البرتغال تعلن الاعتراف رسميا بدولة فلسطين    انضمام الجزائر إلى "أيبا" منصة جديدة لإسماع صوت إفريقيا    الجزائر تحصد نجاحات دبلوماسية جديدة    مراجعة الإجراءات الخاصة بعمليات الاستيراد    لجنة لمتابعة إنجاز الخطين المنجميين الشرقي والغربي    هذه مواقيت سير القطار الليلي الجزائر – وهران – تلمسان    11 مؤسسة تربوية جديدة    التحاق 240741 تلميذ بمقاعد الدراسة    دولة فلسطين حقيقة راسخة بإقرار المجتمع الدولي    عادل بولبينة يستهدف لقب هداف البطولة القطرية    "الموب" يؤكد صحوته و ينفرد بالريادة    نزيف النقاط ب"بوعقل" يبدأ أمام الأبيار    الهلال الأحمر يوزّع 3 آلاف محفظة مدرسية    "السفنج" أو "الخفاف".. فأل خير بسنة موفقة    كاميرات المراقبة والمعاملة الجيدة شروط الأم عند اختيار الروضة    "حضرة وديوان"... تكريم وتجديد    تحرير للعقل وتفصيل في مشروع الأمير عبد القادر النهضوي    تظاهرة "الفن من أجل السلام"..أهمية استخدام الفن كوسيلة لترقية ثقافة السلم والتسامح    انضمام الجزائر كعضو ملاحظ إلى الآيبا: برلمان عموم أمريكا اللاتينية والكاريبي يهنئ المجلس الشعبي الوطني    بورصة الجزائر: سحب صفة ماسك حسابات وحافظ سندات مؤهل من بنك "بي إن بي باريبا الجزائر"    الدبلوماسية الصحراوية تحقق انتصارات حقيقية على الساحة الدولية    المهرجان الثقافي الدولي للمالوف بقسنطينة : محطات طربية ماتعة في السهرة الافتتاحية    عرض شرفي أول بقاعة سينماتيك الجزائر "عشاق الجزائر" .. قصة إنسانية بخلفية تاريخية    جامعة محمد بوضياف بالمسيلة : ملتقى وطني أول للترجمة الأدبية يوم 6 أكتوبر    الكونغو الديمقراطية : تفشي "إيبولا" عبء إضافي يُفاقم أزمة البلاد    الدخول الجامعي 2026/2025: قرابة مليوني طالب يلتحقون غدا الاثنين بالمؤسسات الجامعية    الهلال الأحمر يوزّع 200 ألف محفظة مدرسية    الأسرة والمدرسة شريكان    70 عاماً على معركة جبل الجرف الكبرى    مغني يستعيد ذكريات اختياره الجزائر    من يستحق الفوز بالكرة الذهبية؟    مُقرّرون أمميون يراسلون المغرب    عطّاف يوقع على اتّفاق دولي بنيويورك    بريد الجزائر يعتمد مواقيت عمل جديدة    تجارة خارجية: رزيق يترأس اجتماعا تقييميا لمراجعة إجراءات تنظيم القطاع    أمطار ورعود مرتقبة عبر عدة ولايات من الوطن ابتداء من يوم الأحد    ناصري يهنئ جمال سجاتي المتوج بميدالية فضية في سباق 800 متر بطوكيو    افتتاح الموسم الثقافي الجديد بعنابة تحت شعار "فن يولد وإبداع يتجدد"    إيطاليا تستبعد الكيان الصهيوني من المشاركة في معرض السياحة الدولي بفعل تواصل جرائمه في قطاع غزة    مولوجي تعطي إشارة انطلاق السنة الدراسية 2025-2026 لفئة ذوي الاحتياجات الخاصة    الدخول المدرسي 2025-2026: وزير التربية الوطنية يعطي إشارة الانطلاق الرسمي من ولاية الجزائر    قافلة تضامنية مدرسية    لقاء مع صناع المحتوى    بن زيمة يفضح نفسه    ستيلانتيس الجزائر توقع اتّفاقية    94%من الضحايا مدنيون عزل    تثمين دور الزوايا في المحافظة على المرجعية الدينية الوطنية    العاب القوى مونديال- 2025 /نهائي سباق 800 م/ : "سعيد بإهدائي الجزائر الميدالية الفضية"    فيلم نية يتألق    إقرار جملة من الإجراءات لضمان "خدمة نموذجية" للمريض    تحية إلى صانعي الرجال وقائدي الأجيال..    