إجراءات عملية لعصرنة الجامعة الجزائرية    ندوة بمناسبة إحياء اليوم الوطني للذاكرة    فريق البكالوريا يدخل العزل    إدراج الحليب الطازج المحلّي في نظام الإنتاج والتسويق    شركة للنقل الجوّي الداخلي قريبا    التقاعد أولوية عند بن طالب    جموع غفيرة من المواطنين بقالمة    منظمات فرنسية تدعو للاعتراف بجرائم الاستعمار    عين أكر تُغيث قارباً في إيطاليا    لا تُزاحموا ذوي الدخل المحدود..    تحسبا لعيد الأضحى.. إجراءات جديدة لاستمرار إمدادات المياه    حركة مجتمع السلم تدعم الجهود المطالبة بتجريم الاستعمار    بطولة افريقيا للمحليين: الجزائر تطيح بغامبيا (3-0) وتحسم تذكرة الموعد القاري    مراد يستقبل سفيرة مملكة هولندا بالجزائر    الجزائر تشارك في الدورة ال34 لمعرض الدوحة الدولي للكتاب ب376 عنوانا    جنوب افريقيا : اتحاد نقابي يجدد دعمه لحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير والاستقلال    تنظيم معرض للمنحوتات المخصصة للذاكرة في إطار اختتام ملتقى الجزائر للنحت    المطالبة بتدخّل عاجل لوقف التصعيد الصهيوني للعدوان في قطاع غزة    التصريح بالمنفعة العامة لإنجاز طرق جديدة بالعاصمة    عين أعبيد تحتضن البطولة الوطنية للقفز على الحواجز    لوعيل يعقد اجتماعا للمكتب الفدرالي لتأكيد القرار هذا الأسبوع    "الكوا" تستعد للاستحقاقات الكبرى    برنامج لدعم التنمية المحلية المندمجة    الرياضة بقسنطينة تتعزّز بعدة هياكل    استعدادات قطاع الري لعيد الأضحى وموسم الاصطياف    8 ماي.. عنوان للذاكرة المشتركة وتمتين اللحمة الوطنية    المكتتبون يستعجلون إطلاق المشروع    إعادة التموقع في زمن التحوّلات الكبرى    حين تصرخ المستديرة.."أنا أنثى"    دورة تكوينية للصحفيين حول الطاقات المتجدّدة    الطاهر برايك: 826 عضواً سيرافقون الحجاج الجزائريين    أبو عيطة ينوّه مجدداً بدعم الجزائر للقضية الفلسطينية    مالي : الأحزاب تؤجل احتجاجاتها وتندد ب"الدعوات إلى العنف" وتهديدات أطلقها الانقلابيون    أمن الشلف يحيي ذكرى 8 ماي 1945    الكأس الجزائرية الممتازة لكرة اليد: نادي الأبيار يفوز على نادي بومرداس (36-21) ويحتفظ باللقب    البطولة الإفريقية لدراجة المضمار: الجزائر تشارك ب12 دراجا ودراجة في موعد القاهرة    إسبانيا: تفكيك شبكة تهريب مخدرات متورطة مع المغرب في مقاطعتي غرناطة وألميريا    أمطار رعدية مرتقبة بتندوف وبني عباس بداية من صباح يوم غد السبت    سوناطراك: ناقلة النفط "إن أكر" تقود عملية إغاثة قارب قبالة السواحل الإيطالية    قسنطينة: حضور لافت للعرض الشرفي لمسرحية "كرنفال روماني"    الجريدة الرسمية : إدراج الحليب الطازج المحلي في نظام إنتاج وتسويق الحليب المدعم    قدرات قطاع الصحة بولاية الجلفة تؤهلها لإنجاز مشروع مستشفى جامعي    صون كرامة المواطن أولوية مطلقة في برنامج رئيس الجمهورية    عنابة: افتتاح الطبعة الرابعة للصالون الدولي