الجزائر ملتزمة بالمضي بالعلاقات الثنائية إلى آفاق أوسع    الرياضة ضالّة الأولياء لتنشئة أطفالهم    سايحي يستقبل سفير قطر بالجزائر    4756 وقفا في الجزائر    بوغرارة: الجزائر لم تتأخر يوماً عن دعم فلسطين    الرئيس يأمر بالتحقيق    مؤسّسات ناشئة تبرز ابتكاراتها وحلولها    توزيع قرابة 95 ألف سكن    وفد برلماني جزائري يشارك في الدورة ال47 للاتحاد البرلماني الإفريقي بكينشاسا    وزارة الشباب تعتمد خريطة عمليات جديدة لتنشيط الفضاءات البيداغوجية وتعزيز دور الجمعيات"    "انطلاق التسجيلات الإلكترونية لامتحاني «البيام» و«البكالوريا» دورة 2026 دون ملفات ورقية"    أمطار رعدية غزيرة على العديد من ولايات الوطن    الأونروا تحذر من تفاقم الاوضاع الانسانية في غزة مع اشتداد الأمطار الغزيرة    الوساطة الألمانية عجز فرنسا عن إدارة نزاعها مع الجزائر    الوزارة بصدد تعديل القانون المحدد لقواعد منح السكن    شروط الصين لتصدير السيارات الأقل من 3 سنوات    قطاع المحروقات حقق نتائج معتبرة خلال السنوات الأخيرة    نحو قيام دولة فلسطين..؟!    خنشلة : توقيف شقيقين وحجز 5200 وحدة كحول    توقيف شخص تورط في قضية سرقة    ارتفاع نسبة اكتشاف حالات السرطان    ها هي الحرب الباردة تندلع على جبهة الذكاء الاصطناعي    عميد جامع الجزائر من بسكرة:رقمنة العربية مدخلٌ لصون الهوية وإرساخ السيادة الثقافيّة    اللغةُ العربية… إنقاذٌ أمِ انغلاق    آية الكرسي .. أعظم آيات القرآن وأكثرها فضلا    فتاوى : أعمال يسيرة لدخول الجنة أو دخول النار    أبو موسى الأشعري .. صوت من الجنة في رحاب المدينة    الخضر يستعدون..    الجزائر ركيزة إعلان الدولة الفلسطينية    شهر للعربية في الجزائر    الجزائر تشهد نهضة تنموية شاملة.. وعلاقتها بمصر نموذج للتضامن العربي    رفع الحد الأدنى للأجور ومنحة البطالة    ممتنون للجزائر دعمها القوي والحاسم.. ومهتمون بتجربتها التنموية    عودة العائلات المتضررة من الحرائق إلى منازلها    النخبة الوطنية تراهن على جمع نقاط مؤهلة لأولمبياد 2028    افتتاح معرض "لقاء الخط بوهران"    ورقلة.. يوم دراسي لتعزيز ثقافة الاتصال داخل المرافق الصحية العمومية    مشاركة جزائرية في الأبطال الخمسون    حنون تشرف على لقاء جهوي    الأستاذ محمد حيدوش : بناء مجتمع متعلم وذكي سبيل حقيقي لتقدم الأمّة    طموح كبير لدورفال    هؤلاء أبرز المرشحين لجوائز الأفضل من فيفا    وزير الصحة يبرز جهود القطاع    تكريم الفائزين في الطبعة الخامسة من المسابقة الأدبية الوطنية "أم سهام" للقصة القصيرة    "حرب الشتاء" بلا مغيث في غزة : غرق عشرات الخيام في مواصي خان يونس بمياه الأمطار    هكذا تمارس "الخدمات الإلكترونية".. والحبس للمتلاعبين بالمعطيات الشخصية    حركة تنموية استثنائية بولايات الجنوب    الترجي التونسي يدعم بلايلي ويؤكد بقاءه مع الفريق    فيانسو يرسم جسور الإبداع السينمائي    بحث سبل بناء منظومة متكاملة    