محروقات: نجاح المناقصة الدولية "ألجيريا بيد راوند 2024" يؤكد جاذبية مناخ الأعمال الجزائري    المنتخب الجزائري لألعاب القوى لذوي الهمم يحرز 11 ميدالية في الجائزة الكبرى الدولية بتونس    حوادث المرور : وفاة 50 شخصا وإصابة 1836 آخرين خلال أسبوع    وزير الصناعة يجتمع بالرؤساء المدراء العامين للمجمعات الصناعية العمومية الكبرى    الاحتلال يواصل مجازره في غزة..استشهاد 63 فلسطينيا بينهم 51 من منتظري المساعدات الإنسانية    التعديلات التي تضمنها مشروع قانون استغلال الشواطئ تهدف إلى الارتقاء بمستوى الخدمات    معرض " ورثة النور" : بللو يثمّن إبداع فناني الزخرفة والمنمنمات    رحلة عبر التراث البحري الجزائري : شعار الصالون الوطني للصورة الفوتوغرافية    تكريس ثقافة التكوين المستمر..نشاطات ثقافية تكوينية بالمكتبة الرئيسية للمطالعة بتندوف    سوق أهراس : الشروع في تسليم أزيد من 4 آلاف خلية نحل ممتلئة لصغار المربين    الجزائر/الأردن: تدشين مصنع لإنتاج الأدوية القابلة للحقن تابع ل "حكمة فارما الجزائر"    بكالوريا 2025: وزارة التربية الوطنية تعرب عن تقديرها لمختلف القطاعات نظير تكفلها بالمترشحين خارج مراكز الإجراء    تعارف الحضارات محور ملتقى دولي السبت المقبل    اليوم العالمي للتبرع بالدم: وزير الصحة يتفقد وحدة حقن الدم بالمستشفى الجامعي مصطفى باشا    بكالوريا: إدانة 15 شخصا بتهم تتعلق بالإخلال بنزاهة الامتحانات بالأغواط    تخرج 7 دفعات جديدة من المدرسة العليا لسلاح المدرعات بباتنة    إنجاز وثائقي حول عودة أحفاد الجزائريين المنفيين إلى كاليدونيا الجديدة: مراد يستقبل المخرج السعيد عولمي    الجيش الإيراني: قصف مبنى التلفزيون هو إعلان حرب على التدفق الصحيح للمعلومات والتنوير    سوناطراك: المصادقة على الحصيلة السنوية والمالية ل2024 خلال الجمعية العامة العادية    بقائي: المواجهة ستستمر بقوة    صواريخ طهران تحرق تل أبيب    وزير العدل : جزائر الشهداء ستدحر كل المكائد    مرتبة ثانية لسجاتي    الفاف تحدّد شروط الصعود والنزول    قانون التعبئة" يكسب بلادنا القوة والمناعة والصرامة الاستراتيجية    إطلاق موجة جديدة من الهجمات الصاروخية    العدوان الإسرائيلي على إيران.. واللعب بالنار –ج1-    منع إدخال الهاتف النقال أو أي جهاز اتصال الكتروني    أسعار النفط إلى 75.93 دولار للبرميل    احياء التظاهرات المرتبطة بالثورة التحريرية المجيدة    وزارة التضامن الوطني تنظم احتفالية بحديقة الحامة    الجزائر تطالب مجلس الأمن بالاضطلاع بمسؤولياته    السيادة الغذائية خط أحمر ولا مكان لهواة الفلكلور    تكثيف الجهود لتمتين الجبهة الداخلية    رفع طاقة إنتاج "الذهبية" إلى 50 ألف وحدة يوميا    مصاعد هوائية جديدة لتخفيف الازدحام بالعاصمة    الحماية الاجتماعية مبدأ مكفول قانونا لكل جزائري    مشروع استثماري تركي في الطاقات المتجدّدة بسعيدة    " يونيسف" تثمّن دور الهلال الأحمر الجزائري    بن ناصر لن يلعب في قطر ويعالج في مستشفى "أسبيتار"    أسطورة الريال قائد بالفطرة    فتح المساجد ودور الشباب والمكتبات لاستقبال ممتحني البكالوريا    إقبال كبير على شواطئ سكيكدة    "الخردة" وجهة "المنقبين" عن القطع الأصيلة    على الكاتب المساهمة في بناء الوطن    تنافس 7 عروض على "العنقود الذهبي"    رهان على الرقمنة لتتبُّع المفقودين    حاج موسى يثير أزمة بسبب قميص أيندهوفن    السيد سايحي يلتقي بوزيري الفلاحة والبيئة التونسيين    البطولة الوطنية للجيدو ما بين مصالح الشرطة: انطلاق منافسات الطبعة ال14 بوهران    نهائي كأس الجزائر لكرة السلة -2025/ رجال:اتحاد الجزائر، حامل الكأس، في مواجهة نادي سطاوالي، بطل الموسم    لماذا تتضاعف أسباب الهم والغم هذه الأيام؟    