دخل خط السكك الحديدية بين مستغانم و المحمدية عامه الأول منذ أن تم إعادة تفعيله في الصائفة الفارطة و الذي يضمن 3 رحلات يوميا ذهابا و إيابا بين المنطقتين في خطوة اعتبرها المتتبعون بالمشجعة ، وقد شاركت « الجمهورية « سكان مستغانم الرحلة الأولى في حدود السابعة صباحا انطلاقا من المحطة الرئيسية و على مسافة 44 كلم ، في محاولة لرصد ظروف السفر وجوانب أخرى وكذا نقل آراء المسافرين.وصلنا محطة القطار الواقعة بحي بايموت صباحا و التي لم تكن مهيأة بالشكل المطلوب. و يظهر عليها و كأنها محطة قديمة عبارة عن أرضية بها مكاتب ضيقة لبيع التذاكر و بدون قاعة انتظار باستثناء كراسي مثبتة في العراء لا يجلس عليها سوى النساء و المسنين ، في حين أن بقية المسافرين و الذين لم يتعد عددهم 30 شخصا بقوا واقفين ينتظرون إقلاع القطار بداية من الساعة 6 و 40 دقيقة ، وهو الوقت المحدد للرحلة الأولى .مع طول الانتظار بدأ الضجر يتسرب إلى الجميع و لم يتنفسوا الصعداء إلا عند إطلاق العنان لصافرة القطار ما أدخل البهجة إلى نفوس الأطفال المتواجدين بالرصيف. انعدام التكييف يرهق المسافرين و عند الصعود إلى القطار كان المشهد في الداخل مختلفا عن التصوّر الذي تخيلناه ، أول ما لفت انتباهنا هو الحر الذي شعرنا به في الداخل ، لكون العربات غير مكيفة ، كما أن النوافذ غير قابلة للفتح ، وهي عبارة عن زجاج مقاوم للكسر ، وفوقها نافذة صغيرة هي كل ما يسمح بدخول الهواء إلى المكان. كانت العربة الأولى شبه مكتظة بالعائلات وعشرات الأطفال ، كما عمد الجميع لربط قطع قماش بحامل الأمتعة وتغطية زجاج النوافذ بشكل كامل وذلك من أجل منح دخول أشعة الشمس الحارقة للداخل. وداخل العربة صخب كبير صنعه الأطفال . في حين كانت باقي العربات شبه شاغرة ولا يوجد بها سوى عدد قليل من المسافرين ، كما بدت أكثر اتساخا من الأولى و كان بعض الشبان يجلسون بالقرب من الدرج والأبواب مفتوحة في وقت كان القطار يسير بسرعة تقارب 40 كلم في الساعة ،على وقع الحر الذي صاحب الركاب طوال الرحلة المنهكة.إذ لم يقدر غالبيتهم على الرطوبة العالية و التي بلغت 100 في المائة داخل العربات التي أصبحت شبيهة بالأفران و الكل تمنى انتهاء الرحلة فيما فضل البقية استعمال المروحات اليدوية للتخفيف من شدة الحر . الركاب مستاؤون و يطالبون بتحسين الخدمات القطار كان يسير بكيفية بطيئة جدا، وفي الكثير من الأحيان يتوقف في المحطات كمزغران ثم حاسي ماماش فعين النويصي ثم فرناكة قبل الوصول إلى آخر نقطة و هي المحمدية ، كما أنه من الداخل غير مريح والمقاعد صلبة جدا وليست مهيأة للسفر، كما أن عدم وجود مكيّف هواء زاد من الأمر صعوبة ، و ساهم بشكل كبير في تسرب القلق والتوتر نفوس الركاب. في الجهة المقابلة كانت تجلس عائلة غير أننا لم نتمكن من معرفة عددها وذلك أن الأطفال كانوا يسيرون في كل الاتجاهات ويلعبون مع بعضهم البعض، سألنا رجلا عن انطباعه في الرحلة فأجاب :« أطلب من مسؤولي الشركة تحسين الخدمة و لا بأس في رفع سعر التذكرة بعد ذلك من 65 دج إلى 100 دج ، من خلال تخصيص عربات مكيفة وجديدة لأن هذه العربات قديمة وأصبحت غير قادرة على توفير الظروف المريحة للمسافرين أثناء السفر» مضيفا : « أعتقد أنني لن أعيد الكرة إلا إذا تم تحسين الخدمة». وفي الجهة المقابلة جلس رجل فوق كرسي مراقبا ولده الصغير وهو نائم على أرضية القطار ، تحدثنا معه عن ولده فقال: « لقد أرهقته الرحلة ونحن الآن لم نغادر إقليم ولاية مستغانم بعد، لم يستطع الصمود أكثر.. الحرارة ، وغياب الراحة كلها عوامل جعلت الرحلة منهكة» مسؤولو الشركة يؤكدون أن السرعة منخفضة لقدم السكة من جانبه ، أوضح مسؤول بالشركة الوطنية للنقل بالسكك الحديدية أن السرعة البطيئة التي تسير بها القاطرة تعود إلى قدم السكة التي لا تسمح لسائق القطار بالقيادة بسرعة عالية، إذ أنه في الحالات العادية يمكن للقاطرة أن تصل سرعتها إلى 80 كلم في الساعة، غير أنها في بعض الأحيان تنخفض إلى غاية 5 و10 كلم في الساعة ، وبالتالي فإن عنصر أمن المسافرين وسلامتهم أولوية لدى الشركة وخط أحمر» و أضاف « بالنظر للجانب التقني يعد تسيير القطار بمثابة انجاز كبير لأنه من واجب الشركة فعل ذلك من باب تقديم خدمة عمومية. و أردف يقول :« من بين الأمور التي لا يدركها المسافرون عموما هي قضية الصيانة ، إذ أن القاطرة يجب أن تخضع لصيانة دورية إجبارية مرات عدة ، وهو ما حدث مع القاطرة التي توجهت إلى المحمدية ، وعند وصولها إلى المحطة تخضع إلى الفحص الروتيني، مع التزوّد بالوقود.» علما أن الرحلة بين مستغانم و المحمدية تستغرق 50 دقيقة على مسافة لا تتعدى ال 44 كلم .