تتواصل يوميات الحراك الشعبي التي تتجه نحو جمعتها الحادية عشر على إيقاع مطالبة الشعب بمحاسبة رموز الفساد دون استثناءات، ورحيل الباءات الثلاثة بزخم يتزايد كل يوم عبر ولايات الوطن لتكون مسيرات يوم الجمعة هي الأضخم والأكبر بخروج الشعب في سائر مناطق الوطن في حشود كبيرة حاملا شعارات الحراك، وهو الموعد الذي يجسد فيه الجزائريون سلمية الحراك، ويؤكدون من خلال الشعارات واللافتات التي يحملونها على مبدأ سيادة الشعب في الاختيار واتخاذ القرار، فضلا عن حضور العلم الوطني في مختلف الأحجام الذي يحمله المشاركون في المسيرات من كل الأعمار في أجواء من الفخر والاعتزاز بالانتماء إلى هذا الوطن وهذا العلم، فالحراك الشعبي قد حول أيام الجمعة إلى منبر كبير للتعبير عن تعلق الجزائريين بوطنيتهم و مدى حبهم للجزائر، وحرصهم وإصرارهم الحاسم على مواصلة مسار المطالبة بالحقوق المهضومة عبر هذه المسيرات الحاشدة التي يشارك فيها جميع فئات المجتمع والتي تجدد قوتها وحيويتها وحماسها مع قدوم كل يوم جمعة الذي كان قبل هذا الحراك الشعبي يوما مخصصا لأداء صلاة الجمعة وفيه تغلق المحلات ويقضيه معظم الجزائريين في منازلهم، لكن الصورة سرعان ما تغيرت ليتحول يوم الجمعة إلى موعد للحديث عن السياسة، والتنديد بالفساد والمطالبة بتحسين الأوضاع والاستجابة إلى مطالب الشعب الجزائري حتى يسترجع حقوقه في هذا الوطن. لم يعد يوم الجمعة مقتصرا على أداء الصلاة في المساجد ثم الإنصراف كل واحد إلى شأنه كما عهدنا من قبل، بل تعداه من منابر المساجد وخطب الجمعة، إلى موعد آخر في الساحات العمومية و المسيرات التي أصبحت منبرا لحرية التعبير والمطالبة بالحقوق ،فالشعب الجزائري يدرك اليوم أن له دور هام يلعبه لاسترجاع حقه في هذا الوطن، وأنه مطالب أن يعبر عن هذا بنفسه،و لا مجال اليوم للتشكيك في الحس الحضاري لدى الجزائريين، وهم يحملون لواء المطالبة بحقوقهم، بل أكثر من ذلك فإنهم ينظمون مسيرات الجمعة كحدث ذي أبعاد اجتماعية وسياسية من خلال تضامنهم، بالرغم من أن الكثيرين من المشاركين يعملون طول الأسبوع ليأتوا في يوم الجمعة هذا يتظاهرون سلميا مضحين بيوم عطلتهم الأسبوعية، ويعبروا عن حبهم للجزائر ورفضهم لكل ما من شأنه الإساءة إليها، وللتأكيد على أن معاناتهم كبيرة بسبب أوضاع سياسية واقتصادية قد أفقرت الشعب والبلاد، واجتهد فيها رجال سياسة فاسدون بالتواطؤ مع رجال أعمال أكثر فساد منهم، في تشويه المشهد الاقتصادي لبلادنا، ونهب وسلب خيرات وثروات البلاد بلا رحمة على حساب حقوق الشعب، ليستشري أخطبوط الفساد وسوء التسيير عبر كل مفاصل الدولة والإدارات، هو الوباء القاتل الذي خلف الكثير من الظلم وقائمة طويلة جدا من المظالم ،نتجت عنها معاناة الجزائريين الذين لم يجدوا سوى الخروج إلى الشارع للمطالبة بالحقوق وتعديل الأوضاع ومحاسبة الفاسدين بعد ما ضاق بهم الحال وسدت في وجوههم كل السبل . إن مسيرات الجمعة تجمع كل الفئات من شباب وكهول ونساء وأطفال ومراهقين في منابر التعبير الحر عن المطالب ملتحفين بالعلم الوطني ،حاملين لافتات الشعارات و المطالب السياسية في انتظار أن يستجاب لهذه التظلمات وتتجسد سيادة الشعب في الجزائر، وأن تكون مسيرات الجمعة مباركة بصلاة الجمعة و بركات الدعاء في هذا اليوم بالخير والأمن والأمان للجزائر وشعبها.