انعقاد مؤتمر العمل الدولي بجنيف :الجزائر تشارك بداية من اليوم في الدورة    المطالب المشروعة للمعلم..؟!    تفكيك شبكات دولية تقوم بتدبير رحلات إبحار سري    مستغانم : الشرطة تعالج 744 قضية خلال ماي الماضي    ان صالح : مصالح أمن الولاية توقيف شخص بحوزته كمية من الذهب    أسعار كباش العيد محدد حسب الحجم – تتراوح بين 59 و90 ألف دج    العرباوي ترأس اجتماع لمجلس مساهمات الدولة : تحويل أصول عقارية لمؤسسة "ديفندوس" إلى الأملاك الخاصة للدولة    سفيرا إسبانيا وفلسطين يشيدان بجهود الجزائر    الجزائر- كوريا.. آفاق واعدة لتطوير التعاون وشراكة استراتيجية    توطيد علاقة الجيش مع الشعب دحض المكائد وأفشل المؤامرات    كاسنوس الطارف يدعو منتسيبه لتسوية وضعيتهم قبل 30 جوان 2024    سهرات فنية في الطابع الشعبي بمختلف بلديات العاصمة    بعنوان 2024..الإعلان عن قائمة المشاريع السينمائية التي ستستفيد من الدعم العمومي    التحقيق جار لفهم القضية وتطبيق القانون بشكل صحيح وعادل    ورقلة.. برنامج سكني جديد ب 5000 وحدة    نحو إنشاء منتدى حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي    شمال فلسطين .. جبهة ساخنة تزيد من متاعب نتنياهو    انتشال عشرات الشهداء والجرحى من وسط قطاع غزة    عدوانٌ آخر على الشعب الفلسطيني ومقدساته    قسنطينة.. وضع 37 شخصا رهن الحبس المؤقت    دور مهم تلعبه الجزائر في أمن واستقرار المنطقة    تكوين حصري ومجاني لدى مصالح الجمارك    صالون دولي لخدمات الماء بداية من 10 جوان    أسعار الأضاحي تتراوح بين 59 و90 ألف دينار    مسؤول في "صندوق النّقد الدولي" يبرز الأداء الاقتصادي القوي للجزائر    حملة الحصاد والدرس تنطلق بالولايات الشمالية    آليات تسوية المنازعات في مجال الملكية الفكرية    مهرجان الأغنية القبائلية يكرم الفنان أكلي يحياتن    الصناعات التحويلية تجربة رائدة في خفض الواردات    مبابي يبحث عن النجمة المفقودة مع "الديوك"    أول اختبار رسمي بطعم مونديالي لبيتكوفيتش    معاقبة "السياسي" ب 6 مباريات بدون جمهور ومنع تنقّل أنصاره    "الخضر"يسعون لتحقيق الفوز للبقاء في الصدارة    رئيس " الفيفا" يهنئ مولودية الجزائر    "مسيرة الأعلام" عدوان غاشم على الفلسطينيين ومقدساتهم    حملة توعية ضد السمنة وسط الأطفال    جمعية "البدر" تكشف عن مشروع مركز أورام الأطفال بالبليدة    اللقى الأثرية لموقع إنسان تيغنيف تعود إلى 1.2 مليون سنة    التراث في حضرة الفخامة وعرفان لنضال الجزائرية    المهرجان الثقافي بقالمة يتواصل    المقاومة الثقافية في قصيدة « أنغام الجزائر »    تاجرا مهلوسات في قبضة الأمن    وزير الصحة يلتقي سفير كوبا    تخرّج الدفعة العاشرة للمتصرفين الرئيسيين    من أراد الحج فليتعجّل    بيتكوفيتش لتخطي الهواجس القديمة ووضع بصمته مع الخضر    فضل العشر الأول من شهر ذي الحجة    تنظيم الطبعة ال16 للأبواب المفتوحة الوطنية حول الرياضة العسكرية بالجزائر العاصمة    أبي بشرايا البشير: تنازلات خطيرة قدمها نظام المخزن المغربي للكيان الصهيوني        الأونروا تعلن توقف محطات تحلية المياه عن العمل في غزة بسبب نفاد الوقود    هيئة صحراوية تدعو الشركات الأجنبية إلى وقف نهب موارد الشعب الصحراوي والانسحاب من الإقليم المحتل    أول مصنع لإنتاج بلورات الأنسولين في إفريقيا    بحث محاور تعزيز التعاون الصحي بين الجزائر وكوبا    وصول ما يقارب 22200 حاج وحاجّة إلى مكة المكرمة    هذه أسباب تسلّط الجن على بني آدم..    مواقف تَرْبَويّة نبويّة مَعَ الشباب    لا تتبرّكوا بجدار أو باب ولا منبر ولا محراب..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بَيُوع بلا كارطه
نشر في الشروق اليومي يوم 22 - 11 - 2012

حدثني أحد المناضلين الكبار في حزب "حركة انتصار الحريات الديموقراطية" (M.T.L.D) أنه التقى ذات يوم في مدينة قسنطينة الصحافيّ (م.إ) الذي كان معروفا بعلاقاته مع مصالح الاستخبارات الفرنسية، وكان ينقل لها أخبار الوطنيين الجزائريين من أعضاء جمعية العلماء المسلمين الجزائريين وأعضاء حزب حركة انتصار الحريات الديموقراطية في مقابل دراهم معدودات.. وبينما هما يتحادثان أقبل نحوهما شخص آخر يقوم بالمهمة نفسها، أي ينقل للفرنسيين كل ما تقع عليه عيناه من تحركات الوطنيين، وكل ما تلتقطه أذناه من أخبارهم، ولكنه لا يتلقى في مقابل ذلك أي ثمن.. وكان ذلك الشخص مكروها من أكثر الجزائريين لزعمه بأنه أوتي علما لَدُنِّيّا، يعلم به ظاهر النصوص وباطنها، وأنه أوتي الحكمة..
