مسرحية "المتّهم"..أحسن عرض متكامل    سفير مملكة ليسوتو يثمن مساعدة الجزائر لدعم جهود التنمية في بلاده    أبو عيطة وعقب استقباله من قبل رئيس الجمهورية،عبد المجيد تبون: فلسطين ستنال عضويتها الكاملة في الأمم المتحدة بفضل إصرار الجزائر    في عمليات عبر النواحي العسكرية من 18 إلى 23 أبريل الجاري: إحباط محاولات إدخال 78 كيلوغراما كيف قادمة من المغرب    أشرف عليه عبد الرشيد طبي: تدشين مجلس قضائي جديد في تبسة    الجزائر-تونس-ليبيا : التوقيع على اتفاقية إنشاء آلية تشاور لإدارة المياه الجوفية المشتركة    نقل جثامين الجزائريين المتوفين بالخارج.. توضيح وزارة الشؤون الخارجية    قسنطينة: تدشين مصنع لقطع غيار السيارات ووحدة لإنتاج البطاريات    بروتوكول تفاهم مع الشركة العمانية للطاقة    البنك الوطني الجزائري: أكثر من 12 مليار دج كتمويلات و35 مليار دج ودائع الصيرفة الإسلامية    الفريق أول السعيد شنقريحة يشرف على تنفيذ تمرين تكتيكي بالناحية العسكرية الثالثة    29 جريا خلال 24 ساعة الأخيرة نتيجة للسرعة والتهور    وهران.. ترحيل أزيد من 880 عائلة برأس العين    عنابة: مفتشون من وزارة الري يتابعون وضع بالقطاع    شركة طاسيلي للعمل الجوي: تسخير 12 طائرة تحسبا لحملة مكافحة الحرائق لسنة 2024    دراسة مشاريع نصوص قانونية والاستماع الى عروض عدة قطاعات    "عودة مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي تعكس الإرادة الجزائرية لبعث وتطوير السينما"    "العفو الدولية": إسرائيل ترتكب "جرائم حرب" في غزة بذخائر أمريكية    الصّهاينة يواصلون جرائمهم بالقطاع وعمليات إخلاء بالشمال    البوليساريو تدعو مجلس الامن مجددا الى اتخاذ إجراءات عاجلة لتمكين الشعب الصحراوي من حقه في تقرير المصير    الجزائر/تونس: الاتفاق على تنظيم يوم إعلامي حول الصيد البحري لفائدة المستثمرين من البلدين    فلسطين: ترحيب بقرار حكومتي جامايكا وباربادوس الاعتراف بالدولة الفلسطينية    فتح صناديق كتب الشيخ العلامة عبد الحميد بن باديس الموقوفة على جامع الجزائر    وزير التربية انتقل إلى عين المكان والعدالة فتحت تحقيقا: إصابة 6 تلاميذ في انهيار سقف بمدرسة في وهران    إهمال الأولياء يفشل 90 بالمائة من الأبناء    عطاف يستقبل رئيس مجلس العموم الكندي    غائب دون مُبرر: إدارة لاصام مستاءة من بلحضري    نصف نهائي كأس الجمهورية: اتحاد الجزائر – شباب بلوزداد ( اليوم سا 21.00 )    مدرب اتحاد الشاوية السعيد بلعريبي للنصر    فيما وضع حجز الأساس لإنجاز أخرى: وزير الطاقة يدشن مشاريع ببسكرة    وزير الداخلية يكشف: تخصيص أزيد من 130 مليار دينار لتهيئة المناطق الصناعية    برنامج استثماري لتفادي انقطاع الكهرباء خلال الصيف    وزير البريد في القمة الرقمية الإفريقية    وزير الإشارة العمومية يعطي إشارة الانطلاق: الشروع في توسعة ميناء عنابة و رصيف لتصدير الفوسفات    وزير الخارجية أحمد عطاف يصرح: الوضع المأساوي في غزة سيبقى على رأس أولويات الجزائر    فيما شدّد وزير الشؤون الدينية على ضرورة إنجاح الموسم    مجلس الأمة يشارك في مؤتمر بإسطنبول    اجتماع حول استراتيجية المركز الوطني للسجل التجاري    الجزائر تشارك في معرض تونس