من الجزائر... دعوة لتحويل جرائم الاستعمار إلى مشروع سياسي إفريقي يعيد صياغة موازين القوى    قطاع مراكز الاتصال في الجزائر نحو إقلاع اقتصادي جديد: خطة لخلق 300 ألف منصب شغل بحلول 2029    رئيس الجمهورية يخصص 2000 دفتر حج إضافي لمن تجاوزوا 70 سنة ولم يسعفهم الحظ في القرعة    أرقامي .. خدمة جديدة    24 ألف دينار و18 ألف دينار    عبد اللطيف تلتقي نظيرها البيلاروسي    مهرجان دولي للكسكس    عطّاف يستقبل دي لا كروا    رئيس الجمهورية يعزز الإصلاحات الاجتماعية التاريخية ويدعم القدرة الشرائية للمواطنين    توجيهات الرئيس ورقة عمل لمكافحة الغش والتهريب وضمان مخزون استراتيجي    وكالة الأنباء الجزائرية تطلق قسما باللّغة الصينية    20 سنة سجنا و200 مليون غرامة للسائقين المتهورين    حلول إفريقية لتطبيب أوجاع إفريقيا    وفد الشرطة الصينية يزور مديرية الوحدات الجمهورية ومقر "الأفريبول"    الاحتفال بعشرينية مشروع "Raï'N'B Fever"    تفكيك شبكة إجرامية خطيرة    الرئيس تبون يشدّد على أهمية المؤتمر الإفريقي للمؤسسات الناشئة: "شريان يربط إفريقيا بالعالم"    المقاومة.. فلسفة حياة    أخطاء أينشتاين الجميلة    أديوي: على الأفارقة توحيد صفوفهم    الرئيس يُهنّئ ممثّلي الجزائر    أمطار منتظرة بعدّة ولايات    كأس العرب تنطلق اليوم    تعرّضتُ للخيانة في فرنسا    أكاديميون يشيدون بمآثر الأمير عبد القادر    صالون دولي للصناعة في الجزائر    4 ملايين طفل معني بالحملة الوطنية    توفير أوعية عقارية مهيأة للاستثمار بقسنطينة    متابعة نشاط الغرفة الجزائرية للتجارة والصناعة    لنضالات الشعب الجزائري دور محوري في استقلال دول إفريقيا    انطلاق حملة التلقيح ضد شلل الأطفال    منظمات وأحزاب تدافع عن حقّ الصحراويين    ضرورة استخدام التكنولوجيا في مجال التنبؤ والإنذار المبكر    الرئيس تبون يعزي عائلة العلامة طاهر عثمان باوتشي    الطريق إلى قيام دولة فلسطين..؟!    تصريحاته اعتُبرت مساسًا برموز الدولة الجزائرية وثورة التحرير    حجز مبالغ غير مصرح يقدر ب 15000 أورو    إعلان الجزائر" 13 التزاماً جماعياً للدول الافريقية المشاركة    الروابط بين الشعبين الجزائري والفلسطيني لا تنكسر    المدارس القرآنية هياكل لتربية النّشء وفق أسس سليمة    دعم الإنتاج المحلي وضمان جودة المنتجات الصيدلانية    دورة طموحة تحتفي بذاكرة السينما    مدرب منتخب السودان يتحدى أشبال بوقرة في قطر    محرز يقود الأهلي السعودي للتأهل إلى نصف نهائي    "الخضر"يدخلون أجواء الدفاع عن لقبهم العربي    إتلاف 470 كلغ من الدجاج الفاسد    الفنان عبد الغني بابي ينقل نسائم الصحراء    أسرار مغلقة لمعارض الكتاب العربية المفتوحة!    اللغة العربية والترجمة… بين مقولتين    وفاة مفاجئة لمذيعة شابّة    الخطوط الجوية الجزائرية تصبح الناقل الرسمي للمنتخب الوطني في جميع الاستحقاقات الكروية    قسنطينة تهيمن على نتائج مسابقة "الريشة البرية" الوطنية لاختيار أحسن طائر حسون    البرلمان الجزائري يشارك في الاحتفال بالذكرى ال50 لتأسيس المجلس الوطني الصحراوي    فتاوى    ما أهمية تربية الأطفال على القرآن؟    فضائل قول سبحان الله والحمد لله    هذه أضعف صور الإيمان..    يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مبادرة وطنية تضمّ أرباب العمل والخبراء وال "كناس" لوضع ورقة طريق واضحة المعالم
نشر في الشعب يوم 30 - 01 - 2016

يبرز دور القطاع الخاص الوطني مجدّدا في ظل تداعيات أزمة الصدمة المالية الخارجية، ومن ثمة تقف المؤسسة الإنتاجية والمستثمر الحقيقي على عتبة مرحلة تستدعي الرفع من وتيرة الأداء وتغيير السلوكات. ويسجّل حبيب يوسفي رئيس الكنفدرالية العامة للمؤسسات الجزائرية في هذا الحوار مدى أهمية النسيج الراهن للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، باعتبارها القاطرة التي يمكن الرهان عليها في انجاز النمو، كما يؤكد أن الخيار الأول حاليا التحول إلى تنمية قطاعات الفلاحة والسياحة والصناعة الغذائية بالنظر للإمكانيات التي تتوفر عليها بلادنا، كما يطرح حتمية وجود مناخ ملائم حول المؤسسة باعتبارها مصدر إنتاج الثروة، وضرورة ارتباطها الوثيق بالبحث العلمي من خلال توسيع التواصل مع الجامعات ومراكز البحث، مبرزا أهمية دسترة حرية المبادرة الاستثمارية في التعديلات الدستورية، كما يدعو إلى التوجه إلى لقاء وطني يجمع كافة المتدخلين لرسم ورقة طريق الانتقال الحقيقي إلى اقتصاد بديل.
