تعتبر تجربة العراق في تشكيل الحكومة الحالية تجربة فريدة , لأن رئيس الحكومة المكلف , و أمام الضغوط التي مورست عليه من جميع القوى السياسية , اهتدى إلى تقديم عروض عامة للاستوزار لمن يرى نفسه أهلا لهذه المهمة , بتقديم طلب مرفوق بالسيرة الذاتية ؟ ولكن رئيس الحكومة اكتشف أنه وضع نفسه بهذا الإجراء في ورطة أكبر من الضغوط , جراء ما تراكم على مكتبه من طلبات الاستوزار , الأمر الذي هدد بتعطيل تشكيل الحكومة لفترة أطول من المعتاد , مقارنة مع اعتماد الآليات المعهودة , خاصة و أن أجل التكليف بتشكيل الحكومة محدود . و لذلك تبقى التقاليد المرعية في الممارسة السياسية, ضرورة حتمية , حتى لا تتميع الأوضاع , و تنفلت الأمور , و يستنسر البغاث , و يختلط الحابل بالنابل ,جراء تقلد الأمر من ليسوا له أهلا . و نعتقد أن الوضع في الجزائر بدأت تنطبق عليه بعض هذه الأوصاف , إذ بعد سلسلة المبادرات وما تضمنته من خطوط حمر , ها هي قوائم المرشحين لقيادة الحوار الوطني تتعدد , فأصبح لكل طرف قائمته ,و لكل قائمة مؤيدين و معارضين , بل إن القبول و الرفض طال حتى الأسماء المرشحة , إما لعدم استشارتها , أو لظروف تخصها. هذا فضلا عن أن بعض المرحبين بهذه المهمة ضمن الشخصيات الوطنية , راحوا يلغمون مشاركتهم بشروط , يعرفون أنها لن تتوفر إلى بتزكية شعبية عبر صناديق الاقتراع ؟ خاصة إذا صدرت هذه الشروط ممن وصفهم بعض المعلقين بالشخصيات الذين «طاب جنانهم» ,و استهلكوا جميع أوراقهم «السياسية» خلال أنظمة الحكم السابقة ,و قال لهم معلق آخر :» بارك الله فيكم.. مشكورين.. قدمتم ما كان عليكم أن تقدموه.. نريدكم أن تستريحوا وتنعموا بوقت من السلام المريح بعد مشاوير التعب والركض والنضال، ولا نريد أن نقدسكم، ولا أن نضعكم في مقامات أسطورية وخرافية لا تمس ولا تلمس، بل نحترمكم فأنتم بتاريخكم شرفتم الوطن وأعليتم من شأنه، وعلينا الآن أن نمضي في طريقنا الجديد كي لا نهلك عقولنا ونعطل وعينا ونبلّد نظرتنا ونكلس خطوتنا».. و الأكيد أن الجزائريين ليسوا في حاجة إلى الاقتداء برئيس الحكومة العراقي , لاختيار ممثلين للحراك الشعبي , بالدعوة العامة إلى الترشح الحر لهذه المهمة , لن معظم شباب الحراك المثقف يمكنه تحمل هذه المسؤولية , و يكفي ألا يزيد سنه عن 50 عاما و لا يقل عن 40 سنة , و أن يكون من خارج المجتمع السياسي و الحزبي , و أن يحسن التحدث على الأقل بلغة رسمية واحدة , و الا يكون له طموح شخصي في تقلد منصب سياسي (على الأقل في الظرف الراهن) , و لا بأس أن يكون من كثيري الأسفار واسع الاطلاع على تجارب شعوب العالم في بناء صرح الديمقراطية, الديمقراطية التي لا تقصي أحدا تحت أي ذريعة , لأن للديمقراطية آلية ذاتية للتخلص من الشوائب التي تعيق تقدمها . و لا بأس إن توفرت هذه الشروط في عدد كبير من شباب الحراك , ما دامت هناك القرعة لانتقاء العدد المطلوب منهم للتكفل بهذه المهمة الوطنية النبيلة , و تحييد كل ذوي المصالح و الأهداف المغرضة المبيتة , الداعين إلى استبدال سلطة مؤقتة»دستورية» , بسلطة مؤقتة «غير دستورية», لحاجة في أنفسهم ..؟