حادث سقوط حافلة بوادي الحراش: جثامين 3 ضحايا يوارون الثرى بمقبرة بسكرة    حادث سقوط حافلة بوادي الحراش : وفد عن المجلس الشعبي الوطني يزور المصابين بمستشفى زميرلي    عطاف يتلقى مكالمة هاتفية من نظيره المصري    سكك الحديدية : التصريح بالمنفعة العامة لإنجاز شطرين من الخط الجزائر العاصمة-تامنغست    جنوب افريقيا تجدد موقفها الثابت الداعم للقضية الصحراوية في كل المحافل القارية والدولية    العدوان الصهيوني : 112 طفلا يدخلون دائرة سوء التغذية يوميا في قطاع غزة    الأمم المتحدة ترحب ب "الحوار البناء" خلال قمة ترامب وبوتين بألاسكا    حادث سقوط حافلة بوادي الحراش: سايحي يقف على الوضعية الصحية للمصابين    تلمسان: مساع حثيثة لتحسين التزود بالمياه الصالحة للشرب وترشيد استهلاكها    حج 2026: وكالات السياحة والأسفار مدعوة للتسجيل وسحب دفتر الشروط    مدن مغربية تنتفض..    بوقرة: هدفنا التتويج    الخضر يتعثّرون.. ولا بديل عن هزم النيجر    هذا جديد مسابقة مساعدي التمريض    هذا موعد مسابقة بريد الجزائر    تكثيف الرقابة في الأسواق    أسبوع رعب في الجزائر!    دربال يؤكّد ضرورة ربط القصور بشبكة التطهير    زيد الخير يلتقي المصلح    تمديد التسجيل في حملة تجنيد الكفاءات    رئيس الجمهورية يعزّي أسر ضحايا حادث سقوط حافلة لنقل المسافرين في مجرى وادي الحراش بالجزائر العاصمة    تكثيف العمل الرقابي الميداني لضمان الاستقرار في الاسواق    رئيس المجلس الاسلامي الأعلى يجري بالقاهرة محادثات مع أمين عام الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة    31 دولة عربية وإسلامية تدين بأشدّ العبارات تصريحات ما يسمى رئيس وزراء الكيان بشأن "وهم" "إسرائيل الكبرى"    قندوسي يتحدى ويصرّ على "الكان" والمونديال    بونجاح يصاب وقد يغيب عن مواجهتي بوتسوانا وغينيا    مشاريع واعدة للربط بالألياف البصرية ومحطات الهاتف النقال    اليمين المتطرّف الفرنسي يدفع ثمن حملته الحاقدة على الجزائر    قلق متصاعد على حياة الأسير القائد مروان البرغوثي    انتخابات بلدية اليوم في ليبيا    المخزن يقود مشروع تخريب ممنهج ضد أبناء الريف    إحباط تداول 1.8 مليون يورو مزوّرة    ترسيخ أفضل السلوكيات للاستهلاك العقلاني للماء    التقيّد بالتعليمات الوقائية لتفادي حرائق الغابات    لوحات وحرف وحكايا وإبداعات أخرى    نسيمة بن سالم تقدم جديدها لقرائها    رحيل المخرج السينمائي والتلفزيوني القدير نور الدين بن عمر    مكسب استراتيجي ورؤية حكيمة    بوابة نحو عصر رقمي جديد أم عبء صحي صامت..؟    توطيد التعاون الجزائري المصري للتصدّي للفتاوى المتطرّفة    وضع استراتيجية تعليمية لرفع وعي الشباب بتاريخهم    "الفاف" تتحرك وتنقذ أندية جزائرية من عقوبات "الفيفا"    فتح باب التسجيل للوكالات السياحية في حجّ 2026    كأس العالم لكرة اليد أقل من 19 سنة: الجزائر تفوز على الاوروغواي (32-27) و تحتل المركز 27    رئيس المجلس الاسلامي الأعلى يجري بالقاهرة محادثات مع أمين عام الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة    كرة القدم/ "شان-2024" /المؤجلة إلى 2025 /المجموعة الثالثة/: الحكم الكاميروني عبدو ميفير يدير مباراة الجزائر-غينيا    كرة القدم/ملتقى حكام النخبة: اختتام فعاليات ملتقى ما قبل انطلاق الموسم الكروي لفائدة حكام النخبة    المخرج التلفزيوني والسينمائي نور الدين بن عمر في ذمة الله    صناعة السيارات: تمديد التسجيل في حملة تجنيد الكفاءات إلى غاية 21 اغسطس    حج 2026: وكالات السياحة والأسفار مدعوة للتسجيل وسحب دفتر الشروط    متى تكون أفريقيا للأفارقة..؟!    طبعة رابعة استثنائية للمعرض الإفريقي للتجارة البينية 2025    إسدال الستار على الطبعة ال13 من المهرجان الثقافي الوطني للموسيقى الحالية بقالمة    وطّار يعود هذا الأسبوع    هل الرئيس ترامب صانع سلام؟!    حصيلة إيجابية لتجارة المقايضة بإيليزي    موجة زكام حادّة تضرب الأسر في عزّ الصيف    شبكة استعجالات طبية جديدة بقسنطينة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الوزارة ونقابات التربية.. إدارة الأزمة بالأزمة
نشر في الشروق اليومي يوم 10 - 02 - 2018

في حوار جمعني بأحد إطارات وزارة التربية الوطنية المفوض من قبلها بالحديث باسمها وبعض الشركاء الاجتماعيين الذي هو في نزاع مع الوزارة التي يمثلها، في برنامج تلفزي على إحدى القنوات الخاصة، بدا لي أن أكتب بعض الملاحظات لعلي ولعل المعنيين بها يستفيدون منها.
