25 ألف باحث وأستاذ امتنعوا عن العودة إلى الوطن منذ سنة 1970 أكد مدير عام البحث العلمي والتطوير التكنولوجي «عبد الحفيظ أوراق»، أن الدولة تكبدت خسائر بقيمة 700 مليون دولار، وهي قيمة تكاليف تكوين طلبة جامعيين وباحثين جزائريين تم إرسالهم إلى الخارج على مدى الأربعين سنة الفارطة. كشف «أوراق» عن امتناع 25 ألف منهم عن العودة إلى الوطن، وهو ما يعادل 50 بالمائة من العدد الإجمالي للباحثين والأساتذة الجامعيين والطلبة، الذين استفادوا من منح التكوين بالخارج منذ سنة 1970، وأوضح ذات المسؤول، لدى استضافته على القناة الثالثة للإذاعة الوطنية أول أمس، أن الفترة ما بين سنة 1970 و1990 شهدت ارتفاعا كبيرا في عدد المنح المقدمة للجامعيين على اختلاف مستوياتهم إذ بلغ عدد المستفيدين 20 ألف وبلغت تكاليف تكوينهم آنذاك 420 مليون دولار، فيما تقلصت هذه التكاليف إلى 36 مليون دولار في الفترة بين عام 1994 و2006 بسبب تراجع عدد المنح المقدمة، وهو القرار الذي تم اتخاذه بعد تسجيل عودة حوالي 50 بالمائة فقط من الأدمغة الجزائرية. وأضاف «عبد الحفيظ أوراق» أن هذه الهجرة هي واحد من أهم أسباب التأخر الكبير المسجل في مجال التقدم الاقتصادي والتكنولوجي في بلادنا، في حين يساهم العلماء الجزائريون في صنع ازدهار الدول الأجنبية، وفي هذا السياق أكد المسؤول ذاته على ضرورة الاهتمام بالأدمغة الجزائرية «التي تبدي استعدادها لتقديم يد المساعدة لبلدها الأصلي وإن كان على بعد لأن المهم هو الاستفادة من خبرتهم وليس من وجودهم على أرض الوطن»، وقد سجلنا فعلا – يضيف أوراق- مشاركة جدية وفعالة في تأطير وتكوين باحثينا وطلبتنا، بالإضافة إلى المشاركة في إنجاز مشاريع هيكلية لفائدة البلاد، ولذلك فلا بد من التفريق بين الأدمغة التي هاجرت نهائيا، وتلك التي تساهم بمعرفتها وخبرتها وإن كان عن بعد. أما بشأن العلماء الجزائريين الذين عاودوا الهجرة إلى بلدان أجنبية بعد معاناتهم من التهميش ومن عدم جاهزية البيئة الملائمة لتطوير معارفهم في وقت مضى، فقد ذكر مدير عام البحث العلمي والتطوير التكنولوجي أن الأوان قد حان لعودتهم خاصة بعد التحسن المسجل في ظروف البحث العلمي إثر التشجيع والإمكانات الضخمة التي توفرها الدولة الجزائرية في هذا المجال. وكان الباحث «أحمد قسوم» قد أكد مؤخرا أن هجرة الأدمغة من الجزائر ما بين سنتي 1992 و1996 تسببت في خسائر قدرت ب 40 مليار دولار، وأشار إلى أن حركة الهجرة التي تسارعت بسبب تدهور الأوضاع الأمنية آنذاك دفعت بعشرات الآلاف من الأطباء والجامعيين والباحثين للهجرة إلى الغرب، لاسيما إلى فرنسا، الولاياتالمتحدة، كندا والمملكة المتحدة، مضيفا أن العدد الإجمالي لحاملي الشهادات الذين غادروا التراب الوطني ما بين 1994 و2006 ارتفع إلى 71500 جامعي، وأن أكثر من عشرة آلاف طبيب في جميع الاختصاصات استقروا خلال الفترة نفسها بفرنسا من بينهم 7 آلاف طبيب يعملون على مستوى جزيرة فرنسا «ايل دو فرانس»، فيما استقبلت جامعات أمريكا الشمالية منذ بداية سنوات التسعينيات ما لا يقل عن 18 ألف جامعي جزائري وإطار عالي المستوى من بينهم 3 آلاف باحث.