شكّل موضوع دور العلوم الإنسانية والاجتماعية في التنمية بالجزائر، محور يوم دراسي نظم أمس بقسم الفلسفة لجامعة وهران، جمع مختلف التخصصات الخاصة بالعلوم الاجتماعية و الإنسانية، لطرح الإشكالية وفق هذا المنظور، حيث قدم عدد من الباحثين المشاركين في هذا اللقاء، لاسيما في علم النفس و الفلسفة و التاريخ و الأنثروبولوجيا وحتى الشريعة الإسلامية، سبل مساهمة هذه التخصصات في التنمية البشرية. و في هذا السياق أكدت الدكتورة و الباحثة بن نعمة عائشة، على ضرورة معرفة طبيعة المجتمع قبل كل شيء، ذلك أن كل المشاريع التنموية التي تجرى اليوم تسنها الدولة، متسائلة هنا فيما إذا كانت قد أنجزت، بعد معرفة أو دراسة مسبقة للمجتمع، وعليه تقول المتحدثة بات من الضروري إعطاء لمفهوم التنمية البعد الإنساني، والاجتماعي و الفلسفي، الذي لا بد أن يعاد له النظر و الطرح، ذلك أن مفهوم التنمية تضيف المتحدثة، ارتبط بثقافات وخصوصيات أخرى، وبمعايير اقتصادية بحتة ، غير الخصوصيات الاجتماعية العربية والإسلامية، لذلك فهي ترى، أنه لا يمكن أن تكون هناك تنمية عربية إسلامية، خاصة بهذه المجتمعات ، إلا بالنظر إلى طبيعة هذا المجتمع، بخصوصياته الثقافية والاجتماعية و اللغوية وهويته، و أيضا خصوصياته النفسية للأفراد، باعتبار أن كل مجتمع له ديناميكية خاصة وطبيعة مختلفة، فمثلا في المجتمع الجزائري، هناك الكثير من الظواهر المرتبطة ببعض الباثولوجيات والأمراض الاجتماعية، التي سلط عليها الضوء خلال هذا اللقاء، مع اقتراح الحلول الكفيلة بمعالجتها للحد منها، من أجل صياغة برامج ناجعة، وفاعلة في التنمية البشرية، ومنها قضية الطفل و التربية والتعليم، و كذا البرامج و المشاريع الاقتصادية و علاقتها بالأنثروبولوجيا، حتى يكون لها دورا منهجيا في التنمية الميدانية، ومن ذلك أيضا مسألة الإعلام الجديد و دوره في التنمية، من خلال مواقع التواصل الاجتماعي. أما فيما يخص المجال الصحي، فقد تم تناوله من جانب صحة الأمومة و تنمية الوعي والعقلانية ، من خلال ردود الأفعال و الممارسات اليومية في المجال الصحي، في حين أن المجتمع يتوفر على العديد من المرجعيات، الثقافية واللغوية و الرمزية، التي تساهم في كثير من الأحيان أكثر منها من البرامج و الإعلانات في التنمية البشرية، بل و أكثر حتى من المشورات، أو بما يسمى التثقف الاجتماعي، هذا التقليد الذي أصبح و لا يزال له، دور فعال أكثر من الإعلانات، الصحية منها و التربوية .