أصدر المجاهد بلعربي خالد أول مؤلف له بعنوان « مسار جهنمي لناج بأعجوبة» الصادر عن دار النشر « النظر « بوهران ، حيث قال المجاهد إنه قرر نشر مذكراته و هو على قيد الحياة حتى لا تتعرض مسيرته الثورية للتزييف و التحريف ، لدرجة أنه اهتم بكل فاصلة ونقطة في فصول مؤلفه الذي اعتبره كنزا تاريخيا لابد من توريثه للأجيال و أمانة لأولاده وكل من يحب الجزائر ، خصوصا أنه يروي مذكرات لابد أن تقال وصورا لبعض المجاهدين و المناضلين الأحرار مثل المجاهد محمد فريحة رفيق دربه وصديقه ، ناهيك عن وثائق من الأرشيف ومقالات كتبها المجاهد في الجمهورية وعدة جرائد وطنية . كانت الساعة تشير إلى الثانية والنصف زوالا عندما ولجنا منزل المجاهد خالد بلعربي المدعو «سي عبد الخالق « والمولود في 21 أفريل 1937 بتيارت ، حيث راح يكشف لنا عن فحوى كتابه و أهم المجريات التاريخية التي عاشها إبان الثورة التحريرية المجيدة التي التحق بها وهو لم يتجاوز 17 سنة، من أجل المشاركة إلى جانب رفقائه في العمليات البطولية ضد المستعمر الفرنسي الغاشم، حيث قال المجاهد خالد إن أول عملية شارك فيها هي تلك التي جرت بحي «دالمونت « بوهران عندما تم إحراق ساحة «البولينغ» التي كان يلعب فيها الفرنسيون آنذاك ، أما الثانية فكانت عملية حرق مخزن الحلفاء الذي كان يملكه يهودي في شارع باتنة بحي فيكتور هوجو بوهران وربما كانت العمليتان بداية حقيقة للتغلغل أكثر في ميدان النضال الثوري و شحذ الهمم للدفاع عن القضية الجزائرية وحرية تقرير المصير . أول اعتقال ومهام سياسية وعسكرية وبكثير من الوطنية تحدث المجاهد خالد بلعربي عن المواجهة الخطيرة و الإشتباك الرهيب الذي حدث في منزل «رقيق محمد» بشارع بسكرة بحي فيكتور هوجو، والتي نتج عنها حسبما ما أعلنته الصحافة آنذاك استشهاد أكبر مقاومين جزائريين وهما بن فضيل سليمان وحماموش من مستغانم، و إصابة المفتش فهيم والمفوض» أوغيست لوفافغ» حسبما كشفته الصفحة 41 من الكتاب الذي كشف فيه أيضا عن أول اعتقال له من قبل الفرنسيين الذي تمّ مباشرة بعد هذا الاشتباك عندما بلّغ عنه أحد «البياعيين»، ليتم أخذه مباشرة إلى « شاتوناف» بمكتب الشّرطة القضائية بشارع فيليب أين أمضى 3 أشهر كاملة هناك، بعدها أطلقوا سراحه لقلة الأدلة لكنه بقي تحت الرقابة القضائية الفرنسية. وفي جوان 1957 اندمج بلعربي خالد في خلية الشهيد بلجداد أحمد المدعو « سي بن عتروس «، رفقة فريحة محمد وصحراوي الحبيب، حاج الرومية علي، بن زخروفة هواري، محمد كرانتورة ، بن عربة فتيحة وغيرهم، لكن للأسف هذه المجموعة نفذ فيها حكم الإعدام بعد شهرين من إلقاء القبض عليهم في 8 مارس 1958، في حين حكم على بلعربي خالد بالسجن مدة 6 أشهر حبس نافذة و3 سنوات غير نافذة بتهمة إرهابي حسبما جاء في الصفحة 43 من الكتاب ، وفي آخر جوان 1959 إلى غاية أواخر سنة 1961 تقلد بلعربي خالد عدة مهام عسكرية ضمن صفوف الجبهة التحريرية كمسؤول سياسي