لا يتوقف القارئ الجزائري عن الجري وراء كتب التاريخ التي تؤرخ لمختلف الحقبات التاريخية، في محاولة لفهم الماضي العريق لبلادنا، بعدما زاد التعطش ووصل إلى ما قبل سنوات الثورة التحريرية المظفرة بكثير. إثر جولة بسيطة بمختلف الأجنحة، يتفاجأ القارئ بالإقبال الكبير على هذا النوع من الكتب، وهو ما قاد أغلب دور النشر الجزائرية في السنوات الأخيرة للتوجه نحو نشر كمٍ هائل من كتب التاريخ، خاصة تلك التي تتناولُ فترة حرب التحرير، وهو ما وقفنا عليه في هذه الطبعة والذي أسدل ستارهُ يوم أمس. فبعد عشرة أيام كاملة من التفاعل والعرض وعلى الرغم من احتفائها هذه السنة بالأدب، إلا أن التاريخ مازال يفرض نفسه بقوة. وأهم دور النشر الجزائرية، التي تصب اهتماماتها على الجوانب التاريخية للذاكرة الوطنية، دار"الشهاب، دار"الأمير عبد القادر"، دار منشورات"ألفا"، المؤسسة الوطنية للاتصال، النشر والإشهار "أناب"، دار "القصبة" والمؤسسة الوطنية للفنون المطبعية "إيناغ"، بحيث اعتبرت دار "الشهاب" اهتمامها بكتب حرب التحرير الوطني أولوية لا يمكنُ التغاضي عنها، فحسب سعيدة كرنوق، ممثلة الدار "الشهاب" والمكلفة بالإعلام فإنهم يهتمون بالدرجة الأولى بالكتاب التاريخي الذي يمسُ فترة الحرب التحريرية، مُقارنة بالفترات التاريخية الأخرى التي عرفتها الجزائر، مضيفة أّن أصحابها من الفاعلين في الثورة أو من الذين كانوا مقربين من القادة، كما يتم اختيار الأعمال من طرف لجنة قراءة تتكون من مُختصين في المجال، من بينهم المختص دحو جربال، حيث يتقصّون الحقائق ويُقدمون موافقتهم أورفضهم نشر العمل، مشيرة إلى أن عدد الكتب التاريخية الجديدة التي تنشرها الدار سنويا تقارب العشرة، معظمها باللّغة الفرنسية، التي تقابلها نسخٌ مترجمة للعربية، معلنة من جهتها أن الكتاب التاريخي يأتي الثاني في قائمة المبيعات بالدار. وفي هذا السياق، عرضت دار النشر "ألفا" كتبا تاريخية جديدة في هذه الطبعة، بالرغم من أن اهتماماتها قليلة بهذا المجال، ولكنها وضحت أن تلك الكتب التاريخية المعروضة في الجناح قد نشرت سابقا، فيما أوضح مستشار مدير "لاناب " أن الكتب التاريخية تكلف 25 من المائة من ميزانيتهم، بحيث تروجُ هذه الأخيرة الأعمال التي تمّس التاريخ والتراث، حسب ما صرح به سيد علي صخري، مؤكدا أن الكتب التاريخية تمّس مستشار رئيس المؤسسة الوطنية للإتصال، النشر والإشهار، مؤكدا في أن نسبة تمويل المؤلفات التاريخية تصل إلى خمسة وعشرين بالمائة من مجمل الكتب المنشورة سنويا، ومشيرا في ختام مداخلته أّن مؤسسته تحتكم إلى ثمانية كتب تاريخية جديدة. أما ممثل "دار القصبة" فيقول بهذا الشأن: "نحن ننشر أكثر من خمسين كتابا عن التاريخ سنويا. اهتمام الدار منذ تأسيسها بالشق التاريخي راجعٌ إلى وزنه الوطني على كّل مستوياته، بحيث تتناول كل ما يتعلق بتاريخ البلد العميق، رغم أّن اهتمام القارئ ينصب بالدرجة الأولى على رغبة الاطلاع على الأدب وجديده، مُشيرا إلى أن الدار تصدر أكثر من خمسين كتاباً في التاريخ سنويا، وهو ما لا تحّققه دور نشر فرنسية معروفة، مع الإشارة إلى عرضها ل15 كتابا جديدا في التاريخ في هذه الطبعة. يقول ممثل "إيناغ" من جهته بهذا الخصوص إنهم قاموا بإثراء الحقل التاريخي بثمانية مؤلفات جديدة.