يرتبط إسم قرية العابد الحدودية الواقع جنوب ولاية تلمسان بمنجم الزنك والرصاص الذي كان بمثابة اللبنة الأساسية لتكون هذا المجمع السكاني حيث ظهر إلى الوجود مع السنوات الأولى لاشتغال المنجم في الأربعينيات من القرن الماضي ونظرا لاجتياح اليد العاملة خاصة بعد قرار تأميم المناجم في 6 ماي 1966 ورحيل الفرنسيين عن المنجم توافد العديد من المواطنين ومن جميع أنحاء الجزائر طلبا للشغل ومنذ ذلك الوقت وعدد السكان في تزايد مما جعلهم يمثلون ضعف تعداد سكان التجمعات السكانية المجاورة التابعة لمركز البلدية البويهي أو المركز في حد ذاته, وما ساعد على ذلك قيام الوحدة المنجمية ببناء وحدات سكنية لعمالها بالرغم من أنها كانت من البناء الجاهز وهو الأمر الذي أدى إلى ترشيح هاته القرية للارتقاء إلى بلدية خلال التقسيم الإداري لسنة 1984 لكن هذا لم يحدث ورغم ذلك إلا أن القرية حافظت على مرافقها آنذاك وهو ما يصفه السكان بالفترة الذهبية نظرا للظروف التي كانوا يعشونها خاصة في مجال التنمية بشتى أنواعها مقارنة بالقرى سواء في مجال التهيئة أو الصحة أو التعليم وغيرها, إلى أن جاءت فترة الانهيار التي كانت كتبعته من تبعات عجز الوحدة الاقتصادية وتأثرها بالتحولات الاقتصادية على المستوى العالمي بحكم انخفاض أسعار الزنك والرصاص في الأسواق العالمية مما جعلها تفلس سنة 2000 وكما يحدث في كل القرى المنجمية في العالم وانطلاقا من المقولة الاقتصادية القائلة "كل ما بني على مشروع اقتصادي فهو زائل بزوال المشروع "فقد عانى السكان الأمرين فتوقف المنجم عن الإنتاج كان له وقعا سلبيا على جميع المجالات سواء القطاع الصحي أو التهيئة حيث دخلت قرية العابد في فترة تهميش لم يسبق لها مثيل ناهيك عن انتشار البطالة في أوساط الشباب حيث تحول العديد من أرباب العائلات إلى بطالين مما دفع ببعضهم الهروب إلى أماكن أخرى من أجل البحث عن لقمة العيش أما البعض الآخر فبقي يعيش على أمل إعادة تفعيل المنجم مرة أخرى وهو ما حدث فعلا سنة 2004 بعد الاتفاق الذي حدث بين الشركة الصينة معادن العابد ووزارة المناجم حيث قامت هاته الأخيرة بإعادة تجديد هياكله مع الحفاظ على المنشأة الكبرى كالآبار والأروقة والمغسلة,إلا أن هاته الشركة فشلت في تطبيق البنود وعمليات الاستخراج بالرغم من بقائها لفترة فاقت العشر سنوات وهو ما قضى على أحلام السكان مجددا, والذين لا هم لهم سوى النظر إلى قريتهم بعين الاعتبار وإخراجها من التهميش الذي عانت منه في السنوات الأخيرة. ****شبح البطالة يطارد الشباب بالرغم من أن كل الآمال كانت معلقة على عودة المؤسسة الوطنية للمنتجات غير الحديدة والمواد النافعة للقضاء على البطالة بعد توليها أشغال الصيانة بالمنجم في السنة الفارطة إلا أن شباب المنطقة أصبحوا يتخوفون من تكرر السيناريو الذي حدث في عهد الشركة الصينية والتي عجزت عن بعث نشاط المنجم وذلك لعدم وجود أي مؤشرات توحي بأن إينوف ستحييه مثلما أكده لنا غالبيتهم , وهو ما جعل سكان قرية العابد يتساءلون عن مصير المنجم خاصة الشباب منهم الذين عانوا الأمرين من شبح البطالة في غياب فرص الشغل. ****قطع 22 كلم للالتحاق بالعيادة و56 كلم لتحيين بطاقة الشفاء **** ورغم توفر قرية العابد على مستوصف تابع لمديرية الصحة وعيادة تابعة للضمان الاجتماعي و يتم إعادة تهيئتها مؤخرا وتجهيزها بأحدث التقنيات كما تم تدعيمها بطبيب للأسنان إلا أن المواطنين أكدوا أنهم لا زالوا يعانون في مجال الخدمات الصحية خاصة من غياب نظام العمل بالمداومة مما يدفع المريض بعد انتهاء فترات العمل القانونية أي بعد الرابعة زوالا إلى التنقل لمسافة تزيد عن 22 كلم للالتحاق بالعيادة المتعددة الخدمات المتواجدة مركز الدائرة سيدي الجيلالي الصحة مريضة**** وما يزيد من معاناتهم هو غياب سيارات للإسعاف مما يجعل الحوامل عرضة للأخطار ولهذا طالب المواطنون مسؤولي الصحة بالولاية بالنظر في مطلبهم المشروع وتدعيم القرية بعيادة توليد, وغير بعيد عن مجال الصحة فقد كشف بعض ممثلي الجمعيات المحلية بالقرية أن مركز الضمان الاجتماعي لا يزال منقوصا من حيث الخدمات حيث أعطى احدهم مثلا عن بطاقة الشفاء التي يستدعي تحينها قطع مسافة 56 كلم. *****النقل الحلقة المفقودة زيادة على البطالة والصحة يعاني سكان القرية كثيرا من مشكل النقل خاصة وأن وجودها في منطقة حدودية يجعلها معزولة عن مركز الولاية أو الدوائر الأخرى فرغم وجود مجموعة من سيارات الأجرة بالعابد إلى أن أزمة النقل تخنقهم على مدار السنة خاصة وأن عدد السكان يصل إلى أكثر من 5000 نسمة ,مما يجعل المواطن يستنجد بسيارات الكلوندستان أو الإنتظار لساعات طويلة بغية التنقل إلى مركز الدائرة أو دائرة سبدو, أو تأجيل سفرهم خاصة وأنهم يجدون صعوبة أخرى في العودة إلى منازلهم بعد منصف النهار بسب المشكل نفسه .
**المقهى متنفس الشباب ---*** وفي ظل غياب المرافق الترفيهية وفرص الشغل بالعابد لم يجد الشباب من منفذ لهم سوى المقاهي المتواجدة بالقرية لقتل الروتين خاصة وان فرص الشغل منعدمة بالمنطقة مما يجعلهم يقضون فترات طويلة لتجاذب أطراف الحديث أو الاطلاع على آخر الأخبار المنشورة في الجرائد ,مع العلم أن القرية تمتلك دار ثقافة مشيدة منذ عدة سنوات هذا إضافة إلى مكتبة مطالعة و مركب رياضي تم تدشينهما رسميا من طرف والي الولاية مؤخرا ومن حسن حظ شباب قرية العابد أنهم سيتخلصون من مشكل غياب الشبكة العنكبوتية بعد ربط البيوت بالأنترنيت بعد تجسيد مشروع ربط القرية ب أكثر من 400 خط في الأيام الماضية.