وسط ترقب الدوري السعودي.. ميلان يضع بن ناصر على لائحة البيع    حنكة دبلوماسية..دور حكيم ثابت وقناعة راسخة للجزائر    أكنّ للجزائر وتاريخها العريق تقديرا خاصا..وكل الاحترام لجاليتها    مهرجان عنابة..عودة الفن السابع إلى مدينة الأدب والفنون    إبراز البعد الفني والتاريخي والوطني للشيخ عبد الكريم دالي    التراث الثقافي الجزائري واجهة الأمة ومستقبلها    مطالبات بتحقيقات مستقلّة في المقابر الجماعية بغزّة    تقرير دولي أسود ضد الاحتلال المغربي للصّحراء الغربية    استقالة متحدّثة باسم الخارجية الأمريكية من منصبها    تكوين 50 أستاذا وطالب دكتوراه في التّعليم المُتكامل    ثقافة مجتمعية أساسها احترام متبادل وتنافسية شريفة    العاصمة.. ديناميكية كبيرة في ترقية الفضاءات الرياضية    حريصون على تعزيز فرص الشباب وإبراز مواهبهم    وكالة الأمن الصحي..ثمرة اهتمام الرّئيس بصحّة المواطن    تحضيرات مُكثفة لإنجاح موسم الحصاد..عام خير    تسهيلات بالجملة للمستثمرين في النسيج والملابس الجاهزة    المسيلة..تسهيلات ومرافقة تامّة للفلاّحين    استفادة جميع ولايات الوطن من هياكل صحية جديدة    قال بفضل أدائها في مجال الإبداع وإنشاء المؤسسات،كمال بداري: جامعة بجاية أنشأت 200 مشروع اقتصادي وحققت 20 براءة اختراع    الشباب يبلغ نهائي الكأس    بونجاح يتوّج وبراهيمي وبن يطو يتألقان    خلافان يؤخّران إعلان انتقال مبابي    بعد إتمام إنجاز المركز الوطني الجزائري للخدمات الرقمية: سيساهم في تعزيز السيادة الرقمية وتحقيق الاستقلال التكنولوجي    سوناطراك تتعاون مع أوكيو    الأقصى في مرمى التدنيس    حكومة الاحتلال فوق القانون الدولي    غزّة ستعلّم جيلا جديدا    جراء الاحتلال الصهيوني المتواصل على قطاع غزة: ارتفاع عدد ضحايا العدوان إلى 34 ألفا و356 شهيدا    الأمير عبد القادر موضوع ملتقى وطني    باحثون يؤكدون ضرورة الإسراع في تسجيل التراث اللامادي الجزائري    أهمية العمل وإتقانه في الإسلام    بن طالب: تيسمسيلت أصبحت ولاية نموذجية    هذا آخر أجل لاستصدار تأشيرات الحج    المدرب أرني سلوت مرشح بقوّة لخلافة كلوب    جامعة "عباس لغرور" بخنشلة: ملتقى وطني للمخطوطات في طبعته "الثالثة"    "العميد" يواجه بارادو وعينه على الاقتراب من اللّقب    مدرب مولودية الجزائر باتريس يسلم    أمن دائرة عين الطويلة توقيف شخص متورط القذف عبر الفايسبوك    سيدي بلعباس : المصلحة الولائية للأمن العمومي إحصاء 1515 مخالفة مرورية خلال مارس    أحزاب نفتقدها حتى خارج السرب..!؟    