أكد الرئيس المصري محمد مرسي أنه لن تكون هناك ثورة ثانية، ورفض في تصريحات لصحيفة "الغارديان" البريطانية نشرتها أمس، الدعوة لانتخابات رئاسية مبكرة. وأكد أنه لن يسمح بأي انحراف عن أحكام الدستور وأن استقالته المبكرة قد تضعف شرعية من يأتي بعده ما يحدث حالة من الفوضى التي لا نهاية لها، مضيفا "إذا ما غيرنا مسؤولا منتخبا وفقا للشرعية الدستورية، فإن آخرين سيعارضون الرئيس الجديد، وبعد أسبوع أو شهر سيطالبونه بالتنحي.. لا مجال لحديث يتناقض مع الشرعية الدستورية، ربما تكون هناك مظاهرات وأشخاص يعبرون عن آرائهم. ولكن المهم وسط كل هذا هو تطبيق الدستور. فهذه مسألة حيوية". وذكرت الصحيفة أنها عندما سألته عما إذا كان واثقا بأن الجيش لن يقدم على السيطرة على حكم الدولة التي أصبحت الأوضاع فيها خارجة عن السيطرة، أجاب "جدا". وقال مرسي إن الإعلام الخاص يبالغ في تصوير قوة خصومه، موضحا "يركز على مواقف صغيرة ويبالغ فيها وكأن الدولة كلها تعيش حالة من العنف". ورفض مرسي تحديد الدول التي تتدخل في الشأن المصري، ولكنه أكد حدوث ذلك. وعما إذا كان يقصد السعودية والإمارات، أجاب مرسي "لا، أنا أتكلم عموما. كل ثورة لها أعداؤها، وهناك أشخاص يريدون عرقلة مسيرة الشعب المصري نحو الديمقراطية". واعترف مرسي لأول مرة في تصريحات للإعلام الأجنبي بأنه نادم على إصدار الإعلان الدستوري الذي منحه سلطات واسعة. وقال "لقد ساهم بصورة ما في إشاعة حالة من سوء الفهم في المجتمع". وأكد مرسي للصحيفة أن عزوف المعارضة عن المشاركة في العملية السياسية هو الذي أدى إلى المأزق الحالي. وتحولت مصر أمس، إلى ساحة مواجهات مفتوحة بين أنصار مرسي ومعه "الإخوان المسلمون"، والمعارضة، حيث نشبت اشتباكات عنيفة ما أسفر عن وقوع عدة إصابات. وشهدت المحافظات المصرية تظاهرات مؤيدة لشرعية الرئيس وأخرى مناوئة تطالب بانتخابات رئاسية مبكرة. وقال مدير تحرير "الأهرام المسائي" ياسر أبو شامية إن مصر ليست ملك فصيل واحد، كاشفا عن محاصرة مقر الوحدة المحلية لمدينة سمنود التابعة لمحافظة الغربية من قبل المتظاهرين، وذلك يدخل ضمن خطة الشروع في العصيان المدني. كما تزايدت أعداد المتظاهرين في ميداني التحرير ورابعة العدوية بالقاهرة، بالإضافة إلى ساحات مختلفة بالعديد من المحافظات وسط مخاوف من اندلاع مواجهات بين الجانبين، بينما عززت وحدات من الجيش انتشارها في محيط المنشآت الحيوية في أنحاء متفرقة من مصر. وفرض المتظاهرون في معسكري التحرير ورابعة العدوية طوقا أمنيا لمنع تسلل مهاجمين، وأقاموا العديد من لجان التفتيش فيما أغلقت الطرق والشوارع المحيطة مما تسبب في حالة اختناق مروري. وقالت تقارير في أنحاء متفرقة من مصر إن الاستعدادات للمظاهرات من الجانبين بلغت ذروتها، والكل يرفع شعار "لا تراجع لا استسلام"، ولم يعد هناك أي مجال للإنصات لدعوات التهدئة والحوار التي قدمتها قوى سياسية ومؤسسات دينية. ودعا عصام الحداد -مساعد رئيس الجمهورية للعلاقات الدولية- المشاركين في الاحتجاجات السلمية أن يعزلوا أنفسهم بوضوح عن البلطجية "الذين يستخدمونهم كغطاء" وذلك مع توقع مزيد من الاحتجاجات في الأيام المقبلة. كما دعا الحداد عبر فيسبوك الزعماء الذين يدعون إلى هذه الاحتجاجات "للابتعاد عن لغة العنف وتحويل الذين يعارضونهم إلى شياطين". من ناحية أخرى، دعت حملة "تمرد" ملايين المصريين -الذين قالت إنهم وقعوا على وثيقة تدعو لسحب الثقة من مرسي- إلى التظاهر والاعتصام والعصيان المدني. وقال المتحدث باسم الحملة محمود بدر في مؤتمر صحفي بمقر نقابة الصحفيين المصرية إن الحملة "جمعت 22 مليونا و134 ألفا و465 توقيعا على مطلب سحب الثقة من الرئيس مرسي وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة". كما دعا رئيس حزب الدستور ومنسق جبهة الإنقاذ المعارضة محمد البرادعي إلى الخروج في مظاهرات "لاستعادة الثورة" وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة والمطالبة بدستور جديد. وقال إن "الدولة تتآكل وتنهار، نريد من الرئيس محمد مرسي أن يستجيب لما يقوله الشعب بدستور ومصالحة وطنية، ولا بد أن نعيش معا". كما عبر رئيس التيار الشعبي حمدين صباحي عن إدانته العنف، لكنه قال إن "طوفان الشعب المصري لن يستطيع أي طاغية أن يوقفه". وأضاف أن "السلمية سلاحنا، ندين كل أشكال العنف التي وقعت أمس، وكل هجوم على مقرات الإخوان أو حزبهم، فنحن لا نحارب حجرًا، وإنما سياسات مستبدة وفشلا عن الوفاء باحتياجات الناس".