عسكري و إداري بالتعاون مع بكنوفة سنوسي ، وبعد استشهاده عمل مع الحاج عبد الباقي، حيث سميت مجموعته الثورية ب « عبد الخالق « التي كانت تضم خيرة رجال الجزائر الذين لم يكونوا يخافون من الموت ولا الاستشهاد في سبيل حرية الوطن. قطار الجحيم كما تحدث بلعربي خالد في كتابه عن الأستاذ المحامي عابد محمد، حيث كتب في الصفحة 48 أنه في 16 ديسمبر 1961 كانت طائرة « هيليكوبتر» تحلق عاليا في سماء وهران وتطلق نشريات تفيد أن منظمة الجيش السرية (أو.آ.س) حكمت يوم 28 نوفمبر 1961 على المحامي عابد بالموت الذي تلقى عدة تهديدات من قبل المنظمة لأنه ظل يدافع عن القضية الجزائرية ، ومن أهم العمليات التي قام بها أيضا بلعربي خالد تلك التي المتعلقة بجلب السلاح من وجدة إلى الغزوات، حيث تعود وقائع الحيثيات إلى 6 جوان 1961 على الساعة الثانية والنصف زوالا عندما تم القبض عليه بتهمة الاعتداء على الأمن الفرنسي، لكنه لحسن الحظ استطاع الهروب من المحكمة بمساعدة أحد الحراس، بعدها تلقى أمرا بالخروج من وهران لأنه محل بحث من قبل الجنرال (ڤامبيز)، فأخذوه في شاحنة مملوءة بالبرتقال من وهران إلى الحدود وكان هناك في استقباله علال الذي أخبره أنه سيذهب في قطار متجه من الغزوات إلى وجدة بالمغرب، فاختبأ في القاطرة التي كانت تفوح منها رائحة أوكسيد الزنك، وهو ما وصفه برحلة جهنمية، عند وصوله إلى وجدة تم التحقيق معه من قبل عسكريين مغربيين، ليتم بعدها أخذه إلى مركز بن مهيدي من قبل حسناوي، و هو المركز الذي مرت به العديد من الشخصيات مثل هواري بومدين، عبد العزيز بوتفليقة، قايد أحمد، مدغري، بوصوف، بن بلة وآخرون... هناك كلفت بمهمة أخذ السلاح إلى الغزوات عن طريق القطار و في نفس القاطرة وسط أوكسيد الزنك المميت، فبالنسبة لخالد بلعربي كان عليه إما أن ينجح ليتم الإشادة ببطولاته أو يفشل ويموت كشهيد، ولحسن الحظ نجح المجاهد حسبما جاء في الكتاب في مهمته ، حيث استقبله الكابتان «عباس» الذي كان يقود العملية الثورية وقتها و قاموا بوضع السلاح في زاوية قرب تلمسان، وبعد الظهر غادر إلى وهران رغم المخاطر والتهديدات . وفيما يخص مرحلة بعد الاستقلال كتب بلعربي خالد أنه في أول سنة تولى مهمة فتح مستشفى وهران الذي ضمّ عددا من أطباء جبهة التحرير الوطني مثل الأستاذ طالب مراد منصوري ومنصوري مولاي أدريس ، وكذلك الدكتور بلصقة و الدكتور مجبر تامي، إلى جانب أطباء فرنسيين منهم بيتولي كارلمان، بورن وبن جينار ، أما المساعدين فهم يحيى الزوبير، بن خولة علي، نايت ، حميدو ، لزرق و دراجة نور الدين و أيضا عياد محمد ومحمود، وكانت مهمة خالد السهر على أمن الدكتور نايت مدير المستشفى، فكان حارسه الشخصي و مرشده ورجل الثقة الذي يصون أسراره، كما كان متكفلا بدفن الجثث المتعفنة التي كانت في المستشفى والكنيسة معا، وهي حوالي 300 جثة أو أكثر، وأغلبيتهم للمسلمين الذين تم قتلهم من قبل منظمة الجيش السرية (أو.آ.س).