رفع فيلم "أدي غاسي" للمخرج لوفا نانتينيا ينا سقف منافسة الأفلام الوثائقية في إطار أيام الفيلم الملتزم السادسة المستمرة بالجزائر إلى غاية ال19من الشهر الجاري وسط مشاركة 18 فيلما وثائقيا وروائيا، حينما عاد إلى الأزمة الاقتصادية التي تعصف بمدغشقر وتحدّي السكان بابتكار أشياء من العدم. الوثائقي الذي عرض أمس الأولّ بقاعة الموقار بالعاصمة، يقدم في زمن قدره ساعة و25 دقيقة، صورا من حياة المالغاشيين في خضم وضع اقتصادي متدهور، لكن هذه الأزمة لم تخف السكان بقدر ما منحتهم فرصة أخرى للعيش، من خلال شباب طموح يحول الخردة إلى وسيلة لكسب لقمة العيش، وفق الحكمة القائلة:"الحاجة أم الاختراع"، وحاجة الماغلشيين هي أكوام خردة تمكنوا بها من وضع علامة تجارية خاص ببلد فقير "made in madagascar". يجذب الفيلم المتلقي بلوحات ومشاهد من الواقع بمدغشقر، يعتريها الفقر والأمل معا، لكن تحمل بصمة لضجيج وحياة يصنعهما الشباب الذي يصلّح الخردة ويخترع وسائل العيشمن العدم، هكذا أراد المخرج لوفا نانتينياينا أن يرسم واقع الملغاشيين فجلّ ما قدمه في الوثائقي هي أسئلة عن كيفية مواجهة الأزمة الاقتصادية وأجوبة بالصورة والصوت عمّا ينجزه عباقرة في مختلف الفئات العمرية سواء في مجال الحرف والتجارة والفلاحة والصناعات الميكانيكية، حيث تجلت الأمثلة حول إعادة رسكلة المواد من أجل بيعها، كإعادة تطوير المطاط وتحويله وطرق تحصيل الأرز وصناعة الصابون بعد حرق النباتات وصناعة الأحذية من إطار العجلات المنتهية الصلاحية، وكذا ابتكار مصابيح ضوئية من علب حديدية تستعمل في حال الانقطاعات الكهربائية وتحويل عظام البقر إلى أدوية وغيرها من مظاهر التصنيع بعد الرسكلة. اعتمد المخرج في تصوير هذا المزيج الإبداعي على كاميرا متنقلة دخلت قلب القصة ورصدت عن قرب وعن بعد حركات ونشاطات الشباب الملغاشي، وفق أحداث متسلسلة تترك المتلقي يتابع ويتلهف لمتابعة ماذا سيأتي بعد الحكاية الأولى والثانية والثالثة….وهكذا إلى غاية نهاية الفيلم المشابهة لبدايته حينما تحدث الراوي عن سبل الحياة والأمل. كما أنّ تتابع الوقائع الأقرب إلى قصة فيلم روائي رافقتها معزوفات موسيقية محلية مستمدة من التراث الإفريقي العريق تميل إلى موسيقى القناوي المتداولة في الجزائر أيضا وتعبر عن بلد متنوع ثقافيا وفنيا لكن ضعيف اقتصاديا.