عرض أول أمس الفيلم الوثائقي ”أدي غاسي” ضمن فعاليات أيام الفيلم الملتزم السادسة التي تستمر إلى غاية السبت المقبل بالعاصمة الجزائر، سقف المنافسة بعدما كشف المخرج لوفا نانتينياينا صورا خفية عن الشعب الملغاشي. هذا الوثائقي يكشف خبايا ما يحدث في المجتمع الملغاشي الذي يعاني أزمة اقتصادية خانقة، لكن متشبث بالأمل والحياة، فلم تكن الأزمة عائقا أمام شبابه الطموح الذي ابتكر أشياء متعددة وفريدة من نوعها سيرا على درب المثل القائل:”الحاجة أم الإختراع”. ويجسد العمل لوحات ومشاهد من الواقع بمدغشقر، يعتريها الفقر والأمل معا، مع بصمة لضجيج وحياة يصنعهما الشباب الذي يصلّح الخردة ويخترع الوسائل من العدم لتحقيق عيش كريم. هكذا أراد المخرج لوفا نانتينياينا أن يرسم واقع الملغاشيين فجلّ ما قدمه في الوثائقي هي أسئلة عن كيفية مواجهة الأزمة الاقتصادية وأجوبة بالصورة والصوت عمّا ينجزه عباقرة في مختلف الفئات العمرية، سواء في مجال الحرف والتجارة والفلاحة والصناعات الميكانيكية، حيث تجلت الأمثلة حول إعادة رسكلة المواد من أجل بيعها، كإعادة تطوير المطاط وتحويله وطرق تحصيل الأرز وصناعة الصابون بعد حرق النباتات وصناعة الأحذية من إطار العجلات المنتهية الصلاحية، وكذا ابتكار مصابيح ضوئية من علب حديدية تستعمل في حال الانقطاعات الكهربائية وتحويل عظام البقر إلى أدوية، وغيرها من مظاهر التصنيع بعد الرسكلة. اعتمد المخرج في تصوير هذا المزيج الإبداعي على كاميرا متنقلة دخلت قلب القصة ورصدت عن قرب وعن بعد حركات ونشاطات الشباب الملغاشي، وجسدت تفاصيل دقيقة من حياة هؤلاء، وفق أحداث متسلسلة تترك المتلقي يتابع ويتلهف لمتابعة ماذا سيأتي بعد الحكاية الأولى والثانية والثالثة.. وهكذا إلى غاية نهاية الفيلم المشابهة لبدايته حينما تحدث الراوي عن. كما أنّ تتابع الوقائع الأقرب الى قصة فيلم روائي شيّق رافقتها معزوفات موسيقية محلية مستمدة من عمق القارة السمراء تميل الى موسيقى الڤناوي المتداولة في الجزائر أيضا، وتعبر عن بلد متنوع ثقافيا وفنيا لكن ضعيف اقتصاديا. في خضم رحلة المعاناة والصراع من أجل البقاء فتح المخرج نانتينيا نافذة على الموسيقى المحلية، من خلال فرقة موسيقية انطلقت مسيرتها من لاشيء سواء بالآلات أوكتابة الأغاني، ف”جو” أحد أعضائها فنان هاو وصانع آلات موسيقية غريبة، ساعدته موهبته وطموحه في تطوير الفرقة، بهدف ممارسة الفن كوسيلة للتعبير عن هموم الواقع ولحث السكان على مجابهة الفقر وعدم الاستسلام له لأنّه يؤمن باستمرار الحياة.