عقود توظيف مباشرة لخريجي 2026 في مدرستي الذكاء الاصطناعي والرياضيات    الجزائر تستضيف الدورة ال13 للجنة المشتركة الجزائرية–الفيتنامية    عرقاب: نتائج معتبرة لقطاع المحروقات وتوجه نحو توطين التكنولوجيا وتعزيز الشراكات    أمين عام الأرندي يشيد بمشاريع التنمية في ولايات الجنوب    جريح واحد في انهيار جزئي لبناية قديمة بحسين داي    وزيرة التجارة الداخلية تبحث مع اتحاد التجار والحرفيين انشغالات السوق وتنظيمها    رئيس الصومال ينهي زيارته إلى الجزائر    الجويّة الجزائرية تُجدّد أسطولها    الجزائر تحتضن المؤتمر الإفريقي للمؤسسات الناشئة    انخفاض أسعار المواد المستوردة    فرانك شتاينماير يشكر الرئيس تبّون    هل تُبعث لجنة الفصل في الطلبات مُجدّدا؟    وزير الري يشدد من توقرت على نجاعة التسيير والرقمنة لتحسين الخدمة العمومية للمياه    منظمات دولية تدين تصاعد القمع في المغرب    فوز معنوي.. ومكاسب بالجملة    تتويج كينيا بالمراتب الأولى للسباق    الشرطة تواصل تدخّلاتها    دعوة إلى تعزيز حملات التوعية والكشف المبكر    تأكيد حرص الدولة على مرافقة العائلات المتضررة    التنسيق بين المؤسسات المنتخبة للارتقاء بخدمة المواطن    الجزائر تدعّم الجهود الأممية وترفض التدخّلات الأجنبية    تشخيص دقيق للوحدات الصناعية التي تواجه صعوبات    النخبة الوطنية تواصل تألقها في الألعاب الإسلامية    تفعيل شبكة المنصّات الصحية ذات الأولوية في أقرب الآجال    اعتماد تذكرة موحّدة متعددة أنماط النقل العام القادم    رئيس الجمهورية يعزّي نظيره التركي إثر وفاة 20 عسكريا في حادث طائرة    إعلان قيام دولة فلسطين في الجزائر تتويج لنضال شعبها    20 صحفيا في البرلمان الأوروبي لإسماع صوت الصحراء الغربية    تسرب مياه الصرف الصحي يعمّق معاناة السكان    يوم دراسي حول الامتيازات الممنوحة للحرفيّين    المسؤولية التاريخية لإسبانيا تشمل منطقة شمال إفريقيا بكاملها    إبراز قدرات الجزائر ودورها في تعزيز الإنتاج الصيدلاني قاريا    بيتكوفيتش يحدد إيجابيات ودية زيمبابوي    اللاعبون المحليون يرفعون سقف طموحاتهم في كأس العرب    غلق مؤقت وجزئي لحركة المرور بالعاصمة    العرابي: الشعب الصحراوي هو من سيقرّر مصيره    بن دودة: الجزائر شريك فاعل    بلمهدي يزور معرض الحج    تفتك جائزة "لجدار الكبرى " للمهرجان الثقافي الوطني للأغنية الملتزمة    خنشلة : توقيف فتاة نشرت فيديو مخل بالحياء    الأوضاع الإنسانية بغزة ما زالت مروعة    الجامعة العربية تعقد جلسة حول "التجويع كسلاح حرب"    ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 69182 شهيدا و170694 مصابا    بحث سبل تعزيز التعاون الجزائري-الأردني    نحو تجسيد شعار: "القراءة.. وعي يصنع التغيير"    مساحة للإبداع المشترك    ندوة دولية كبرى حول الشاعر سي محند أومحند    بونعامة يبرز أهمية اعتماد معايير الجودة    بلمهدي يُوقّع اتفاقية الحج للموسم المقبل    أسبوع القافلة السينمائية للأفلام الثورية " من 9 إلى 13 نوفمبر الجاري    إنطلاق "الملتقى الدولي للمبدعين الشباب" بالجزائر العاصمة    الطبعة الرابعة لنصف مراطون "الزعاطشة" ببسكرة    عبد الرحمان بن عوف .. الغني الشاكر    غنى النفس .. تاج على رؤوس المتعففين    فتاوى : واجب من وقع في الغيبة دون انتباه وإرادة    دعاء في جوف الليل يفتح لك أبواب الرزق    مؤسسة Ooredoo تبرم شراكةً رسميةً مع نادي مولودية وهران    تحذيرات نبوية من فتن اخر الزمان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دورة الإبداع لا تكتمل في غياب نقد بنّاء وفعال
القاصة غزلان هاشمي ل"الشعب"
نشر في الشعب يوم 28 - 04 - 2013

أكدت القاصة والأستاذة بجامعة محمد الشريف مساعدية بسوق أهراس غزلان هاشمي في حوار ل"الشعب" أن الممارسة النقدية الجزائرية تنقصها الثقة والجرأة، لذلك لم تتجاوز خطاب الآخر النقدي والثقافي في كثير من الأحيان. وقالت إن النقد ممارسة تهدف إلى دفع المبدع إلى فهم منجزه الأدبي أكثر، ومن ثمة تبصيره ببعض الفلتات التي يقع فيها بغية التوجيه، مشيرة إلى أنها عملية تتعالى عن الانتقاص والتهميش، والقول باستغناء المبدع عن النقد فيه اصطفائية حمقاء لأنه يؤدي إلى النرجسية الثقافية التي تقتل الإبداع ومبدعه معا.
