدت أن هذه الخطوة تتجاهل بالكامل قرارات الأممالمتحدة وتقوّض وحدة الأراضي الفلسطينية، مشددة على أن المشروع الاستيطاني يضرب في عمق أسس حل الدولتين ويبدد آمال السلام. وجددت أنقرة تأكيدها أن إقامة دولة فلسطينية مستقلّة وعاصمتها القدس الشرقية، هو الطريق الوحيد لضمان سلام عادل ودائم في المنطقة، في موقف أكدته أيضا منظمة التعاون الإسلامي، التي حذّرت من خطورة استمرار سياسات الاحتلال الصهيوني القائمة على العدوان والاستيطان والتدمير والتهجير والحصار الصهيوني باعتبارها جرائم ممنهجة تنتهك حقوق الشعب الفلسطيني وتقوّض فرص تنفيذ حل الدولتين، وتكرّس مخططات الضم ومحاولات فرض السيادة الاسرائيلية المزعومة على الأرض الفلسطينية المحتلّة. وطالبت المنظمة المجتمع الدولي بتحمّل مسؤولياته تجاه وضع حد لهذه الجرائم التي يرتكبها الكيان الصهيوني، ومحاسبته وفرض العقوبات عليه بموجب القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية. ويأتي الإعلان عن هذا المشروع الاستيطاني الخطير غداة تصريحات لمسؤولين صهاينة بشأن ما يسمى "برؤية الكيان الصهيوني الكبرى" التي فضحت النّوايا الخبيثة لحكومة نتنياهو في الاستيلاء على كل فلسطيني وأراض عربية، والساعية لتحقيقها بقوة السلاح وانتهاك مختلف القوانين والشرائع. واعتبرت وزارة الخارجية الفلسطينية، هذه التصريحات بأنها اعترافا صهيونيا رسميا بنوايا وأهداف الاحتلال في تصفية القضية الفلسطينية، وابتلاع فلسطين التاريخية وضمها بالكامل، وقالت في بيان لها إن هذه التصريحات إصرار على الطابع الاستعماري العنصري لسياسة الاحتلال خاصة تجاه الدول العربية الشقيقة، وضرب أمنها واستقرارها وتهديد الأمن القومي العربي والوطني لكل دولة، ورأت أن أول المخاطر النّاتجة عن مثل تلك الدعوات التحريضية الاستفزازية ترتبط بمحاولة تصفية حقوق الشعب الفلسطيني وفي مقدمتها الحق في تجسيد الدولة الفلسطينية على الأرض. وطالبت الخارجية الفلسطينية، المجتمع الدولي ودول العالم بالتعامل بجدية مع تصريحات المسؤول الصهيوني باعتبارها "انتهاكا صارخا" للقانون الدولي، و«تحديا سافرا" لقرارات الأممالمتحدة ومحاولة لإخفاء جرائم الإبادة والتهجير والضم وإزاحتها عن سلم الاهتمامات الدولية وإشغال الدول بدوامة لا تنتهي من المواقف والشعارات المضللة لكسب المزيد من الوقت وبأقل الخسائر. وأدانت مختلف الفصائل الفلسطينية مثل هذا المخطط الصهيوني التهويدي الخطير الذي أعلن عنه وزير مالية الاحتلال الفاشي والعنصري، بتسلئيل سموتريتش، والذي يهدف كما ادت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين إلى فرض السيطرة الكاملة والفعلية على الضفة المحتلة وتهجير وطرد أبناء الشعب الفلسطيني من أرضهم، ومصادرة المزيد من الأراضي وإدخال مليون مستوطن جديد إلى الضفّة في إطار مخطط استعماري إحتلالي متدحرج يستند إلى معتقدات دينية تلموذية إجرامية. "اليونيسف" تدقّ ناقوس الخطر مجددا 13 ألف طفل في غزّة يعانون سوء التغذية الحاد حذّر المتحدث باسم منظمة الأممالمتحدة للطفولة "اليونيسف" في فلسطين، كاظم أبو خلف، من أن 13 ألف طفل في قطاع غزّة دخلوا في دائرة سوء التغذية الحاد خلال شهر جيويلة الماضي، في رقم يكشف حالة العجز الدولي في إغاثة طفولة فلسطينية لا ذنب لها من مخالب كيان صهيوني متوحش. وقال أبو خلف، إن 40 بالمئة من الحوامل والمرضعات في غزّة يعانين من سوء تغذية حاد، مشيرا إلى أن دخول 600 شاحنة مساعدات يوميا على مدى أشهر ربما يعيد التوازن إلى القطاع المنكوب والمجوع سكانه. وكانت وكالة الأممالمتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" قد أعلنت في وقت سابق أن درجات الحرارة في غزّة تتجاوز 40 درجة مئوية بما يجعل الوضع المأساوي أكثر سوءا. وحذّرت الوكالة الأممية من أنه مع ندرة المياه المتاحة يزداد خطر الإصابة بالجفاف، مشيرة إلى أن القصف والنّزوح القسري مستمران، وبالتالي فإنه ومع محدودية الكهرباء والوقود لا توجد أي وسيلة للتخفيف من وطأة الحر الشديد. وأفادت "الأونروا" بأنه منذ بدء الحرب نفذت الوكالة أنشطة طارئة في مجال المياه والصرف الصحي والنظافة في جميع أنحاء غزّة، داعمة حوالي 1.7 مليون نازح وشمل ذلك توفير المياه عبر شاحنات نقل المياه والمياه المعبأة. وكانت مصادر طبية قد أفادت في وقت سابق بأن العدد الإجمالي لضحايا المجاعة وسوء التغذية ارتفع إلى 227 وفاة من بينهم 103 أطفال. وتتفاقم الكارثة الإنسانية بشكل غير مسبوق في قطاع غزّة، حيث يستمر تدهور الوضع الإنساني وسط إغلاق كامل للمعابر رغم وجود اتفاق سابق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى لم تنفذه الكيان الصهيوني.