المجلس الشعبي الوطني: بوغالي يجتمع برؤساء الكتل البرلمانية    بشار..وضع أربعة قطارات لنقل المسافرين حيز الخدمة على خط بشار- العبادلة – بشار    سوناطراك ومجموعة سهيل بهوان يبحثان مخطط تطوير شركة الأسمدة الجزائرية العمانية    محكمة العدل الدولية: تواصل الجلسات العلنية لمساءلة الكيان الصهيوني بشأن التزاماته تجاه المنظمات الأممية في فلسطين    مستغانم: حجز أزيد من 1.6 مليون قرص مهلوس قادمة من ميناء مرسيليا    السفير الفنزويلي: العلاقات الجزائرية الفنزويلية نموذج للتعاون المثمر والمتنامي    عيد الأضحى: وصول باخرة محملة ب31 ألف رأس غنم قادمة من رومانيا إلى ميناء وهران    غرداية : وفاة 6 أشخاص وإصابة 14 آخرين بجروح في حادث مرور خطير قرب المنصورة    مجلس الأمن: 120 صراعا مستمرا حول العالم والنازحون قسرا يحلمون بأمل العودة    تشيلي: حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير مبدأ راسخ في القانون الدولي    رئيس الجمهورية يتسلم أورق اعتماد خمسة سفراء جدد لدى الجزائر    المركز الإقليمي للطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة : تنصيب الجزائري زهير حامدي مديرا تنفيذيا جديدا    .لتعزيز قدراته المالية ودعم تمويل الاقتصاد الوطني..البنك الوطني الجزائري يرفع رأسماله الاجتماعي ب100 بالمائة    قسنطينة.. إحياء الذكرى ال 64 لاستشهاد البطل مسعود بوجريو    عين تموشنت.. مشروع لربط الحاجز المائي بمنطقة "دزيوة" بمشروع نظام السقي – تافنة    للوقوف في وجه المخططات التي تحاك ضد الأمة..تنويه بدور الجزائر في دعم العمل العربي المشترك    عناية رئاسية بالثانويات المتخصّصة    الجزائر تسير برؤية واضحة لتنويع اقتصادها وشركائها    خطوط مباشرة جديدة نحو إفريقيا وآسيا الشتاء المقبل    تنصيب مجلس وطني للوقاية الصحية والأمن هذه السنة    تطوير الاستعجالات أولوية قصوى ضمن استراتيجية الإصلاح    قلعة للتكوين وضمان الجاهزية    توجيهات لتعزيز الجاهزية في خدمة الحجّاج    الجزائر قوة صناعية صيدلانية في إفريقيا    الكشف عن الوجه الهمجي للاستعمار الفرنسي    التحرّك الفوري لفتح المعابر والسماح بإدخال الوقود    نجم بن عكنون يعود لقسم النخبة    120 نشاط في الطبعة الثانية لمهرجان الرياضات    اللقاء الجهوي الرابع للصحفيين والإعلاميين: دعوة إلى تطوير منظومة التكوين لمواكبة التحولات الرقمية    كيليا نمور تحصد المعدن النفيس في عارضة التوازن    ليفربول يهدّم قاعدة الإنفاق الضخم بالبريميرليغ    طاقة: عرقاب يستعرض مع سفيرة البوسنة والهرسك فرص التعاون الثنائي    إطلاق مسابقة الرواية القصيرة للكاتبات الجزائريات    نحو قراءة جديدة لمسارات التجربة ورهانات الحاضر    تمديد آجال الترشح إلى 15 ماي 2025    شهر التراث: افتتاح معرض "تراثنا في صورة" بالجزائر العاصمة    دعوة الآباء لتشديد الرقابة على أبنائهم    تأريخ لأسماء من الرعيل الأوّل    كرة القدم/ الرابطة الاولى موبيليس (تسوية الرزنامة): تأجيل المباراتين المقبلتين لشباب قسنطينة    أدرار : التأكيد على أهمية استغلال الذكاء الإصطناعي في تثمين التراث المخطوط    مطار باتنة الدولي: انطلاق أول رحلة لنقل الحجاج نحو البقاع المقدسة يوم 15 مايو المقبل    قوجيل يهنئ البطلة الأولمبية كيليا نمور لتألقها في كأس العالم للجمباز بالقاهرة    صناعة صيدلانية: وضع حجر الأساس لمشروع وحدة للعلاج بالخلايا قريبا    الجمباز الفني/كأس العالم: الجزائرية كايليا نمور تحرز فضية الحركات الارضية    ندوة علمية بالعاصمة حول مخطوط "كتاب القانون في الطب" لابن سينا    صفية بنت عبد المطلب.. العمّة المجاهدة    بوغالي: تاريخ الجزائر مصدر فخر    ترحيل 182 عائلة متضررة من انزلاق التربة بوهران إلى سكنات جديدة بمسرغين    ربيقة: على جيل اليوم التحلي بإرادة رجال نوفمبر    الجوع القاتل يجتاح غزّة    وزارة الصحة: لقاء تنسيقي لتقييم أداء القطاع    مولودية وهران تتنفس    انطلاق أشغال الاجتماعات الدورية للمنسقين الإذاعيين والتلفزيونيين ومهندسي الاتصال العرب بالجزائر العاصمة    الجزائر حاضرة في موعد القاهرة    هذه مقاصد سورة النازعات ..    هذه وصايا النبي الكريم للمرأة المسلمة..    كفارة الغيبة    بالصبر يُزهر النصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عندما تُرفع أعمالنا إلى الله
نشر في الشروق اليومي يوم 18 - 05 - 2017

الله –جلّ وعلا- عليم بأعمال وأقوال وأحوال عباده، ومطّلع عليها في كلّ حين وكلّ آن، ولا يخفى عليه منها شيء، يعلم ما تكنّه الصّدور كما يعلم ما تقترفه الجوارح، لكنّه –سبحانه- خصّ أياما ومواسم معيّنة وشرّفها لتكون محلا لعرض أعمال عباده المسلمين، ليقبل منها ما شاء ويردّ ما شاء سبحانه، وهذا العرض هو عرض تشريف لمن اجتهد في طاعة الله وازداد قربا من خالقه ومولاه، وعرض توبيخ لكلّ عبد قصّر في جنب ربّه، وغفل عن التقرّب والتودّد إليه جلّ شأنه.
