تحدث المجاهد صحراوي حمدي وهو من مواليد 22 فيفري 1940 بتيارت بمرارة عن معتقل مهدية والذي يعرف أيضا أثناء الثورة التحريرية بمعتقل «بيردو» والذي يبعد عن مدينة تيارت بأكثر من 50 كلم الذي جهزته السلطات الاستعمارية لاستقبال المجاهدين من أجل استنطاقهم فهو يتذكر تاريخ 20 فيفري 1959 أين فتحت السلطات الاستعمارية هذا المعتقل ففي هذا التاريخ بالضبط يتذكر صحراوي حميدي والذي يعد أيضا من بين المعتقلين الأوائل الذين زج بهم في هذا المعتقل ففي هذا التاريخ بالضبط شارك المجاهد صحراوي حميدي في معركة لمدة 24 ساعة بمنطقة سيدي واضح بمطماطة بالقرب من بلدية وادي ليلي حاليا أين استشهد فيها 29 مدنيا بعد اشتباك قوي مع الجيش الفرنسي ليتم إلقاء القبض عليه في الساعات الأولى من الفجر بعد إصابته برصاصة ليحول بعد تماثله للشفاء إلى المعتقل فهو لا ينس أبدا رقم 1300 مجاهد تم تحويلهم إلى هذا المعتقل من 1959 إلى غاية 1962 فأغلب المجاهدين المعتقلين كانوا أكثريتهم من البيض والولاية الرابعة الخامسة والسادسة والناحية الثانية والثالثة وولايات تلمسان وسيدي بلعباس وتيارت ومعسكر فبعد توقيفه حول إلى المعتقل وكانت المهمة التي أوكلت من قبل الجيش الفرنسي هو بناء الأجنحة التي لها قصة غريبة جدا فعن المغارات أكد المجاهد صحراوي حميدي أنها كانت بمثابة استراحة للجيش الفرنسي من أجل تعذيب المجاهدين الذين عانوا الأمّرين لكنهم صمدوا للجلادين فمنذ الساعات الأولى من الصباح يشرف المعتقلين على بناء هذه الأجنحة والمقدرة بثمانية أجنحة والتي بعدها كانت بها غرف تضم 40 مجاهدا لكن لكل جناح مهمته الخاصة فالجناح C يبيت فيه المجاهدين المثقفين وأجنحة أخرى كالجناح A, B فهي أجنحة موجهة للمجاهدين المسجلين كخطر أي بمعنى مصنفين كمجاهدين لا يمكن الاستهانة بهم غير ما أكده المجاهد صحراوي حمدي أن الجيش الفرنسي داخل هذا المعتقل كان يمارس طريقة الاستجواب لكن بفضل مصلحة عسكرية نفسية تتكون من ضباط فرنسيين يجيدون اللغة العربية ويمكن لهم أن يمارسوا أبشع الطرق البسيكولوجية للضغط على المجاهدين في إطار استجواب على مدار الساعة وفي حال صعوبة التعامل مع المجاهد يلجؤون إلى الكلاب المدربة لتفي بالغرض . سياج من كلاب مفترسة و أشواك لإجهاض أي محاولة هروب و يتلقى المعتقل تعذيبا خاصا أمام مرأى الجميع في حين أن معتقل «بيردو» كان محاطا بالأشواك على أربع مرات وعلى مسافة 100 متر وإن حاول أي معتقل الفرار قد تصادفه الكلاب المدربة أما الغرف فكانت عبارة عن زنزانات ضيقة تضم 40 مجاهدا ولنتصور كيف كانوا يقضون أبطال الجزائر لياليهم خلال الشتاء والصيف كما كانت تعمل السلطات الاستعمارية بتحويل مجاهدين على مدار الأيام إلى معتقلات أخرى كمعتقل حمام بوحجر وأولاد ميمون في حين لا ينس أيام الإضراب التي شارك فيها داخل معتقل بيردو بعد أن اتهم الجيش الفرنسي المجاهدين بأنهم يحوزون على جهاز راديو وأنهم يسربون المعلومات لمجاهدين بمناطق أخرى قريبة وكانت الأيام ال 12 من الإضراب صعبة للغاية من ضرب واعتداء وتعذيب مستمر حيث استشهد مجاهد