لا يخلو مجلس تدور فيه الحوارات في البداية بلون وردي، ليتحول الحديث فيما بعد إلى تراشق بالعبارات الجارحة والنقد السلبي، لأن كل شخص يعبر عن رأيه دون مراعاة مشاعر الآخرين، وإذا لم يستطع ذلك مباشرة، مرر ما يريده من نقد أو سخرية عن طريق المزاح، ما يؤدي إلى فتور أو قطع للعلاقات. لمعرفة آراء الناس حول الموضوع، وجهنا عددا من الاستفسارات لبعض الأشخاص، وهي: هل تعرضت لتعليق سلبي؟ وكيف تصرفت؟ وهل تتقبله إذا كان عن طريق المزاح؟ النقد وسيلة للتعرف على وجهة نظر الأخرين من جهتها قالت السيدة هدى "النقد وسيلة للتعرف إلى وجهة نظر أخرى لأمور قد نكون غير منتبهين لها، ولكن بالتأكيد لا يكون في مجلس عام، حتى وإن كان على سبيل المزاح، وأعتبره نقصا في أدب الحديث والمجالس وخارج عن اللياقة واللباقة". أتقبل أي تعليق سلبي عن طريق المزاح أما عبد الرحمان فقال: «نعم، تعرضت لتعليق سلبي، ونظرت للتعليق بطريقة إيجابية حتى أعدل من نفسي، وطبعا أتقبل أي تعليق سلبي عن طريق المزاح، وأستطيع أن أوجه النقد لأي شخص بطريقة غير مباشرة، بدون أن ينتبه الموجودون في المجلس». أتقبل إذا كان من شخص قريب وقال الشاب محمد: "إذا كان التعليق السلبي سليما، سأتقبل النقد وأسمع للآخر، ولو كان لي رأي آخر سأوضح وجهة نظري، أما من باب المزاح، فأنا دائما أتقبل إذا كان من شخص قريب، لكن إذا كان من غريب وتمادى، فلا أسمح بذلك وأوقفه، وبالنسبة لي، إذا أردت توجيه نقد لأي شخص، فيكون دائما موزونا، حتى لا أكون قد تجاوزت حدودي". الكثير من الأشخاص يمزجون السم بالعسل هذا وتقول السيدة سميرة: "بما أنني أستاذة وأخرج دائما، ألتقي عدة أجناس من البشر، وحتما أواجه نقدا موجها لمهنتي أو لي شخصيا، ولا أحد يحب أن ينتقد سلبيا، ونحتاج إلى الثناء لتعزيز ثقتنا وتقديرنا لأنفسنا، بالمقابل يجب أن نكون دائما على أهبة الاستعداد ونرد بعد تأن، فالمسألة تحتاج أحيانا إلى صبر وحكمة عقل، لأن ما ستقوله سيحسب عليك سلبا أو إيجابا، ونحن كأساتذة، نمثل وطننا في، لذا يجب أن نرد بما قل ودل، أما عن المزاح، فالكثير من الناس يخلطون السم بالعسل، فيأتي نقدهم بطريقة مزحة أو نكتة". هناك من يحرجك في مزاحه وفي هذا الإطار يقول الصحفي موسى: "يتعرض الإنسان لتعليقات المحيطين به، أما تصرفي فيختلف بحسب الشخص الذي وجه التعليق لي، فالصديق أقبل منه، والغريب الذي لا أعرفه لا أقبل منه، وتقبلي للنقد بالمزاح يتوقف على نوع المزاح، فهناك من يهدف من المزاح للابتعاد عن إحراجك، وهناك من يحرجك في مزاحه، وهنا لا أقبل، وأوجه النقد بصورة عامة دون النظر إلى الشخص الذي أقصد توجيه الرسالة إليه". محيط العمل تكثر فيه الانتقادات من جهته أكد السيد جمال الدين موظف في مؤسسة عمومية: "محيط العمل تكثر فيه الانتقادات السلبية، إما من باب التقليل من قيمة الشخص المنتقد وتهميشه، مما سبب تسريبا للموظف الكفء، والتصرف السليم هو عدم الوقوف عند هذا الانتقاد، بل الاستمرار في العمل بدون الالتفات لهذه الانتقادات، أما المزاح بالانتقاد فهو غير مقبول قطعيا في العمل". ليس كل ما يقال عن طريق المزاح يقبل وتقول الشابة صورية: "تعرضت للنقد السلبي، وليس كل ما يقال عن طريق المزاح يقبل، وإذا أردت توجيه نقد سلبي في العمل أو المجلس، لن أوجه انتقادا لشخص بناء على شخصيته، بل على تصرف غير مقبول". عملية التربية على احترام النفس ضمانا لاحترام حق الآخر يرى أهل الاختصاص الاجتماعي، "أن ضرورة استحضار معيار (الاحترام) الذي يعتبر حقا مفروضا لكل فرد تجاه الآخر حتى ولو لم يكن بينهما أي ود أو استلطاف، وفكرة حقوق الإنسان تتمحور حول حق كل المخلوقات البشرية أن تكون لها حقوق معينة في كل مكان وزمان في كل دوائر الحياة المختلفة وبكل أنواع العلاقات بين الإنسان وزميله الإنسان"، فجميعنا نعلم بأن كل إنسان لديه قوة أكثر من غيره، مع أخذ الظروف بعين الاعتبار إن كانت قوة جسدية أو قوة من أسباب أخرى، مثل: مكانة اجتماعية، المال، الموهبة، ولا يمكن أن يحافظ على حقوق الإنسان إلا الإنسان نفسه، لذا تصبح عملية التربية على احترام النفس ضمانا لاحترام حق الآخر، مسئولية مجتمعية". تعدد الشخصيات في المجالس والحياة اليومية أمر شائع هذا ويرى أهل الاختصاص النفس أن تعدد الشخصيات في المجالس والحياة اليومية أمر شائع، فكل فرد منا يتواجد وسط هذه المنظومة الاجتماعية المتنوعة في العمل، وفي كثير من الأوقات نشاهد أو نسمع عن أشخاص يقذفون كلاما غير لبق أو لائق بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، وتصبغ هذه الألفاظ انتقاد جارح أو استهزاء، وتؤثر هذه الكلمات بالتأكيد على الطرف الآخر، بحزن، أو غضب، وقد تنتج عنها ردة فعل عنيفة، مما يؤدي لحدوث مشاجرات ومشاحنات بين الطرفين".