الرقمنة خيار استراتيجي لقطاع العمل: إلغاء 27 وثيقة ورقية وتوسيع الخدمات الرقمية لفائدة المواطنين    رفض عربي وإسلامي واسع لاعتراف الكيان الصهيوني ب"أرض الصومال" وتحذير من تداعيات خطيرة على الأمن الدولي    وزارة العدل تنظم لقاءات دراسية لتعزيز الإطار القانوني لمكافحة الاتجار بالبشر وحماية الضحايا    دار الثقافة ابن رشد بالجلفة تحتضن الملتقى الوطني الثاني للأدب الشعبي الجزائري    انخفاض أسعار النفط بأكثر من 2 بالمائة    ضرورة تعزيز مكانة الجزائر كمركز موثوق اقتصاديا وآمنا قانونيا    الخطوة تأتي في سياق تأبى فيه الجزائر إلا أن تكون ندا للدول الكبرى    غارات عنيفة يشنها الاحتلال الصهيوني    فلسطين : الاحتلال الصهيوني يعتقل 8 مواطنين    أيام تحسيسية واسعة لمكافحة تعاطي وترويج المخدرات في الوسط المدرسي    برودة شديدة على العديد من ولايات الوطن    افتتاح الملتقى الوطني حول "الأمن القانوني وأثره على التنمية الاقتصادية"    البليدة : افتتاح المهرجان الثامن لموسيقى وأغنية العروبي    أم البواقي : تنظم مهرجان البراعم بعين مليلة    أعرب عن "فخري" بالتاريخ الوطني لعائلتي رجالا ونساء    الجزائر تهيب بكافة الأطراف اليمنية للتحلّي بروح المسؤولية    آغور مهني يتبرّأ من أفعال والده ويتمسّك بالوحدة الوطنية    رقمنة الخدمات وتوسيع الشبكة خلال 2026    قانون تجريم الاستعمار الفرنسي قرار سيادي لصون الذاكرة    قانون تجريم الاستعمار جاء لتكريس العدالة التاريخية    تراجع فاتورة واردات البيع على الحالة إلى 7 ملايير دولار    فتح الأفق لشراكات تسهم في دفع التنمية الاقتصادية    التصويت بالإجماع على قانون تجريم الاستعمار وفاء لرسالة الشهداء    بيت الجدة.. بين الشوق ومتاعب الأحفاد    شكولاطة الأسواق تحت المجهر    التنمية تغيّر وجه منطقة سيدي بختي    اتحادية الشطرنج تختار ممثلي الجزائر في الموعدين العربي والقاري    نخبة العدو الريفي تختتم تربص بجاية الإعدادي    صدور كتاب "رحلتي في عالم التعبير الكتابي"    "الخضر" لتأمين التأهل للدور ثمن النهائي    شنقريحة يوقّع على سجل التعازي    لوكا زيدان فخور    وكالة النفايات تحسّس    الخضر .. بين الثقة والحذر    بداري: الجامعة الجزائرية ماضية    وهران.. أفضل وجهة سياحية صاعدة في إفريقيا    شروط جديدة لاعتماد المدارس الخاصّة    تكريم رئاسي لعلّامة بارز    لاناب تحتفي ب خليفة    برنامج علمي وروحي بجامع الجزائر لفائدة 52 طالباً من أبناء الجالية بالخارج    منجم "غار اجبيلات" رسالة قوية تكرس مبدأ السيادة الاقتصادية الوطنية    خنشلة : توقيف 04 أشخاص و حجز صفيحة مخدرات    غارات عنيفة يشنها الاحتلال الصهيوني    تمديد مدة المرحلة الثانية للتلقيح ضد شلل الأطفال    انطلاق الطبعة14 لمهرجان موسيقى الحوزي    مشروع قانون جديد للعقار الفلاحي قريبا على طاولة الحكومة لتوحيد الإجراءات ورفع العراقيل عن الفلاحين    معنى اسم الله "الفتاح"    .. قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا    مستعدون لتقديم كل ما لدينا من أجل الفوز    تغلب ضيفه مستقبل الرويسات بثنائية نظيفة..اتحاد العاصمة يرتقي إلى الوصافة    الرابطة الأولى موبيليس : الكشف عن برنامج الجولة ال14    التقوى وحسن الخلق بينهما رباط وثيق    الجزائر ماضية في ترسيخ المرجعية الدينية الوطنية    اتفاقيات لتصنيع أدوية لفائدة شركات إفريقية قريبا    التكفل بمخلفات المستحقات المالية للصيادلة الخواص المتعاقدين    صحيح البخاري بمساجد الجزائر    صناعة صيدلانية: تسهيلات جديدة للمتعاملين    انطلاق المرحلة الثانية للأيام الوطنية للتلقيح ضد شلل الأطفال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في نقد سوسويولوجية "بيار بورديو"