❊ الشعب الاقتصادي: أين يمكن وضع القطاع الخاص الوطني في المشهد الاقتصادي في هذا الظرف المتميّز بمؤشّرات حمراء نتيجة أزمة الإيرادات المالية الخارجية؟
❊❊ حبيب يوسفي: يتشكّل القطاع الخاص الوطني من المؤسّسات الصغيرة والمتوسطة، إلى جانب عدد من المؤسسات ذات الحجم الكبير. طبيعة هذه الأخيرة السعي لجني الأرباح، بينما المؤسسة الصغيرة هي التي تنتج الثروة وتوفر مناصب العمل، وهي بذلك في مقدمة مسار مواجهة البطالة. لذلك، أرى انه من الضروري أن تسخر لهذه المؤسسات الصغيرة والمتوسطة إمكانيات حقيقية من أجل تجنيدها للمساهمة في الخروج من هذه الوضعية، باعتبار هذا النسيج شريك وله أهمية في بعث النمو الذي يعتبر التحدي الأكبر.
ولبلوغ الأهداف الحقيقية للتنمية، ينبغي إرساء منهجية عمل تقوم على الشفافية بين الشركاء، وترتكز على تنمية مسار التحسيس حول تداعيات المؤشرات السلبية الراهنة وأبعادها، ليدرك كل متعامل مدى صعوبة الظرف وخطورته في المديين المتوسط والطويل، ومن ثمة انخراط كل الفاعلين في ديناميكية الدفع بالأوضاع الاقتصادية الراهنة للخروج من التبعية للمحروقات والاستثمار في قطاعات بديلة تنتج الثروة.
❊ ما هي هذه القطاعات التي تملك فيها البلاد قدرات يمكن الرّهان عليها في ذلك، ومنها الانطلاق في تجسيد التصورات الجديدة لإنجاز النمو وتقليص حدّة الصّدمة الخارجية؟
❊❊ بطبيعة الحال إنّ أول قطاع تتوفّر فيه بلادنا على قدرات تأسيس إقلاع جديد ويمكن الشروع في استثماره بشكل اقتصادي، هو الفلاحة ودمجه في مشاريع صناعية مرتبطة تتمثل في فرع الصناعة الغذائية، إلى جانب السياحة التي لم تستغل بشكل كامل بالنظر لمواردها وتنافسيتها خاصة في ظل أزمة السوق السياحية في العالم، علما أنّ ثروة طبيعية على امتداد 1300 كلم من الشواطئ يمكنها أن تدرّ ثروات مالية، وتحتاج فقط إلى إطلاق استثمارات ملائمة ضمن رؤية مندمجة وذات أبعاد للنمو الوطني.
ولأنّه ليس لدينا القدرة في التأثير على أسعار برميل النفط لكون المعادلة تخضع لاعتبارات تتحكم في خيوطها قوى كبرى من حيث الإنتاج أو رسم السياسات الجيو-استراتيجية الدولية، فإنّ الجزائر قادرة على إعادة تصويب الخيارات ودون انتظار نحو الفلاحة في وقت توجد فيه عوامل نجاح مشاريع واسعة النطاق، أبرزها الأرض الخصبة (مشروع استصلاح مليون هكتار) والمياه، خاصة في الجنوب الكبير الذي ينتظر مجرد إطلاق الإرادة الخلاّقة من طرف متعاملين جادين ولديهم قناعة بالانتقال من مستوى انتظار المشاريع إلى مستوى المبادرة بها.
غير أنّ الاستثمار في الفلاحة لا يمكن أن يستمر بالنمط القديم، وإنما المطلوب الانتقال إلى مشاريع استثمارية عصرية وذات قوة إنتاجية وبالمعايير التنافسية. ويقود هذا حتما إلى تنمية التواصل والتبادل بين المتعامل والمستثمر من جهة والمعاهد والجامعات ومراكز البحث والتنمية من جهة أخرى. فالبحث العلمي يرافق المشاريع من حيث إدخال التكنولوجيات المعلوماتية الحديثة في تجسيد البرامج من حيث التحكم في الكلفة وترشيد النفقات واقتصاد الموارد مثل أنظمة الري وتحويل الماد الأولية إلى منتجات جاهزة للاستهلاك، علما أن للجزائر امكانيات هائلة من الكفاءات التي تبدع وتبتكر، وتحتاج فقط لمن يصغي إليها ويثق في قدراتها.