في كلّ اثنين وخميس، من كلّ أسبوع، تعرض أعمال عباد الله المسلمين على الله، فيأذن سبحانه بقبول ما كان خالصا صوابا منها، ويردّ ما لم يكن لوجهه الكريم، أو كان على غير الصّفة التي شرعها في كتابه وعلى لسان وسيرة نبيّه عليه الصّلاة والسّلام، وربّما يرجئ أعمال بعض العباد ويؤخّر قبولها، لأنّ أصحابها لا يزالون مصرّين على هجر وقطيعة إخوانهم المسلمين، روى الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: "تُعرض أعمال النّاس في كلّ جمعة (أي في كلّ أسبوع) مرّتين، يوم الاثنين ويوم الخميس، فيُغفر لكلَ رعبد مؤمن إلا عبدا بينه وبين أخيه شحناء، فيُقال: اتركوا هذين حتى يفيئا (أي يصطلحا)".
هذا عرض يكون كلّ أسبوع، وهناك عرض أعمّ وأشمل، يكون مرّة كلّ عام، في شهر شعبان الذي نعيش الأسبوع الأخير منه، فعن أسامة بن زيد -رضي الله عنه- قال: قلت يا رسول الله، لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان؟ قال: "ذلك شهر يغفل الناس عنه، بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى ربّ العالمين، فأحبّ أن يرفع عملي وأنا صائم" (رواه أبو داود و النسائي وصححه ابن خزيمة).
أيام شهر شعبان تكاد تنقضي لتفسح المجال لشهر رمضان، ولا ندري إن كانت أعمالنا قد عُرضت على العليم الخبير أم أنّها لا تزال لم تعرض بعدُ؟.. أعمالنا التي عملناها بين رمضان العام الماضي ورمضان هذا العام، جليُّها وخفيها، صغيرها وكبيرها، حسنها وسيّئها، تعرض على العليم الخبير سبحانه.. فيا سعادة من عمل الصالحات وتاب عن الزلات، ويا فضيحة من أتى المعاصي والمنكرات وغفل عن التوبة حتى رفعت أعماله ربّ البريات.
كان نبيّ الهدى -صلّى الله عليه وآله وسلّم- يحبّ أن يُرفع عمله وهو صائم، وأن يطّلع اللّطيف الخبير على عمله الذي هو أشرف وأرفع الأعمال، وهو –عليه السّلام- صائم خاضع لله؛ فكيف هي أحوالنا ونحن نستعدّ لوداع شعبان واستقبال رمضان؟ هل يستشعر الواحد منّا أنّ أعماله ترفع هذه الأيام لتعرض على الواحد الديّان؟ هل يشعر بالحياء والخجل والوجل من الله وهو يتذكّر ذنوبه التي أتاها في الخلوات، ويتذكّر الصّلوات التي أخّرها حتى خرج وقتها، ويتذكّر أنّه لم يصم بعد رمضان العام الماضي ولو يوما واحدا يبتغي المثوبة من الله، ويتذكّر تلك الكلمات السيئة التي نطق بها لسانه، وتلك النّظرات التي قلّبها في العورات، ويتذكّر تأفّفه من كلام أمّه وضجره من نصائح وطلبات أبيه.
والله إنّه لموقف عظيم حين تُعرض أعمالنا على خالقنا سبحانه. لو كان الواحد منّا يعلم أنّ عمله سيُعرض على ملك من الملوك أو حتى على أحد والديه، لاستعمل كلّ الطّرق والوسائل ليمحو الأعمال السيّئة التي لا يحبّ أن يطّلع عليها غيره، فلماذا لا نفكّر في التّوبة ومحو أعمالنا السيّئة ونحن نعلم أنّ أعمال العام تُعرض في شهر شعبان على الله، وأعمال الأسبوع تُعرض كلّ اثنين وخمس؟.
