استعرض رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون الرؤية الجزائرية في مكافحة الإرهاب في العالم والقارة الإفريقية تحديدا، في خطاب موجه لمجلس الأمن، حيث قدم الرئيس تبون عرضا شاملا لأهم التحديات التي تواجهها أفريقيا في ضوء المستجدات الدولية الجديدة. كما ذكر بأهمية تنسيق الجهود وتكييفها لتتماشى والتحديات الجديدة التي تفرضها ظاهرة الإرهاب، لاسيما في منطقة الساحل جنوب الصحراء. استعرض رئيس الجمهورية المبادرة الجزائرية لمكافحة الإرهاب وفق نظرة جديدة والتي تمت المصادقة عليها، شهر أكتوبر 2022، من قبل الدول الأعضاء في لجنة الأركان العملياتية المشتركة (CEMOC) والتي تضم كلا من الجزائر ومالي وموريتانيا والنيجر. يرى الدكتور «إسماعيل بوخالفة»، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، أن رئيس الجمهورية وجه رسائل مباشرة لدول العالم، لاسيما أننا نشهد تراجعا في الاهتمام بمحاربة الإرهاب عند بعض الدول وترك الدول الإفريقية تواجه لوحدها هذا الخطر العابر للحدود والقارات. كما أشار رئيس الجمهورية الى بعض الأطراف التي توظف الظاهرة بما يخدم مصالحها وأن هذه الممارسات يجب أن تتوقف. كما أن المبادرة الجزائرية تعكس التجربة والنظر للمستقبل، لأنها تأخذ بعين الاعتبار المتغيرات الدولية، مع ضرورة تنويع الجهود المتبعة في مكافحة الإرهاب من منابعه، مثل التوعية والتنمية الاقتصادية، لأن الدراسات الاجتماعية تؤكد أن الإرهاب انتشاره يكون أسهل في المجتمعات الأكثر فقرا، لاسيما في منطقة الساحل الإفريقي، حيث تستغل الجماعات الإرهابية ظروف السكان المحليين لتجنيد الشباب في صفوفها. محاربة الإرهاب في إطار إفريقي موحد ويتوافق الخطاب الذي قدمه رئيس الجمهورية أمام مجلس الأمن، مع تقريره عن تطوّر التهديد الإرهابي في إفريقيا، وآليات مكافحته، المقدم في القمة الاستثنائية 16 للاتحاد الإفريقي والتي عقدت في مالابو (غينيا الاستوائية)، في ماي من العام الماضي، حيث شمل التقرير ضرورة الاستفادة من التجربة الجزائرية في مكافحة الإرهاب، وتقديم المجتمع الدولي المساعدة للدول الإفريقية للقضاء على الجماعات الإرهابية وتجفيف الإرهاب من المنبع. وفي خطابه قدم رئيس الجمهورية خارطة طريق في إطار الاتحاد الأفريقي للكيفية الواجب اتباعها في مواجهة ظاهرة الإرهاب، لاسيما: وضع خطة عمل جديدة للاتحاد الإفريقي في مجال مكافحة الإرهاب، تفعيل الصندوق الإفريقي الخاص بمكافحة الإرهاب، وضع قائمة إفريقية للأشخاص والمجموعات والكيانات المتورطة في أعمال إرهابية، بما في ذلك المقاتلين الإرهابيين الأجانب، سيد مشروع الأمر بالقبض الإفريقي. وحسب الدكتور بوخالفة، في تصريحات ل «الشعب»، فإن رئيس الجمهورية يؤكد على ضرورة «تنسيق الجهود» في إطار منظمات القارة الأفريقية، وأن مكافحة الإرهاب يجب أن يكون أساسه إفريقيا وبمساعدة دولية، وليس العكس، كما كان واقعا في سنوات ماضية، حينما كانت قوى أجنبية تتدخل بشكل مباشر في مناطق الصراع دونما أن تحل المعضلة، بل أحيانا تلك التدخلات كانت سببا في انتشار ظاهرة الإرهاب بشكل أكبر، وبالتالي فالجزائر اليوم تطرح تصورا جديدا في مواجهة الظاهرة يعتمد على الخبرة التي تمتلكها وتنسيق الجهود على كل الأصعدة الأمنية والقانونية والاقتصادية، وحتى الفكرية، حيث أشار رئيس الجمهورية الى المركز الإفريقي للدراسات والبحوث المتعلقة بالإرهاب ACSRT ومقره الجزائر.