للسياحة    مسرحية "بقايا أحلام" للمخرج الجزائري نبيل مسعي أحمد تحصد جائزتين في المونديال المغاربي للمونودراما بليبيا    أمطار رعدية مرتقبة بعدة ولايات من الوطن يومي الخميس والجمعة    اليوم الوطني للذاكرة: استذكار المجازر و تأكيد مواصلة مسيرة التنمية بولايات الوسط    مباراة مجنونة    لامين جمال يتعهد بالعودة    برمجة 22 رحلة إلى البقاع المقدسة انطلاقا من المطار الدولي لوهران    تسخير كل الإمكانات لإنجاح موسم الحج    يوم دراسي حول حماية الملكية الفكرية بتلمسان    "وقائع سنوات الجمر" في كان 2025    أشهر الله الحُرُمٌ مستهل الخير والبركات    علامات التوفيق من الله    أخي المسلم…من صلاة الفجر نبدأ    شراء سندات الهدي بالبقاع المقدّسة من الجهات المعتمدة فقط    قبس من نور النبوة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المجموعة القصصية "واصل غناءك أيها الرمل... واصلي رقصك أيتها النار" للقاص الطيب طهوري

أراد الطيب طهوري لنصوص هذا الكتاب أن تُصنّف ضمن جنس "القصة"، و كأنه بذلك يعفينا من إعادة طرح إشكالية "تجنيس" بعض الأعمال الأدبية الحديثة التي لم يستقر رأي النقاد بشأن تصنيفها. وتتكون هذه المجموعة القصصية التي صدرت عن دار " زينب للنشر و التوزيع " نابل/ تونس (الطبعة الأولى 2017 من 26 قصة قصيرة، و على غير العادة لا يتكرر عنوان الكتاب في الفهرس كعنوان لإحدى قصص المجموعة... عنوان مثير للفضول (إن لم أقلْ: "مستفز") من حيث طوله و بنيته الشكلية التركيبية، و حمولته المجازية، و كأن القاص الطيب طهوري يدعو قراءه إلى "حلبة" تحدّي القراءة انطلاقا من مرجعيات السيميوطيقا التي تعتبر "عتبة النص" (و منها العنوان الرئيسي فوق الغلاف) من المفاتيح الأساسية لمقاربة نقدية وظيفية للنصوص الأدبية و الفنية.
المجموعة القصصية غنية بإيحاءات مجموعة من "العلامات، " لها ارتباط وثيق و عضوي بتمثُّلات الكاتب الطيب طهوري لعناصر الطبيعة (الرّمل/ النّار / الماء/ الضوء/ العتمة/ الألوان...)، و لبعض القيّم ذات الأبعاد الفلسفية و الإيديولوجية و الأنتربولوجية (الحرية/ العبودية/ الحق/ الباطل/ الأخلاق/ الفساد/ الحياة/ الموت...)، و لبعض تجليّات الحياة الاجتماعية العامة المرتبطة بالثقافة المحلية والظرفية الاقتصادية و السياسية (الهجرة/ الفقر/ البطالة/ الشغل..(
لكن هذه المقاربة رغم ملاءمتها، لا يجب أن تنسينا الأهم: أنّ الكتاب الذي بين أيدينا "واصل غناءك أيها الرمل... واصلي رقصك أيتها النار" مجموعة قصصية، أي عمل أدبي فني، و بالتالي فهو مقيّد إلى حدّ ما بمجموعة إكراهات أو قواعد مرتبطة عضويا بفن كتابة القصة القصيرة، سواء من حيث "البناء المعماري للنصوص القصصية (الزمن/ المكان/ الشخصيات/ الحدث/آليات السرد و الوصف و التعليق و الحوار.. مع أساليب الانزياح و التكثيف/ الحبكة/ "القفلة"... أو كذلك من حيث التوجه المُهيمِن واقعية/ رومانسية/ سريالية/ عبثية/ غرائبية/ عجائبية"...
