الجزائر تجدّد التزامها    بورتس: لا مفر من تحرير فلسطين    إنفانتينو يهنّئ المولودية    الخضر يهزمون تونس    صادي يعلن من عنابة عن الانطلاق الرسمي للألعاب الإفريقية المدرسية الأولى    وهران: إسدال الستار على مهرجان الموسيقى و الأغنية الوهرانية    استرجاع "بطاقات امتياز الدخول" من سفارة فرنسا في الجزائر    استشهاد 15 فلسطينيا من منتظري المساعدات في غزّة    الشعب الصحراوي سينتصر لأن العدالة بجانبه    إنقاذ رجل وابنتيه علقوا في البحر شمال شرق تيبازة    الفقيد كان متشبّعا بالوطنية ومؤثّرا في الصحافة الجزائرية    الجزائر تعمّق تواجدها الطاقوي إقليميا    تعاون جزائري إيطالي في الأمن السيبراني و البنى التحتية    هذا الموعد سيكون بوابة لألعاب أنغولا وأولمبياد داكار    سنكون سعداء بتواجد ميسي.. والأمر يعتمد عليه    تحديد موعد لقاءي "المحاربين" ضد بوتسوانا وغينيا    بديل السكر الشائع قد يسبب تلفا في الدماغ    حملات تحسيسية بالمساحات التجارية في البليدة    حالة تأهب ضد تسمم الأطفال بالمنظفات    تعزيز آفاق التنمية وإعادة بعث القطاع الحضري    أزيد من 50 عارضا مرتقبا في صالون الخدمات المالية لدعم الاستثمار بالجزائر العاصمة ابتداء من الثلاثاء    إيصال واستلام الحقائب الدبلوماسية: وزارة الشؤون الخارجية تستدعي مجددا القائم بأعمال سفارة فرنسا بالجزائر    كاراتي دو- بطولة إفريقيا- 2025 (اليوم الثاني): ميداليتان برونزيتان للجزائر في اختصاص الكاتا    الجزائر تعد محركا رئيسيا لتعزيز الاندماج الاقتصادي القاري    فتح نافذة على المعاهد والمدارس العليا الفنية    تأبينية للصحفي الراحل علي ذراع: إشادة بمسيرته الإعلامية ووفائه للوطن    وهران: ضبط أزيد من 18 كلغ من الكوكايين وتفكيك شبكة إجرامية ينطلق نشاطها من المغرب    حملة وطنية لتنظيف الشواطئ من الطحالب البحرية لتحسين جودة البيئة الساحلية    الصالون الوطني للحرفي الشاب بوهران: تتويج سبعة حرفيين في مسابقتي أحسن جناح ومنتوج    المخيمات الصيفية لموسم 2025: استقبال الفوج الثاني من أبناء الجالية الجزائرية المقيمة بالخارج    إنقاذ أب وابنتيه علقوا في البحر شمال-شرق ميناء تيبازة    دعوة مفتوحة للمساهمة في مؤلّف جماعي حول يوسف مراحي    فنان بيروت الذي عزف للجزائر أيضًا    21 فيلما روائيا يتنافس على جوائز مهرجان البندقية    ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الصهيوني على قطاع غزة إلى 59733 شهيدا و 144477 مصابا    الألعاب الإفريقية المدرسية (الجزائر-2025): برنامج ثقافي وترفيهي وسياحي ثري للوفود الرياضية المشاركة    الجزائر-إيطاليا : التوقيع على مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون في مجال البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية    سوناطراك توقّع 4 مذكّرات تفاهم    افتتاح واعد مُنتظر هذا السبت بسطيف    إخماد مجموعة من حرائق الغابات    خطوة أولى في مسار تجسيد منظومة وطنية متكاملة    حماية الطفل واحترام المعلمين واجب لا يقبل التهاون    الرئيس يولي عناية خاصّة لقطاع العدالة    الجزائر تدعو لتعزيز الدبلوماسية الوقائية    الجيش الإسرائيلي المنهك والمستنزف    انطلاق فعاليات الدورة ال28 للمهرجان الوطني للمسرح المدرسي بمستغانم    خضرا: سأعبّر عن استيائي ضدّ الإبادة    الجزائر العاصمة تحيي الذكرى ال185 لميلاد الملحن الروسي الكبير تشايكوفسكي باحتفالية موسيقية    شبكة ولائية متخصصة في معالجة القدم السكري    منظمة الصحة العالمية تحذر من انتشار فيروس شيكونغونيا عالميا    وهران: افتتاح معرض الحرمين الدولي للحج والعمرة والسياحة    هذه حقوق المسلم على أخيه..    النمّام الصادق خائن والنمّام الكاذب أشد شرًا    إجراءات إلكترونية جديدة لمتابعة ملفات الاستيراد    استكمال الإطار التنظيمي لتطبيق جهاز الدولة    رموز الاستجابة السريعة ب58 ولاية لجمع الزكاة عبر "بريدي موب"    أفشوا السلام بينكم    هذا اثر الصدقة في حياة الفرد والمجتمع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شيخ في خانة... "الحماس" في معاداة الاستعمار!
