رئيس الجمهورية يجري محادثات على انفراد مع نظيره اللبناني    رئيس مجلس الأمة يستقبل سفير المجر لدى الجزائر    افتتاح صالون "تمويل 2025" لدعم الاستثمار بمشاركة أزيد من 40 عارضا    رقمنة : قافلة متنقلة لتكوين الشباب في القطاع عبر أربع ولايات في سبتمبر المقبل    باريس تحتضن ندوة ايكوكو ال49 لدعم حقوق الشعب الصحراوي    العدوان الصهيوني على غزة: وكالات أممية تحذر من نقص الغذاء والمجاعة في القطاع    البطولة العربية للأمم ال 26 لكرة السلة /رجال: المنتخب الجزائري يفوز على نظيره القطري (92-66)    السيدة مولوجي تبرزأهمية الاتفاقية بين قطاعي التضامن الوطني والصناعة في دعم إنتاجية المؤسسات الصناعية    تمنراست: سيشرع في الأيام القادمة في الإجراءات المتعلقة بفتح مصالح المستشفى الجديد بسعة 240 سرير    لماذا تعجز إسرائيل عن الانتصار حتى الآن؟    هندسة التجويع كمنهج إبادة    بينهم 15 سيدة و12 طفلا..استشهاد 62 فلسطينيا بقصف إسرائيلي على غزة    المجلس الأعلى للشباب : تعزيز آفاق التعاون في مجال الشباب بين الجزائر والصين    المدرسة الوطنية العليا للذكاء الاصطناعي:بداري يزور مركز بيانات متخصص في تطبيقات الذكاء الاصطناعي    تحت شعار "صيفنا لمة وأمان" : حملات نظافة واسعة النطاق عبر ولايات الوطن    توقرت.. دورة تكوينية حول كيفية استعمال مطفأة الحرائق    المجاهد والكاتب والروائي الكبير، رشيد بوجدرة:الكتّاب الممجدون للاستعمار "ظاهرة ظرفية" آيلة إلى الزوال    الجزائر العاصمة : ندوة علمية حول ديناميكية الساحل الجزائري وعلاقته بالمواقع الأثرية    بإشراف من العميد محمّد المأمون القاسمي الحسنيّ..صدور العدد الأوّل من دوريّة "الجامع"    المستشار الرفيع للرئيس الأمريكي : زيارتي للجزائر بداية للعمل المشترك من أجل مستقبل أكثر ازدهارا    السيدة نبيلة بن يغزر رئيسة مديرة عامة لمجمع "صيدال"    عرقاب يستقبل بولس    وزير العدل يبرز جهود الدولة    الرئيس يُكرّم المتفوّقين    هذه توجيهات وزير الثقافة والفنون    قانون التعبئة العامّة يصدر بالجريدة الرسمية    هذه إستراتيجيات الجزائر لتحقيق الأمن الغذائي    العدوان الصهيوني على غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 60034 شهيدا و145870 مصابا    الوزير الأول يستقبل سفير باكستان بالجزائر    الألعاب الإفريقية المدرسية/الجزائر2025: ثلاثة اختصاصات في أدوار متقدمة من أجل احراز ميداليات في اليوم الثالث من المنافسات    الألعاب الإفريقية المدرسية-2025: السباحة الجزائرية تحرز على خمس ميداليات منها ثلاث فضيات في نهائيات اليوم الاول    تواصل موجة الحر عبر عدة ولايات من جنوب البلاد    حريق بمستشفى تمنراست: 3 وفيات و4 جرحى    المخالفات التجارية تتواصل وأعوان قمع الغش بالمرصاد    "سونلغاز" تضبط برنامجا خاصا    ارتفاع حالات وفيات المجاعة وسوء التغذية في غزّة    تكثيف الجهود من أجل ضمان تعافي سوريا    وكالة "عدل" تردّ على استفسارات أصحاب الملفّات المرفوضة    500 مليون دولار في المرحلة الأولى لانجاز مشروع "بلدنا"    استراتيجية شاملة لمكافحة جرائم التقليد والقرصنة    معرض التجارة البينية دعم للسيادة الاقتصادية للجزائر    تجربة سياحية متوازنة ب"لؤلؤة الزيبان"    شان-2024 (المؤجلة إلى 2025) – تحضيرات : المنتخب المحلي يواجه موريتانيا وديا    مكافحة التقليد والقرصنة: توقيع اتفاقية بين المديرية العامة للأمن الوطني والديوان الوطني لحقوق المؤلف    غوارديولا.. من صناعة النجوم إلى المدربين    وفود إفريقية تعبر عن ارتياحها لظروف الإقامة والتنظيم الجيد    من أسماء الله الحسنى.. "الناصر، النصير"    الابتلاء.. رفعةٌ للدرجات وتبوُّؤ لمنازل الجنات    ثواب الاستغفار ومقدار مضاعفته    عنابة تفتتح العرس بروح الوحدة والانتماء    هدفنا تكوين فريق تنافسي ومشروعنا واحد    لا يوجد خاسر..الجميع فائزون ولنصنع معا تاريخا جديدا    مهرجان الأغنية الوهرانية يسدل ستاره    شبكة ولائية متخصصة في معالجة القدم السكري    منظمة الصحة العالمية تحذر من انتشار فيروس شيكونغونيا عالميا    النمّام الصادق خائن والنمّام الكاذب أشد شرًا    إجراءات إلكترونية جديدة لمتابعة ملفات الاستيراد    رموز الاستجابة السريعة ب58 ولاية لجمع الزكاة عبر "بريدي موب"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رحل الترابي فمن يملأ الفراغ الذي تركه..

