إحباط إدخال أكثر من قنطار كيف قامة من المغرب    انطلاق التسجيلات الرسمية في الشهادتين إلى يوم 17 ديسمبر 2025    دبلوماسية الجزائر في مجلس الأمن ساهمت في وقف حرب الإبادة    تصويت الجزائر ل"خطة السلام في غزة" لا يمس بالثوابت الفلسطينية    حركة حماس تدعو المجتمع الدولي إلى جدية أكثر    إحباط تهريب 6.975 قرصا مهلوسا    خنشلة : تنظم عملية شرطية لمحاربة الجريمة    حملة واسعة للشرطة لتحرير الأرصفة    سيفي يشرف رفقة فام مينه على التوقيع على عدد من الاتفاقيات    اجتماع تنسيقي متعدد القطاعات لبحث التدابير اللازمة للشروع في استغلال    سيلفي رونالدو يغزو العالم    تصويت الجزائر على القرار الأممي تكريس للتوافق العام    فوز مُقنع.. وأداء يُبشّر بالخير    مولودية الجزائر وشبيبة القبائل تريدان انطلاقة موفقة    الرئيس يستقبل الوزير الأوّل الفيتنامي    الجيش حاضر في صالون المناولة    الأعلى منذ الاستقلال    تمرين محاكاة لإنقاذ غريق    توقيف شقيقين يروجان السموم قرب مدرسة    التحوّل الرقمي أداة للتنمية والازدهار بالنسبة للجزائر    الجزائر.. ثبات على العهد مع القضية الفلسطينية    الجزائر تملك ثقلا استراتيجيا في إفريقيا والعالم العربي    11-11 خط أخضر للتبليغ عن الأطفال في حالة خطر    فائض في البذور وتوزيع جيد للأسمدة    محرز يَعد بالتألق في "الكان" ويتوقع النجاح في كأس العرب    حاج موسى وشرقي وبلعيد أكبر الفائزين بعد تربص السعودية    شبيبة القبائل تنتقل اليوم إلى القاهرة    قانون الإعلام نموذجا    نقاش حول آفاق استغلال المياه المصفّاة في الري الفلاحي    عرض فيلم "الشبكة"    في "أوركسترا الموت" كل موت هو بداية لسرد جديد    59 سرقة تطول منشآت طاقوية    "ديك الليلة" عمل مسرحي جديد لسيد أحمد سهلة    وزير العدل يؤكد تقدم قطاع العدالة في مسار الرقمنة خلال زيارة سكيكدة    الجزائر تسعى للصدارة عالمياً في الأسبوع العالمي للمقاولاتية 2025    توقرت تحيي الذكرى ال68 لاستشهاد البطلين محمد عمران بوليفة ولزهاري تونسي    زروقي يشارك في مؤتمر التنمية العالمي للاتصالات    اختتام فترة المراجعة الدورية    وردة آمال في ذمّة الله    الأستاذ محمد حيدوش : شجّعوا أولادكم على مشاريع شخصية لبناء الثقة وتطوير المهارات    مشاركون في المهرجان الدولي للفيلم القصير بتيميمون.. دعوة إلى تطوير الصناعة السينمائية وتحسين أدائها    يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار    التعديل الجزائري يمكّن الفلسطينيين من إقامة دولتهم    مجلس الأمن لم يعتمد الأطروحات المغربية    فريق عمل من "لوجيترانس" في تندوف    وسط ارتفاع المقلق لحالات البتر..التأكيد على الفحص المبكر لحالات مرض القدم السكري    حذر من الضغوط..آيت نوري يرسم طريق الجزائر في كأس أفريقيا    حوارية مع سقراط    تحسبا لكأس أفريقيا 2025.. 3 منتخبات إفريقية ترغب في إقامة معسكرها الإعدادي بالجزائر    عمورة ثالث هدافي العالم في تصفيات مونديال 2026    فتاوى : أعمال يسيرة لدخول الجنة أو دخول النار    أبو موسى الأشعري .. صوت من الجنة في رحاب المدينة    آية الكرسي .. أعظم آيات القرآن وأكثرها فضلا    ورقلة.. يوم دراسي لتعزيز ثقافة الاتصال داخل المرافق الصحية العمومية    وزير الصحة يبرز جهود القطاع    دعوة إلى تعزيز حملات التوعية والكشف المبكر    إبراز قدرات الجزائر ودورها في تعزيز الإنتاج الصيدلاني قاريا    دعاء في جوف الليل يفتح لك أبواب الرزق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قصة إسلام خالد بن الوليد
نشر في الحياة العربية يوم 21 - 04 - 2021

خالد بن الوليد رضي الله عنه، من فرسان قريش وأبطالهم المعدودين، وشجعانهم وذوي آرائهم، قال عنه الذهبي في كتابه "سِيَر أعلام النبلاء": "خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة بن كعب، سيف الله تعالى، وفارس الإسلام، وليْث المشاهد، السيد، الإمام، الأمير الكبير، قائد المجاهدين، أبو سليمان"، وقال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: (نِعْمَ عبدُ الله! خالد بن الوليد سيف من سيوف الله) رواه الترمذي وصححه الألباني، وفي رواية: (خالد بن الوليد سَيفٌ من سُيوف الله، سَلَّهُ الله على المشركين).