نشر في الجمهورية يوم 19 - 02 - 2018

لقد عرف علم الاجتماع كباقي العلوم مراحل حاسمة من التطور على مستوى البنية التحليلية؛ و كرنولوجيا هاته الوثبة كانت خلال ستينيات القرن الماضي، عشرية تعتبر منعرجا حاسما عرفته عمليات التفكيك السوسيولوجي التي قادها كشخصية بارزة پياربورديو Pierre Bourdieu (01 أوت 1930 – 23 يناير 2002) عالم اجتماع وانثربولوجي فرنسي، وأحد الفاعلين الأساسيين بالحياة الثقافية والفكرية بفرنسا، وأحد أبرز المراجع العالمية في علم الاجتماع المعاصر. بدأ نجمه يبزغ بين المتخصصين مباشرة بعد إصداره كتاب الورثة عام 1964 (مع جونكلود باسيرون) وكتاب "إعادة الإنتاج" عام 1970 مع المُؤلِّف نفسه، بالإضافة لمؤلفين آخرين لهما من الأهمية القصوى بمكان الأول هو("الاجتثاث-Déracinement "1964)و ("الهيمنة الذكورية- Domination masculin1998 ).
بيد أن تلك الدراسات التي يرفعها البعض لدرجة "التقديس" والبعيدة عن النقد والتمحيص لم تكن إلا إعادة لما جاء به من سبقوه؛ علينا الإقرار أن عبقرية "بورديو" تكمن في جعل تلك المصطلحات المستعارة من كل من ( ماركس- غرامشي- دوركايم...) ،كما سنتطرق لذلك في خضم المقال،براديغمات مصطلحاتية اتخذت بعد توظيفها من طرف بورديو طابعا أكثر تعقيدا وأكثر تماشيا مع الواقع الذي عاصره هو بنفسه؛ وتحديدا واكبت الحراك الثوري الذي عرفه المجتمعالفرنسيسنة 1968؛ فيما عرف آنذاك (بأحداث جامعة نانتير).
رأس المال الاجتماعيو الماركسية المستعارة.....
يعتبر مفهوم رأس المال والجدل المادي مفهوم أصيل للفيلسوف والمنظر الاجتماعي الألماني"كارل ماركس، غير أن "بورديو" بالرغم من تنصله من كونه ماركسي المنطلق التحليلي إلا أن واقع كتاباته يجعلنا نقف أمام "بورديو" الماركسي المنافح المدافع بضراوة على نفس مبادئ ماركس التي تضمنها كتابه "رأس المال" المؤسس لأركان النموذج الاشتراكي؛ اجتهاد "بورديو" الوحيد يتمثل بتحويره لمفهوم "رأس المال"؛ فجعله يتجاوزه بعده المادي الاقتصادي " الكلاسيكي " ومكنه من أن ينفذ إلى أبعاد أخرى متعددة الأبعاد؛ فهناك عدة صور لرأس المال كما جاء به "بورديو" على غرار رأس المال الثقافي، ورأس المال الاجتماعي، ورأس المال الرمزي، فهو يرى أن العالم الاجتماعي يمكن إدراكه كفضاء متعدد الأبعاد Multi DimensionalSpace يتشكل واقعياً من خلال الهيمنة على الأشكال المتنوعة لرأس المال؛ فالتاريخ من رؤية "بورديو" ليس صراع مادي خالص كما كان مع فلسفة ماركس الجدلية، وإنما صراع وتناحر ثقافي، هذا ما أوجزه "بورديو" في مصطلحه الموسوم "بالرأس المال الثقافي أو الاجتماعي"، ويقرر بورديو أن رأس المال الثقافي يتشكل من خلال الإلمام والاعتياد على الثقافة السائدة في المجتمع وخاصة القدرة على فهم واستخدام لغة و ثقافة راقية، ويؤكد على أن امتلاك رأس "المال الثقافي" يختلف باختلاف الطبقات، بالخصوص في المجال التربوي.وهي رؤية تجعل كل طبقة اجتماعية تعيد إنتاج نفسها وفق إكراهات دائرية مغلقة تعمل شكل ميكانيكي، وهذا افتراض نظري من طرف "بورديو" ينفي الاجتهاد والتميز للفرد بعيدا عن محيطه الأسري والاجتماعي، هذا معطى لطالما انتقد فيه.
