تعيش الاستعجالات الطبية لمستشفى يوسف دمرجي بمدينة تيارت في حالة يمكن وصفها ب"الهبال في الهبال" نتيجة الوضع الكارثي وهذا ما حاولنا الوقوف عليه فقط من خلال ساعات قضيناها هناك . الدهشة كانت كبيرة عندما اقتربنا في حدود الساعة السابعة مساء من مكتب الأطباء المناوبين فالإمكانيات منعدمة والطبيب المناوب يعمل في ظروف جد صعبة وهذا ما أكده لنا أحد الأطباء الذي وجدناه في حالة من الغضب نتيجة الضغط المتزايد طيلة 24 ساعة من العمل بدون انقطاع غير ما أكده لنا الطبيب أنه فقط في ساعات قليلة قد تستقبل المصلحة 230 مريض وقد تتجاوز نهاية الأسبوع 500 مريض فالاستعجالات الطبية تضمن العلاج لمرضى الولاية بأكملها ذلك أن أغلب المستشفيات الأخرى المنتشرة عبر إقليم تيارت تقوم بتوجيه المرضى إلى الاستعجالات بمستشفى يوسف دمرجي في حين أن هذه الهيئة الطبية من المفروض أن تتكفل بالحالات المستعصية وتساءل الطبيب عن جدوى فتح العيادات الطبية الجوارية التي لم تعد تقوم بدورها المنوط بها ويفضل أطباؤها توجيه مرضاهم إلى المصلحة الاستعجالية. ما وقفنا عليه أن الاستعجالات الطبية يضمن المناوبة بها 3 أطباء منهم طبيبين عامين وآخر مختص في طب الأطفال غير ما شاهدناه من مواقف يمكن وصفها بالمؤسفة فأمام مكتب المناوبة تجمع المئات من المرضى يصرخون ويطالبون بالعلاج في ظرف قياسي أضف إلى ذلك السب والشتم الذي يتلقاه الطبيبين لطول الانتظار حتى أن أعوان الأمن لم يتدخلوا و لم نشاهد أحدهم بالقرب من مكتب المناوبة للحفاظ على سلامة الأطباء وفي هذا الإطار فقد أفاد أحد الأطباء المناوبين أنه في عديد المرات تعرض زملائه خاصة الطبيبات للضرب المبرح أو محاولة الاعتداء عليهن بالأسلحة البيضاء إذا ما علمنا حسبما أكده محدثنا أن مجموعات من الشباب ممن يدخلون في عراك أو شجار مع أشخاص آخرين تحت تأثير المخدرات أو الكحول وفي حالة إصابة أحدهم بجروح وحين نقله إلى الاستعجالات يمكن توقع كل شيء في ظل غياب تام لأعوان الأمن الذين يفضلون الابتعاد مما يستدعي تدخل عناصر الشرطة المتواجدين بالمستشفى مشيرا في ذات السياق أنه يسجل يوميا وخلال المناوبة الليلية أكثر من أربعة حالات اعتداء على الأطباء. وعن التحاليل الطبية التي توفرها الاستعجالات فقد أكد الطبيب المناوب أنها غير مجدية لقلة التجهيزات وغالبا ما يقدم للمريض الكشف الطبي بنوعية رديئة جدا فالاستعجالات تضمن فقط التحاليل المتوفرة لديها وفي حال غيابها يطلب من المريض التوجه لدى الخواص. ومن جهة أخرى فالاستعجالات الطبية تتوفر فقط على أربعة أسرة مقابل 200 ألف ساكن بمدينة تيارت ناهيك عن الدوائر والبلديات الأخرى مما يفرض على المرضى تلقي علاجهم على كراسي الانتظار أو الأرض في انتظار شغور أحد الأسرة المخصصة للحالات الاستعجالية. *****مصلحة الإغاثة الطبية "samu" هيكل بل روح وعن النظافة فهذا شأن آخر فعاملتي النظافة تضمنان المناوبة ليس فقط بالاستعجالات وإنما بكامل المستشفى والشيء المؤكد أن النظافة منعدمة تماما بالمصلحة وتجهيزاتها قديمة وأسرتها تبحث عن التجديد وإمكانيات جد محدودة وأطباء غاضبون ومرضى تائهون يبحثون عن العلاج وفوضى عارمة تسود المصلحة و يخيل لك أنك لست بمصلحة طبية وما أكده محدثنا أيضا أنه بسبب انعدام الأمن فأي شخص يمكن له أن يتجول وبكل حرية وقد روى لنا الطبيب المناوب حادثة وقعت مؤخرا لزميلته حاولت أن تنال قسطا من الراحة بالمكتب المخصص لذلك غير أن قفل الباب المهترئ دفع بأحد الفضوليين من زوار المصلحة إلى اقتحام المكتب فتفاجأت الطبيبة وراحت تصرخ طلبا للنجدة ولحسن حظها لم تتعرض لأي أذى. لاحظنا خلال تجولنا بالمستشفى سيارة تابعة لمصلحة الإغاثة الطبية samu فظننت في البداية أن هناك مصلحة مختصة لنقل المرضى القاطنين بالمدينة شأنها كوهران أو ولايات أخرى التي تعززت بهذه المصالح لكن تفاجأت أن هذه السيارة مخصصة فقط لنقل المرضى إلى مستشفى وهران ولا تتكفل بالمرضى الآخرين بمعنى أن مستشفى تيارت يضم نظريا مصلحة للإغاثة الطبية المستعجلة وفي الواقع فهي هيكل بلا روح وهذا ما أكده الأطباء لنا. وفي حدود الساعة التاسعة ليلا تجولنا بالمستشفى فبالقرب من المدخل الرئيسي للجناح الذي به مختلف المصالح الإستشفائية تجمع العديد من المواطنين من أهالي المرضى مطالبين أعوان الأمن بالسماح لهم بالدخول فتطورت إلى مناوشات وسب وشتم متبادل وما فهمناه أن أغلب الوافدين هم من ذوي المرضى الذين تم تحويلهم إلى مختلف المصالح الاستشفائية المتواجدة بهذا الجناح فكل واحد منهم يحاول الإطمئنان على مرضاهم ولولا تدخل أفراد الشرطة لتطورت الأمور إلى ضرب متبادل مع أعوان الأمن الذين طلبوا منهم التوجه إلى مكتب المسؤولة المباشرة عن الجناح والتفاوض معها.