يعكس التزام الدولة بضمان الأمن الدوائي الوطني    تمكين المواطنين من نتائج ملموسة في المجال الصحي    أبو أيوب الأنصاري.. قصة رجل من الجنة    الإمام رمز للاجتماع والوحدة والألفة    تحوّل استراتيجي في مسار الأمن الصحّي    من أسماء الله الحسنى (المَلِك)    }يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ {    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحرير للعقل وتفصيل في مشروع الأمير عبد القادر النهضوي
ندوة "محمد أركون ونقد الفكر الدوغمائي" بالجاحظية
نشر في المساء يوم 22 - 09 - 2025

لم تكن نهاية مباراة جمعية وهران وشبيبة الأبيار التي جرت بملعب "الحبيب بوعقل" برسم الجولة الثانية من بطولة القسم الثاني للهواة، مفرحة للأنصار "الجمعاوة"، الذين صُدموا بتعادل بحجم الهزيمة لفريقهم، فرضه عليهم ضيفهم العاصمي، الذي كان ندا قويا حتى وهو في نقص عددي لقرابة 40 دقيقة، بعد طرد لاعبه بومليط لحصوله على بطاقتين صفراوين، وعجز الجمعية عن استغلال هذا الشيء بالنسبة للأبيار، من أجل تحقيق فوز ثان على التوالي، تؤكد به انطلاقتها الناجحة من بوابة شباب تموشنت.
أشار المحاضر إلى أنه استحضر عند دعوته لهذه المحاضرة كتاب أركون المعنون "تحرير الوعي الإسلامي، نحو الخروج من السياجات الدوغمائية المغلقة" بترجمة هاشم صالح، حيث خصّص أركون في الفصل الثاني المعنون "إعادة التفكير مجدّدا في المفاهيم الرئيسية الثلاثة دين دولة دنيا، عنوان فرعي موسوم ب "الأمير عبد القادر الجزائري صورة شخصية"، وبالتالي وقف الأستاذ بوسعدية في الندوة عند "نقد الفكر الدوغمائي: الأمير عبد القادر في مرأة الفكر الأركوني بين التاريخ والذاكرة الجماعية نموذج لنقد الفكر الدوغمائي".
المشروع الفكري لأركون
لخّصت هذه الندوة المشروع الفكري لمحمد أركون، حيث أنّ "آلية النقد" تمثّل المنهج الرئيس في فكر أركون، فقد استعمل النقد التاريخي والنقد الأنثروبولوجي والنقد الألسني والنقد المعرفي الفلسفي قصد تحليل الفكر الدوغمائي (تفكير يقيني جزمي أو تعسفي يعكس حالة من الجمود) وتفكيكه وزحزحته، وهذا الأخير أي الفكر الدوغمائي لا يقتصر على التراث العربي الإسلامي كما يظنّ أغلب جمهور المسلمين، بل إنّ الفكر الدوغمائي أو السياج الدوغمائي المغلق يشمل كلّ مذاهب الأديان التوحيدية والوضعية، وكلّ المذاهب الفلسفية المغلقة، وكلّ المنظمات الدينية والسياسية والنقابية التي لا تقبل النقاش وترفض الآخر، وتعتبر دينها أو فكرها أو مذهبها هو الحقيقة المطلقة.
في هذا الإطار، لم يتردد أركون في انتقاد العلمانية باعتبارها مذهبا مؤدلجا مغلقا، لا يقبل النقاش حول الأديان على سبيل المثال . حاول أركون أيضا قراءة شخصية الأمير عبد القادر وفق المنهج التاريخي والأنتروبولوجي ليقدّم لنا قراءة نقدية مغايرة لما اعتاد عليه الآخرون.
فكّك أركون، حسب المحاضر، فكر التراث العربي الإسلامي وما أحاطه من سياج مغلق غير قابل للنقد والتحليل، محاولا قراءة فكر الأمير عبد القادر وفق المنهج التاريخي الانثروبولوجي بقراءة جديدة ومغايرة، من ذلك مشروع الأمير النهضوي في بناء الدولة الجزائرية الحديثة غير أنّ هذه القراءة، يضيف المحاضر، لا تعني أنّها الحقيقة المطلقة، بل تبقى بدورها قابلة للنقد والمساءلة، حتى نتجنّب الوقوع في سياج دوغمائي جديد.
