دورة برلمانية جديدة    مرّاد يستقبل نائب وزير صيني    مقرمان يلتقي أبو غفة    الحلم الإفريقي يولَد في الجزائر    نجاح جزائري إفريقي    أفريكسيمبنك مستعد لدعم مشاريع تقودها الجزائر    معرض التجارة البينية الإفريقية بالجزائر: احتضان الجزائر للطبعة الرابعة هو وليد إصرار رئيس الجمهورية    الجزائر تطالب بوقف الطيش الصهيوني    خيانة المخزن للقضية الفلسطينية تتواصل    مؤسّسة جزائرية تحصد الذهب بلندن    بقرار يتوهّج    آيت نوري ضمن تشكيلة أفضل النجوم الأفارقة    علب توضيب اللّمجة تغزو المحلاّت وتستقطب الأمّهات    تحذير من صفحات إلكترونية محتالة    انطلاق حملة تنظيف المؤسسات التربوية بالعاصمة استعدادا للدخول المدرسي    المنتدى العالمي للبرلمانيين الشباب: إبراز مميزات النظام البرلماني الجزائري وآليات عمل غرفتيه في صياغة القوانين    الديوان الوطني للحج والعمرة يحذر من صفحات مضللة على مواقع التواصل    ورشة تفاعلية بالجزائر العاصمة حول التخصصات التكوينية لفائدة الشباب من ذوي الاحتياجات الخاصة    قمة عربية إسلامية طارئة بالدوحة الاثنين المقبل لبحث العدوان الصهيوني على قطر    الخارجية الفلسطينية ترحب باعتماد الجمعية العامة مشروع قرار يؤيد حل الدولتين    إيمان الدول الإفريقية قوي بالمقاربة الجزائرية    الاحتلال ينتهج سياسة "الأرض المحروقة" في غزّة    الهجوم الصهيوني يضع النظام الدولي أمام اختبار حقيقي    انضمام المجلس الدستوري الصحراوي رسميا    تدابير فورية لمرافقة تصدير الإسمنت والكلنكر    تجسيد ملموس لريادة الجزائر الاقتصادية في إفريقيا    ورقة عمل مشتركة لترقية علاقات التعاون بين البلدين    حجز 3 أطنان من المواد الاستهلاكية الفاسدة بقسنطينة    مخيَّم وطني لحفَظة القرآن وتكريم مرضى السرطان    أمواج البحر تلفظ جثّةً مجهولة الهوية    المجلس الأعلى للشباب : انطلاق فعاليات مخيم الشباب لفئة ذوي الاحتياجات الخاصة بالجزائر العاصمة    قسنطينة : المركز الجهوي لقيادة شبكات توزيع الكهرباء, أداة استراتيجية لتحسين الخدمة    الفنان التشكيلي فريد إزمور يعرض بالجزائر العاصمة "آثار وحوار: التسلسل الزمني"    مناجم : اجتماع عمل لمتابعة مشروع استغلال منجم الزنك و الرصاص تالة حمزة-واد اميزور ببجاية    عميد جامع الجزائر يترأس جلسة تقييمية لتعزيز التعليم القرآني بالفضاء المسجدي    الديوان الوطني للحج و العمرة : تحذير من صفحات إلكترونية تروج لأخبار مضللة و خدمات وهمية    المنتدى البرلماني العالمي للشباب: السيد بوشويط يستعرض بليما تجربة الجزائر والتزامها بدعم قيم العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص    المكمّلات الغذائية خطر يهدّد صحة الأطفال    الجزائر تدعو إلى عملية تشاور شاملة    نحو توفير عوامل التغيير الاجتماعي والحضاري    الرابطة الأولى "موبيليس": فريق مستقبل الرويسات يعود بنقطة ثمينة من مستغانم    مسابقة لندن الدولية للعسل 2025: مؤسسة جزائرية تحصد ميداليتين ذهبيتين    :المهرجان الثقافي الدولي للسينما امدغاسن: ورشات تكوينية لفائدة 50 شابا من هواة الفن السابع    ملكية فكرية: الويبو تطلق برنامج تدريبي عن بعد مفتوح للجزائريين    حج 2026: برايك يشرف على افتتاح أشغال لجنة مراجعة دفاتر الشروط لموسم الحج المقبل    ثعالبي يلتقي ماتسوزو    بللو يزور أوقروت    تكريم مرتقب للفنّانة الرّاحلة حسنة البشارية    عزوز عقيل يواصل إشعال الشموع    "أغانٍ خالدة" لشويتن ضمن الأنطولوجيا الإفريقية    كرة اليد (البطولة الأفريقية لأقل من 17 سنة إناث) : الكشف عن البرنامج الكامل للمباريات    فتاوى : زكاة المال المحجوز لدى البنك    عثمان بن عفان .. ذو النورين    سجود الشُكْر في السيرة النبوية الشريفة    شراكة جزائرية- نيجيرية في مجال الأدوية ب100 مليون دولار    التأهل إلى المونديال يتأجل وبيتكوفيتش يثير الحيرة    "الخضر" على بعد خطوة من مونديال 2026    هذه دعوة النبي الكريم لأمته في كل صلاة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد حربي يجرد الهوية الوطنية من العربية والتاريخ من طابعه الوطني