لما وصل ذاك الشخص المكروه إلى حيث يقف ذانك الشخصان (المناضل والصحافي المخبر)، قال الصحافي لذلك المناضل على مسمع ممّن التحق بهما:
ياسي... أنا راني بَيُوع بالكارطه، أي إنني مخبر وعندي بطاقة، وأتقاضى مبلغا من المال في مقابل ما أقدمه للفرنسيين من معلومات، ولكن بعض الناس "بَيُوعين بلا كارطه"، أي مخبرين تطوّعا، لم يُطلب منهم ذلك، وليست لهم بطاقة، ولا يحصلون على مقابل مادي...
لقد تذكرت هذه الحكاية عندما قرأت في جريدة "الشروق اليومي" ليوم الثلاثاء الماضي (20 - 11 - 2012، ص2) أن كاتبين كويتيين "تقيّآ" - أكرمكم الله - كلاما هاجما فيه المجاهدين الفلسطينيين وقادتهم في غزة، واعتبرا جهادهم عن عرضهم وأرضهم "عدوانا" على إسرائيل، والتمسا لها أعذارا، وبرّرا عدوانها على غزة وإخوتنا فيها، من دون تمييز بين طفل وامرأة وشيخ..
إن بعض اليهود من أيقاظ الضمائر وأحياء المشاعر أفضل من هذين الكاتبين وأمثالهما من بني جلدتنا؛ فهؤلاء اليهود الإنسانيو النزعة ينددون بجرائم إسرائيل، ويطلبون محاكمة قادتها المجرمين، ويدعون إلى إزالتها.. فما بال هذين الكاتبين يعميان عن هذا كله، ويدافعان عن إسرائيل الظالمة، التي اغتصبت الأرض، وانتهكت العرض، ودنّست المقدسات، وأخرجت الفلسطينيين من ديارهم، وشرّدتهم في أقطار الأرض.
قد يلتمس المرء عذرا لأناس مبلغهم من العلم قليل، وقدرتهم على التفكير محدودة إن قالوا كلاما غير صائب، أو اتخذوا مواقف غير سليمة؛ ولكن ما هو عذر هين الكاتبين - وأمثالهما - وهما - فيما يبدو- يملكان نصيبا مقبولا من الثقافة، ويستطيعان أن يفكرا - ولو تفكيرا بسيطا - فيما يقرآن، ويشاهدان، ويسمعان، ومع ذلك يكتبان ذلك الكلام الذي يدل على أنهما "بيوعان بلا كارطة"، ويصدق فيهما قول الشاعر العربي الأصيل:
فهذا سابق من غير سين وهذا عاقل من غير لام
.
إن أكثر الناس لؤما وجبنا وخسة هو من يخشى قول الحق، ولو لم يكلفه ذلك القول بلاء لا في النفس ولا في المال، فهو من صنف من عناه الشاعر بقوله:
دع المكارم لا ترحل لبُغيتها واقعد فأنت الطّاعم الكاسي
.
وإن أبخل الناس هو من يبخل على أخيه ولو بكلمة تربط على قلبه، وتثبت فؤاده، وتخفف عنه بعض ما يكابده، وهذا ما جسده هذان الكاتبان اللذان بخلا على "إخوانهما" ولو بكلمة، فهما ممّن:
.لهم حلل حسنّ فهن بيض وأخلاق سمجن فهن سود
.
إن العرب الأقحاح كانوا يقولون:
وظلم ذوي القربى أشد مضامضة على المرء من وقع الحسام المهنّد
.
فإن قال هذان الكاتبان، أو قال مجادل عنهما، إنهما لم يظلما المجاهدين الفلسطينيين ظلما ماديا، قلنا للجميع إن العرب الأقحاح كانوا يقدرون الكلمة حق قدرها، وعلى ضوء ذلك التقدير يصنفون قائلها، ومن أقوالهم في ذلك:
جراحات السّنان لها التئام ولا يلتام ما جرح اللسان
وخزيا وعارا وشنارا لمن يبيعون أقلامهم ولو بغير ثمن، ولا شك في أن في مثل هذين الكاتبين قال الإمام الحكيم محمد البشير الإبراهيمي: "وضع الأجداد العقال للرجل فنقلته الأحفاد إلى الرأس، وعدلوا به من الأباعر إلى الناس، وما بين النقل والنقل ضباع العقل" (الآثار. ذ / 526).
واللهم انصر عبادك المجاهدين في غزة، واخز الخونة في كل مكان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.