حملة وطنية لتلقيح الأطفال دون السادسة    الوقاية من الأمراض المتنقلة أمر بالغ الأهمية    بشارات ربانية عظيمة    "واللَّه يعصمك من الناس"    كيف يقضي المريض الصلوات الكثيرة الفائتة؟    صور من مسارعة الصحابة لطاعة المصطفى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفقر عيب وألف عيب بشهادة كل الحضارات!‬
نشر في الشروق اليومي يوم 01 - 12 - 2010

تُجمع كل الحضارات من خلال أمثالها وأقوالها المأثورة على أن الفقر عيب وألف عيب، لا بل هو أقرب إلى الخطيئة الجديرة بالرجم، وهي بذلك لا تحاول أن تذم الفقراء وتزيد في معاناتهم، بل بالأحرى تحثهم على النهوض والارتقاء، فالمعايرة تفعل فعل السحر أحيانا. ونحن هنا، لا نود النيل من الفقراء بقدر ما نريد أن نستنهض هممهم ليخرجوا من الحضيض الذي ارتضى الكثير منهم أن يعيش فيه تحت حجج واهية ليبرر تقاعسه ويأسه.‬
*
يقول مثل صيني: "إن الكلب لن يتخلى عن سيده بسبب الفقر". لاحظوا كيف ربط الصينيون الفقر بالكلاب، فالإنسان يظل عبدا طالما ظل فقيرا. ويذهب الصينيون أبعد من ذلك في احتقارهم للفقر بالقول: "الكلاب تأبى أن تكره فقيرا"، أي أن الفقير ليس جديرا حتى باهتمام الكلاب. وهناك مثل صيني آخر يقول: "من الأفضل أن تموت قبل عشر سنين من نهاية عمرك على أن تعيش سنة واحدة فقيرا". والمقصود طبعا تحريض الناس على العمل والارتقاء الاجتماعي والاقتصادي تجنبا لمآسي الفاقة. ويصل الأمر بالصينيين إلى القول إن: "الفقير يخالط الشياطين". لاحظوا كيف يحسبون الفقر على الشر.‬‮
*
ويسخر اليهود من الفقر قائلين: "من حسنات الفقر أن ذوي الفقير لا يجنون شيئا بعد وفاته. لا إرث ولا من يحزنون". وللتأكيد على أن الفقراء مسؤولون عن محنتهم، يقول مثل يهودي آخر: "الفقر يلحق الفقير". لا بل إن الفقر في الثقافة اليهودية ليست مشرفا أبدا:ف "الفقر ليس شرفا‮"‬.‬
*
أما الرومان فقد كانوا يستحثون الناس على النهوض بالقول: "ما أصعب أن تصبح مشهورا إذا كنت فقيرا". لا بل كانوا يشبهون الفقراء بالأموات كأن يقولوا: "الفقر موت من نوع آخر". ووصل الأمر بالرومان إلى تحريض الناس ضد الفقراء بالقول: "تجنب الفقراء وعاملهم كمجرمين". كما ربط الرومان بين الوضاعة والعوز بالقول: "الفقر يجعل الإنسان حقيرا". وفي مناسبة أخرى قالوا: "الفقير محتقر في كل مكان وزمان". ولتحريض الفقراء على النهوض كانوا يخوفونهم من تبعات أي عمل يقومون به: "إذا كنت فقيرا تصرف بحذر".
*
وبدورهم يقول الإيطاليون: "الويل لمن لا يمتلك شيئا". وفي ذلك طبعا دعوة للسعي والكد من أجل تحقيق الذات وامتلاك الثروة. وكي يضغطوا على الفقراء أكثر كانوا يعتبرونهم بلا أصل أو فصل: "ليس للفقراء أقرباء".
*
ويرى الهولنديون بأن "أقسى سيدين هما الفقر والفاقة". لاحظوا كيف يربط الهولنديون بين العمل، أي الصناعة وبين تجنب الفقر: "عندما تخرج الصناعة من الباب يدخل الفقر من النافذة"، أي أن الفقر نقيض العمل، ومن يعمل لن يفقر. كما يشبه الهولنديون الإنسان الفقير بقارب لا يستطيع الإبحار: ‮"‬الرجل بدون المال كالسفينة بدون شراع‮"‬. وللسخرية من الفقراء وعدم قدرتهم على تلبية احتياجاتهم يقول مثل هولندي آخر:‬‮ "‬الرجل الفقير يعبر السوق سريعا‮"‬.