بورتريه الأمير
قدّم المحاضر عرضا لأركون هو عبارة عن بورتريه للأمير عبد القادر استقاه من الباحث إيلي خدوري، الذي ساهم بدراسة ضمن كتاب جماعي بعنوان "الإسلام بالأمس واليوم"، أنجز تحت إشراف برنارد لويس وصدر سنة 1976، وقد حملت دراسة خدوري عنوان "الإسلام اليوم مشاكل ومنظورات القرنيين التاسع عشر والعشرين"، و هذا البورتريه مأخوذ من مقال الخدوري نشره بمجلة "آفاق" العراقية فيه صورة شخصية تتّسم بالواقعية من جهة وبالتبجيل من جهة أخرى، وأنّه يعيش في بساطة لا متناهية واعتدال وزهد وقناعة وأما لباسه فهو في غاية البساطة والتواضع وهو يستيقظ في وسط الليل لكي يتهجّد إلى الله ويتعبّده ويطلب منه الرحمة لنفسه ولأنصاره وسعادته الوحيدة هي أن يصلي ويتضرّع إلى الله ويصوم لكي يغفر له الله ذنوبه وكلّ عدا ذلك تفاصيل بالنسبة إليه.
في المجلة العراقية "آفاق" يتناول خدوري شخصية الأمير لا بوصفه قائدا عسكريا فحسب، بل باعتباره نموذجا فكريا وسياسيا يعكس أزمة العالم الإسلامي في القرن ال19 في مواجهة التوسّع الأوروبي، فالأمير، حسب خدوري، جسّد محاولة لبناء دولة حديثة، كما يبرز خدوري الخلفية الصوفية للأمير، بوصفه منتميا للطريقة القادرية، وهو ما انعكس على فهمه للسلطة والدين، فقد جمع بين الشرعية الدينية المتمثّلة في "الجهاد والإمامة" وبين أدوات الحكم الواقعية مثل الإدارة المركزية وتنظيم الجيش، وبهذا اعتبره خدوري من أوائل الذين حاولوا "إصلاح الفكر الإسلامي من الداخل، قبل بروز حركة الإصلاح الحديثة مع جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده.
يقول أركون، حسبما ذكره الأستاذ بوسعدية "عندما نتأمّل بورتريه الأمير، نرى أنّها مستلهمة مباشرة من قبل شخصية النبي ومحاكاة نموذجه الأعلى وممارسته العملية والسياسية التي أدت إلى تشكيل أول دولة إسلامية في المدينة"، وكان هدف الأمير حسب أركون هو تشكيل دولة إسلامية في الجزائر بين عامي 1832 و 1847 وذلك على غرار الدولة التي أسسها النبي قبل ثلاثة عشر قرنا، وحاول توحيد القبائل الجزائرية من أجل تشكيل دولة قائمة على الإخاء، وهي دولة تتجاوز كلّ العصبيات القبلية والعشائرية لكي توحّد الجميع على أرضية عصبية أوسع هي العصبية الدينية الإسلامية وهذه الدولة التي أراد الأمير تشكيلها مستلهمة مباشرة من قبل المبادئ الأخلاقية القرآنية، وبالتالي فقد كان الأمير يتصرّف وفي ذهنه صورة النبي محاولا تقليدها حرفيا بقدر الإمكان.
يرى أركون أنّ هذه التجربة تحوّلت إلى نموذج مثالي أعلى في نظر جميع الأجيال اللاحقة من المسلمين، ويمكن القول إنّ هذا النموذج المثالي الأعلى ناتج عن التصوّر الاسترجاعي لهذه التجربة الدينية السياسية والصراعية التاريخية من قبل المخيال الجماعي المشترك للأمة، ويقصد بالتصوّر الاسترجاعي هنا، أنّ المسلمين شكلّوا هذه الصورة النموذجية المثالية بعد انتهائها بزمن طويل نسبيا عندما ابتدأت عملية تدوين التراث.
للإشارة، شهدت الندوة حضورا كبيرا من جمهور النخبة منهم فلاسفة وأدباء وروائيون وباحثون تدخّلوا أثناء المناقشة، كان منهم من دعا إلى ضرورة إعادة قراءة فكر أركون بعيدا عن الأحكام المسبقة والتأويلات الجاهزة .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.