الدولي للكتاب    تأسيس جائزة وطنية في علوم اللغة العربية    مولودية الجزائر تقلب الطاولة على شباب قسنطينة وتبلغ نهائي كأس الجزائر للمرة العاشرة    مباراة اتحاد الجزائر- نهضة بركان : قرار الكاف منتظر غدا الاربعاء كأقصى تقدير    تكتل ثلاثي لاستقرار المنطقة ورفاه شعوبها    الرقمنة طريق للعدالة في الخدمات الصحية    سايحي يشرف على افتتاح اليوم التحسيسي والتوعوي    تمنطيط حاضرة للعلم والأعلام    الوقاية خير من العلاج ومخططات تسيير في القريب العاجل    رجل الإصلاح وأيقونة الأدب المحلي    بلومي هداف مجددا في الدوري البرتغالي    ماندريا يُعلّق على موسمه مع كون ويعترف بتراجع مستواه    إشادة ألمانية بأول تجربة لشايبي في "البوندسليغا"    حج 2024 : استئناف اليوم الثلاثاء عملية حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة    منصّة رقمية لتسيير الصيدليات الخاصة    حكم التسميع والتحميد    الدعاء سلاح المؤمن الواثق بربه    أعمال تجلب لك محبة الله تعالى    دروس من قصة نبي الله أيوب    صيام" الصابرين".. حرص على الأجر واستحضار أجواء رمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



2012 رئيس “إخواني” لمصر.. حمام دم بسوريا.. وفوضى السلاح في ليبيا

يستمر الربيع العربي في طوفانه مع نهاية عام 2012 وبداية العام الجديد، حيث لم يضع أوزاره بعد، كما لم تتضح الحدود أو الأسقف التي ستتوقف عندها موجة التغيير والتحول المُصاحبة له، ولذا يمكن بلورة رؤية استشرافية، لتداعيات ذلك الربيع على مستقبل النظام الإقليمي العربي.
إعداد/ أيمن. س
حازت الانتخابات الرئاسية في مصر، وتسلم محمد مرسي الحكم في البلاد على إجماع مراقبين ومحليين واستطلاعات رأي حول أهمية هذا الحدث، وأحقيته بأن يكون الحدث الأبرز لعام 2012.
كما كان للقضية السورية حجمها في عام 2012، إذ كان هناك إجماع بنسبة كبيرة على أهمية هذه القضية خلال العام الجاري.
ومن الأحداث الأخرى إعادة انتخاب الرئيس الأمريكي باراك أوباما لفترة رئاسية ثانية، وقفزة فيلكس، وقبول الأمم المتحدة الطلب الفلسطيني بإعلان فلسطين دولة غير عضو بصفة مراقب في الأمم المتحدة. وبين هذا وذاك؛ نجحت شعوب عربية على صعيد التحولات والتفاعلات القطرية خلال العام الماضي، في إسقاط أنظمتها الحاكمة بدرجات متفاوتة من العمق كتونس ومصر وليبيا واليمن، في حين يمضي فريق ثان على الدرب لتحقيق ذات المطلب كسوريا، وقد تزامن ذلك مع نجاح بعض الأنظمة العربية في احتواء نصيبها من موجة الاحتجاجات الشعبية، والإفلات ولو مرحليا عبر تبني حزمة من الإصلاحات الشاملة لاسترضاء شعوبها، المغرب نموذجا. وفي حين ألقت أجواء الحذر والترقب بظلالها على مواقف وسياسات الأنظمة التي تصارع من أجل البقاء، غرقت الدول التي قطعت شوطًا طويلاً على درب التغيير كمصر وتونس وليبيا واليمن، في عمليات إعادة ترتيب أوضاعها الداخلية أمنيا وسياسيا واقتصاديا بما يتماشى وتطلعات شعوبها وأهداف ثوراته. وعلى مستوى التفاعلات العربية مع المحيطين الإقليمي والدولي، لم يعد النظام الإقليمي العربي خلال 2012 حصيلة التفاعلات البينية لدوله فقط وإنما يشمل أيضا مجمل سياسات تلك الدول حيال محيطها الإقليمي والدولي. وسعت دول الجوار