أسلم خالد بن الوليد رضي الله عنه متأخِّراً في صفر للسنة الثامنة من الهجرة النبوية، بعد صلح الحديبية وقبل فتح مكة، وذلك بعد أن علم بسؤال النبي صلى الله عليه وسلم عنه حين دخل مكة لأداء عمرة القضاء، إذِ استشعر ما في ذلك من تقدير وتكريم، وسُرَّ بذلك سروراً عظيماً، وازداد رغبة في الإسلام، فتشجَّع وأسلم. فعن خالد بن الوليد رضي الله عنه قال: (لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة في عمرة القضية، تغيبتُ ولم أشهد دخوله، فكان أخي الوليد بن الوليد قد دخل مع النبي صلى الله عليه وسلم في عمرة القضية، فطلبني فلم يجدني، وكتب إليَّ كتاباً فإذا فيه: بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد: فإني لم أر أعجب من ذهاب رأيك عن الإسلام، وعقلك عقلك!! ومِثْلُ الإسلام يَجْهَلُهُ أحد؟! وقد سألني رسول الله صلى الله عليه وسلم عنك، فقال: أين خالد؟ فقلت: يأتي الله به، فقال: ما مِثْلُهُ جهل الإسلام، ولو كان جعل نِكَايَتَهُ وَجِدَّهُ المسلمين على المشركين كان خيرا له ولقدمناه على غيره، فاستدرك يا أخي ما قد فاتك، وقد فاتتك مواطن صالحة، فلما جاءني كتابه نشطت للخروج وزادني رغبة في الإسلام) رواه البيهقي.
وقد ذكر ابن كثير في "البداية والنهاية"، والسيوطي في "الخصائص الكبرى" قصة إسلام خالد بن الوليد رضي الله عنه، قال خالد: "لما أراد الله بي ما أراد من الخير قذف في قلبي الإسلام وحضرني رشدي، فقلت: قد شهدت هذه المواطن كلها على محمد صلى الله عليه وسلم، فليس في مواطن أشهده إلا أنصرف وأنا أرى في نفسي أني موضع في غير شئ، وأن محمداً سيظهر .. فلما صالح قريشاً بالحديبية ودافعته قريش بالرواح قلت في نفسي: أي شئ بقي؟ أين أذهب؟ إلى النجاشي؟! فقد اتبع محمداً وأصحابه عنده آمنون، فأخرج إلى هرقل فأخرج من ديني إلى نصرانية أو يهودية؟! فأقيم مع عَجَمٍ تَابِعاً، أَوْ أُقيم في داري فِيمَنْ بَقِي؟ فأنا في ذلك إذ دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة في عمرة القضية فتغيبتُ ولم أشهد دخوله، وكان أخي الوليد بن الوليد قد دخل مع النبي صلى الله عليه وسلم في عمرة القضية، فطلبني فلم يجدني فكتب إلي كتابا فإذا فيه: بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد، فإني لم أر أعجب من ذهاب رأيك عن الإسلام وعقلك عقلك! ومثل الإسلام جهله أحد؟ وقد سألني رسول الله صلى الله عليه وسلم عنك وقال: أين خالد؟ فقلت: يأتي الله به، فقال: "مثله جهل الإسلام؟ ولو كان جعل نكايته وحده مع المسلمين كان خيرا له، ولقدَّمْناه على غيره"، فاستدرك يا أخي ما قد فاتك من مواطن صالحة.