1 إن أخلاق وسلوكات المتحدثين باسم مؤسسات الدولة في مواجهة منتسبيها أشبه ما تكون بأخلاق الوالدين في مواجهة أولادهم، فهم ينطقون بمنطق المحبّ الكبير الذي يعالج ما يبدو له انحرافا في سلوكهم بروح المُصلح الناصح لا المُعاتِب المجادل الذي يسعى إلى تحقيق نصر إعلامي أكثر مما يسعى إلى تصحيح ما يبدو له خللا، فيتفنّن بذلك في رفع درجة التوتر وشدّ الأعصاب وإثارة الأحقاد، مبارِكا كل ذلك بانفعاله واندفاعه وتغيّر ملامحه التي تكاد تنطق حقدا وضغينة، فيُبعد من حوله عنه بدل أن يقرّبهم ويفرّقهم بدل أن يجمعهم بنظرة لم تتجاوز موقع قدمه وسلوك لم يتجاوز حظ نفسه.
وقبل هذا وذاك: كيف يمكن أن يكون المناخ مفيدا في ترقية أداء المدرس واستفادة تلميذه منه؟
2 إن الغلو في إثارة الجدل القانوني حول النزاعات الجماعية وتحويلها إلى ساحات القضاء بخلفية لا تبدو اقتناعاً بمرجعية القانون، إنما هو إقحامٌ للسلطة القضائية في نزاعات ليست بالأساس قضائية، يسيء إليها من حيث إنه يحمِّلها تبعات سلوكات وأخطاء غيرها، وإلا كيف تقنعنا وزارة التربية بموقفها القانوني عندما تطلب من النقابة "وقف الإضراب" حتى تتفاوض معها مغفلة نص المادة 45 من القانون 90 02 والتي نصها: "يجب على طرفي الخلاف الجماعي في العمل خلال فترة الإشعار المسبق وبعد الشروع في الإضراب أن يواصلوا مفاوضاتهم لتسوية الخلاف الواقع بينهما"؟ ألا يعتبر شرط وزارة التربية مخالِفا للقانون مخالفة واضحة؟
ثم إذا اقتنعت وزارة التربية بضرورة إقحام السلطة القضائية في النزاع، فهناك طريقة أخرى أفضل وأنفع نص عليها ذات القانون 90 02 المتعلق بمعالجة النزاعات الجماعية في العمل كمرحلة من مراحل هذا العلاج وهي عرض النزاع على "اللجنة الوطنية للتحكيم" والتي ينظم عملها البابُ الخامس من ذات القانون لاسيما المواد: 49، 50، 51، 52.
تنص المادة 51: "يرأس اللجنة الوطنية للتحكيم قاض من المحكمة العليا وتتكون من عدد يتساوى فيه عدد الممثلين الذين تعينهم الدولة وعدد ممثلي العمال".
كما تنص المادة 52: "تصبح قرارات التحكيم نافذة بأمر من الرئيس الأول للمحكمة العليا ويُبلِّغ رئيس اللجنة الوطنية للتحكيم هذه القرارات إلى الطرفين خلال الأيام الثلاثة الموالية لتاريخها".
