لم تكن زيارة ديغول لعين تموشنت بتاريخ 9 ديسمبر من سنة 1960 سوى بداية لعمل نضالي قوي و متجدد كانت بصمته رفض سكان عين تموشنت لأول خطاب يدعو فيه الرئيس ديغول الجزائريين لتكون الجزائر فرنسية و تكريس سياسة الإدماج وتحقيق المساواة بين الشعبين بدون جبهة التحرير الوطني جاعلا عين تموشنت نقطة ارتكاز لمخططه الاستعماري فكان الجواب أن الجزائر جزائرية ولا داع لأي كلام أو خطاب .وصول ديغول إلى عين تموشنت رسخه رفض السكان لهذه الزيارة بمظاهرات عنيفة حيث رددت حناجر الشعب الثائر **تحيا الجزائر حرة مستقلة و تحيا جيش الشعبي الوطني و تحيا الحكومة المؤقتة و تحيا الجزائر مسلمة مستقلة ** و وقعت مشادات عنيفة بين الجزائريين والأوروبيين انتهت بمظاهرات شعبية كان مخطط لها مسبقا في كل الشوارع الرئيسية بوسط المدينة و عبر فيها الشعب الجزائري عن رفضه للاستعمار و مطالبته بالاستقلال والحرية .وقد أكدت شهادات العديد من المجاهدين أن اجتماعا قد ضم مجموعة من المناضلين بشارع *نيقريي* يوم الخميس في 8 ديسمبر 1960 على الساعة الثامنة مساء تحت إشراف *سي شويرف* صالح الذي اقترح على الحاضرين العمل على إسقاط المؤامرة التي يحيكها المستعمرون بالكتابة على الجدران وتحضير لافتات و إطلاق هتافات حتى يفهم *الكولون* و *ديغول* أن الشعب الجزائري لا يريد بديلا عن حقه في الاستقلال و لنؤكد لوسائل الإعلام بأن المدن الجزائرية من بينها عين تموشنت تتبنى الثورة وأن الكل ملتف حول جبهة التحرير الوطني ومن بين المجاهدين الذين عايشوا هذه الحادثة سي مولاي حوسين الذي يحكي كيف طلبت منه الجبهة أن يشهر العلم الجزائري الذي تكفلت أخته السعدية بخياطته بالإضافة إلى 4 أعلام أخرى . تم خياطة الأعلام في سرية تامة ووزعت من قبل *سي شويرف* على المناضلين وكان المجاهد مولاي من ضمن الشباب الذين كلفوا بمهمة رفع العلم الجزائري في وجه ديغول قبل الخطاب الذي كان سيلقيه بساحة البلدية المسماة اليوم بساحة 9 ديسمبر فقام بلف العلم على بطنه وخبأه حتى يجد الفرصة ويخرجه و قد هتف عاليا بتحيا الجزائر و الجزائر جزائرية و كان يترقب الفرصة لإخراج العلم و قد لمحت سيدة تسمى *عمامة * العلم تحت ثياب مولاي و لم تفكّر للحظة و لم تستأذن فأخرجت الراية من تحت ملابس المجاهد و لوحت بها عاليا وأخذت تهتف **تحيا الجزائر ** فكانت أول راية جزائرية تشهر في وجه *ديغول* وعقبها أخرج الجميع الرايات التي كانت مخبأة في أماكن سرية وهنا قال ديغول كلمته المشهورة **لقد فهمتكم تريدون الحرية وليس غيرها * و اجتاحت المظاهرات الشوارع الرئيسية لعين تموشنت و كانت دهشة *ديغول * شديدة لأن الواقع الذي شاهده بنفسه كان مخالف تماما عن التقارير التي كانت تصله يوميا عن الوضع بالجزائر حيث وصفت له أن الشعب في سكينة و أنه قد تم القضاء على جبهة التحرير و انتهى جيش جبهة التحرير و لم يبقى المجاهدون في الجبال فعرف أن كل هذه التقارير مغلوطة و قد كانت هذه المظاهرات منعرجا دفعته إلى تغيير سياسته والاتجاه نحو المفاوضات . و *لقد كانت نتائج هذه المظاهرات بالغة الأهمية إذ كانت بمثابة الصخرة التي تحطمت عليها أحلام ديغول و قال المجاهد أخطأ ديغول عندما اختار عين تموشنت كنقطة إرتكاز و انطلاقة لمشروعه الجزائر فرنسية وكان بمثابة بعث جديد للمقاومة الجزائرية على النطاق الشعبي في المدن والحواضر التي كان الاستعمار يدعى أنه قضي عليها تماما وأن الشعب أصبح صديقا للسلطات الاستعمارية *.وستقوم السلطات الولائية اليوم بالاحتفال بهذه المناسبة على مستوى ساحة 9 ديسمبر المقابلة لدار البلدية من خلال حفل يقام بالمناسبة .