مشروع "بلدنا" لإنتاج الحليب المجفف: المرحلة الأولى للإنتاج ستبدأ خلال 2026    بطولة العالم للكامبو: الجزائر تحرز أربع ميداليات منها ذهبيتان في اليوم الأول    حوالي 42 ألف مسجل للحصول على بطاقة المقاول الذاتي    هلاك 44 شخصا وإصابة 197 آخرين بجروح    حج 2024 :استئناف اليوم الجمعة عملية حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة    الجزائر العاصمة.. انفجار للغاز بمسكن بحي المالحة يخلف 22 جريحا    من 15 ماي إلى 31 ديسمبر المقبل : الإعلان عن رزنامة المعارض الوطنية للكتاب    المهرجان الوطني "سيرتا شو" تكريما للفنان عنتر هلال    شهداء وجرحى مع استمرار العدوان الصهيوني على قطاع غزة لليوم ال 202 على التوالي    إستفادة جميع ولايات الوطن من خمسة هياكل صحية على الأقل منذ سنة 2021    السيد بوغالي يستقبل رئيس غرفة العموم الكندية    حج 2024: آخر أجل لاستصدار التأشيرات سيكون في 29 أبريل الجاري    رئيس الجمهورية يترأس مراسم تقديم أوراق اعتماد أربعة سفراء جدد    خلال اليوم الثاني من زيارته للناحية العسكرية الثالثة: الفريق أول السعيد شنقريحة يشرف على تنفيذ تمرين تكتيكي    شلغوم العيد بميلة: حجز 635 كلغ من اللحوم الفاسدة وتوقيف 7 أشخاص    الدعاء سلاح المؤمن الواثق بربه    أعمال تجلب لك محبة الله تعالى    دروس من قصة نبي الله أيوب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



10 آلاف حالة عنف ضدّ المرأة منها 27 جريمة قتل سنويا
رفقا بالقوارير
نشر في الجمهورية يوم 20 - 10 - 2015

الجزائر العاصمة في المرتبة الأولى بأزيد من 1000 حالة و وهران الثانية ب 500 حالة
رئيسة المرصد الجزائري للمرأة ..العنف أصبح جريمة و يجب تثمين القانون الإلاهي
70 % من محاولات الانتحار وسط النساء
الدّين أباح الضّرب الخفيف غير المبرح و في الحالات القصوى
استطاع الانسان أن يحقّق النّجاح في كل مجالات الحياة و يحرز التفوّق على جميع الأصعدة و يتحدّى نفسه و الطّبيعة و يرتقي بعقله و ذكائه و يبدع و يخترع و يطّور حياته لكن رغم كل ما وصل إليه من تفوّق و نجاح لا تزال مظاهر الجاهلية و الهمجية تطبع شخصيته فرسخت في نفسه و علقت في تفكيره إلى الأبد و كأن هذا الانسان باق على طبعه و لم يتغيّر فيه سوى الرّداء لقوله تعالى في سورة يوسف "وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي إن ربي غفور رحيم" فنفوسَ العباد، تأمرهم بما تهواه، وإن كان هواها في غير ما فيه رضا الله ، (إلا ما رحم ربي) أي إلا أن يرحم ربي من شاء من خلقه ، فينجيه من اتباع هواها وطاعتها فيما تأمرُه به من السوء
و نحن في هذا المقام لا نحتاج للكثير من الأمثلة لنشرح و نفسّر و نعلّل و يكفينا التّمعّن فيما يحدث من حولنا من ظواهر عنف و إجرام و قتل لندرك بأننّا فعلا نعيش حياة الجاهلية الكبرى فما كان يعانيه النّاس قبل بعثة نبيّ الخلق محمّد صلّى اللّه عليه وسلّم أقلّ ضررا و أهون ممّا يصيب البشرية في هذا العصر فتن و حروب و مصائب و انتهاك لحقوق الانسان و خاصّة ضدّ المرأة و الطّفل
و تشير تقارير المنظّمة العالمية للصّحة بأن ظاهرة العنف المسلّط على المرأة بكل دول العالم أصبح إحدى أكبر مشاكل الصّحة العمومية وأحد انتهاكات حقوق الإنسان. فمعدّلات انتشار العنف في العالم تشير إلى وجود نسبة 35 بالمائة من النّساء يتعرّضن في حياتهن للعنف بأشكاله على يد شركائهن أو للعنف الجنسي على يد غير الشّركاء.