الفلاحة والصناعة بمثابة شقيقتان تحتاج الأولى للثانية والعكس صحيح، ومن ثمة ينبغي التقريب بين القطاعين من خلال فرع الصناعة الغذائية التحويلية التي تمتص الفائض في الإنتاج، ومن ثمة تقلص من الاستيراد لمواد تحتاج إليها السوق بل والتصدير إلى الخارج، فلا يعقل أن نستمر في استيراد معلبات ومصبّرات “الجلبانة”، الفاصوليا والذرى وغيرها من المواد الفلاحية التي يمكن إنتاجها وتأهيلها محليا. لذلك فإنّ القطاع الخاص مطالب بأن ينفتح للعمل مع الفضاءات الجامعية وفقا لكل تخصص واحتياج من أجل كسب رهان الذكاء الاقتصادي.
وحتى إذا انتعش سعر برميل النفط، فلا يجب أن نتوقف عن الديناميكية الجديدة لإرساء اقتصاد إنتاجي خارج المحروقات، بل المطلوب مواصلة رفع التحدي لتجاوز المنعرج الخطير لتراجع إيرادات البترول والغاز، وكذا حماية تلك الثروة الباطنية للذهب الأسود لفائدة الأجيال القادمة، والتركيز على استخدامها فقط في مشاريع وبرامج ذات جدوى اقتصادية منتجة للنمو.
❊ هل للقطاع الخاص مبادئ لها صلة بالتّوازن الاجتماعي أم “عقيدته” البحث عن الرّبح فقط؟
❊❊ نحن متعاملون مرتبطون بالسيادة الوطنية، ونحرص على حماية مكسب استرجاع السيادة الوطنية القاسم المشترك بين أفراد الشعب الجزائري بكل فئاته ومستوياته، وحيثما كان أبناؤه. لذلك، سنشارك حتما في مسار رفع التحدي بالإمكانيات الموجودة. ولعل هذه الأزمة ستعطي لكل واحد الفرصة للمشاركة في العمل الوطني، وننتظر اتضاح مخطط العمل للخروج من الوضعية الراهنة. إنّ الأمر يستدعي وضع استراتيجية واقعية نكون شركاء فيها من خلال تقديم التصورات والاقتراحات (بالمناسبة ننتظر تنفيذ كافة القرارات التي توصّلت إليها ثلاثية بسكرة).
لدينا كقطاع خاص وطني قناعة بضرورة إشراك كافة المتعاملين في مبادرة وطنية تضم أرباب العمل والخبراء والمجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي، تنتج ورقة طريق متوازنة وواضحة المعالم للسيطرة على تداعيات الظرف، واجتياز المنعرج بأقل الأضرار، وذلك مباشرة بعد تعديل الدستور للدخول في مرحلة الفعالية.
❊ في هذا الإطار، ما رأيكم في التّعديلات الدّستورية المتعلّقة خاصة بالاقتصاد؟
❊❊ ورد في التّعديلات العديد من المزايا مثل دسترة حرية المبادرة الاستثمارية والانفتاح في ظل تعميق مجال الحريات أبرزها حرية التعبير، وتشكّل كلها مصدر قوة للمتعامل. المرحلة تفرض أن يساهم كل واحد أينما كان في التحول الاقتصادي، بعيدا عن عزل أو إقصاء أي قوة خلاقة للثروة، ولذلك من المفيد إقحام كل الكفاءات التي لها دور في إنتاج الثروة الفكرية والمادية والمالية ومتابعة الأسواق وتحلي المؤشرات في هذا المسار، الذي يتطلب بالمقابل وضع كافة المعلومات ورصد التمويلات التي تحرر المؤسسة.
إنّ المؤسّسة الخاصة تحتاج إلى دعم الدولة التي ركّزت على دعم القطاع العام، الذي لا يزال بحاجة إلى تخفيف المحيط حوله خاصة الوصاية البيروقراطية التي تكبل المبادرة الاقتصادية وترهقها. لذلك فإنّ الشّراكة بين العام والخاص آلية إيجابية وخيار فعّال يؤسّس لناتج الثروة وإنجاز النمو، ومن ثمة توفير مناصب وفرص عمل حقيقية والانتشار الدائم في السوق محليا بالوفرة وخارجيا بالتصدير.
كل هذا يمكن أن يتحقّق في ظل مناخ يطبعه الحوار الاجتماعي، لأنّ المؤسّسة مهما كانت تحتاج إلى محيط تفاعلي يرافقها خاصة في مواجهة بعض الصعوبات والمعوقات، في وقت توجد فيه أرضية تساعد على إعادة توجيه بوصلة المؤسسة الإنتاجية وانتشارها عبر التراب الوطني.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.