في كواليس التاريخ/ الشيخ المجاهد محمد السعيد الزموشي (2/2)
نشر في الشروق اليومي يوم 19 - 04 - 2010

عشية افتتاح الموسم الدراسي 49 / 1950 حضر الشيخ محمد السعيد الزموشي بندرومة إلى جانب رئيس جمعية العلماء الشيخ البشير الإبراهيمي، حفل تدشين مدرسة عبد المومن بن علي التي أسندت إدارتها إلى الشيخ عبد الواحد بن منصور. وقد خطب بالمناسبة، باعتباره مفتش مدارس الجمعية بالغرب الجزائري(❊).
وفي ربيع 1950 استقبل إلى جانب الشيخ الإبراهيمي دائما الممثل المصري الكبير يوسف وهبي الذي قاد جولة مسرحية عبر بعض المدن الجزائرية لفرقة المسرح القومي رفقة الكاتب والناقد زكي طليمات..
وكان الاستقبال بوهران ثم بتلمسان، بعد أن مرت الفرقة بالعاصمة في منتصف فبراير من نفس السنة.
وقد اكتشف طاقم الفرقة بالمناسبة الوجه الآخر للجزائر المحتلة، والمستوى العلمي الرفيع لشيوخ الجمعية، وعلى رأسهم رئيسها الإبراهيمي الذي لم يخف يوسف وهبي باسم الفرقة إعجابه به.
والجدير بالذكر، أن نشاط الشيخ الزموشي كان يمتد أحيانا إلى المسائل الاجتماعية السياسية، وقد عثرنا في هذا الصدد - ضمن القليل من وثائقه التي تمكنت عائلته من الاحتفاظ بها - على رسالة من صديق بعث بها إلى الشيخ من تبسة، تتناول صفحة من تجربة "الجبهة الجزائرية للدفاع عن الحريات واحترامها"، وهي ائتلاف وطني - إصلاحي - شيوعي تأسس في بداية أوت 1951 على أساس الحد الأدنى من المطالب..
وتتحدث الرسالة عن اختلاف بين ممثلي حزب البيان وممثلي حركة الانتصار والحزب الشيوعي حول نقطتين:
1- قرار حزب البيان الترشيح لانتخابات مجلس الشيوخ، علما أن أحزاب الائتلاف كانت قررت مقاطعة الانتخابات - مؤقتا - احتجاجا على حملة التزوير الواسعة التي أخرجت الحركتين الوطنية والإصلاحية خاصة من سباق تشريعيات يونيو 1951 دون الظفر بأي مقعد..
2- اختلاف على وسيلة مواجهة موقف معيّن لإدارة الاحتلال، بعد أن اقترح ممثلو حركة الانتصار والحزب الشيوعي اللجوء إلى سلاح الإضراب، بينما كان رأي ممثلي البيان أن الأمر لا يستوجب أكثر من الاحتجاج بواسطة البرقيات والتصريحات...
تلقى الشيخ هذه الرسالة من صديقه التبسي في صائفة 1952، قبيل التدشين النهائي لمجمع الفلاح التربوي الذي نظم الاحتفال به في 3 أوت من نفس السنة، كما تؤكد الدعوات التي وجهها الشيخ بالمناسبة باسم المكتب العمالي لجمعية العلماء بوهران.
وفي الموسم الدراسي 54 / 1955 انتدب الشيخ الزموشي للتدريس بمعهد ابن باديس في قسنطينة.. وغداة اندلاع الثورة تمكن من الاتصال بثوار ناحية خنشلة في حمام الصالحين، وذلك في ديسمبر 1954 حسب عائلته. وكان على رأسهم يومئذ الشهيد عباس لغرور أحد نواب قائد المنطقة مصطفى بن بولعيد..
وحسب عائلته دائما، أن الشيخ عاد إلى وهران في صائفة 1955، بأمر من جبهة التحرير الوطني التي كانت يومئذ تكثف من جهودها للانتشار بغرب البلاد، استعدادا لعمليات ليلة الثاني من أكتوبر الموالي، تلك العمليات التي كانت نقلة نوعية في الكفاح المسلح بالمنطقة الخامسة.
إغلاق مبكر.. لمدرسة الفلاح
كانت إدارة الاحتلال بوهران تعرف سوابق الرجل جيدا، فكانت مدرسة الفلاح لذلك في طليعة المدارس التي تم إغلاقها بدءاً من ربيع 1956. أي بعد فترة وجيزة من إصدار جمعية العلماء في 7 يناير من نفس السنة بيانها الشهير، المساند بوضوح لجبهة التحرير والأهداف التي تكافح من أجلها.