و حسب المنظّمة فإنّ هذان الشّكلان من العنف هما من أهم أسباب تفشّي الأمراض و ظهور مشاكل جسدية ونفسية وجنسية ومشاكل صحية إنجابية وقد تزيد من درجة التعرّض لفيروس الإيدز و انتشاره بالعالم ،فالعنف الجنسي يعد من أخطر أشكال التعنيف الذي تتعرّض لها المرأة فعواقبه قد تكون وخيمة على المجتمع سواء من النّاحية الصّحية أو الأخلاقية أو الاجتماعية
و من أهم العوامل التي تدفع الفرد إلى ممارسة العنف ضد المرأة تدني مستواه التعليمي أو تعرّضه للأذى في إحدى مراحل طفولته أو شاهد حالات من العنف المنزلي الممارس ضد المرأة أو تعاطي الكحول و المخدّرات أو بسبب شخصيته المهزوزة التي تكسبه سلوكا عنيفا أو تجعله يميل إلى العنف و يتقبّله ،كما يحدث أيضا في حالة عدم المساواة بين الجنسين.
و مهما بلغ الفرد من رقيّ و تقدّم فإن العنف هو المعول الذي يهدم كل ما بناه و الإنجازات التي حقّقها فيفكّك الأسر و يهدّد الأمن الاجتماعي خصوص عندما يمتدّ إلى الفئات الضعيفة .
لكن مع الأسف الشديد لا يزال العنف ضدّ المرأة من القضايا الاجرامية الخطيرة المنتشرة عبر العالم فلم يفرّق بين دولة متقدّمة أو دولة نامية بدليل الأرقام التي كشفت عنها المنظّمة العالمية للصّحة
95 بالمائة من ضحايا العنف بفرنسا نساء
بالولايات المتّحدة الأمريكية تتعرّض حوالي 30 بالمائة من النّساء للعنف الجسدي من قبل شركائهن و بفرنسا 95 بالمائة من ضحايا العنف بأنواعه نساء من مختلف الأعمار و حوالي 8 نساء من عشر هنّ ضحايا عنف جسدي و نفسي و جنسي في الهند. و 52 بالمائة من النساء الفلسطينيات تعرضن للضرب على الأقل مرة واحدة في العام .و بالأردن تضيف تقارير المنظمة العالمية للصّحة بأن 47 بالمائة من النساء يتعرضن للضرب بصورة دائمة و بسويسرا حوالي 20 بالمائة من النساء عرضة للعنف بأشكاله و بإنجلترا تسجّل في كل دقيقة حالة عنف ضدّ المرأة
و بالجزائر سجّل بالعام الماضي حوالي 10 آلاف حالة عنف ضدّ النساء منها حوالي 7 آلاف حالة خلال الشهور التسعة الأولى من نفس السّنة غلب عليها العنف الجسدي ب 5163 حالة متبوعة بسوء المعاملة ب 1508 حالات ثم بعدها العنف الجنسي ب 205 حالات كما سجّلت أيضا 27 حالة قتل عمدي و 3 حالات زنى المحارم و يعتبر الرّجال من صلة القرابة المتّهمين الأوائل في هذه القضايا و في مقدّمتهم الأزواج و الأخدان ثم الأهل مثل الأب و الأخ
و هذه الأرقام صادرة عن مصالح الأمن الوطني حيث حدّدت أيضا نوع الضحايا و المتورّطين ،فمن أصل 6985 امرأة ضحية عنف حوالي 1903 لا يتجاوز مستواهن التعليمي الطّور المتوسّط و حوالي 1267 امرأة بدون مستوى و حوالي 603 ضحايا لهن المستوى الابتدائي و البقية كلّهن متعلّمات و منهن إطارات و صاحبات مناصب مسؤولية. أما المتورّطين فجلّهم عديمي المستوى أو أوقفوا تعليمهم في الأطوار الأولى من الدّراسة فمثلا حوالي 1303 منهم لهم مستوى التعليم المتوسّط
و تشير إحصائيات الأمن الوطني بأن ظاهرة العنف ضدّ المرأة تنتشر بالمدن الكبرى و الجزائر العاصمة في المقدّمة بحوالي 1135 ضحية ثم تليها وهران ب 495 ضحيّة
و كل هذه الأرقام تبيّن بأن العنف المسلّط على النساء لا يختص فئة عمرية معيّنة أو ثقافة معيّنة أو بلد أو مجتمع بعينه و إنّما يشمل كافة الثقافات والدول المتقدمة منها أو ما تسمى بالدول النامية أو دول العالم الثالث.