❊ الشعب: كيف تقيمين طبيعة الممارسة النقدية في الجزائر، والتي يقال أنها أصبحت تابعة لمفاهيم ومعايير النقد الغربي؟.
❊❊ غزلان هاشمي: قبل الجواب على هذا التساؤل دعينا نحدد أولا مفهوم التبعية، وإطارها الحقيقي، إذ القول بانفصالية الفكر الإنساني فيه نوع من المغالاة، لأنه قائم في حقيقته على مفهومين: التجاور والتراكم، فأما المفهوم الأول فيفترض الاستفادة العلمية والوجودية المشتركة بين مختلف الآداب والثقافات ضمن حدود حضارات متجاورة زمنيا، وإن اختلفت في جوهر وجودها ورؤيتها وتطلعاتها، وأما المفهوم الثاني فيفترض استفادة كل موجود إنساني أو تكتل حضاري من المنجزات القبلية المتراكمة زمنيا فما الحضارات إلا بناء يقوم على حقيقة الخلف كل وجود إنساني أو ثقافي جديد يخلف سابقه من هنا فادعاء الانفصال والقطيعة لا أساس له، لأن التأثير والتأثر أساس انعطاف العلاقات البشرية نحو الاشتراك المبني على صيغة تفاهم.
لا ننفي حقيقة أن النقد الجزائري انبنى على جملة معايير غربية بل تمثل مرجعياته الفكرية، وهذا ما غيب خصوصية النقد عندنا، بل وفي كثير من الأحيان أثر في عملية التقييم والدراسة، وهذه مشكلة عامة، حيث مركزية الحضور الغربي أضفت إلى خلق وعي يغيب حدود الذات ومنجزاتها، بل وينظر إليها نظرة تحقير في حال المحاولة، من هنا يمكننا القول أن الممارسة النقدية الجزائرية تعوزها الثقة والجرأة لذلك لم تجاوز خطاب الآخر النقدي والثقافي في كثير من الأحيان. ونحن إذ عارضنا المغالاة التي تفترضها الدعوة إلى القطيعة المعرفية لا ندعو إلى نوع من المماثلة والتطابق الذي يقضي على خصوصية المنجز الأدبي والنقدي، وإنما تقبل الأمر تقبلا نقديا، وذلك بالاستفادة التي لا تمحي خصوصيتنا وإنما تؤسس انطلاقا، مما هو واقع آني نحو تحقيق أفق أوسع لتجربة نقدية جزائرية لا تعارض فيها بين المحلي والعالمي، وهذا يتطلب جهودا كبيرة بين كل الهيئات والمؤسسات الثقافية، التي تفترض تقديم توعية شاملة بخصوصية الذات وفق هذا العالم الكوني.
❊ هذا يعني أن النقد الجزائري اليوم يعرف تحولا في المفاهيم التي صارت غير قادرة على مواكبة العصر وتحولاته السريعة والمتجددة؟
❊❊ جواب هذا السؤال يرتبط ارتباطا وثيقا بما قلناه سابقا، فأي نقد يخضع لسلسلة تحولات مفروضة من السياق الثقافي والاجتماعي والسياسي المحلي منه والعالمي، وعدم قدرة النقد الجزائري على مواكبة العصر وتحولاته السريعة نتيجة أمرين: الأمر الأول هو انقسام النقد إلى قسمين: قسم تأثري انطباعي يغيب حدود الموضوعية، إذ لا يرقى إلى مستوى الطرح الأكاديمي، لذلك فهو لا يجاوز الوصف ثم المجاملة أو الهجوم غير الموضوعي، وقسم إجرائي تكثفت فيه المفاهيم النقدية الغربية إلى حد التداخل خاصة مع تضارب الترجمات، وهذا ما جعل النقد عملية استعراضية أكثر منها تدارك وبناء.