كل منها بطرق مختلفة لترويض النظام الإقليمي العربي بهدف تعظيم استفادتها منه قدر المستطاع، سواء في نجاحاته أو إخفاقاته، ولكن يظل أي مسعى لتقويم مدى نجاح تلك الاستراتيجيات الإقليمية والدولية إزاء النظام العربي عملاً شائكًا ومعقدًا طالما ظلت آليات التحول القومي الداخلي الحادة أو مؤثرات التدخل الخارجي القوية في ذلك النظام حتى الآن في طور الصيرورة ولم تصل بعد إلى صيغة مكتملة وواضحة المعالم. وتتنوع الرؤى والتصورات في قراءة المشهد داخل النظام العربي خلال العام الحالي والمتمثلة في محوري “الاعتدال” و”الممانعة” وكذا الصراع السني – الشيعي الممتد والذي يتخذ من سوريا الثائرة هذه الأيام مسرحا له.
- مصر.. رئيس “إخواني” وجدل الدستور
رغم الجدل المثار حول الدستور ما بين مؤيد ومعارض، إلا إن إقراره يمثل بداية لعهد جديد يأمل المصريون جميعا أن يؤدي إلى التنمية والاستقرار ودفع عجلة الاقتصاد إلى الأمام. ومن أبرز الأحداث في 2012 هو انتخابات الرئاسة المصرية في جوان التي فاز بها محمد مرسى، فلأول مرة في تاريخ مصر يتولى رئيس مدني منتخب بإرادة شعبية. وعقدت هذا العام أولى جلسات مجلس الشعب المصري بعد انتخابات حصل فيها “التيار الإسلامي” على أكثرية المقاعد وذلك في ال 23 جانفي، تلاها الاحتفال بالذكرى الأولى ل”ثورة 25 يناير”. وفي مارس، توفى البابا شنودة الثالث عن عمر يناهز ال89 عاما، بعد صراع مرير مع المرض. وفى أفريل، استبعدت لجنة الانتخابات الرئاسية 10 مرشحين للرئاسة كان من أبرزهم 3 من أكثر الأسماء إثارة للجدل وهم حازم صلاح أبو إسماعيل بسبب حصول والدته علي الجنسية الأمريكية ورئيس المخابرات الراحل عمر سليمان لعدم حصوله على ألف نموذج تأييد شعبي في إحدى المحافظات، بالإضافة إلى خيرت الشاطر الذي خرج من المعتقل بعد سقوط النظام وعضو مكتب الإرشاد في جماعة الإخوان المسلمين لعدم حصوله على رد اعتبار بموجب حكم قضائي، إثر سابقة إدانته بأحكام قضائية نهائية مما أدى إلى ترشيح حزب الحرية والعدالة محمد مرسي. وفي 2 جوان حكم على مبارك ووزير داخليته حبيب العادلي بالسجن المؤبد، وذلك في المحاكمة التي أطلق عليها محاكمة القرن لمبارك، وبراءة 6 من مساعدي وزير الداخلية ونجلي حسني مبارك من تهم قتل المتظاهرين خلال الثورة. وفي 2 أوت تم الإعلان عن تشكيل حكومة برئاسة هشام قنديل، بينما أقيل المشير حسين طنطاوي وسامي عنان رئيس الأركان في ال 12 أوت. كما أصدر الرئيس محمد مرسي إعلانا دستوريا نص على إلغاء الإعلان الدستوري المكمل الذي أصدره المجلس العسكري في 17 جوان وعلى إعطاء رئيس الجمهورية صلاحياته كاملة وتخويل رئيس الجمهورية في سلطة تشكيل جمعية تأسيسية جديدة في حال قام مانع يحول دون استكمال الجمعية التأسيسية لوضع الدستور لعملها. وفي 30 نوفمبر أعلنت الجمعية التأسيسية لوضع الدستور، عن انتهائها من إعداد المشروع النهائي لدستور مصر الجديد. وألغى مرسي في 8 ديسمبر الإعلان الدستوري الذي أصدره في 21 نوفمبر ومنحه صلاحيات استثنائية ما تسبب في أزمة سياسية حادة، ووقوع سلسلة من الاشتباكات والاحتجاجات، فأصدر الرئيس إعلانا جديدا لكنه أبقى الاستفتاء على مشروع الدستور في موعده، وينص على إبقاء ما ترتب على ذلك الإعلان من آثار.