اكتشفت سليماني ومحرز وهذا سر تعلقي بالجزائر    دعوة إلى تعزيز حملات التوعية والكشف المبكر    إبراز قدرات الجزائر ودورها في تعزيز الإنتاج الصيدلاني قاريا    بحث سبل تعزيز التعاون الجزائري-الأردني    الطبعة الرابعة لنصف مراطون "الزعاطشة" ببسكرة    دعاء في جوف الليل يفتح لك أبواب الرزق    مؤسسة Ooredoo تبرم شراكةً رسميةً مع نادي مولودية وهران    تحذيرات نبوية من فتن اخر الزمان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المركز الثقافي الإسلامي .. من قبلة للمثقفين في السبعينيات إلى نادي للأنترنيت
تصارع فيه اليساريون والإسلاميون وكانت نقاشاته تستمر أياما
نشر في الشروق اليومي يوم 05 - 09 - 2010

لا شك أنّ الذين عرفوا المركز الثقافي الإسلامي الواقع مقرّه الوطني بقلب الجزائر العاصمة، يذكرون أنّ تأسيسه جاء في ظروف تختلف تماما عن الظروف التي نعيشها اليوم، ومع ذلك أسئلة كثيرة يمكن طرحها حول هذا المركز، ومدى تأثيره في الحركية الثقافية بين الأمس واليوم، خاصة إذا علمنا أنّ المركز يضمّ 30 فرعا تنتشر عبر ولايات الوطن، وأنّ جرعة الحريات السياسية يُفترض أنّها أكبر ممّا كانت عليه أيام الحزب الواحد .
*
يعود تأسيس المركز الثقافي الإسلامي إلى تاريخ 21 مارس 1972، أي إلى مرحلة الرئيس الراحل هواري بومدين، ولأنّ فكرة إنشاء هذا المركز جاءت في مرحلة عرفت فيها الجزائر نقاشات حادة بين ما يسمى بالتيار
"الاشتراكي والشيوعي"، الذي كانت الجزائر قد اعتمدته نهجا مباشرة عقب الاستقلال، وبين أنصار التيار العربي الإسلامي الذي ورثته الجزائر عن الحركة الوطنية، فقد تحوّل المركز بالجزائر العاصمة إلى معترك يتبارز تحت قبّته أنصار مختلف التيارات والمشارب الفكرية، إلى درجة أنّ الأستاذ الطاهر بن عائشة، وهو الصحفي اليساري المعروف، همس في أذن أحد الذين حضروا محاضرة ألقاها بالمركز حول موضوع "اليسار واليمين في الإسلام" بأنّه "سيغزوهم في عقر دارهم"، و"هم" هذه التي يقصدها الطاهر بن عائشة، تعود طبعا على أنصار الطروحات الإسلامية.
نقاشات إلى الثانية صباحا
في هذه الشهادة التي قدّمها للشروق اليومي محمد حليس، وهو مدير ثانوية متقاعد، دأب منذ ثلاثين سنة على حضور مختلف النشاطات التي ينظّمها المركز الثقافي الإسلامي بالجزائر العاصمة، بعض من المؤشرات التي تبيّن مدى حضور المركز الإسلامي في المشهد الثقافي، والحركية التي كان يصنعها. يؤكّد صاحب الشهادة أنّ أكثر النقاشات التي أثارت ردود فعل متباينة هي تلك التي احتضنها المركز سنة 1981، وخصّصت لمناقشة الجزء الثاني من كتاب أحمد توفيق المدني، الذي تعرّض فيه لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين، وقد استمرّت النقاشات من بعد المغرب إلى الساعة الثانية صباحا. وبحسب الشاهد دائما، فقد كان نجم النقاش المرحوم محمد الطاهر فضلاء، إضافة إلى محمد الصالح بن عتيق، وهو عضو في جمعية العلماء، محمد الأكحل شرفاء، والدكتور تركي رابح عمامرة.