ولم يمض وقت طويل حتى اعتقل بمستغانم، حيث كان في مهمة تفقدية.. وقد عذّب بوكر "شاطوناف" المشؤوم بوهران عذابا أفقده 30 كلغ من وزنه.. وبعد ذلك حبس بسجن قصبة المدينة، وإلى غاية 12 سبتمبر كان مايزال هناك، كما تدل على ذلك رخصة الزيارة التي منحت لزوجته وابنتيه فتيحة وصليحة.
بعد أربعة أشهر تحصل على الإفراج المؤقت بفضل استماتة المحامي "توفني" الذي اغتالته المخابرات الفرنسية لاحقا بالمغرب.
لكنه أصبح يواجه تهديدات غلاة المستوطنين صباح مساء تقريبا، ما جعل جبهة التحرير تعجّل بإجلائه إلى المغرب في أكتوبر الموالي.. وسط صعوبات جمّة..
وما لبثت التهديدات أن طالت أفراد عائلته بمجرد علم مصالح الأمن باختفائه، لاسيما بعد التحاق ابنته فتيحة بجيش التحرير وأسرها بعد حين.. لذا قررت الجبهة إلحاق عائلته به كذلك.. وتم ذلك على مرحلتين.. بدأت بإبنه الصغير منير الذي كان صغره يعرّضه للخطر أكثر من غيره، ثم بقية الأسرة: الزوجة وابنتيها صليحة وخديجة والإبن الكبير جمال، وقد سافرت العائلة إلى وجدة بواسطة القطار، بفضل الحصول على جوازات سفر مغربية تحمل إسم عائلة عبد النبي..
الأمن الفرنسي.. يلاحق الشيخ بالمغرب!
التحق الشيخ بمكتب جبهة التحرير في الرباط بعض الوقت، حيث استطاع أن يربط علاقات ود واحترام مع حاشية الملك محمد الخامس.. ولم ينج هناك من "اهتمام" المخابرات الفرنسية! كما تدل على ذلك برقية بعث بها المقدم فوركاد قائد درك قسنطينة إلى "المصالح المختصة" في 15 يوليو 1957، يشير فيها إلى احتمال تعيين الشيخ مدرسا بالمسجد الكبير في العاصمة المغربية، قبل أن ينبّه إلى "أن الرجل متحمّس في عدائه لفرنسا، ومن ثمة ينبغي مراقبته عن كثب"
مكث شيخنا بالرباط نحو سنة، ليعود إثرها إلى وجدة مكلفا بالوعظ والإرشاد في مراكز جبهة وجيش التحرير.. من وجدة إلى الناظور مرورا بكبداني.. أي الاضطلاع بمهمة أساسية في حروب المستضعفين خاصة، ألا وهي التعبئة المعنوية والروحية..
في وجدة تذْكُر إبنته خديجة أن والدها كان يحرص على اصطحابها إلى المدرسة بزيّه التقليدي.. كانت يومئذ في سن الثامنة، فرأت في زي والدها نوعا من النشاز وسط محيط يغلب عليه الزي الأوربي!
لاحظ الوالد ذات يوم أنها غير مرتاحة لذلك، فأفهمها بلطف: "إن الإنسان بفكره وعقله وليس بمظاهره".. وقد رفع عنها الحرج بهذا الدرس الثمين، فأصبحت شديدة التعلق بصحبته!
واصل الشيخ مهامه في التعبئة المعنوية بالمناطق الحدودية الغربية الشمالية، إلى أن فاجأه المرض.. وما لبث أن أجهده فقعد طريح الفراش.. وقد لقي أثناء مرضه ما يستحق من الرعاية، لاسيما من قيادة أركان الغرب وعلى رأسها العقيد هواري بومدين.
ولما اشتد عليه المرض نقل إلى العلاج بمدينة القنيطرة شمال الرباط، وهناك رأت الهيئة الطبية نقله إلى سويسرا.. وحسب عائلته أنه رفض ذلك بعد أن رأى في منامه الشيخ ابن باديس وهو يدخل القسم ويمسح السبّورة ثم يخاطبه قائلا: لقد تغيّر البرنامج! تعال معي!
والتحق فيه برفيقه الأول في الرسالة التربوية يوم 13 سبتمبر 1960. وكنت عناصر هيئة الأركان العامة بوجدة في مقدمة مودّعيه إلى مثواه الأخير، بدءاً ببلقاسم الشريف وبوتفليقة ومدغري وبوبكر القاضي..
وفي أجواء احتفالات الذكرى الثانية لعيد الاستقلال سنة 1964 نقلت رفاته إلى وهران، حيث يستريح منذ ذلك الحين بمقبرة عين البيضاء التي تشاء الصدف أن تحمل نفس إسم مسقط رأسه عين البيضاء..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.