- ليبيا.. فوضى السلاح وغياب الأمن
تعد ليبيا الجديدة حالة متعثرة، حيث يفتقد الليبيون للأمن والاستقرار جراء عمليات عنف خلال 2012 تحدث من حين لآخر في بعض المناطق تنفذها جماعات تصفها الجهات الرسمية بالمجهولة، مما جعل بعض المسئولين يحذرون من سيناريو عراقي أو صومالي قد يحدث في البلاد ما لم تسارع السلطات إلى احتواء الوضع ومعالجته بحكمة وعقلانية. ووجدت ليبيا الجديدة نفسها أمام تحديات أمنية بعد سقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافي، بسبب عدة عوامل، استمرت خلال هذا العام منها انتشار السلاح بيد مليشيات خارجة عن سيطرة الدولة وتهديدات أنصار القذافي، إضافة إلى التركيبة القبلية للمجتمع الليبي والتي جعلت بعض الليبيين يتقاتلون مع بعضهم البعض. وظلت حوادث العنف في ليبيا مقتصرة في معظمها على المنطقة الغربية وعلى القطاع الشرقي من البلاد، حيث تعرض مقر الاستخبارات العسكرية في بنغازي بداية أغسطس الماضي لهجوم بقنبلة، بعد ساعات من اقتحام مُسلحين سجنًا بالمدينة وإطلاق معتقل يُدعى سالم العبيدي، يشتبه بضلوعه في اغتيال قائد أركان جيش التحرير الراحل اللواء عبد الفتاح يونس أثناء الثورة في بنغازي. ولم تسلم البعثات الغربية من هجمات المسلحين المجهولين في بنغازي، حيث تعرضت قافلة عربات تابعة للقنصلية البريطانية لهجوم بقذيفة في جوان الماضي وحاول مسلحون عرقلة انتخابات المؤتمر الوطني العام التي جرت في 7 جوان الماضي، حيث قاموا بنهب مقر المفوضية العليا للانتخابات في بنغازي، بينما أضرم آخرون النار في مخزن يحتوي على أدوات للتصويت في مدينة أجدابيا. وكانت مناطق بغرب ليبيا شهدت بدورها منذ شهور اشتباكات دامية، بين أفراد من قبيلة المشاشية ومجموعات مسلحة من قبيلة قنطرار ومدينة الزنتان، على بعد 170 كيلومترًا جنوب غرب طرابلس مما دفع السلطات إلى جعلها “منطقة عسكرية” وحذرت من استخدام القوة وكل ما يلزم ضد مصادر النيران التي تستهدف المدنيين الأبرياء. وعلى وقع هذه التوترات الأمنية، حذر مسئولون ليبيون من فوضى واقتتال داخلي، فإن هناك مخاوف من أن تتحول ليبيا إلى عراق أو صومال آخر، فتلك الاغتيالات والانفجارات في بنغازي سببها رفض البعض لنتائج الانتخابات، إذ تصدر تحالف القوى الوطنية – ذو الخلفية الليبرالية – المشهد الانتخابي، وحل حزب العدالة والبناء المقرب من الإخوان المسلمين. ومازالت تسعى السلطات الليبية إلى تجاوز هذه التحديات الأمنية عبر استكمال عملية الانتقال الديمقراطي عن طريق انتخابات المؤتمر الوطني العام في جوان الماضي والتي لاقت ترحيبا دوليا وعربيا وأيضا من خلال محاولة نزع سلاح المليشيات. ووسط تطلع الليبيين لحياة مستقرة سياسية وأمنية جاءت أزمة تشكيل الحكومة الليبية وقرار المؤتمر الوطني العام عدم منح الثقة لرئيس الوزراء المكلف مصطفى أبو شاقور ليظهر المشهد السياسي بتأجيل أحلام الليبيين. ولم يطل التأجيل فقد صادق البرلمان على تشكيل الحكومة التي كلف بها علي زيدان.