"شبح اميل دوركايم من خلال الهابيتوس".......
يعد مفهوم "الهابيتوس L'HABITUS من المفاهيم الأساسية المركزية في سوسيولوجيا بورديو وأكثرها إثارة للجدل ترجم هذا المصطلح في العربية بلفظ " التطبع أو السجية " أو العقل المبرمج الذييوجه السلوك توجيها عفويا وتلقائيا، ويأخذ هذا المفهوم أهميته في نسق المفاهيم المركزية عند "بياربورديو" مثل الحقل والرمز والعنف الرمزي. فالفرد يتشكل على نحو لاشعوري في بيئته الاجتماعية في غمرة ثقافة متدفقة من الإشارات والمعاني والدلالات والوضعيات والرموز والتصورات التي تتفاعل لتشكل عمقه الوجداني السلوكي وتحدد طباعه ونظرته إلى الكون.الهابيتوس كفكرة ليست بمستجدة على حقل التنظير السوسيولوجي فمواطنه عالم الاجتماع الفرنسي (اميل دوركايم 1858- 1917) قد سبقه في دراسة البعد الدلالي "للهابيتوس" عند "بورديو"، لكن في خضم مصطلح دوركايم الأصيل والمتمثل في "الضمير الجمعي"، تحديدا في مؤلفه "تقسيم العمل الاجتماعي" حينها كان يقصد به باختصار تلك القوة الرمزية القهرية التي تمارسها الجماعة على الفرد؛هذا الأخير الذي تذوب "آناه" ضمن نطاق محددات الجماعة (الأخلاقية، التربوية، التضامنية ...)، وبالتالي "فبورديو" ضمن إطار طرح الهابيتوس لم يأتي بالجديد؛ بل اكتفى فقط بأطروحة اميل دوركايم ، بعدما أبرز هذا الأخير قوة الجماعة في إعادة إنتاج نفس الأنساق الثقافية؛ من خلال التركيز على مخرجات مؤسسات التنشئة الاجتماعية ( المدرسة، الأسرة، المؤسسة الدينية، الدولة ...)؛ الاختلاف الطفيف بين المفكرين يكمن فقط في تركيز دراسة كل واحد منها على نطاق جغرافي وحضاري يختلف عن الآخر؛ "فالضمير الجمعي" الدوركايمي ركز على المجتمعات ذات التضامن الآلي أي مجتمعات الجنوب جنوب، بين مصطلح "الهابيتوس" مع بورديو لا نكاد نجزم على أنه مجرد امتداد لأفكار "دوركايم"، الاختلاف كما ذكرنا آنفاً يكمن فقط في نطاق دراسته التي ركزت على المجتمعات الأوربية والغربية بالتحديد، بعدما لاحظ بورديو توسع قاعدة الطبقة البرجوازية ما أنتج في بلدان الشمال أزمات نتيجة هوة مادية وثقافية؛ شكلت لنا بؤر ثقافية مغلقة؛فابن الطبيب أضحى بالضرورة طبيبا في المستقبل؛ وابن الخباز تنشئته الوالدية تجنح به كذلك لأن يصبح خبازا كذلك، مرجعا "بورديو" ذلك لآلية كل نسق باعتبار أن الفروقات الثقافية يكتبها الفرد من انتمائه المادي الذي أضحى يرتبط بشكل مباشر بالانتماء الثقافي. بالرجوعكذلك لأصل الفكرة فهي ذات مرجعية "دوركايمية" ضمن محددات تمثلات الجماعة، هذا يعنى أن ميزاتها الفريدة لايمكن اختزالها في الوعي الفردي وهذا يضعها داخل إطار الحقائق الاجتماعية غير المادية الثابتة.
للتواصل : [email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.