على خلاف ما يبدو لأنصار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أنهم في قمة الانتصار مع حلفائهم الصهاينة، على المستضعفين من الفلسطينيين والعرب والمسلمين عامة، هم في حقيقة الأمر في آخر مراحل العلو والفساد التي لن يعرفوا بعدهما سوى الهزيمة والانكسار والنهاية. الفلسطينيون اليوم، والشعوب العربية والإسلامية قاطبة، وإن كانوا في حالة استضعاف وشتات، وإن تمت تلهيتهم بصراعات داخلية مدروسة بدقة، سياسية واقتصادية وأمنية، هم في حقيقة الأمر في مرحلة تنامي الوعي بطبيعة المعركة ونوعية العدو الذي يواجهونه، بل وبنوعية السلاح الذي ينبغي عليهم التمسك به لقلب ميزان القوة لصالحهم واستعادة الحق المغتَصب. لقد ولّت مرحلة اللاوعي، والردود العاطفية، وعدم إدراك نقاط ضعف العدو إِنْ كان إسرائيليا أو أمريكيا أو غيره مِمَّن يتحالف مع هؤلاء.. وحلّت في مقابل ذلك مرحلة إدراك نقاط قوة الأمة، وبدا واضحا لطلائعها في أكثر من مستوى أن هكذا تُستَرد القدس وتُفتح من جديد الأرض المغتَصَبة .. وقد أصبحت كافة القوى المتحالفة مع الكيان الصهيوني، تعلم هذه الحقيقة وتخشاها وتُسارع بالمبادرات تلوى الأخرى لمحاولة استباقها لعلها تتمكن من تحقيق حلم الصهاينة الأول إقامة ما يُسمُّونه ب”اسرائيل” الكبرى من الفرات إلى النيل..قبل فوات الأوان. وبكل تأكيد أن هذه القوى تدري اليوم أن الأوان قد فات بالنسبة لهم لا بالنسبة لنا، لأن ما أقدم عليه “ترامب” هو الإعلان الرسمي عن بداية نهاية الكيان الإسرائيلي وليس العكس. ذلك أنه أكد بما لا يدع أدنى مجال للشك وَهْمَ حل الدولتين ووَهْمَ تقسيم القدس بين الصهاينة والفلسطينيين، ووَهْمَ الأرض مقابل السلام.. وبذلك يكون قد وضع نقطة النهاية لكافة قرارات ما عُرِف بالشرعية الدولية منذ تقسيم فلسطين سنة 1947، إلى اليوم.. ومن هنا ستكون نقطة البداية الحقيقية لاستعادة الحق المغتصب. والبداية هذه المرة ستكون من خلال إشهار سلاح العلم لا سلاح الجهل وسلاح العقل لا سلاح العاطفة. والعلم يقول أنه يمكن كسر ميزان القوة المعرفي كما يمكن كسر ميزان القوة العسكري وتغيير معادلة الصراع التي تحكم الطرفين..! والجيل الجديد المرابط في غزة وفي غيرها يُدرِك هذه الحقيقة وهو يعمل على تجسيدها على أرض الواقع، ولكنه لا يريد أن يسبق القول الفعل… شيء واحد أصبح مقتنعا به: أن الترامبية هي نهاية الصهيونية.