غيّب الموت، مساء السبت المفكر الإسلامي والسياسي المخضرم حسن الترابي عن عمر يناهز 84 عاماً، بعد 5 عقود أمضاها في زعامة الحركة الإسلامية وصدارة المشهد السياسي السوداني.
وبدأت مسيرة الترابي السياسية عندما التحق بجماعة الإخوان المسلمين أثناء دراسته في كلية الحقوق بجامعة الخرطوم، في خمسينات القرن المنصرم.
آنذاك كانت عضوية جماعة الإخوان، التي كانت تمثل امتداداً للجماعة الأم في مصر، تقتصر على طلاب جامعة الخرطوم، لكنه بعد أقل من عقدين حوّلها لواحدة من القوى الرئيسية في السودان.
وعندما تخرج في كلية الحقوق واصل دارسته العليا بجامعة أكسفورد البريطانية، وحاز على درجة الماجستير منها عام 1957، قبل أن ينال درجة الدكتوراه في القانون الدستوري من جامعة السوربون بفرنسا عام 1964.
أستاذ في القانون
وبعد عودته من فرنسا عمل المفكر السوداني أستاذاً للقانون في جامعة الخرطوم، وسرعان ما لمع نجمه بلعبه دوراً محورياً في تعبئة طلاب الجامعة للإطاحة بالحاكم العسكري وقتها إبراهيم عبود.
كان الترابي في صدارة الثورة الشعبية التي أطاحت بالحكم العسكري في أكتوبر عام 1964، إلى جانب قوى سياسية أخرى، وهو ما سهل لاحقاً انتخابه زعيماً لتنظيم الإخوان المسلمين في السودان.
وبفعل الكاريزما التي اكتسبها الرجل من ثورة أكتوبر، استطاع أن ينظم جماعته لخوض الانتخابات، والفوز بثلاثة مقاعد برلمانية، ورغم قلّتها إلا أنها كانت مؤشراً على الشعبية التي سيكتسبها التنظيم لاحقاً.
خلافات
لكن طموحات الرجل السياسية تسببت في خلافات بينه وبين قادة آخرين في التنظيم الإسلامي، خصوصاً عندما عمد إلى تبني منهج استقلالي عن الجماعة الأم في مصر.
ونجح الترابي في تسويق فكرته لدى القطاع الأوسع من الجماعة، ولم يعد مرتبطاً تنظيمياً بالجماعة الأم في مصر، لكنه احتفظ بعلاقات جيدة معها.
ولم تكن تحفظات الترابي على الجماعة الأم تنظيمية فقط، بل فكرية أيضاً عندما طرح آراء مغايرة، لاسيما قضايا المرأة والحكم والأقليات.
واستفاد السياسي السوداني البارز من الحقبة الديمقراطية التي تلت إسقاط نظام عبود، لبناء تنظيمه، لكن ذلك لم يدم طويلاً، حيث نفّذ الشيوعيون (الخصم التقليدي للإسلاميين) انقلاباً عسكرياً عبر عناصرهم بالجيش في 1969.
بعدها تحالف الإسلاميون مع أكبر حزبين في البلاد وهما "حزب الأمة القومي" و"الحزب الاتحادي الديمقراطي"، لمواجهة الحكومة العسكرية الجديدة.
وفي تلك الأعوام اعتقل الترابي أكثر من مرة لأسباب تتصل بالأساس ب"تحريض الطلاب على تنفيذ احتجاجات متقطعة ضد الحكومة"، علاوة على "تخطيط التحالف المعارض الذي كان يقيم أغلب قادته بالخارج لعمل عسكري لإطاحة الحكومة".