أليس من واجب مؤسسات الدولة أن ترقي الثقافة القانونية في المجتمع؟ أليس من واجبها أن تربِّي منتسبِيها على التحاكم الموضوعي لا البراغماتي إلى القانون؟
إنني لا أُبرِّىء النقابة من المسؤولية فيما يحدث، بل إنها تتحمل قدرا منها حتما، ولكن وللإنصاف، إذا كان من حق وزارة التربية أن تخطئ مرة، أصبح من حق النقابة أن تخطئ مرتين، لأن من يتحمل مسؤولية الدولة ويمارس باسمها أولى بأن يصون سلوكه ويقدم المثال الذي يُحتذى به.
إن توجُّه المشرِّع حين أقرَّ الإضراب كحق في مجتمع متحضر إنما شرَّعه للتحسيس الذي يحفز طرفي النزاع الجماعي على السعي الحثيث لتسوية النزاعات الحالية والوقاية من النزاعات المرتقبة، أما أن يتحول الإضراب إلى لغة للتواصل بين النقابة والوزارة فإنه يضع الاثنين في مواجهة المجتمع.
ألا يبدو أن إثارة الجدل القانوني بالشكل الذي أثاره السيد الإطار المحترم لا يصب في صالح وزارة التربية التي يتحدث باسمها ولا يخدم توجهها، بل إنه أساء إليها بسلوكه من حيث أراد أن يحسن؟
3 نقطة أخرى لا تقل أهمية عن سابقتها، وزارة التربية الوطنية وأنا والجميع مقتنعون أننا لا نحبذ الإضراب في موضوعه بقطع النظر عن شكله، أقصد أنه إذا احترمت النقابة الإجراءات الشكلية في ممارسة الإضراب أو لم تحترمها فإن ذلك لن يغيِّر من أثر الإضراب في حرمان التلاميذ من الدراسة شيئا. إن توجُّه المشرِّع حين أقرَّ الإضراب كحق في مجتمع متحضر إنما شرَّعه للتحسيس الذي يحفز طرفي النزاع الجماعي على السعي الحثيث لتسوية النزاعات الحالية والوقاية من النزاعات المرتقبة، أما أن يتحول الإضراب إلى لغة للتواصل بين النقابة والوزارة فإنه يضع الاثنين في مواجهة المجتمع.
أن يتحول الإضراب ذاته إلى نزاع نبحث حلَّه، فلا أدري بأي منطق نتعامل، وبأي مستوى نستحق تحمل المسؤولية؟ وكلامي ها هنا للطرفين معا.
إذا كان هذا مقنعا فإن لجوء وزارة التربية إلى القضاء الاستعجالي الذي لا يختص قانونا بالنظر في الموضوع ليس إلا هروبا إلى الأمام ومصادرة للمطلوب.
4 إن الاحتجاج بالإضراب كحق دستوري في مقابلة التعليم كحق دستوري من النقابة أو من الوزارة لا يتجاوز قيمة الحروف والكلمات التي يُعبِّر بها عنه، وللتدقيق أقول إن الحق في التعليم تنص عليه المادة 65 من الدستور والذي يعني بنص هذه المادة: مجانية التعليم العمومي وإلزامية التعليم الأساسي، إنهما من التزامات الدولة تجاه مواطنيها، أما حق الإضراب فتكرسه المادة 71 من الدستور وينظمه القانون 90 02 المؤرخ في 6 فيفري 1990، المتعلق بالوقاية من النزاعات الجماعية في العمل وتسويتها وممارسة حق الإضراب.
أما ضمان حق التمدرس فهو من صميم مهام وزارة التربية، فعلى الاثنين أن يتجاوزا الجدل الأصم في مقابلة حقٍّ دستوري بحق دستوري ويغلِّبا المصلحة العامة والتزام أخلاق الدولة.
5 عندما تتأزم العلاقة بين الوزارة وبين أحد الشركاء الاجتماعيين ويتعذر عليها إدارتُها فليس من الحكمة ولا من الأخلاق أن تحاول معالجتها بصناعة أزمة أخرى بين شريك وشريك، بعبارة أدق ليس من الحكمة على الإطلاق أن نعالج أزمة العلاقة: إدارة نقابة بخلق أزمة أخرى: نقابة نقابة، إنه استثمارٌ في تكريس الرداءة خطير الأثر في تشتيت المجتمع وتفتيته وإطالة أمد النزاعات وتوسيعها لا يُسعد صديقا ولا يُحزن عدوا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.