تعيش مختلف مناطق الجزائر موجة من التوترات الاجتماعية انعكست في تصاعد موجة الاحتجاجات و زيادة محاولات "الحرقة" التي شملت شبابا و نساء و أطفالا و كهولا و هو ما يكشف عن حالة عميقة من عدم الاستقرار الاجتماعي، و انسداد الأفق أمام فئات هشة من المجتمع، والتذمر من أوضاع البلاد الحالية نتيجة للأزمة المستعصية السياسية والاقتصادية والاجتماعية . و قد نتج عن هذا التوتر انتشار ملحوظ لجرائم قتل جماعية بشعة يرتكبها أرباب عائلات في أنحاء مختلفة من بلادنا ، تذهب ضحيتها أمهات وأطفال كما حدث مؤخرا في سطيف و في سيدي بلعباس و تعكس جرائم القتل في حق الزوجات والأبناء ،و إزهاق أرواح شباب لأتفه الأسباب حالة الاحتقان و القلق التي تعيشه الجبهة الاجتماعية في جزائر لا تزال تجر أذيال أزمة سياسية و تأثيرات إقتصادية خطيرة و عميقة على الحياة اليومية للمواطن وقدرته الشرائية ،ناهيك عن حالات الانتظار الطويل التي تعيشها فئات واسعة من الجزائريين للحصول على سكن الذي يعتبر أهم عناصر الاستقرار و الحياة الطبيعية الهادئة و الذي يعلقون عليه آمالا كبيرة، كيف لا و نحن نسمع هذه الأيام عن إفشال حرس السواحل محاولات "حرقة" جماعية لعائلات رغم كل المخاطر المحيطة بمثل هذه العمليات و تندرج كل هذه الأحداث المترابطة و المشتركة في عنصر واحد و وحيد هو فقدان الجزائري للأمل في المستقبل رغم كل الايجابيات التي حملها الحراك الشعبي و أهمها عودة ثقة الجزائريين بانتمائهم إلى الوطن و ضمن هذا السياق حدث هذا الانحراف في سلوك بعض الأشخاص فيلجئون إلى ارتكاب جرائم قتل في حق عائلاتهم وأسرهم من زوجات وأبناء و إخوة ثم الانتحار كما حدث في جريمة سيدي بلعباس ،أو تسليم أنفسهم إلى رجال الأمن . لا أحد يمكنه الفصل بين التوترات التي تحرك المجتمع الجزائري في العمق نتيجة الوضع الخاص الذي يعيشه منذ 22 فبراير ، و ما تسجل هنا وهناك من جرائم قتل و محاولات كثيفة للحرقة ، و كذا موجة الاحتجاجات التي تطال كل القطاعات تقريبا فالمطالبة بالتغيير والتطلع إلى تجسيد حقيقي لهذا التغيير هو الدافع الحقيقي وراء الحركية التي تعيشها الجبهة الاجتماعية في زمن المطالبة بالحقوق المهضومة و تقويم الأوضاع المعوجة و المختلة .