وفي عام 1976 فشلت قوات مسلحة تابعة للمعارضة في الإطاحة بالحاكم العسكري جعفر نميري، بعد دخولها الخرطوم عبر الصحراء من ليبيا، حيث كانت مدعومة من الرئيس الليبي السابق معمر القذافي.
ومثلت هزيمة قوات المعارضة ومقتل عدد كبير من عناصرها انتكاسة في مسيرة التحالف، ودفعت "حزب الأمة"، وجماعة الإخوان المسلمين، إلى إبرام اتفاق مصالحة مع الحكومة في 1977، رفضها "الحزب الاتحادي".
وبناءً على اتفاق المصالحة حلّ الترابي جماعته، وانضم لتنظيم "الاتحاد الاشتراكي"، الحاكم آنذاك، من الناحية النظرية لكنه عملياً سعى لبناء تنظيمه سرياً، وبناء مؤسسات اقتصادية جعلته لاحقاً من أثرى التنظيمات السودانية.
وبسبب النشاط السري للجماعة تفجّرت الخلافات مجدداً بين الترابي وحكومة جعفر نميري، وأودع السجن مجدداً عام 1984.
انتفاضة شعبية
عاد مرة أخرى الإسلاميون لتنظيم الاحتجاجات مع قوى سياسية أخرى، توجت في عام 1985 ب"انتفاضة شعبية" أطاحت بالحاكم العسكري، وخرج على إثرها الترابي من السجن مع عشرات المعتقلين السياسيين.
وفي الانتخابات التي تلت الانتفاضة نجح الإسلاميون في الحصول على ثالث أكبر كتلة برلمانية، ودخلوا بموجبها في حكومة ائتلافية مع "حزب الأمة"، الذي حصل على الكتلة الأكبر من المقاعد.
لاحقاً نشبت خلافات بين "حزب الأمة" وتنظيم الإسلاميين، الذي انسحب من الحكومة قبل أن ينفذ انقلاباً عسكرياً عبر عناصر يتبعون له في الجيش، وعلى رأسهم الرئيس الحالي عمر البشير في عام 1989.
ورغم تولي البشير رئاسة الجمهورية إلا أن الرأي العام كان ينظر للترابي بوصفه الحاكم الفعلي للبلاد، وكان هذا مع أسباب أخرى فجّرت خلافات بين الرجلين حول النفوذ انتهت إلى عزل الترابي من كل مناصبه في عام 1999.
بعدها أسس الترابي حزب "المؤتمر الشعبي"، الذي خاض معارضة شرسة ضد البشير.
وعلى مدار السنوات ال15 الماضية اعتقل جهاز الأمن السوداني الترابي أكثر من مرة ولعدة أشهر، تحت دعاوى مختلفة منها "التخطيط لانقلاب عسكري".
خلافات مع البشير
واعتقل السياسي البارز عام 2009 بعد تأييده اتهامات المحكمة الجنائية الدولية للبشير ب"ارتكاب جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، وإبادة جماعية"، في إقليم دارفور غربي البلاد، حيث يشهد الإقليم صراعاً مسلحاً بين القوات الحكومية السودانية وحركات معارضة مسلحة تسعى لإسقاط البشير.
ويقول قادة حكوميون إن "حركة العدل والمساواة" - أقوى الحركات المسلحة في دارفور - هي الجناح العسكري لحزب الترابي، حيث اعتقل جهاز الأمن السوداني الأخير عقب غزو الحركة للعاصمة السودانية عام 2008.
لكن في الأشهر الأخيرة تحسنت علاقة الترابي بالحكومة عندما قبل دعوة للحوار الوطني، طرحها الرئيس البشير وقاطعتها غالبية فصائل المعارضة الرئيسية.
وفي ذلك الوقت، فسّر مراقبون التحول المفاجئ في قرار الترابي بعد خصومته الشرسة مع البشير بأن "الرجلين يطمحان إلى توحيد الحركة الإسلامية، التي تنازعا على ورثتها بسبب الهجمة التي يتعرض لها الإسلاميون في المنطقة".
لكن مسؤولون من الحزبين درجا على نفي ذلك، والتأكيد أن دافعهما إلى الحوار هو المصلحة الوطنية فقط.
وبغض النظر عن دوافع الترابي يبقى مؤسفاً للآلاف من أنصاره أنه رحل قبل انتهاء الحوار الذي طالما قال إنه يمثل له "تحدياً شخصياً لحلحلة الأزمات السودانية"، التي تبدأ بالحروب الأهلية في 3 جبهات، ولا تنتهي بالانقسامات السياسية وتردي الأوضاع الاقتصادية في البلاد.
وما يضاعف الأسف أيضاً وسط أنصاره أن غالبيتهم يجمعون على أنه لا يمكن تعويض من يرونه "مفكراً استثنائياً".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.