- التونسيون يودعون 2012 بخيبة أمل
بدأ عام 2012 في تونس بمحاكمة الرئيس السابق زين العابدين بن علي غيابيا بتهمة قتل المتظاهرين في يناير من العام السابق. وعلى عكس الطموحات الواسعة التي علقها التونسيون مع مطلع العام الجاري الذي يشرف على نهايته، فإن خيبة الأمل تبدو عريضة بينما لم يتم الحسم في أي من الملفات الحيوية منذ أن استلمت الحكومة الحالية مهامها في نهاية عام 2011. ويأتي ملف شهداء وجرحى الثورة في صدارة تلك الملفات. وإلى حدود الشهر الجاري ظلت احتجاجات عائلات ضحايا الثورة متواترة أمام المجلس الوطني التأسيسي حيث يلقى باللائمة عليه في تعثر عملية تسوية ملفات المتضررين منذ أكثر من عام على انتصابه. وتطالب عائلات الشهداء أساسا بمحاسبة المتورطين من الكوادر الأمنية في قتل المتظاهرين خلال أحداث الثورة والإسراع في إجراءات المحاكمة المتعثرة في القضايا المعروضة على القضاء العسكري. وهناك مطالب أخرى تتعلق بصرف تعويضات عادلة لعائلات الضحايا وتمكين الجرحى من الموارد الضرورية لمتباعة أوضاعهم الصحية وإدماج ذويهم في برامج التشغيل. وسقط خلال أحداث الثورة التونسية قرابة 319 قتيل ونحو أربعة آلاف جريح، بينما يطالب نحو ثلاثة آلاف آخرين لحقتهم إصابات بإدراجهم ضمن قائمات الجرحى. وصادق المجلس الوطني التأسيسي بالفعل في وقت سابق من الشهر الجاري، تحت ضغط الاحتجاجات على مشروع قانون تعويض شهداء وجرحى الثورة بينما بادرت دولة قطر بضخ هبة بأكثر من 31 مليون دينار تونسي “20 مليون دولار” لدعم السيولة بالصندوق المخصص لتعويض شهداء وجرحى الثورة وضحايا الاستبداد في النظام السابق بتونس. وليس ملف الشهداء والجرحى وحده الذي عرف بطئا داخل المجلس الوطني التأسيسي بل يقف الوضع السياسي برمته في تونس رهين الانتهاء من صياغة دستور جديد للبلاد. وبعد أكثر من عام على تنصيب المجلس التأسيسي واستلام الائتلاف الحاكم الذي تقوده حركة النهضة أكبر حزب في البلاد مع حزبي المؤتمر والتكتل العلمانيين للحكم، لا توجد إلى اليوم خريطة طريق واضحة للاستحقاقات السياسية القادمة، وعلى رأسها موعد الانتهاء من كتابة الدستور والمصادقة على فصوله ومن ثمة موعد الانتخابات الرئاسية والتشريعية. وتقدم رئيس الحكومة المؤقتة حمادي الجبالي بأكثر من اقتراح لموعد إجراء الانتخابات في منتصف العام القادم. غير أن أحزاب معارضة لا تأخذها على محمل الجد لأن عملية التحضير اللوجيستي والفني للانتخابات لا تقل عن مدة الثمانية أشهر فضلا عن ان الدستور لم يتم الحسم فيه بعد، ما يعني إمكانية الانتظار حتى عام آخر. وتبدي الأحزاب المعارضة مخاوف من أن يفضي المزيد من الانتظار إلى فسح المجال أكثر للحزب الحاكم للسيطرة على مفاصل الدولة وفرض هيمنته على الحياة السياسية وحتى على المجس التأسيسي نفسه، السلطة الأعلى في البلاد. ومع أن حدة الإضرابات والاحتجاجات الاجتماعية قد خفت في النصف الثاني من العام الجاري إلا أن تواترها من حين لآخر وخاصة في سيدي بوزيد وسليانة، عكس