نشر في الشروق اليومي يوم 21 - 10 - 2008

محمد حربي، بعد أن جرد الهٌوية الوطنية من مفتاحها المتمثل في اللغة العربية واستبدلها بالفرنسية، يناضل الآن من أجل تجريد التاريخ الجزائري من طابعه الوطني ومن انتمائه العربي الإسلامي. يقال إنه أفضل من أرّخ لحرب التحرير الجزائرية. وهذا غير صحيح، فقد قرأت جل كتبه، فمحمد حربي كتب تاريخ الجزائر من منطلق عنصرين:
*
أولا: منظور النخبة لا الطليعة الجزائرية الفرنكفونية، ثانيا: ما كتبه المؤرخون الفرنسيون. قضى سنوات الاستقلال الخمس والأربعين في فرنسا، فعمّق مفهومه الثقافي الفرنكفوني بل الفرنكوفيلي. يأتي محمد حربي من فرنسا ويلقي محاضرة يوم 16/10/2008 في المركز الثقافي الفرنسي بالجزائر، ليطلب من الجزائريين تجريد تاريخهم من طابعه الوطني ومن انتمائه للعروبة والإسلام، ويعيب على مبارك الميلي وأحمد توفيق المدني إبرازهم للبعد العربي الإسلامي للشعب الجزائري. هل المؤرخون الفرنسيون بمن فيهم شارل اندريه جوليان النزيه كتبوا التاريخ مجردا من طابعه الوطني الفرنسي ومن شعورهم كفرنسيين ومن اعتزازهم بفرنسيتهم؟
*
تحدث حربي عن فضائل الاستعمار الروماني بالمغرب العربي، واستشهد بكركلاّ الأمبراطور الروماني الذي منح المواطنة لكل سكان الأمبراطورية الرومانية بعد أن كانت محصورة في الرومان بإيطاليا. ومشكلة حربي أنه يعتمد كليّا على المؤرخين الفرنسيين الذين غطوا الأسباب التي جعلت هذا الأمبراطور ينصف مواطني الأمبراطورية البرابرة. والحقيقة التاريخية تقول أن كركلاّ (211 217 م) من الأباطرة العرب الذين حكموا روما، أبوه سبطيم سفير (193 211م) الذي حكم روما من مدينة لبدة بليبيا، وكلمة سبطيم عربية كنعانية وهي موجودة في قاموس اللغة العربية: جذرها سبط، السٌّباطة: عنقود النخل يكون فيه ثمره، ومنها الأسباط أي الحواريون. أمُّ كركلاّ جوليا عربية كنعانية من مدينة حِمص بسوريا، خالة كركلا اسمها مائسة وهي التي سمته (كُركُ الله) ومعناه بالكنعانية قوة الله، نشأ كركلا في أسرة تتكلم بين أفرادها باللغة الكنعانية الفينيقية لا اللاتينية، ركز على مدينة تبسّة فبنى بها بوابة سورها المشهورة التي حملت اسمه. وقد سادت اللغة الكنعانية بالمغرب العربي كلغة فصحى لغة الحضر والعبادات والدواوين محاطة باللهجات الأمازيغية الشفاهية القحطانية، يقول هنري باسيه Henri Basset »إن اللغة البونيقية لم تختف من المغرب إلا بعد دخول العرب، ومعنى هذا أن هذه اللغة بقيت قائمة هذه المدة بالمغرب، سبعة عشر قرنا وهو أمر عظيم«. الكنعانيون عروبيون أو عرب قدامى وتسميتهم بالساميين غير علمية. وعروبية كركلا هي التي جعلته ينصف المواطنين البرابرة.
*
قضى محمد حربي أربع سنوات بالقاهرة قطباً من أقطاب الحكومة المؤقتة، لم يتعلّم فيها العربية انطلاقا من كونه لا يؤمن بعروبة وإسلام الجزائر، وبقي محصّنا في لغته الفرنسية، كان أمينا عاما لوزارة الخارجية للحكومة المؤقتة، وكان يستقبل السفراء العرب والصحافيين العرب بالقاهرة ويتحدث معهم باللغة الفرنسية بترجمان. وختم هو ورفاقه المفرنسون إقامتهم بالقاهرة بأن وقعوا اتفاقيات إيفيان سنة 1962 بنص واحد مثل الوفدين الفرنسي والجزائري. بينما نجد الفييتناميين وقعوا اتفاقيات جنيف سنة 1954 التي وضعت نهاية للاستعمار الفرنسي ببلادهم بنصين الفييتنامي والفرنسي. ثم دخل هو ورفاقه من صناديد الحكومة المؤقتة سنة 1962 الجزائر فكوّنوا مع مخلفات ديغول من عناصر بروموسيون لاكوست الدولة الجزائرية الفرنكفونية.
*
قبل أشهر شارك محمد حربي في ندوة بالمكتبة الوطنية الجزائرية مع مجموعة من أشباهه تحدثوا بالفرنسية فقط في تاريخ الجزائر الحديث، وكأنهم في فرنسا، وشذّ عنهم الدكتور منوّر مرّوش الوحيد الذي تكلم بالعربية، لأنه خريج جامعة القاهرة وهو أستاذ بجامعة فرنسية.