*
ويؤكد الفرنسيون بأن "الشيء الوحيد الذي يمكن أن تحصل عليه من دون ألم وجهد هو الفقر". وفي ذلك طبعاً دعوة صريحة للعمل والجهد، وهو ما ينقص الكثير من شبابنا هذه الأيام. ويربط الفرنسيون أيضا بين الشر والفقر: "الفقر ابن الخطيئة". ولحض الفقراء على العمل والنهوض كي لا يبقوا معزولين عن المجتمع، يقول مثل فرنسي آخر: ‮"‬الفقر نوع من مرض الجذام.‬‮"‬ وهو داء يجعل الجميع يبتعدون عن المرضى به.‬‮
*
ويجادل اليابانيون بأن ‮"‬الفقر يقتل الأحاسيس‮"‬.‬‮
*
أما الإسبان فيقولون: "الفقر ليس خطيئة، لكنه فرع من فروع الفجور." وهو مثل قوي للغاية يردون به على كل من يحاول تبرير وضع الفقراء وإيجاد الأعذار لهم. وكغيرهم من الغربيين يؤكد الإسبان بأن "ليس للفقير صديق".
*
وبدورهم يرى الكوريون بأن‮ "‬الفقر يوّلد الشقاق، وبأن "‬السجن والتقشف من نصيب الفقراء.‬‮"‬
*
وللإيرلنديين أقوال مأثورة كثيرة في نقمة الفقر، فهم يقولون إن:‬‮ "‬الفقر يوّلد الحزن‮"‬، وإن ‮"‬الفقير سعيد بالفتات‮"‬. والويل كل الويل لفقير:‬‮ "‬أشفق على فقير اقترف خطأ‮"‬.‬
*
ويصل الأمر بالبرتغاليين إلى تجريد الفقير من مشاعر الحب بقولهم:‬‮ "‬الفقير لا يحسن العشق‮"‬. ويرون أيضا بأن ‮"‬الفقر يضيّع الأصدقاء.‬‮"‬ ويسخرون من الفقراء بالقول:‬‮ "‬الفقير يجوع بعد الأكل فورا‮"‬
*
وهناك مثل من مدغشقر يقول:‬‮ "‬الفقر لا يسمح لك بأن ترفع رأسك.‬‮"‬ فإذا أحببت أن تبقى ذليلاً طوال حياتك فابق فقيرا.‬‮
*
أما الانجليز فيقولون:‬‮ "‬عندما يدخل الفقر من الباب يخرج الحب من النافذة.‬‮"‬
*
والدنماركيون لديهم مثل قريب من مثل إيطالي أوردته آنفا يقول: ‮"‬لا معارف للفقراء‮"‬، أي لا أحد يريد أن يصادق فقيرا أو حتى أن يتعرف عليه.‬‮
*
وبالرغم من أن الأمريكان ليس لديهم تاريخ وثقافة ضاربة في القدم، إلا أن لديهم بعض الأمثال التي تحتقر الفقراء إذ يقولون: "الفقير دائما في المؤخرة." كما أنهم يسخرون من كل من يحاول أن يعمل بالقول الدارج "إن الذي لا يستطيع أن يطال العنب يقول عنه حامض". ولهم في هذا السياق مثل يقول: "الفقراء وحدهم يزعمون إن المال لا يشتري السعادة." ويقول الرئيس الأميركي الراحل بنجامين فرانكلين: "الفقر يحرم الإنسان من كل الفضائل، فمن الصعب على حقيبة فارغة أن تقف شامخة."
*
وكي يسخروا من وضع الفقراء وقلة حيلتهم يقول البلغاريون: ‮"‬عندما تحولت مياه البحر إلى عسل أضاع الفقراء ملاعقهم‮"‬.‬
*
وهناك بعض الأمثال العالمية غير معروفة المصدر تقول: "صوت الفقير وهو يصرخ كصوت الكلب"، "أحد يخشى الفقراء" و"لا أحد يركل فقيرا". وهو مثل يذكرنا بالمثل الياباني: "لا أحد يركل قطا ميتا"، أي أن الفقير أشبه بالميت.
*
أرجو أخيرا أن لا يعتقد أحد أن هذا المقال مكتوب للنيل من الفقراء، فهناك أناس يجاهدون ويصلون الليل بالنهار، لكنهم يبقون محسوبين على معسكر الفقراء، لكنهم في واقع الأمر يجب أن لا يكونوا في نفس الخانة، فهناك فرق كبير بين من يسعى ويناضل من اجل الارتقاء بنفسه وبوطنه حتى لو لم يحقق الكثير وبين من يتكاسل ويتواكل ويلوم الظروف، وهم السواد الأعظم من المعدمين.‬‮
*
ليت شبابنا يطّلعون على كيف تنظر الحضارات القديمة والحديثة إلى مسألة الفقر، لعلهم يستحون على أنفسهم!‬‮


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.