بشكل واضح حالة الانقسام في تونس بين رافض لأداء الحكومة ومؤيد لسياستها. وتكمن الخطورة الأبرز من وراء هذا الانقسام في انتشار “العنف السياسي”، ليس على أيدي المجموعات السلفية فقط والتي روعت النخب الثقافية والليبرالية في أكثر من مناسبة، ولكن أيضا على أيدي جماعات تنتسب لرابطات حماية الثورة المقربة من حركة النهضة. وجاءت الأحداث المرافقة لمقتل قيادي من حزب حركة نداء تونس في 18 أكتوبر الماضي والصدام مع نقابيي الاتحاد العام التونسي للشغل، المنظمة النقابية الأعرق والأكبر في تونس، في الرابع ديسمبر كإحدى أبرز العلامات المعبرة لحالتي الاحتقان والعنف المتفشية في عام 2012.
- سوريا.. ثورة تتحول إلى حرب أهلية
ما تزال الاحتجاجات ضد النظام السوري مستمرة منذ منتصف مارس 2011، وما يزال العنف في تصاعد مستمر، قصف بلا هوادة، اشتباكات ومعارك في الشوارع بين القوات النظامية والمعارضة المسلحة التي باتت تسيطر على مناطق واسعة ومعظم المعابر الحدودية. أكثر من 30 ألف قتيل وعشرات آلاف المهجّرين والمعتقلين. مجازر وانتهاكات لحقوق الإنسان وتدهور متزايد في الوضع الإنساني والاقتصادي، دول الجوار لم تسلم من التوتر الذي امتد إلى لبنان، والأردن، وتركيا التي رحبت بموافقة الأطلسي على نشر صواريخ باتريوت المضادة للصواريخ على حدودها مع سوريا. ويمكن استشراف مستقبل محور الممانعة العربي متمثلا في انتفاضة الشعب السوري ضد نظام بشار الأسد وأسلوب تعاطي الأخير معها وردود الفعل الإقليمية والدولية على الأحداث هناك، ما من شأنه أن يوجه ضربة قاصمة لذلك المحور ولموقع سوريا المركزي فيه على أكثر من مستوى. وعلى المستوى الداخلي، كان لإمعان الجيش السوري في مباشرة أقصى درجات القمع ضد الشعب المطالب بالحرية، وغضه الطرف عن الاحتلال الإسرائيلي للجولان وتخاذله عن الرد على الخروقات والانتهاكات المتكررة من جانب الطيران الإسرائيلي للأجواء والمواقع الحيوية السورية، دورًا محوريًا في تفنيد مزاعم النظام البعثي الخاصة برفع لواء المُقاومة و”المُمانعة” على نحو جعل منه هدفًا لمؤامرات الغرب ومخططات الصهيونية، واتهاماته للمتظاهرين بالعمالة لإسرائيل وأمريكا. ومن شأن ذلك أن يسقط من يد النظام البعثي ورقة استخدام “أدوات غير سورية” لتحقيق أهداف سياسية تتعلق ببقائه، عبر السماح بفتح مكاتب للمقاومة الفلسطينية بجناحيها الوطني والإسلامي وفي مقدمتها حركتا حماس والجهاد الإسلامي، وتقديم دعم سياسي ولوجيستي لحزب الله اللبناني وبعض القوى اللبنانية الأخرى، وتأسيس تحالف إستراتيجي مع إيران.. وهو ما أسماه ثوار سوريا ممارسة النظام سياسة “المُمانعة والمُقاومة عبر آخرين”. وتمكن قراءة سماح النظام بشكل مفاجئ لمسيرة العودة بالتوجه إلى حدود هضبة الجولان المحتلة يومي 15 ماي و5 جوان الماضيين، في مسعى لتسخين جبهتها بدماء المئات من الشهداء والجرحى، ليؤكد ما ذهب إليه رامي مخلوف أحد أركان النظام السوري بأن إسرائيل لن تنعم بالأمن إذا ما تزعزع النظام السوري.