والعنف ضدّ المرأة يعني الأخذ بالشدة والقوة، فهو سلوك يتسم بالعدوانية و يتسبب في احداث اضرار مادية او معنوية او نفسية . فهو السب والشتم والضرب والقتل والاعتداء و الإهانة و الاحتقار و غير ذلك من السلوكيات الشاذة التي تصدر عن الرجل أو عن مؤسسة أو نظام أو حتى من طرف امرأة من أجل إخضاع المرأة و إجبارها على الخنوع و التنازل و كذلك من أجل إضعافها و التقليل من شأنها و كيانها .
و تقول التقارير الأمنية بأن غالبا ما تكون المرأة نفسها أحد الدوافع المؤدّية إلى ممارسة العنف و الاضطهاد ضدّها لأنها ببساطة تقبله بل و ترجّح مبدأ السّكوت و الخضوع أو التسامح كرد فعل فيتمادى الآخر في عنفه و يتجرّأ على زوجته أو صديقته أكثر خصوصا إذا أدرك بأن هذه المرأة لا تملك من يحميها منه أو تلجأ إليه
و في حالات أخرى تتعرّض المرأة العاملة للاضطهاد النفسي و الجسدي و التحرّش الجنسي و لا تبلّغ عن مرتكب هذه الأفعال خوفا من فقدان وظيفتها التي تكسب منها قوتها و قوت عيالها و عائلتها فترضخ لذلك أيضا
و لا شكّ أن الجهل و عدم القدرة على التواصل الاجتماعي و جهل المرء لحقوقه و واجباته في هذا المجتمع من أهم أسباب تفشي العنف ضدّ المرأة فهو إمّا عنف صادر عن المرأة نفسها أو عن الرّجل أو عن الاثنين معا ما يؤدّي إلى تجاوز الحريات و التّعدي على الآخر
هذا بالإضافة إلى تدني المستوى التعليمي و الثقافي و الفكري لذلك أوصى الرّسول صلّى اللّه عليه و سلّم بأن يحترم مبدأ التكافؤ بين الزّوجين سواء في التعليم أو المستوى الاجتماعي و المادّي فالاختلاف يولّد التوثّر و عدم التوازن داخل الأسرة و بالأخص إذا كانت الزّوجة أعلى مستوى من الرّجل فيحاول تعويض هذا النقص بالعنف و الاهانة و التقليل من قيمتها و من شخصيتها و قد يصل إلى درجة الضرب
الإسلام كرّم المرأة و حفظ حقوقها
و للتربية الصّحيحة دور كبير إعداد نشأ سويّ متوازن أخلاقيا و ثقافيا و تربويا فالفرد يشيب على ما شبّ عليه و العنف الممارس ضدّه في صغره يولّد لديه الرّغبة في ممارسته على الغير و خاصّة على أضعف مخلوق أمامه أي المرأة و الطّفل ، إذ يجعله العنف ضحية له أيضا بحيث تتشكل لديه شخصية ضعيفة وتائهة و مهزوزة .فمثلا إذا شاهد الطّفل أباه و هو يضرب أمّه باستمرار ينشأ على عدم احترام المرأة و احتقارها حتّى و إن كانت أمّه .لكن كثيرا ما تكون العادات و التقاليد ذات البعد المتخلّف و الجاهلي الذي يميّز الذكر عن الأنثى هو السّبب الرئيسي في تفشّي العنف بكل المجتمعات خصوصا تلك التي تصغّر شأن المرأة و تحتقرها و ترتقي بدور الرّجل و مكانته فعليها كل الواجبات و له كل الحقوق فتتعوّد على ذلك و تتقبّله