*
يزعم محمد حربي وغيره أنهم ماركسيون وتروتسكيون لكنهم تنكروا ولازالوا يتنكرون للغة العربية اللغة الوطنية لغة البلاد والعباد، علما أن كل ماركسي بالعالم والتاريخ كان مع هويته الوطنية وثقافته الوطنية ولغته الوطنية، ما عدا الماركسيين الجزائريين الذين كانوا ولازالوا معادين للغة العربية، يزعمون أنهم يساريون تقدميون لكنهم في الحقيقة يمثلون عمق الرجعية التي تعود بالبلاد إلى ما قبل 1954 أي إلى الجزائر الفرنسية. الماركسية أو التقدمية دخلت الجزائر بعد أن مرت على فلتر الفرنكفونية في فرنسا. عندما جاء لينين للحكم أول ما فعله هو رفضه لدعوة بعض رفاقه الطوباويين، كما كان يصفهم، التخلي عن الروسية الفصحى لغة الإقطاع والقيصرية، واعتماد الروسية الشعبية لغة البلوريتاريا كما يزعمون، وقال قولته المشهرة: ينبغي أن نحافظ على لغتنا الروسية الجميلة ونتخذ منها أداة لمحاربة الرجعية والإقطاع، وكوّن المحافظة السامية لمحو الأمية أسند رئاستها لزوجته كوبرسكايا التي أول ما فعلته شنّ حملة تطهير اللغة الروسية من الكلمات الفرنسية، فمن المعلوم أن كل من قرأ روايات الروس الكبار من أمثال تولستوي، ودوستاويفسكي، وبوشكين، وغيرهم يجد في كل صفحة كلمات فرنسية مكتوبة بحروف مائلة. هو شي مينه يقرر بمجرد استقلال بلاده الفتنمة الفورية والشاملة ويقول لمواطنيه: »حافظوا على صفاء اللغة الفييتنامية كما تحافظون على صفاء عيونكم«.
*
محمد حربي وأشباهه هم الذين شوهوا بالفرنكفونية الجزائر، فنتجت بعد الاستقلال لغة التخاطب الجزائرية اللقيطة المرقعة، ولغة تخطاب أي شعب هي وجهه ووجه الجزائر مرقّع.
*
كتابة التاريخ عند محمد حربي بعيدة عن العمق الشعبي الجزائري، أرخ للثورة الجزائرية دون أن يطلع على القصائد الملحمية الشعبية التي خلدت أحداث الثورة من منظور شعبي. كملحمة (حزب الثوار الله ينصر حزب الثوار) التي تعد أبياتها بالآلاف. الثورة الجزائرية لم تسجلها الفرنسية ولا حتى العربية الفصحى، وإنما سجلها الشعر الملحون. فحتى حروب المقاومة سجلها الملحون، فالزجّال بلخير هو الذي خلد ثورة بوعمامة. والزجالون القبايل هم الذين خلدوا أحداث ثورة المقراني. فمما قالوه مثلا:
*
في أربعة أشهر خمدت النار
*
فُكّت سائر الروابط
*
حتى القوية منها
*
تعرّف الجميع على عار الهزيمة
*
نزلت علينا الضرائب بضربات متتالية
*
كل مرة ثلاثون أوقية على الرأس
*
أحضرها أو دبّر راسك
*
باع الناس أشجارهم المثمرة
*
حتى الملابس بيعت
*
كان عصرٌ مرعبا
*
الأرض الخصبة
*
بيعت بأبخس الأثمان
*
مالكها لن يراها أبدا
*
صار لا يملك حتى شاة
*
إنه بائس ويعاني الجوع
*
هي إرادة الله
*
فلنخضع لها.
*
ويقول المداحون عن الشيخ حداد:
*
رأيت الشيخ حداد، هو عالم كامل
*
يحمل المعجزات والمواهب الخارقة
*
أروي لكم كيف سقط بالمعارك خلق كثير
*
وأخيرا استسلم الشيخ حداد
*
فانهار الجبل.
*
وقد عبر زجال عن عدم ملاءمة الزمن لثورة المقراني، فشبه المقراني بالديك الصغير الذي صاح في وقت غير الفجر، فقال:
*
فْريريجْ
*
صاحْ في بوعْريريجْ
*
والحالْ مازالْ.
*
من لم يطلع على ما قاله القوّالون والزجالون الجزائريون لا يمكن له أن يكتب تاريخا صادقا عن المقاومة ولا عن الثورة ولا أن يحس بإحساس الناس المؤمنين بالعروبة والإسلام.
*
الخلاصة: نقول لمحمد حربي المتنكر لمدينة الحرّوش العربية، مسقط رأسه: دعك في فرنسا، لا تأتينا لتلوّث أفكار أبنائنا، المتجمعين والمتخرجين من المدرسة الوطنية، قلعة الهوية الوطنية الجزائرية المؤسسة على العروبة والعربية والإسلام.
*


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.