وإقليميًا، يبدو أن إمعان النظام السوري في استخدام أقصى مستويات القمع والعنف لإجهاض انتفاضة شعبه، ورفضه تبني إصلاحات حقيقية تعينه على امتصاص الغضب الشعبي وتجاوز الأزمة، أفضى إلى حدوث تصدعات في علاقته مع أطراف إقليمية ودولية مهمة.. على غرار ما يحدث الآن مع تركيا، التي تحول التقارب الإستراتيجي معها إلى توتر يكاد يقترب من القطيعة بعد اهتزاز الثقة وتبادل الاتهامات بين الأسد وأردوغان وتردد شائعات عن نية أنقرة إقامة منطقة آمنة على حدودها مع سوريا، التي ردت بزيادة عدد دورياتها العسكرية على طول الجانب السوري من الحدود. ودوليا، يبدو أن دائرة الإجماع الدولي على رفض ممارسات النظام السوري ومطالبته بالتنحي تتسع يومًا بعد آخر، حتى بعض الأطراف الدولية التي تربطها مصالح حيوية وعلاقات وثيقة مع نظام دمشق يحملها على إظهار بعض التحفظ على النهج الغربي التصعيدي في التعاطي معه كروسيا والصين والبرازيل، لم تتورع عن إبداء استيائها من مُمارساته والإعراب عن قلقها على مصيره في ظل تآكل قدرتها على مناصرته حتى النهاية.
وتدفع الأزمة السورية الحالية بالمنطقة صوب حرب إقليمية بالوكالة تكون ساحتها دمشق ما بين الجناح السني بقيادة السعودية وتركيا والجناح الشيعي بقيادة إيران، في الوقت الذي لا يستبعد خبراء أن تغدو دمشق أيضًا ساحة للمواجهة بين الولايات المتحدة وإسرائيل من جانب وإيران من جانب آخر، ومنطلقا لإعادة هندسة المنطقة جيواستراتيجيًا وإعادة صياغة العلاقات والمصالح الإقليمية والدولية وفقا لأسس واعتبارات مُغايرة في ضوء التطورات الجديدة التي تعتري المنطقة هذه الأيام.
- الفلسطينيون يتحصلون على دولة في 2012
دفعت الحرب الإسرائيلية الواسعة على قطاع غزة وحصول فلسطين على صفة مراقب في الأمم المتحدة، وكلاهما تم في وقت مُتزامن من شهر نوفمبر الماضي الشأن الفلسطيني إلى صدارة الأحداث العالمية. وكان هما من الأحداث البارزة للقضية الفلسطينية خلال عام 2012، فقد شنت إسرائيل حربا على القطاع شارك فيها سلاح الجو والمدفعية على الحدود بخلاف الزوارق المُتمركزة في بحر غزة دامت ثمانية أيام . وحسب وزارة الصحة بغزة فقد بلغت حصيلة الحرب 184 شهيدًا فلسطينينًا أغلبهم من الأطفال والنساء بخلاف 1492 جريحًا وخسائر 2.1 مليار دولار . وحملت هذه الحرب التي أشعلها اغتيال أحمد الجعبري القائد الفعلي لكتائب عز الدين القسام – الذراع المسلح لحركة حماس في 14 نوفمبر الماضي، ووصفتها حماس ب”الجريمة الحمقاء” – عدة مفاجآت أهمها التطور الكبير في القدرات القتالية لفصائل المقاومة بغزة، خاصة كتائب القسام، التي أعلنت إن صواريخها “فجر 5 “قصفت تل أبيب والقدس و هرتسيليا مدينة الأثرياء في إسرائيل.