مقاربة نصوص هذه المجموعة القصصية من هذا المنطلق بحثا عن مواطن الجمالية و المتعة فيها استدعت بادئ ذي بدء بعض آليات "نحو النص" ، نختار من بينها لأهميتها القصوى "عناصر التلفظ"الأساسية (مَنْ يتكلّم؟ مع مَنْ؟...، في هذا السياق، فاجأنا الطيب طهوري إلى حدّ الدهشة بتوظيف ّالذات السّاردة بتقنيات مختلفة و خارجة عن المألوف:
هي ذات ساردة بضمير المتكلِّم "الأنا" تسرد الحدث " الأحداث " من زاوية "الدرجة صفر من التبئير" ، أي كذات ساردة عالمة تنقل الوقائع بشكل موضوعي دون المشاركة في صناعة الحدث أو التأثير على مجرياته، تماما كما الذات الساردة بضمير المتكلم "هو"... ،لكن لغة الانزياح الأسلوبي تخون الموضوعية: القاص يقحم ذاته من وراء السارد باللجوء إلى أساليب السخرية و الكناية والتورية و المبالغة ، قصة "أحلام لزقزقة العصفور السحري" ص 55 نموذجا".
هي ذات ساردة بضمير المتكلّم "الأنا" تسرد الحدث (الأحداث) من زاوية "التبئير الخارجي" ، أي أنّ السارد يتموقع في القصة إمّا ك "شاهد" على الأحداث التي يسردها، أو ك "محاور" لشخصيات أخرى عاشت أو عايشت الأحداث، أو لمّا تذوب "الأنا" المفرد في "الأنا" الجماعية (قصة "أشجار تتقدم من بعيد"ص. 62 نموذجا).
هي ذات ساردة بضمير المتكلم "الأنا" تسرد الأحداث من زاوية "التبئير الداخلي، أي أن "الأنا" تقحم نفسها كلّية في مجريات الأحداث من مواقع متعددة: تسرد الأحداث، تصف، تقدّم للحوارات، تعلِّق، تشارك في صناعة الحدث، أو تكون عرضة له، مع إبداء الرأي الشخصي الذاتي في كلّ العناصر المُكوِّنة للقصة (في الزمن، و المكان، و الشخصيات، و الحدث، و الموضوع/ الأطروحة في القصة، والقفلة...)، إمّا بشكل مباشر، أو بتوظيف إنزياحات لغوية و بلاغية توحي بالمسكوت عنه... و في سياق هذا "التبئير الداخلي"، لجأ الطيب طهوري في عدة قصص من هذه المجموعة إلى أسلوب "المراوغة الفنية" لخلق عنصري المفارقة و الغرابة: ففي عدّة قصص يوهم القارئ بأن "الأنا" (الذات الساردة و الشخصية) هي نفسها الكاتب، و تظهر فعلا باسم "الطيب" كما القاص "الطيب طهوري"(على سبيل المثال لا الحصر في قصة "إنهم يذبحون البشر" ص. 39، و قصة "ركبتي و قطار المستشفى" ص. 48)؛ و كأننا مع فصول من "سيرة ذاتية" للقاص الطيب طهوري الانسان... لكن النقد الحديث إنتبه لهذه المغالطة لمّا أكّد على أن "السيرة الذاتية" كمنتوج أدبي، ليست بالضرورة ترجمة موثوق بها للحياة الحقيقية للمبدع لاعتبارات كثيرة أهمها كون الذاكرة "تخون، و اللغة بانزياحاتها "تخون" كذلك..
و أكيد أن القاص الطيب طهوري انتبه لذلك عن وعي، فخلق عنصري المفارقة و الغرابة بشكل جليّ في قصته "تلك الرسائل ما أروعها" (ص. 17)، نقرأ:
"رسائل كثيرة تصلني هذه الأيام من أماكن و دول مختلفة، تتربّع على مكتبي و مائدة طعامي، و على السرير حيث أنام أيضا، و في كل زوايا البيت،على الأغلفة اسمي و عنواني،لكن ما أن افتحها حتى أفاجأ بحروف اسم شخص آخر يمعن النظر في ملامحي، و يقول بعد أن تشتدّ حيرتي: أنا أحمد محمد عز التاج..." (...) " أقول مستغربا: لستُ أنا... بالتأكيد هو شخص آخر يشبهني...".. يتبع


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.