وأما الأمر الثاني وهو محصلة للأمر الأول: أن التماثل والتطابق الذي فرضه القسم الثاني أفضى إلى تغييب الوعي بالمساءلة والمراجعة الفكرية لكثير من المفاهيم النقدية المستعارة، إذ تجدها بكامل محمولاتها قد أقحمت بشكل واضح في عملية النقد، حتى تحس أن النص في واد والنقد في واد آخر، وهذا العجز في إدراك المفاهيم وتطويرها أسهم في خلق جو يعم فيه الكسل المعرفي عند الكثير من النقاد الجزائريين، إذ تجدهم يتملصون من متابعة الأعمال الأدبية ويتجهون إلى التنظير فقط.
❊ إلى أي مدى يمكن للناقد أن يساهم في دفع الحركة الأدبية نحو التطور والتجديد، وإثراء الرصيد الأدبي والفكري؟
❊❊ أعتقد بأن دورة الإبداع لا تكتمل في غياب نقد جرئ وفعال، فالنقد ممارسة تهدف إلى دفع المبدع إلى فهم منجزه الأدبي أكثر، ومن ثمة تبصيره ببعض الفلتات التي يقع فيها بغية التوجيه، لهذا فهي عملية تتعالى عن الانتقاص والتهميش وتوجه الذائقة العامة توجيها دقيقا وفعالا، هذا الأمر يفترض المنافسة وتكثيف الجهود من أجل تطوير وتجديد الحركة الأدبية والفكرية، والقول باستغناء المبدع عن النقد فيه اصطفائية حمقاء، لأنه يؤدي إلى النرجسية الثقافية التي تقتل الإبداع ومبدعه معا.
❊ يشير البعض إلى أن النقد في الجزائر أصبح مبنيا على المحاباة، حيث يسهر الناقد على متابعة وقراءة أعمال أصدقائه، ليرتقي به إلى مصاف كبار الأدباء، وإذا ما اختار مجبرا قراءة عمل أدبي لكاتب لا يعرفه، فينكب على عمله نقدا وهجاء، ما رأيكم؟.
❊❊ هذه حقيقة مؤكدة للأسف، وإن كنا نجاوز التعميم ولا نفترضه إلا أن ما نلحظه هو تأسس النقد على سياسة المحاباة والمجاملة، فلا ينظر للعمل الأدبي بإمكاناته الجمالية ولا اعتباراته الإبداعية، وإنما ينظر لشخص المبدع الذي تطلق عليه الكثير من الألقاب الانتقائية على سبيل التفخيم وإن كان لا يستحق ذلك، بل قد تتم وفق هذه النظرة في الاتجاه المغاير تصفية الكثير من الأعمال تصفية فكرية، لحسابات موجودة بين المبدع والناقد في حال العداء، وهذا ما يغيب الموضوعية، ويؤثر على العملية النقدية تأثيرا سلبيا، إذ بقدر إسهامه في تغييب الأصوات الإبداعية الأصيلة، فإنه يروج لأسماء لا تستحق كل هذا التهويل والتطبيل. والأمر كله سيقضي على مصداقية النقد الجزائري.
❊ الكثير من الأدباء يعتبرون النقد انتقاص من مجهودهم، لذلك تتسم العلاقة بين الناقد والمبدع في كثير من الأحيان بالتوتر؟
❊❊ هذا أساسه كما ذكرت سابقا النرجسية الفكرية، فالتعالي هو ما تتسم به مواقف بعض المبدعين، الذين يرفضون توجيه أي ملاحظة تبين عيوب المنجز الأدبي مهما كانت ترهلاته، لذا فهم يفضلون القراءات الشارحة التي لا تجاوز حدود التبسيط الاصطلاحي للنص، والحديث عن سياقاته والتركيز أكثر على مبدعه، لتتحول العملية الإبداعية إلى صفقة شخصية بين الطرفين، وربما تفسير ذلك إضافة إلى ما قلناه هو تعمد بعض النقاد إلى الهجوم غير الموضوعي على العمل الأدبي بطريقة غير أخلاقية، إذ تطال شخصية المبدع في كثير من الأحيان، بوسمه بسمات الانتقاص والدونية، ومن هنا يتحول النقد إلى تصفية حسابات أكثر منه مراجعة. وهذا الأمر معروف أيضا بين النقاد أنفسهم، إذ يغيب الحوار العقلاني الذي يفترض ذكر الإيجابيات ثم الانتقال إلى السلبيات، ويحل محله التراشق اللفظي والملاسنة الكلامية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.