و ديننا الحنيف كرّم المرأة و صانها و حفظ حقوقها و لم يكرّس الضّرب في حقّها و الآية التي تبيح الضرب الخفيف للزوجة مقرونة بشروط، وتعنيف المرأة فيه مخالفة كبيرة للشرع حسبما جاء في معظم تفاسير القرآن الكريم ،فكان الرّسول صلّى اللّه عليه و سلّم قد رفع شأن المرأة منذ أن بعث و الآيات القرآنية التي أنزلت حول المرآة حدّدت حقوقها و حفظتها و ساوت بينها و بين الرّجل ،ففي عصر الجاهلية كانت تحرم من الميراث عكس الرّجل فنزل الوحي الذي جعل لها نصيبا من الميراث بعدما كانت لا ترث بل و تورّث مع المروثات أي أنها كانت مجرّد سلعة أو شيء مادّي يستحوذ عليه الرّجل و يمتلكه
ثمّ كرّم ديننا الحنيف المرأة و هي الأمّ التي جعلها اللّه سببا لحياة الخلق لقوله صلّى اللّه عليه و سلّم "الجنّة تحت أقدام الأمّهات" و لم يتوقّف الأمر عند هذا الحدّ فالمرأة في الإسلام معزّزة و مكرّمة و مصونة و هي الأم و الأخت و البنت و الزّوجة لقوله عليه الصّلاة و السّلام في خطبة الوداع "أوصيكم بالنّساء خيرا " و قال أيضا "رفقا بالقوارير "
و قبل بعثه عليه أفضل الصّلاة و السّلام كانت المرأة عند مولدها بمثابة العار الذي لحق بالأسرة و القبيلة بشكل عام لذلك شاع بين العرب قبل فجر الإسلام وأد البنات اتقاء لهذا العار و ظنّا منهم بأن قتل البنت عند ولادتها سيحفظ شرف العائلة و اسمها بين الأهل و العشيرة أمّا الولد فكان عكس ذلك فهو مفخرة الأسرة و درعها و حاميها و بالتّالي كرّست هذا الفكر المتخلّف و العادات الرجعية مبدأ التفريق و عدم المساواة بين الرّجل و المرأة فهو العزيز و هي المهان بلا كيان و لا ذات.
لذلك لم تسعد المرأة السعادة الحقيقية إلا في رحاب الإسلام، فأصبحت الأم التي وجبت طاعتها بعد طاعة اللّه و الإحسان إليها، وهي الزوجة المحفوظة حقوقها والموصى بحسن معاملتها وتكريمها في أمور عدة و الأخت و البنت المفروض حمايتها و إعالتها و مال المرأة حقّها و محرّم على الرّجل إلاّ برضاها
انحراف في فهم معاني بعض الآيات
و حسب الدّراسات التي نشرت على الموقع الرسمي لوزارة الشّؤون الدينية و الأوقاف حول ظاهرة العنف ضدّ المرأة فهناك انحراف في فهم معنى الأية القرآنية الكريمة التي تطرقت لقضية ضرب النساء لقوله تعالى في الآية34 من سورة النساء والتي تقول :"...واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا ، إن الله كان عليا كبيرا"، والآية تتحدث هنا عن المرأة الناشز في مقابل الزوج الصالح الذي لم يظلمها، كما أنه هناك مرحلتين تسبقان الضرب هما العظة والهجر قبل اللجوء إلى الضرب التأديبي غير المبرح، و قد فسر المفسرون الضرب غير المبرح بأنه ضرب غير شديد ولا شاق ولا يكون الضرب كذلك إلا إذا كان خفيفا غير مؤلم.