كما كشفت “حماس” بعد انتهاء الحرب في 21 نوفمبر بموجب اتفاق تهدئة برعاية مصرية، ولأول مرة عن دعم إيران المالي والعسكري للمقاومة، ووجه كبار قادة الحركة الشكر لطهران وتم تعليق يافطات الشكر لإيران في الشوارع الرئيسة بغزة بعنوان “شكرا إيران”، وهو ما زاد من غضب إسرائيل التي وصفت القطاع بأنه قاعدة إيرانية. وخرجت حركة “حماس” من هذه الحرب بمعنويات مرتفعة عززها – بدرجة أكبر- الزيارات المتقاطرة لوفود عربية وأجنبية للتهنئة بالانتصار في الحرب التي أطلقت عليها حماس “حجارة السجيل”. وعقب انتهاء الحرب على غزة بثماني أيام، حقق الفلسطينيون نصرًا دولياً كبيرًا بحصول بلدهم بأغلبية 138 صوتًا على صفة مراقب بالأمم المتحدة، والذي وصف بالإنجاز التاريخي مما يعزز حقوق الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي . ولم تخف إسرائيل غضبها من هذا النجاح الكبير وسارعت بتهديد السلطة الفلسطينية ووقف تحويل أموال الضرائب “100 مليون دولار شهريا” التي تحصلها لصالح السلطة وزادت وتيرة عمليات الاستيطان في الضفة الغربية، ورأت تل أبيب أن هذه الخطوة تدفع بعملية السلام إلى الوراء .وحسب خبراء فان بموجب هذا النجاح الأممي حصلت فلسطين على اعتراف دولي بأنها دولة تحت الاحتلال مما يحمل إسرائيل تبعات ومسئوليات كبيرة تجاه الشعب الفلسطيني. وفي هذا الصدد يأمل الفلسطينيون البناء على هذه الخطوة الأممية في انضمام فلسطين إلى منظمات دولية تابعة لردع إسرائيل أهمها “المحكمة الجنائية الدولية التي تتيح لفلسطين تقدم الشكاوي ضد الاحتلال ومُمارساته”. والمُلاحظ أنه عقب الخطوة الأممية لدولة فلسطين تسارعت بعض دول أوروبا في إدانة سياسة الاستيطان الإسرائيلية في الضفة الغربية مما زاد من حدة غضب تل أبيب ودفعها إلى دعوة الاتحاد الأوروبي بعدم التدخل في الصراع بين إسرائيل والفلسطينيين، وأن ينشغلوا في المشاكل القائمة في أوروبا. ونوه تقرير فلسطيني صادر عن “المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان” بأن الاحتلال صعد نشاطه الاستيطاني “بشكل غير مسبوق عام 2012″ وأوضح أن “حكومة نتنياهو صعدت من نشاطها الاستيطاني ببناء آلاف الشقق السكنية في الضفة، خاصة منطقة القدس، وطرح المزيد من المخططات، وعمليات سلب ونهب الأراضي الفلسطينية لصالح توسيع المستوطنات في الضفة الغربية”.
- اليمن.. رحل صالح وبقي نظامه
أرغم الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح على التخلي عن السلطة في بلاده بعد 33 عاما من وجوده في سدة الرئاسة، حيث سلم السلطة إلى نائبه عبد ربه منصور هادي الذي انتخب في 21 فيفري 2012 رئيسا للبلاد. وتنازل صالح عن السلطة لنائبه جاء بناء على مبادرة خليجية حظيت بدعم أمريكي ودول أخرى، ولقيت ترحيبًا غالبية من ثاروا ضد نظام صالح من اليمنيين. وظل صالح مُتمسكًا بالسلطة لحوالي عام تقريبا رغم الاحتجاجات الشعبية العارمة التي شهدتها البلاد ضد حُكمه، وعلى الرغم من تعرضه لمحاولة اغتيال عندما سقطت قذيفة على مسجد القصر الجمهوري أثناء أدائه الصلاة مع مسؤولين حكوميين آخرين، وإصابته بحروق بليغة في أنحاء مختلفة من جسده في الحادث.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.