أصدرت دار خيال للنشر والترجمة الكائن مقرها بولاية برج بوعريريج، كتابا يخلد ذكرى الشاعر والناشط الثقافي ميلود عبد القادر الذي غادرنا قبل أشهر، حيث اعتبرته الدار هدية أو تكريمًا بوصف آخر، وجاء العمل بعنوان “شموع ثقافية لا تنطفئ بحد الشكالة” جمع وتنسيق محمد مشلوف والطيب بن ربعية. وقدم العمل مدير الدار الكاتب رفيق طيبي قال فيه “لم يكن ميلود عبد القادر شاعرا عاديا يكتفي بالكتابة بوصفها فعلا حيويا قد تُغني الشاعر عن أفعال أخرى، لكنه اختار أن يكون شمعة في عصر امتاز بتعدد مصادر العتمة والقلق والريح التي من شأنها أن تطفئ كل مصدر للنور مهما كان صلبا. ميلود عرفته الجزائر مناضلا ثقافيا مؤمنا بأن الغد سيكون أفضل من خلال الثقافة، هذه الأخيرة التي انتفى فيها سنوات طويلة وحاول أن يصنع من خلالها فضاءات تسع أحلامه وأحلام المثقفين الذين رافقوه وشاركوه التجربة. ويضيف طيبي، أن هذا العمل دليل نهائي على أن ميلود عبد القادر لم يعبر الحياة كأي شخص، وعلى أنه لم يكن أيضا شاعرا عاديا مثلما سبق وقلت، بل شكّل وجوده مقاما من مقامات الجمال ويعتبر رحيله مقاما للخلود، فلا يمكن بأي شكل أن يُنسى وقد ترك مكانه شاغرا ومحاطا بأصدقاء يتحلّقون في هذا الكتاب الذي جاء معبّرا عن تراجيديا فقد مفاجئ من جهة وعن رغبة كل أصدقاء الشاعر في تخليد مواقفهم منه ورؤاهم تجاهه كشاعر وإنسان وناشط ثقافي لم يسترح إلاّ بموت نقله نحو فضاءات قد تكون أوسع لروحه المُشعة والمحبة للشعر والإنسان والجمال أينما وجد. يُذكر أن الراحل ميلود عبد القادر المعروف باسم “عمر الغريب”، سفير بلدية حد الشكالة التي غادرها سنة 1984، شاعر ورئيس اتحاد الكتاب الجزائريين لفرع وهران، صدرت له عدة دواوين، من بينها ديوان “عمر الغريب”، وقدم في السنوات الأخيرة، عدة أدوار تلفزيونية ومسرحية، كما كان نشطا في الساحة الأدبية من خلال تنظيمه للأشعار من فصيح وشعبي وإشرافه على العديد من الملتقيات والفعاليات الأدبية، بالإضافة إلى دعمه وتشجيعه ومرافقته للمواهب الشابة في عالم الإبداع. وقد اختص الراحل في مجال الأدب الشعبي وظفر بالعديد من الجوائز طيلة مسيرته الأدبية، وكان الفقيد -حسب معلومات من صفحة أخبار بلدية حد الشكالة بفيسبوك- قد أدلى في تصريحه لصحيفة “البديل” بكتابته للشعر بأنواعه، مضيفا أنه ليس للشعر لغة معينة أو محددة، بل أنه ملزم بالارتباط بالصدق. أما عن تكليفه برئاسة فرع وهران للاتحاد الكتاب الجزائريين، فاعتبره الراحل واجبا وطنيا فهو كمبدع جزائري يحزنه أن يرى خلو مدينة وهران من هذا العملاق (اتحاد الكتاب الجزائريين) من الناحية الإدارية، أما الكتّاب فموجودون باختلاف اتجاهاتهم في غياب الفكر على أن يتحد مبدعو وهران تحت لواء اتحاد واحد. وافته المنية يوم 3 سبتمبر 2019 بوهران ودفن بمقبرة واد الفل حد الشكالة. في إحدى قصائده “أنا الشاعر الكذاب” يقول ميلود عبد القادر “أتمنى أن أُسجن في قضبان من تراب”.