ومن جملة النقاط التي أثيرت بحضور أحمد توفيق المدني، اتّهامات وجّهها بعض الحضور لصاحب "حياة كفاح" مفادها أنّه سرق بعض المقالات التي كتبها الشيخ عبد الحميد بن باديس، ونسبها لنفسه. وانتقل النقاش إلى الصحافة بأقلام نخبة من الصحفيين في ذلك الوقت أهمّهم حمزة بكوشة من جمعية العلماء، عبد الرحمان غريب صحفي بالإذاعة . كما ألّف الشيخ محمد الطاهر فضلاء، رحمه الله، كتابا عنونه " التخريف والتحريف في حياة كفاح " ، والكتاب مفقود حاليا بالمكتبات .
ويضيف الشاهد أنّ من أهم النشاطات التي احتضنها المركز خلال السبعينيات من القرن الماضي، مناظرة فقهية بين الشيخ مبروك العوادي، وهو من أهمّ ممثلي المذهب الظاهري (ابن حزم)، والشيخ أحمد حمّاني رحمه الله. وحضر هذا النقاش الساخن مولود قاسم نايت بلقاسم، ومجموعة كبيرة من أعضاء المجلس الإسلامي الأعلى. وفي نفس المرحلة الزمنية قدّم الطاهر بن عائشة محاضرة مثيرة حول موضوع "اليسار واليمين في الإسلام"، وهي المحاضرة التي أكّد بشأنها الطاهر بن عائشة، أنّ النقاش بخصوصها بقي لطلوع الشمس لثلاث ليالي متتالية، وبحسب ابن عائشة دائما، فإنّه تفاجأ بالتجنيد الذي سبق المحاضرة بشكل أرهبه .
سعد الله و " الخائفون من التاريخ "
وفي سنة 1981 قدّم الشيخ محمد الغزالي محاضرة حول " الدعوة والداعي " ، اكتظت فيها القاعة عن آخرها، بل وقف الناس في الشارع لمتابعتها .
وكان من بين النقاشات الساخنة أيضا، تلك التي أثارها الدكتور يحيى بوعزيز رحمه الله، وكان يحضّر لشهادة الدكتوراه حول ثورة المقراني والحداد، وناقشه في بعض ما ذهب إليه بعض الحضور، خاصة لمّا تعرّض للأمير عبد القادر، ويؤكّد الشاهد محمد حليس للشروق، أنّ الدكتور بوعزيز اعتذر عن بعض ما ذهب إليه لمن ناقشوه، بعدما اكتشف وثائق عن الأمير عبد القادر في إسبانيا .
كما كان للدكتور أبو القاسم سعد الله صولات وجولات من خلال المركز الثقافي الإسلامي، خاصة ما أثارته المحاضرة التي قدّمها تحت عنوان "الخائفون من التاريخ" بسبب ما تبعها من نقاش وجدل حول هذا الموضوع الحسّاس.
ولا يستغرب صاحب الشهادة، الحال التي كان عليها المركز الثقافي الإسلامي بالعاصمة، بالنظر إلى القامات التي كانت تُنشّط مختلف النشاطات، وتسهر على رعايتها، وعلى رأس هؤلاء المرحوم مولود قاسم نايت بلقاسم الذي كان المحور الأساسي في التنشيط، ويحضر كلّ المحاضرات ولا يتحرك من مكانه حتى ينتهي النقاش، إضافة إلى شيخ زاوية الهامل الحالي المأمون القاسمي، الذي كان إطارا بوزارة الشؤون الدينية، وكان منشطا فاعلا في المركز .
وأوعز الشاهد نشاط تلك السنوات، إلى وجود أكثر من مؤسسة ثقافية كانت تساهم في تنشيط المشهد الثقافي في سنوات السبعينيات والثمانينيات، مثل المركز الثقافي المصري، قاعة الموڤار، قاعة الأطلس واتّحاد الكتاب الجزائريين، أما اليوم فلا يستطيع المركز الثقافي الإسلامي، أو غيره من المؤسسات الثقافية الرسمية، أن يجمع عشرة أشخاص لمتابعة نشاط ثقافي، فهل هي علامات إفلاس الثقافة في بلادنا، ذلك سؤال يحتاج إلى إجابة أصحاب الشأن من المتخصصين .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.