أخي المؤمن.. أعمالك التي عملتها خلال العام المنصرم عرضت أو ستعرض هذه الأيام على الله، فيا ترى كم صلاة ضيّعت خلال هذا العام؟ وكم مرّة ختمت القرآن؟ وكم ليلة قمت في جوف الليل ولو بركعتين، وكم مرّة بكيت لله؟ وكم يوما صمت تبتغي الأجر والمثوبة من الله؟ كم دينارا تصدّقت به في سبيل الله أو على الفقراء من أقاربك وجيرانك؟ كم مرّة قبّلت رأس أبيك ويد أمّك؟ كم مرّة أدخلت السّرور على قلبيهما بهدية أو جولة أو حتى كلمة طيّبة أو ابتسامة حانية؟ كم مرّة أمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر في بيتك؟ كم مرّة عاتبت زوجتك وأبناءك وبناتك على الصّلاة؟ كم مرّة زجرت أبناءك عن السّهر خارج البيت؟ كم مرّة أنّبت وزجرت بناتك على لبس الضيّق والقصير وعلى متابعة المسلسلات وسماع الأغنيات؟ كم مرّة دعوت الله لإخوانك المسلمين المكلومين والمضطهدين؟.
إنّ الواحد منّا إن لم يستحِ من عرض أعماله على الله في هذه الدّنيا فيتوب ويؤوب لتُمحى سيّئاته وغدراته وفجراته، فإنّه سيأتي عليه يوم بعد الموت، يقف في عرصات القيامة للعرض ((يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ))، ويأخذ كتابه، فيجد فيه كلّ أعماله، صغيرها وكبيرها، عظيمها وحقيرها، فيتعجّب من سعته ودقّته ويجد نظراته وهمساته وكلّ أعماله التي كان يستخفي بها ويظنّها هيّنة، فيقول: ((مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا))، ثمّ يكون العرض على الله، فيقف العبد ذليلا منكّس الرّأس بين يدي الواحد الديّان جلّ في علاه، وقلبه يكاد يتفطّر حياءً وخجلا من الله، بسبب تلك الأعمال السيّئة التي لم يتب منها في الحياة الدّنيا، ويزداد الحياء والخجل عندما يُختم على لسانه وتنطق جوارحه بما اقترفه في الحياة الدّنيا ولم يتب منه: ((الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون)).
كان الصّالحون من عباد الله يعرفون لشعبان قدره، وكانوا يجعلونه شهرا يتوبون فيه إلى الله، ويرقّقون فيه قلوبهم استعدادا لرمضان، وكانوا يقولون: شهرُ رجب هو شهرُ الزرع، وشهرُ شعبان هو شهرُ سَقْي الزرع، وشهرُ رمضان هو شهْرُ حَصادِ الزرع، بل كانوا يشبّهون شهرَ رجب بالريح، وشهرَ شعبان بالغيم، وشهْرَ رمضان بالمطَرِ، ويقولون: "مَن لم يَزْرعْ ويَغْرِسْ في رجب، ولم يَسْقِ في شعبان، فكيف يريد أن يحْصدَ في رمضان؟!".
فيا أخي المؤمن.. ماذا أنت فاعل فيما بقي من أيام هذا الشّهر إن كنت تريده أن يكون زادا لك لاستقبال رمضان.. إذا كنتَ تريد أن يكون رمضان هذا العام هو رمضانَ الذي تسعد به في الدّنيا والآخرة، ورمضانَ الذي يكون بداية لحياة جديدة، فابدأ من الآن، احمل همّ عرض أعمالك على الله، تُب إلى الله من كلّ ذنوبك، وابدأ بالاستعداد لرمضان من الآن، اعقد العزم على أن لا يدخل رمضان إلا وقد لان قلبك بعد طول قسوة، واعتدت الصّلاة في بيت الله، وبدأت تتصفّح كتاب الله.. لا تستقبل رمضان بقلب قاسٍ ونفس غافلة، لا تستقبله ولسانك جافّ من ذكر الله وتلاوة كلامه.. إنّ رمضان هو جنّة الشّهور، لا يوفّق لها إلا من حمل همّها واستعدّ لها.. فإياك أخي والغفلة في هذه الأيام.. روّض نفسك بدءًا من الآن على الصّلاة في بيت الله، وعلى تلاوة جزء من القرآن يوميا، وعلى قيام الليل ولو بركعتين بين أذان الفجر الأوّل والثاني.. صم أيام الاثنين والخميس من هذا الشّهر.. وكن متلهفا لرمضان، سائلا الحنّان المنّان أن يبلّغك شهر الغفران والعتق من النيران بقلب ليّن وروح خاشعة.. اللهمّ بلّغنا رمضان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.