شكّلت برامج الإسكان وترقيتها في الجزائر الشغل الشاغل للحكومات المتعاقبة، من خلال إطلاقها لحُزمة من الإجراءات والتدابير والتشريعات التي تصبُّ في إطار توفير سكنات لائقة للمواطنين وبمختلف الصيغ. سعت هذه التدابير إلى ضمان كرامة المواطن وتحقيق أقصى قدر من الاستقرار الاجتماعي، تضاف الى الشروع في فتح جبهات جديدة على المتاجرين بمآسي المواطن، واللعب على وتر احتياجاته الأساسية من قوتٍ يومي وسكن ووظيفة. بوصلة الإسكان في الجزائر اتخذت اتجاهاً آخر في العقود الأخيرة، واتجهت فيها البرامج الى مناحٍ أخرى لا يقل أهمية عن إنشاء أحياء جديدة ترقى لمستوى مدن متكاملة من حيث الخدمات والمرافق. فقد فتحت الإدارة جبهة جديدة على البنايات الهشّة وتلك الآيلة للسقوط، نظراً لخطورتها على أمن وسلامة المواطنين، باعتبارها سكنات ماسّة بكرامة المواطن من جهة، وعدم قدرتها على الصمود أمام العوامل البيئية والتحديات الهيكلية، بشكل كافٍ من جهة أخرى، كما أن هذه البنايات باتت تشكّل خطرًا كبيرًا على سلامة السكان المقيمين بها وبالسكنات المحيطة بها، وقد تتسبّب في نتائج وخسائر هائلة في حال وقوع كوارث طبيعية أو حوادث. يمكن تصنيف البنايات الهشّة والأحياء القصديرية في الجزائر كأحد الأسباب الحتمية لتوقف الخدمات الحيوية كالمياه، الكهرباء والصرف الصحي، ناهيك عن تنافيها مع أي مظهر من مظاهر التمدّن بسبب غياب مشاريع التهيئة الحضرية والمرافق العمومية الموجّهة للمواطنين، كما يمكن إدراج هذه الأماكن كبؤر سوداء لنمو الجريمة ومناخ مناسب لتطورها، ما يشكّل خطراً آخر على السكان يضاف الى خطر انهيارها في أيّة لحظة. تعدُّ السكنات الهشة إحدى أبرز الأسباب المؤدية للوفاة في المدن الكبرى، والتي تنجم عنها خسائر فادحة في الأرواح في حال وقوع الكوارث الكبرى كالزلازل، الأعاصير والفيضانات الطوفانية، كما أنها قد تؤثر على الاقتصاد المحلي والقدرة على النهوض مجددًا بالمجتمع المتضرّر. يعود سبب انتشار البنايات الهشّة على حواف المدن الكبرى إلى عوامل متعددة، أبرزها الفقر وتدني المستوى المعيشي، إلى جانب موجة النزوح السكاني التي عرفتها الجزائر خلال فترة العشرية السوداء من الأرياف والجبال باتجاه المدن. كما أنّ أغلب السكنات الهشّة قد بُنيت في فترات قديمة تآكل معظمها بسبب عوامل الزمن، في حين ظهرت بنايات أخرى في غفلة من الإدارة، وسوء التخطيط العمراني وسوء الإشراف على المخططات الحضرية للمدن. وتسعى السلطات إلى تعزيز درجة الوعي بين السكان حول السلامة الهيكلية، وكيفية التصرّف خلال الكوارث للتقليل من خطر الانهيارات، وقد رافقت هذه الحملات تعزيز مقدرة البنايات على التحمّل وتدعيم الأطقم البشرية بالمؤهلات والتقنيات الهندسية الحديثة للمراقبة والتفتيش.