نتيجة الاعتداء فبعد زيارة الصليب الأحمر الدولي إلى المعتقل وبعد أن غادر عزل المعتقلين عن العالم الخارجي تماما وهذا بعد أن طالب المعتقلون بإيفاد لجنة من الصليب الأحمر الدولي للاطلاع على حال المعتقلين وبعدها قررت السلطات الفرنسية تحويل 5 مجاهدين إلى سجن انفرادي لمعاقبتهم وربما أهم شيء تحدث عنه المجاهد صحراوي حمدي عن الأشغال الشاقة من جمع الحجارة على عمق 10 أمتار بعد أن تشكلت مغارات بعد نزع الرمال البيضاء منها لبناء الأجنحة. مجاهدون عذبوا بمركز «بيردو» لا يزالون أحياء يعدون على أصابع اليد الواحدة وفي عام 1962 وتحديدا في 18 جوان تم إطلاق سراح 84 مجاهدا دون علم الآخرين وإلى غاية نهاية جوان حول المجاهد صحراوي حمدي على متن شاحنة عسكرية ليطلق سراحه بعدها بمدينة تيارت دون أن يعلم ما يحدث بالضبط إلا أن العملية أحيطت في سرية تامة ويتذكر أيضا بعض المجاهدين الذين مازالوا قيد الحياة الذين عايشوا التعذيب والتنكيل في هذا المعتقل كالمجاهد بولال محمد وصايم الطاهر ومفتاح محمد من ولاية البيض وحاجي صديق من سعيدة وعباس محمد المدعو عبد الكريم وآخرين لكن يعدون على الأصابع. مركز التعذيب «بيردو» شاهد على بشاعة الاستعمار مهمل وبالمقابل أيضا فقد صرح الأمين الولائي للمجاهدين بتيارت حاج جلول شطاح أن هذا المعتقل تم التفكير في إنجازه في سنة 1957 فبعد أن قام قيادات والذين كانوا يعرفون في تلك الفترة بالمصاليين مع نهاية 1956 بحرق طائرات تابعة للكولون بمهدية والذي كان يملك 10 آلاف هكتار فقرر الجيش الفرنسي بإنجاز على مساحة 27 هكتار معتقل وكانت البداية بنصب خيم كانت مهمتها نقل المساجين من المجاهدين الذين يتم إلقاء القبض عليهم من خلال المعارك خاصة بمنطقة الونشريس وفعلا في جويلية 1959 افتتحت 11 خيمة لاستقبال 10 مجاهدين تم وتوظيفهم خلال معارك طاحنة وهذا بعد أن قررت السلطات الاستعمارية نقل هذا المعتقل إلى هذه المنطقة بالذات بعدما كان في وقت سابق متواجد بالقرب من مطار عين بوشقيف حاليا كان موجها فقط للمدنيين. ولم يخف الأمين الولائي للمجاهدين بتيارت من قلقه للوضع المزري الذي آل إليه هذا المعتقل حاليا نتيجة تدهوره بالرغم من تعاقب 3 وزراء على وزارة المجاهدين وزيارتهم للمعتقل ومن بين وزير المجاهدين الحالي الطيب زيتوني منذ سنتين بعد زيارته للمعتقل والذي أطلق وعودا بإعادة ترميمه بعد أن طلب من الأمين الولائي للمجاهدين بتشكيل لجنة تاريخية والتي رأت النور منذ شهرين فقط وهذا راجع إلى العراقيل الإدارية كعدم الحصول على المحضر وإعادة تجديده 10 مرات ويذكر أن هذه اللجنة التاريخية تتكون من 15 عضو وتتكفل بترميم وإعادة الاعتبار للمعتقل الذي عانى لعدة سنوات من سرقة الحجارة من داخله من قبل بعض المقاولات والبناء في حين اضطر الأمين الولائي للمجاهدين إلى طرد عائلات كانت تسكن فيه بطريقة غير قانونية والتكفل بوضع حارس في انتظار ما يمكن العمل فيه من أجل إعادة الاعتبار لهذا المعلم التاريخ الذي يعد شاهدا على ما اقترفه الجيش الفرنسي في حق الجزائريين خلال الثورة التحريرية .