و معنى الآية الكريمة واضح كلّ الوضوح فاللّه لم يجز ضرب الرّجل لزوجته إلاّ بشروط أهمّها أن تكون هذه المرأة ناشز و معنى ذلك أن تكون غير صالحة و فاسدة الأخلاق و مع ذلك لا يقبل على ضربها إلاّ بعد استعمال الأساليب الردعية الأخرى المذكورة في الآية و هي الموعظة الحسنة ثم الهجر في المضجع أي أن يهجر الزّوج زوجته في فراشهما و ليس في غرفتهما فإن لم تنفع هذه الطّرق ياجأ إلى الضّرب الذي لا يكون مبرحا بل خفيفا لأن الإسلام حرص على حفظ كرامة المرأة و عدم الإساءة إليها و إهانتها و سوء معاملتها ناهيك عن الاعتداء عليها و ضربها و احتقارها و غير ذلك من أساليب العنف البشعة التي شاعت في عصرنا
و الآيات الكريمة و الأحاديث الشريفة التي تحثّ على صون النّساء كثيرة و كلها وضعت و حدّدت أسلوب التعامل مع المرأة و ساوت بينها و بين أخيها الرّجل بل يكمّلان بعضهما في الدّنيا و الآخرة غير أنّ ذوي العقول المتحجّرة تناسوا و تجاهلوا كل الآيات و الأحاديث و علّقوا سوء فهمهم بالآية السّابقة التي تبيح الضّرب لكنّه صلّى اللّه عليه و سلّم قال "ما أكرمهن إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم "، فوصف من يهين زوجته باللئيم، والإهانة قد تكون لفظية وقد تكون عنفا جسديا وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا "لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد ثم يجامعها آخر اليوم "، و هذا استنكار منه صلى الله عليه وسلم لمن هذا وصفه وهذا فعله.
ولكن للأسف الشديد و رغم كل النّصوص الصريحة التي تنهى الرّجل عن تعنيف المرأة بأي شكل من الأشكال تجاهل الكثير من المسلمين ذلك و أباحوا ضرب نسائهن و مارسوا عليهن عنفا غير مشروع عكس ما جاء في الدّين فالضرب الذي أباحه اللّه يكون خفيفا غير مؤلم مثلما جاء في جل التفاسير و لا يستعمل كوسيلة تأديب إلاّ في الحالات القصوى أي في حالة النشوز.
و في هذا الشّأن تقول السيدة شائعة جعفري رئيسة المرصد الجزائري للمرأة للجمهورية "لابد من دق ناقوس الخطر.. وأدعو الأئمة إلى ممارسة واجبهم التوعوي للحد من الظاهرة" فهي تؤكّد بأن العنف ظاهرة دخيلة على مجتمعنا الجزائري و الدّليل على ذلك انتشارها الفضيع بمعظم دول العالم و خاصّة المتطوّرة منها
و رغم أن الأرقام المسجّلة في السنوات القليلة الأخيرة تبيّن بأن عدد الحالات تراجع "13 ألف حالة في سنة 2012 مقابل 10 آلاف في 2014 " إلاّ أن العنف باق و يجب محاربته بكل الوسائل المتاحة بالقوانين السماوية و الوضعية
و تضيف السيدة جعفري "حقيقة تراجع معدّل الإجرام الممارس ضدّ المرأة لكن طبيعته تغيّرت فالعنف الجسدي أصبح قتلا و 27 حالة مسجّلة في العام الماضي لا يستهان بها و لا يجوز السّكوت عنها وعليه فإن العنف ضد المرأة في الجزائر تغيَر، وأخذ أنماطا متنوعة، تعصف كلها بكيان المرأة وحياتها".
و إذا كان العنف ببلادنا يطال حوالي 10 آلاف امرأة سنويا فهذا يعني بأن معاناتها لم تنته رغم التطوّر و التقدّم الذي حقّقته في جميع مجالات الحياة لأن الرّجل و المجتمع بشكل عام لا يزال ينظر إليها نظرة احتقار و استصغار و هي في نظره لن ترتقي و ستبقى دائما في المراتب الدنيا مهما حاولت و اعتلت من مناصب عليا
و المقلق تقول رئيسة المرصد بأن عدد النساء المعنّفات اللائي لقين حتفهن قد تضاعف و هذا يؤكّد بأن العنف أصبح جرائم قتل .أما بالنسبة لحالات التحرّش الجنسي تقول بأن الرقم المعلن عنه " أزيد من 200 حالة سنويا " مشكوك فيه و الظاهرة تبقى غامضة ولا يمكن إعطاء إحصاءات دقيقة نظرا لحساسية الموضوع الذي تفضل المرأة إخفاءه والتستر عليه.
