بداية نبارك لكل الثورات، ولكل فعل وردة فعل التي تخدم الشعوب، وتقربها للحكومة الراشدة واختيارات الصندوق سواء في تونس أو مصر... أو ليبيا أو غيرها من الثورات السائرة في طريق النمو حاليا...إلا أنه في المقابل يجب أن تكون هذه الثورات بيضاء، أو برتقالية حتى لا تذوب، أو تتميز عن الطغاة، والاستبداديين، باستعمال الوسائل القمعية نفسها التي كانت سواء باسم الجماهيرية -يرحمكم الله-، أو الديموقراطية، أو بمسميات أخرى كالثورة..!! * لذلك كلنا مع الشعب الليبي وثورته المجيدة، وضرورة محاسبة كل من تسبب في المآسي، خلال عقود من الزمن، والتأكيد بضرورة عدم الإفلات من العقاب، ليس عن طريقة القصاص الذاتي، أو الانتقام الشخصي أو الاجتهادات الشخصية "الملوثة" .. بقدر ما يجب أن تكون من خلال جهة نظامية أو قضائية معترف بها. أمام زخم الثورات وبريقها لا ننسى قوله صلى الله عليه و سلم "من أذى أسيرا فقد أذنته بحرب"- أو ما معناه، فالعديد من المناقب تسير على هذه المبادئ السامية والقيم الاسلامية، وتلك عظمة الاسلام وسر سعادة المسلمين، وانتشار حضارتهم وقيمهم الاخلاقية عبر العالم... وعليه شخصيا وإن كنت اختلف مع منظر الطريق الثالث، أو الجماهيرية، (معمر القذافي) الا ان طريقة مقتله قد لا ترتقي لعظمة ثورة السابع عشر من فبراير، وطريقة مقتله أساءت للثورة أكثر مما احسنت اليها، فعملية الغدر منافية للقيم الدولية المتعارف عليها في مجال حقوق الإنسان.. وفي المقابل هو مؤشر على ضرورة التواضع مهما ارتقينا باحترام عقول الناس، فصاحب مقولة "الجرذان" قد ألقي عليه القبض في أحد مواسير الصرف الصحي.. حيث عادة ما تتجمع فيها الجرذان!!... فالحقيقة، و الشهامة، تقتضي احترام الناس، وعدم التطفل عليهم، مهما امتلكنا عناصر القوة، ومهما ارتقينا...وتلك عبرة يجب استخالصها. فمقتل "القذافي" او الثورة الليبية يجب أن تقرأ، وتسجل من طرف العديد من الأنظمة المستبدة وتجعلها أكثر ميولا لشعوبها، وتحترم اختياراتهم. "فالربيع العربي"، قد تكون له انعكاسات إيجابية على العديد من الأنظمة على المدى البعيد من خلال تقليل نسبة التزوير في الانتخابات، و الخوف من اللجوء اليها مستقبلا للردود غير المعروفة للشعوب التي قد تحدث!!... فالأحداث الأخيرة، من جهة أثبتت تحديات أخلاقيا وقانونيا تواجه المجلس الوطني الانتقالي الليبي، كما اثبتت محدوديته في ظل عدم سيطرته كليا على الكتائب الثورية... ولكن في كل الأحوال نبارك ميلاد "ليبيا الجديدة"، التي نتمناها أن تكون بمواصفات تحترم فيها حقوق الإنسان، وسيادة دولة القانون والحق، وتمثل انعكاسا لتطلعات الشعب الليبي وآماله وأحلامه التي اغتيلت على مدار أزيد من أربعين سنة... فمبروك للشعب الليبي، وبالتوفيق للمجلس الوطني الانتقالي للعمل نحو تكريس الشرعية الدستورية، والى الامام لبناء مغرب الشعوب، مغرب عربي موحد، مشترك سياسيا واقتصاديا ومؤسساتيا، وبالله التوفيق. * oussedik@hotmail.com