قال (خالد): فلما جاءني كتابه نشطت للخروج وزادني رغبة في الإسلام، وسرني سؤال رسول الله صلى الله عليه وسلم عني .. قال: فلما أجمعت الخروج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلت: من أصاحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فلقيت صفوان بن أمية فقلت: يا أبا وهب، أما ترى ما نحن فيه؟ إنما نحن كأضراس، وقد ظهر محمد على العرب والعجم، فلو قدمنا على محمد واتبعناه فإن شرف محمد لنا شرف؟ فأبى أشد الإباء فقال: لو لم يبق غيري ما اتبعته أبدا. فافترقنا، وقلتُ: هذا رجل قُتِل أخوه وأبوه ببدر. فلقيت عكرمة بن أبي جهل فقلتُ له مثل ما قلت لصفوان بن أمية، فقال لي مثل ما قال صفوان بن أمية. قلت: فاكتم عليَّ، قال: لا أذكره .. فأمرت براحلتي فخرجت بها، إلى أن لقيت عثمان بن طلحة.. فغدونا حتى انتهينا إلى الهدة فنجد عمرو بن العاص بها، قال: مرحباً بالقوم، فقلنا: وبك، فقال: إلى أين مسيركم؟ فقلنا: وما أخرجك؟ فقال: وما أخرجكم؟ قلنا: الدخول في الإسلام واتباع محمد صلى الله عليه وسلم، قال: وذاك الذي أقدمني. فاصطحبنا جميعا حتى دخلنا المدينة، فأنخنا بظهر الحرة ركابنا فأخبر بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسُرَّ بنا، فلبستُ من صالح ثيابي ثم عمدْتُ (ذهبت) إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلقيني أخي: فقال أسرع، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أُخْبِرَ بك فسُرَّ بقدومك وهو ينتظركم. فأسرعنا المشي فاطلعت عليه فما زال يتبسم إليَّ حتى وقفت عليه، فسلمت عليه بالنبوة فرد عليّ السلام بوجه طلق (مبتسم)، فقلتُ: إني أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، فقال: تعال، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحمد لله الذي هداك، قد كنتُ أرى لك عقلا رجوت ألا يسلمك إلا إلى خير، قلت: يا رسول الله إني قد رأيت ما كنت أشهد من تلك المواطن عليك معانداً للحق فادع الله أن يغفرها لي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الإسلام يجُبُّ (يمحو ويقطع) ما كان قبله، قلتُ: يا رسول الله على ذلك؟! قال: اللهم اغفر لخالد بن الوليد كل ما أوضع فيه من صد عن سبيل الله، قال خالد: وتقدم عثمان وعمرو فبايعا رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: وكان قدومنا في صفر سنة ثمان، قال: والله ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعدل بي أحداً من أصحابه فيما حزبه (أهمه وشغله)".
..اجتماع عمرو بن العاص وخالد بن الوليد وعثمان بن طلحة في دخول الإسلام :
عن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: (ثم خرجت عامداً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لأسلم، فلقيتُ خالد بن الوليد، وذلك قبيل الفتح، وهو مقبل من مكة، فقلت: أين يا أبا سليمان؟ قال: والله لقد استقام المنسم (تبين لي الطريق ووضح)، وإن الرجل لنبي، أذهب والله فأسلم، فحتى متى؟ قال: قلت: والله ما جئتُ إلا لأسْلِم، قال: فقدمنا المدينة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتقدم خالد بن الوليد فأسلم وبايع، ثم دنوت، فقلت: يا رسول الله، إني أبايعك على أن يغفر لي ما تقدم من ذنبي، ولا أذكر ما تأخر، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عمرو، بايع، فإن الإسلام يجب ما كان قبله، وإن الهجرة تجب ما كان قبلها، قال: فبايعته، ثم انصرفت). قال ابن إسحاق: "وقد حدثني من لا أتهم أن عثمان بن طلحة بن أبي طلحة كان معهما أسلم حين أسلما". رواه أحمد والحاكم وحسنه الألباني.
لقد كان إسلام خالد بن الوليد رضي الله عنه من الأحداث التي سُرَّ وفرح بها النبي صلى الله عليه وسلم، وقد قال صلى الله عليه وسلم حين نعى لأصحابه أمراءه وقادته في معركة مؤتة: (أخذ الراية زيد فأصيب، ثم أخذها جعفر فأصيب، ثم أخذها ابن رواحة فأصيب، وعيناه تذرفان، حتى أخذها سيف من سيوف الله (خالد بن الوليد) ففتح الله عليه) رواه أحمد وصححه الألباني. وقد حارب خالد رضي الله عنه أهل الرِّدَّة، وُمَسْيلمة الكذاب، وغزا العراق، وشهد حروب الشام مع المسلمين قائداً وجندياً، ومناقبه كثيرة، وعاش ستين سنة، وتوفي رضي الله عنه بحمص سنة إحدى وعشرين هجرية على فراشه, ومن كلماته الأخيرة رضي الله عنه قبيل موته والتي تعبر عن شخصيته وحزنه الشديد على عدم موته شهيداً في ميادين القتال : "لَقَد شَهِدتُ مائة زَحفٍ (قتال) أو زُهاءَها (ما يقرب من ذلك)، وما في جسدي موضع شبر إلَّا وفيه ضربة بسيف، أو رمية بسهم، أو طعنة برمح، وها أنا ذا أموت على فراشي حتف أنفي كما يموت البعير، فلا نامت أعين الجبناء".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.