فهناك الكثير من حالات التحرش أو الاغتصاب التي تأبى المرأة الإبلاغ عنها خوفا على شرفها و النّساء من سحبن الشكاوى من مصالح الشّرطة لنفس الأسباب وكل هذا يرجع إلى الموروثات الثقافية والاجتماعية التي ساهمت إلى حد كبير في بروز هذه الظاهرة التي كرسها تراجع دور المدرسةو البيت والمسجد
و أشارت شائعة جعفري إلى دور الإسلام في حماية المرأة فتقول " أمّة محمّد محفوظة بفضل الدّين الحنيف فمن تمسّك به حفظ نفسه و أهله و عرضه و بلده و المرأة مصونة في الإسلام و حقوقها مضمونة و العنف ضدّها محرّم بالنّص القرآني و نبيّنا محمّد صلّى اللّه عليه و سلّم حفظ كرامة المرأة بل كانت آخر ما أوصى به في خطبة الوداع ،أما القوانين الوضعية فلم تأت سوى مكمّلة لذلك فحدّدت حقوق المرأة و واجباتها و واجبات الرّجل نحوها لذلك أنا كرئيسة المرصد الجزائري للمرأة أثمّن القانون الإلاهي و الشّريعة "
خليّة للطبّ النفسي التواصلي بمستشفى وهران
و فيما يخصّ دور المرصد تضيف نفس المتحدّثة بأنه بصدد تحضير ما يسمّى بوثيقة المرأة في الإسلام و هي المدوّنة التي ستتطرّق إلى كل المعاني المتعلّقة بالمرأة من حقوق و واجبات و ميراث و غيرها فتكون البرهان الذي نواجه به الأصوات الناعقة لأن العنف في ديننا منبوذ
و نظرا لفضاعة الجرائم المرتكبة في حقّ المرأة أنشأت خلية للطب النفسي التواصلي على مستوى الجناح 35 بالمستشفى لوهران و تقوم هذه الخلية بالتّكفل المباشر بالحالات النفسية للمرضى و خاصّة الذين حاولوا الانتحار و جلّهن من النّساء فإحصائيات مصالة الاستعجالات تكشف بأن 70 بالمائة من محاولات الانتحار تكون وسط النّساء لذلك تعمل هذه الخلية المتكونة من أطباء نفسانيين من متابعة الضحايا و علاجهم
و قدّ مسّ تحقيق أجراه مركز البحث "كراسك" 400 مريض بمصلحة الاستعجالات بوهران كلّهم حاولوا الانتحار ففشلوا فأظهرت الدراسة بأن 17.3 بالمائة من النساء برّرن فعلهن بمصاعب الحياة و الحزن و اليأس الشديدين و فقدان الأمل في الحياة مقابل 12 بالمائة من الرّجال كما أظهر أيضا بأن أكثر الأشخاص محاولي الانتحار هم من الفئة العمرية ما بين 16 و 30 سنة فيما بلغ عدد حالات الانتحار بالجزائر 10 آلاف حالة سنويا
و من الأسباب الأخرى المؤدية إلى محاولة الانتحار خاصة وسط النساء التعرّض المستمرّ للعنف و الأذى و خاصّة العنف النفسي الذي يؤدّي إلى الشّعور بالوحدة و كذلك بسبب الظروف الاجتماعية القاهرة و عدم تفهّم المحيط و الفراغ القاتل الذي يدفعهم للانتحار
و يرى المختصون بأن التطوّر السّريع و الحادّ للعائلة الجزائرية و ثقل المسؤولية على المرأة راجع إلى عوامل اجتماعية و اقتصادية تركت آثارا وخيمة على المجتمع و خلّفت العشرية السّوداء جروحا عميقة في المجتمع و صدمت بعمق الأفراد إضافة إلى مشاكل اجتماعية و اقتصادية أخرى كأزمة السّكن و البطالة و ويأخذ العامل الاقتصادي نسبة 45% من حالات العنف ضد المرأة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.